أزمة الطاقة في إيران.. استجواب وزير الطاقة بسبب “اختلال التوازن”

ترجمة: يارا حلمي 

نشرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية الإصلاحية، الخميس 1 مايو/أيار 2025، تقريرا تناولت فيه انتقاد أداء وزير الطاقة عباس علي ‌آبادي، بسبب وعوده غير المنجزة وغياب خطة فعلية لمعالجة اختلالات الطاقة.

ذكرت الصحيفة أن الاطلاع على أداء الحكومة وأعضاء فريق الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في الحكومة يظهر بوضوحٍ الوضع في مختلف المجالات، وبعبارة أخرى، يبيّن مَن هم الوزراء المتفوقون في هذه الحكومة، ومَن هم أولئك الذين كان أداؤهم غير مقبول إلى حد كبير ويستوجب الانتقاد.

وتابعت أنه من المؤكد أنّه من بين الوزراء الذين لم تبدأ الانتقادات بحقهم مؤخرا فقط، بل منذ عدة أشهر، يبرز اسم عباس علي ‌آبادي، وزير الطاقة في الحكومة، الذي يُعدّ – دون منازع – أحد أكثر الوزراء الذين وُجّهت إليهم انتقادات بسبب أدائهم، ويعود سبب ذلك إلى طبيعة أداء الوزير ووزارته في مجال قضايا الطاقة، وهو أداء أثار حتى احتجاج المجتمع.

وأضافت أن انقطاع الكهرباء والماء، أو بعبارة أشمل، اختلالات التوازن في قطاع الطاقة، هي القضية التي وجّهت سهام الهجوم نحو وزير الطاقة، ولا يكاد يُذكر أداء الحكومة دون أن يُشار إلى الانتقادات الموجّهة إلى وزارة الطاقة، ورغم أنّ الوضع الراهن في ما يتعلق بهذه الاختلالات يُعتبر إرثا متروكا من الحكومة السابقة، فإن ذلك لا يُبرر التغاضي عن الأداء السلبي لوزارة الطاقة، وخاصة لشخص الوزير، في هذا المجال.

وأوضحت أنه قد اتضح من شتاء العام الماضي، الذي شهد انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، أنّ اختلالات التوازن في قطاع الطاقة تمثل حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي بحاجة إلى تخطيط منهجي ودقيق، وإذا لم تبادر الجهات المعنية والمسؤولة إلى اتخاذ تدابير عاجلة، فإن هذا الوضع لن يبقى دون تغيير فحسب، بل سيتدهور أكثر.

وبينت أنه مع ذلك، فقد أشار كل من رئيس الجمهورية وسائر أركان الحكومة، في نهاية العام، إلى أنّهم سيبذلون جهدهم في العام الجديد لتجنّب الانقطاعات الكهربائية والسيطرة على اختلالات التوازن، لكن، وفقا للمثل القائل “ما يُبشّر بسنة طيبة، تظهر بوادره في ربيعها”، فإن انقطاع الكهرباء خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان، يُظهر بوضوحٍ أنّه لا ينبغي التفاؤل كثيرا بهذا الشأن في العام الجديد.

وأشارت إلى أنه “بينما واجهنا في الشتاء اختلالات في التوازن تمثّلت في انقطاعات كهربائية وغازية، يبدو أنّ هذا النهج سيستمر في الربيع والصيف ولكن بشكل مختلف، حيث سنواجه في صيف حارّ انقطاعات في المياه والكهرباء”.

ولفتت إلى أنّ بعض المؤيدين للحكومة، عند تقديم التشكيلة الوزارية، قد طرحوا مرارا أسماء مرشحين أفضل بكثير لتولي حقيبة وزارة الطاقة، إلا أنّه لم يُعرف لماذا عيّن بزشكيان، عباس علي ‌آبادي في هذه الوزارة، رغم أنّه لم يُظهر أداء لافتا خلال فترة توليه وزارة الصناعة والمناجم والتجارة في الحكومة السابقة.

وتابعت أنه الآن، لم تَعُد أصوات الاحتجاج تقتصر على مؤيدي الحكومة والمجتمع، بل حتى معارضيها وبعض أعضاء مجلس الشورى الذين منحوا علي ‌آبادي ثقتهم العالية لإرساله إلى “باستور” (مقر الحكومة)، قد رفعوا راية الاعتراض على أدائه.

كما أكدت أنّ رئيس الجمهورية ينبغي أن يضع في اعتباره أنّ اختلالات التوازن هذه لن تُحل بوجود علي‌ آبادي على رأس وزارة الطاقة، وقبل أن تتصاعد موجة الاعتراضات ويتخذ البرلمان خطوة لعزل الوزير، ينبغي لبزشكيان نفسه أن يتعامل مع هذه الوزارة بنظرة إصلاحية، وأن يستبدل الوزير الحالي بشخصية ترافقه في النهج، وتتمتع برؤية تنموية متقدمة، وتتجه بجدية نحو حلّ المشكلات.

اقتراح عزل الوزير

ذكرت الصحيفة أنه منذ فترة، تخلّى البرلمان الإيراني في عهد الرئيس الإيراني حسن روحاني عن نهج التعاون والتفاهم مع الحكومة، واتجه نحو استخدام أدواته الرقابية، ففي أواخر العام الماضي، أقال البرلمان عبد الناصر همتي، وزير الاقتصاد الناجح في الحكومة الحالية، من منصبه عبر الاستجواب.

