- زاد إيران - المحرر
- 58 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشرت صحيفة “كيهان“، لسان حال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، الأحد 6 أبريل/نيسان 2025، مقالا لرئيس تحريرها حسين علي شريعتمداري، استعرض فيه قرار الرئيس الايراني مسعود بزشکیان، عزل النائب البرلماني بعد سفره الترفيهي للقطب الجنوبي، معتبرا ذلك تجسيدا للزهد والعدالة وموقفا يعكس الالتزام بوعود الثورة الإسلامية.
وذكرت أنه انتقد محاولات التغطية على الواقعة، ويُحذر من “المرافقين غير المترافقين” داخل النظام.
شريعتمداري: بزشكيان رئيس صادق
استهل شريعتمداري مقاله بأن بزشکیان، رئيس الجمهورية، يمتلك شخصية شعبية وصادقة ومتواضعة، ويُعد الدفاع عن الثورة الإسلامية، والالتزام بالنظام، وتأمين راحة ومعيشة المواطنين من أبرز همومه.
ومن الطبيعي أن هذه الصفات عندما تتجلى في الميدان العملي، تكون باعثة على الأمل ومفتاحا لحل المشكلات.
بالأمس، وبعد أن تأكد- وإن كان متأخرا بعض الشيء- من صحة خبر سفر شهرام دبيري، نائب الشؤون البرلمانية في حكومته، إلى القطب الجنوبي، اعتبر هذه الرحلة الترفيهية الفاخرة غير منسجمة مع ما يُتوقع من مسؤولي النظام لإيران، وفي خطوة تُعد تقوى خالصة ومستحقة للتقدير، أنهى مهامه في حكومة بزشكيان.
وأضاف أن بزشكيان قال في قرار عزل نائبه للشؤون البرلمانية: “بعد التحقيق في الخبر خلال هذه الأيام، تأكد أنكم كنتم في رحلة ترفيهية إلى القطب الجنوبي خلال عطلة النيروز. في حكومة تفتخر بالاقتداء بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وفي ظروف لا تزال الضغوط الاقتصادية فيها على المواطنين شديدة والفقراء كثيرين، فإن الرحلات الترفيهية المكلفة للمسؤولين، حتى وإن كانت على نفقتهم الخاصة، لا يمكن الدفاع عنها ولا تبريرها، وهي لا تتماشى مع مبدأ الزهد والبساطة الذي يجب أن يتسم به المسؤولون”.

صداقة طويلة
ذكر شريعتمداري أن “الصداقة الطويلة والخدمات القيمة التي قدمتموها في منصب نائب الشؤون البرلمانية بحكومة بزشكيان، لا تمنعنا من أن نضع الصدق والعدالة والوعود التي قطعناها للشعب في المقام الأول”.
في هذا القرار الأخير، جسّد بزشکیان قولا حكيما للخميني حيث قال الراحل: “الذين يرقدون في بيوت فخمة ومريحة، بعيدين عن آلام ومصائب الفقراء الذين يمثلون الركيزة الصلبة للثورة، والذين لم يضعوا أيديهم في النار ولو من بعيد، لا يجب أن يتقلدوا المناصب الحساسة؛ لأنهم إذا بلغوا تلك المراتب، فقد يبيعون الثورة في ليلة واحدة ويضيعون ثمرة تضحيات الشعب الإيراني”.
وكذلك، فإن هذه الكلمة البصيرة لقائد الثورة الإسلامية هي الأخرى من بين عشرات التوصيات المشابهة، وهي مأخوذة من كلمات أمير المؤمنين علي أبن ابي طالب التي لطالما كانت دليلا ومنارا .
وأضاف: “اليوم، في إيران، إذا شعرنا بأن الحياة تتجه نحو الترف، فبلا شك فإن هذا انحراف؛ ولا مجال للشك فيه. علينا أن نتجه نحو الزهد. لا نقول الزهد الخاص بالأولياء، بل إن على المسؤولين من الدرجتين الأولى والثانية، وحتى الدرجات الأدنى، أن يتحلوا بالزهد كلّ بحسب موقعه، ثم يأتي دور عامة الناس”.
