- زاد إيران - المحرر
- 52 Views
ترجمة: دنيا ياسر نورالدين
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، الإثنين 7 أبريل/ نيسان 2025 حوارا مع الناشط السياسي الإيراني أحمد شيرزاد ناقشت معه فيه ملف المفاوضات الإيرانية الأمريكية المرتقب.

فيما يلي نص الحوار:
نرجوا أن تحللوا الوضع الراهن في إيران ثم تبينوا لنا في رأيكم، ما المجالات التي يجب أن تكون لها الأولوية؟
من المؤكد أننا نواجه عاما مليئا بالتحديات، ويتطلب منا اتخاذ قرارات حاسمة، خاصة في المجال الاقتصادي لمعالجة اختلال التوازنات. ورغم أن تجاوز فصل الشتاء قد خفف من حدة أزمة الطاقة، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة.
هذا العام هو عام صعب وعام قرارات صعبة. في المجال الاقتصادي، هناك اختلالات أخرى تتعلق بصناديق التقاعد، والدعم الحكومي، وغيرها. أما في الساحة السياسية، فنحن بالفعل نواجه وضعا معقدا ومتشابكا. في الولايات المتحدة، هناك إدارة تتبنى خطابا مختلفا وتتبع نهجا متغطرسا في التعامل مع الملفات.
و بالمجمل، لا شك أن هذا العام سيكون عاما حافلا بالتحديات وبالقرارات المصيرية. حتى عدم اتخاذ القرار يعد قرارا صعبا بحد ذاته، وآمل أن لا نقع في هذا الخيار، لأنه يؤدي في النهاية إلى بقاء المشاكل بلا حل. ما ينبغي الانتباه له هو أن اتخاذ كل القرارات الصعبة دفعة واحدة غير ممكن، بل يجب ترتيب الأولويات واتخاذ القرارات بناء على ذلك.
ويبدو أن القضايا السياسية والخارجية تأتي في مقدمة الأولويات بسبب طابعها العاجل وتعقيداتها التي أفرزت وضعا حساسا لنا، حيث تأتي قضايا الأمن القومي في صدارة اهتمامات الدولة. لذا فإن القرارات المتعلقة بالأمن القومي يجب أن تتخذ بحزم وسرعة. وبالطبع، هذا ليس من اختصاص الحكومة وحدها، بل تشارك فيه عدة مؤسسات ضمن منظومة الحكم.
في الوقت ذاته، وعندما يسود مناخ التهديد الخارجي، لا بد من توخي الحذر عند اتخاذ قرارات اقتصادية، لأن خصوم البلاد قد يستغلون أجواء التوتر الناتجة عن هذه القرارات لتحقيق مكاسب وإثارة أحداث يصعب احتواؤها لاحقا.
وبالتالي، على الرغم من أننا في توقيت يتطلب اتخاذ قرارات صعبة، وهي بطبيعتها قد تفرض أعباء على بعض فئات المجتمع، إلا أن الحذر واجب حينما تكون البلاد عرضة لتهديدات خارجية، لأن الأمن القومي ليس موضعا للمجازفة.
لقد اعتبرتم السياسة الخارجية أولوية، والآن وقد فتح ملف التفاوض غير المباشر مع الولايات المتحدة، ما توقعاتكم لمصير هذا الملف؟
من الصعب جدا التنبؤ بذلك. نحن نتعامل مع طرف غير قابل للتوقع، لديه سجل حافل بالقرارات الغريبة والمثيرة للجدل، ويهوى إثارة الضجيج الإعلامي والصخب السياسي. لهذا، فإن احتمال حدوث سلام مفاجئ يبدو أقل ترجيحا من احتمال نشوء أجواء متوترة جدا، قد تترافق مع بعض الضربات الأمنية.
بطبيعة الحال، نأمل ألا يحدث ذلك، لكن الواقعية تفرض علينا أن نضع كل هذه الاحتمالات في الحسبان، خاصة أن الطرف المقابل، أي الحكومة الأمريكية الحالية، قابل لمثل هذه التصرفات.
ومن المعروف أن نفوذ الحكومة الإسرائيلية على الولايات المتحدة كبير جدا، وهم يسعون بشتى الوسائل إلى جر الولايات المتحدة نحو صدام معنا، لذلك كل السيناريوهات واردة.
ومن هنا، يجب إدارة اللعبة السياسية بعقلانية وحنكة. وأعتقد أن ما حصل حتى الآن يظهر تصرفا عقلانيا نسبيا. ومن مظاهر هذه العقلانية أننا لم نشهد تصعيدا في الخطاب الرسمي لمسؤولي الدولة، وهذا أمر إيجابي جدا. فرفع الشعارات والدخول في حرب كلامية لا يخدمنا بشيء.
جزء من السياسة الحالية هو كبح التوقعات بشأن المواجهة العسكرية على المستوى الإعلامي.
أحد التحديات المهمة التي تواجه البلاد هو ملف “مجموعة العمل المالي” الذي يبدو أنه عاد إلى حالة الجمود. هل ترون أن هناك إرادة لإنهاء هذا الملف كي تتمكن إيران على الأقل من التعامل اقتصاديا مع الدول الصديقة؟
قضية ملف مجموعة العمل المالي تعد ثانوية مقارنة بالتهديدات الخارجية الأساسية. لكن إذا تمكنا من إدارة التوتر الرئيسي، فثمة أمل بأن نتمكن من إحراز تقدم في ملفات مثل ملف مجموعة العمل المالي وغيرها من القضايا المشابهة.