وتابعت أن إقالته قد تمت بعد مرور ستة أشهر فقط على تشكيل الحكومة، بذريعة واهية، وخلال الأيام الماضية، بدأ النواب أيضا إجراءات استجواب فرزانه صادق، وزيرة الطرق والإسكان الناجحة.

وأضافت أنه ربما يكون الوزير الوحيد الذي يُحاسَب من قِبل البرلمان بسبب الاستياء الواسع من أدائه، هو عباس علي ‌آبادي، وزير الطاقة، فقد أشار نائب رئيس البرلمان الإيراني، يوم الثلاثاء 29 أبريل/نيسان 2025، في جلسة علنية، إلى أنّ وزير الطاقة أبلغ رؤساء إحدى اللجان المتخصصة في المجلس بأنّه لن يتم قطع الكهرباء عن آبار المزارعين بعد الآن. 

وأوضحت أن النائب أضاف كذلك، أنّه في اليوم التالي مباشرة لإعلان هذا الأمر من على منبر البرلمان، تم بالفعل قطع الكهرباء عن آبار الزراعة، وبناءً على ذلك، دعا النائب وزارة الطاقة والمديرين المعنيين إلى تحري الدقة في ما يُبلغونه لنواب المجلس ورؤساء اللجان.

وأشارت في هذا السياق، إلى أن حميد رضا كودرزي، عضو لجنة الإعمار في البرلمان، أعلن أنّ إجراءات استجواب عباس علي ‌آبادي، وزير الطاقة، قد انطلقت رسميا بتوقيع 15 نائبا، ليكون بذلك ثالث وزير في الحكومة يواجه طلب استجواب من البرلمان، وبحسب كودرزي، فإن عدد التوقيعات على طلب الاستجواب في تزايد مستمر.

ولفتت إلى أنّ أداء علي ‌آبادي قد أثار حتى اعتراض النواب الذين ساندوه في السابق، ما يدل على أنّ طرح استجوابه يعكس تشكيكا في كفاءته، أو رغبة من النواب في التراجع عن الثقة العالية التي منحوها له.

وبينت أنه بما لا يدع مجالا للشك، سواء بقي علي ‌آبادي في منصبه أو أُقيل، فإن مشكلة اختلال التوازن وانقطاعات الكهرباء المتكررة لا بد أن تُحل في نهاية المطاف، وهو ما يتطلب إرادة جادة من الحكومة والبرلمان معا.

من القول إلى الفعل

ذكرت الصحيفة أن أحد النشطاء السياسيين، في ما يتعلق باختلالات التوازن وأداء وزير الطاقة، أوضح أنّه سمع كثيرا من الوعود والكلام الفارغ من علي ‌آبادي، خاصة خلال فترة توليه وزارة الصناعة والمناجم والتجارة، مثل تصريحه آنذاك بأنهم سيسلمون مئة ألف سيارة كهربائية بحلول شهر فبراير/ شباط، إلى جانب الكثير من الوعود المشابهة.

وتابعت أن سيد مصطفى هاشمي طبا قال: “إن اختلال التوازن في قطاع الكهرباء لا يمكن حله على المدى القصير، بل إن المطلوب على المدى القصير هو فرض لوائح صارمة لتحقيق التوفير الكامل في الاستهلاك.”

وأشار إلى أنّه لا يوجد أي نهج للتوفير في البلاد، فكما هو معتاد، كل فرد يستهلك ما يشاء دون ضوابط، وأوضح أنّ الحلّ في الوقت الراهن يكمن فقط في التوفير للحدّ من الاختلال إلى حدّ ما، لكن التوفير لا يعني قطع الكهرباء عن المصانع، بل يعني أن يتم إبلاغ المصانع والمواطنين بوضوح بكيفية الاستهلاك وكيفية تنظيمه.

وتابع سيد هاشمي قائلا: “إن الوعود المختلفة التي تُطلَق لا يتحقق منها شيء، ولا توجد أي خطة فعلية على أرض الواقع، والحال ذاته ينطبق على ملف المياه والصرف الصحي، حيث لا توجد خطة قابلة للتنفيذ، علمًا بأن هذا الوضع كان قائما حتى في الحكومات السابقة”.

وأكد أنّ “هذه الأمور تحتاج إلى تخطيط منهجي وزمني، ويجب أن تُدار عبر تنفيذ دقيق ومدروس، وسمعت أنّ الحكومة الصينية نجحت خلال ستة أشهر في تحويل عدة ملايين من دراجات شانغهاي النارية من البنزين إلى الكهرباء، وهذا تحقق فقط من خلال إرادة حقيقية، أما في إيران، فالإرادة غائبة، إذ انشغلنا بالخلافات والقضايا السياسية، وأهملنا هذه القضايا الجوهرية”.

وختم حديثه بالقول إنه “ليس من الواقعي توقّع أنّ وزيرا جديدا في مجال الطاقة سيأتي ويحل جميع المشاكل، لكن من الضروري حدوث هذا التغيير، وأن نخطو على الأقل خطوة إلى الأمام، وعندما يكون الوزير عاجزا، فلا بد من تغييره، لأنّ علي‌ آبادي يجيد إطلاق التصريحات الجميلة، لكنه لا ينفّذ شيئا على أرض الواقع”.