رحلة شهرام دبيري
أشاد شريعتمداري بأنه في أوائل شهر أبريل/نيسان 2025، أدى نشر خبر عن رحلة شهرام دبيري، نائب الشؤون البرلمانية بزشکیان، وزوجته إلى القطب الجنوبي، والتي تجاوزت تكلفتها أكثر من 40.000 دولار أمريكي، إلى موجة من الأسى الممزوج بالدهشة والاعتراض بين الناس.
أضاف: “لقد كان الخبر مؤلما وصادما. وبعد انتشار الخبر، أصدر مكتب نائب الشؤون البرلمانية تكذيبا”، زاعما أن “الادعاء المتعلق بسفر معاون الشؤون البرلمانية إلى القطب الجنوبي لا أساس له من الصحة…”.
أضاف أن “الصور المنشورة قديمة”…! ولكن هذا التكذيب وهذه الادعاءات لم تكن منسجمة مع الوثائق والأدلة المنشورة، كما أنه لم يتم نفي أصل القيام بهذه الرحلة الفاخرة، بل تم تحوير الجدل إلى مسألة توقيت الرحلة، وقالوا إن (الصور المنشورة قديمة)”!
وتابع شريعتمداري: “لم يبقَ نفي هذا الخبر- الذي كانت الأدلة الداعمة له كثيرة- ضمن حدود نائب الشؤون البرلمانية فحسب، بل دخلت بعض الوسائل الإعلامية التابعة للحكومة على خط النفي!”.
وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” والمنصة الرسمية لإعلام الحكومة (پاد) أيضا اعتبرتا الخبر مجرد إشاعة وسارعتا إلى تكذيبه! وفي الوقت ذاته، فضل بعض المقربين من الحكومة، ممن يهرعون إلى تهويل أي “شعرة رفيعة” يعثرون عليها لدى القوى الثورية، أن يلزموا الصمت إزاء هذا السلوك المستهجن ويتغاضوا عن وقوعه!
تصريحات مبهمة
إلا أن التصريحات الغامضة الصادرة عن بعض الأفراد تمثل موضوعا آخر بحد ذاته. بيد أن السؤال المطروح هو: لماذا؟ وما الدافع وراء هذه “النفيات المضللة”؟ وما السر في هذا الإصرار على طمس معالم هذه الواقعة المؤسفة، لا عن أنظار العامة فحسب، بل وحتى عن علم السيد الرئيس المحترم شخصيًا؟ أليس أولئك الذين يزعمون مناصرة الحكومة هم المثال الأوضح لما يمكن تسميته “بالمناصرين الزائفين”؟ وهل يتسنى لفخامة الرئيس الوثوق بمزاعمهم المتعلقة بولائهم للحكومة؟
قال شريعتمداري إن تأكيد بزشکیان مبدأ “الوفاق”، المستند إلى توصيات القرآن الكريم، يستحق الثناء، لكن مرافقة الأشخاص غير المتوافقين، حتى وإن كانت بدافع صداقات قديمة، لا تُعد وفاقا، بل خطوة ضارة لا تتماشى مع الطابع الشعبي للرئيس.
هذا المعنى أيضا ورد في قرار بزشکیان حين كتب: “الصداقة الطويلة والخدمات القيّمة التي قدمتموها في معاونية الشؤون البرلمانية في حكومة بزشكيان لا تمنعنا من تقديم الصدق والعدالة والوعود التي قطعناها للشعب على كل اعتبار”.
ويختتم شريعتمداري مقاله بتأكيد ضرورة، بل ومشروعية أن يولي الرئيس وأي مسؤول في الدولة اهتماما بالغا لنطاق مسؤولياته، مع الحرص الشديد على عدم تكليف من يتعارض مساره مع مصالح النظام، سواء كان ذلك ناتجا عن حياة مترفة، أو أحكام أمنية سابقة، أو انسجام مع خصوم الدولة، أو دعم لجهات أو أشخاص مثيرين للفتنة. فهؤلاء الأفراد يشكلون رفقة ظاهرية فحسب، ويوجد احتمال كبير لعدم صدقهم في إظهار الولاء والمرافقة.