طرحت هذا السؤال لأتساءل: هل ترون أن الأجواء مهيأة الآن لتكون مفتاحا لحل العديد من العقد، سواء ما يتعلق بالعقوبات والحرب ملف مجموعة العمل المالي، أو غيرها من القضايا؟
أعتقد فعلا أن هناك إرادة جادة لحل المشكلات القائمة في البلاد. لكن يجب أن ندرك أن هذه الإرادة لا تعني التسرع في اتخاذ القرارات. لا ينبغي أن نقع في الفخ الإعلامي والدعائي الذي نصبه لنا الطرف الآخر، لأنه يسعى إلى خلق أجواء من البروباغندا والشو السياسي. ومثل هذا الشو قد يؤدي إلى إهانتنا، كما حدث مع زيلينسكي.
ما نحتاجه هو تفاوض جاد ومثمر ومحتواه غني، يتضمن طرح اتفاقات واضحة على الطاولة. مجرد المصافحة والتقاط الصور بين القادة السياسيين لا يحل أيا من مشاكلنا. المهم أن تطرح مقترحات واضحة من كلا الطرفين، ويتم التوصل إلى اتفاقات ملموسة، حتى وإن تمت المفاوضات عبر مسؤولين من الدرجات الأدنى.
منذ حوالي سبعة أو ثمانية أشهر، تولت حكومة بزشکیان مقاليد الحكم. هل تعتقدون أن هذه الحكومة قادرة على إدارة الملفات المطروحة؟
الجانب الأهم في نهج زشکیان هو مساعيه لتحقيق الإجماع الداخلي، وهذا أمر في غاية الأهمية. من الضار جدا لنا أن نكون في حالة توتر سياسي داخلي في الوقت الذي نواجه فيه تهديدات خارجية، لأن الطرف المقابل سيسعى إلى استغلال هذه الانقسامات بالتأكيد.
بطبيعة الحال، تحقيق الإجماع الداخلي مجرد تمهيد، وليس كافيا لحل القضايا، لكنه ضروري. فإذا شعر الطرف المقابل أنه يواجه دولة موحدة وكل التيارات السياسية تتحدث بصوت واحد دفاعا عن المصالح الوطنية والأمن القومي، فبالتأكيد سيتعامل بطريقة مختلفة.
وأرى أن بزشکیان قد نجح في هذا الجانب حتى الآن، لكن على باقي المؤسسات مثل البرلمان، ومجلس الأمن القومي، والجهات العسكرية والأمنية أن تتعاون معه ليكون هناك صوت واحد يصدر عن الدولة، تحت قيادة عليا تتجه نحو مسار واضح. ومن وجهة نظري، حتى الآن، نجح بزشکیان في ذلك.
هل هذا يعني أنكم ترون أن بزشکیان استطاع خلق حالة من التوافق بين القوى المختلفة؟
نعم، أعتقد أنه نجح في ذلك حتى الآن. صحيح أن هناك أصواتا متطرفة وراديكالية تظهر أحيانا، لكن لا يمكن إعطاؤها وزنا كبيرا. ليس من الممكن إرضاء الجميع، لكنني أرى أن هناك نسبة عالية من التنسيق، خصوصا بين الأطراف الفاعلة في عملية اتخاذ القرار.
صحيح أن هذه الأصوات المتشددة قليلة، لكن يبدو أن لديها قدرة كبيرة على تعطيل المشهد.؟
لا أظن أن هذا هو الحال. من هم فعلا داخل مراكز القوة الحقيقية، يتصرفون بحذر ولا يقدمون على المجازفة. أعتقد أن هناك حاليا حالة من التفاهم والوعي السياسي، حتى لو خرجت تصريحات نارية من بعض النواب هنا أو هناك. هذه التصريحات لا تعتبر مؤثرة بدرجة كبيرة في اتخاذ القرارات السياسية الكبرى في البلاد.
فقط للتوضيح، هل تعني أن مجرد الرد على رسالة ترامب يدل على أن باب التفاوض قد فتح بالفعل؟
بالضبط. بمجرد أن تم الرد على رسالة ترامب، فهذا يعني أن شكلا من أشكال الحوار سيتم، لا محالة. باختصار، لقد نجحت حكومة باشينيان في هذا المجال، ولكنها ليست وحدها من يقرر السياسة الخارجية، فكل المؤسسات معنية بذلك.
يجب على الجميع التكاتف لإنجاح أي مفاوضات مقبلة، فلا أحد يرفض التفاوض من حيث المبدأ، وإنما الخلاف يكمن في شكل التفاوض والجهة التي تتولى أمره ومكانه، وهذه اختلافات جوهرية.
يعير الطرف الآخر اهتمامًا كبيرًا للدعاية ويستغل الجوانب الهامشية، في حين أننا لسنا مهتمين بهذه الزوايا ولا نبحث عنها. ومع ذلك، ستجري المفاوضات، وحقيقة الرد على رسالة ترامب بحد ذاتها مؤشر على أن الحوار قائم لا محالة.