- شروق حسن
- 63 Views
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول الملف النووي الإيراني، وبحسب الموقع الإيراني المعتدل “خبر أونلاين” الجمعة 16 مايو/أيار 2025، احتضنت مدينة إسطنبول جولة جديدة من المباحثات بين إيران وثلاث دول أوروبية رئيسية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
كتب الموقع الإيراني “خبر أونلاين”، أن دبلوماسيين رفيعي المستوى من إيران وثلاث قوى أوروبية، هي فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، اجتمعوا في مدينة إسطنبول، الجمعة 16 مايو/أيار 2025؛ لمناقشة البرنامج النووي لإيران.
وتابع الموقع أن هذه المفاوضات، التي تُعد خطوة في إطار السعي إلى التوصل لاتفاق نووي، كان من المقرر أن تُعقد في الثاني من مايو، أي قبل يوم واحد من الجولة الرابعة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة.
إلا أن تأجيل المباحثات بين طهران وواشنطن أدى إلى تأخير هذا الاجتماع أيضًا، الذي يُعقد الآن في ظل أجواء من التفاؤل المتزايد بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن.
أبعاد المفاوضات
أضاف الموقع أن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، صرّح بأن هذه المباحثات منفصلة عن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ومخصصة فقط للعلاقات بين إيران والترويكا الأوروبية.

وذكر أن عراقجي كان قد حذر في وقت سابق، من خلال مقال نُشر في صحيفة “لوپوئن” الفرنسية، من تفعيل آلية الزناد، مؤكدًا أن مثل هذا الإجراء قد يخلّف تبعات لا يمكن تداركها على الدبلوماسية الأوروبية.
ويعكس هذا التحذير قلق إيران من محاولات بعض الأطراف ممارسة ضغوط أشد عبر تفعيل هذه الآلية، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوتر إلى مستويات غير قابلة للسيطرة.
وأشار الموقع إلى أن إيران، على الصعيد الداخلي، سعت إلى الحفاظ على مواقفها النووية، وفي الوقت ذاته، اتباع مسار دبلوماسي يضمن المصالح الوطنية، وتؤكد طهران أن أنشطتها النووية سلمية بالكامل وتتم ضمن إطار القوانين الدولية، إلا أن التشدد الذي تنتهجه أوروبا والولايات المتحدة دفع إيران إلى التفكير في خيارات متعددة للرد على السيناريوهات المحتملة.
تراجع النفوذ الأوروبي
كتب الموقع الإيراني “خبر أونلاين” أن الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في هذه المفاوضات تواجه تحديات متعددة، فمن جهة، تسعى إلى الحفاظ على الاتفاق النووي، ومن جهة أخرى، عليها أن تدير مخاوفها المتعلقة بالأنشطة النووية الإيرانية.
ومع ذلك، فإن نفوذ أوروبا قد تراجع نتيجة دخول الولايات المتحدة على خط المفاوضات غير المباشرة مع إيران، كما تواجه هذه الدول انتقادات تتعلق بعدم نجاحها في الحد من تأثير العقوبات الأميركية المفروضة على إيران عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
وتابع الموقع أن أوروبا تحاول تحقيق توازن بين الحفاظ على الاتفاق وممارسة ضغوط دبلوماسية على إيران، إلا أن موقف الولايات المتحدة، التي بدأت مفاوضات ثنائية مع طهران، قد همّش دور أوروبا إلى حد ما.
هذه الحالة أدّت إلى تقليص هامش المناورة الدبلوماسية للدول الأوروبية، وخلقت تحديات جديدة أمام سياساتها الخارجية.
وأضاف الموقع أن وزير الخارجية الفرنسي، جان-نوئل بارو، كان قد صرّح قبل أيام، من دون الإشارة إلى تقاعس أوروبا عن أداء دور إيجابي بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بأن “إيران تسعى للحصول على سلاح نووي، وقد تجاوزت جميع التزاماتها بشأن تخصيب اليورانيوم”.
وهدّد الوزير الفرنسي بأنه في حال عدم ضمان المصالح الأمنية لأوروبا، فإن جميع العقوبات التي رُفعت عن إيران خلال السنوات العشر الماضية ستعود مجددا.
دور تركيا
ذكر الموقع أن انعقاد هذا الاجتماع في تركيا لفت الأنظار إلى الدور المحتمل الذي قد تلعبه أنقرة في الدبلوماسية الإقليمية، وبفضل علاقاتها المتنوعة مع إيران وأوروبا والولايات المتحدة، فإن تركيا تتمتع بموقع يؤهلها للعب دور المسهّل في دفع المفاوضات قدما.
وقد سعت أنقرة خلال السنوات الأخيرة، إلى تعزيز مكانتها الدبلوماسية، ويمكن لاستضافتها لهذه المفاوضات أن تضطلع بدور حاسم في مستقبل التفاعلات الإقليمية.
مصير “برجام”
أشار الموقع إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، وكذلك مفاوضات إسطنبول، تجري في سياق تحولات جيوسياسية أوسع على مستوى المنطقة.
وتزيد التنافسات بين القوى العالمية، وضمن ذلك الدور البارز لكل من روسيا والصين في علاقاتهما مع إيران، من تعقيد هذه المحادثات، وتُسهم هاتان الدولتان، من خلال دعمهما لإيران، في خلق توازن مقابل الضغوط الغربية، ما يؤثر بشكل مباشر على الأجواء الدبلوماسية المحيطة بالمفاوضات.
وختم الموقع بالإشارة إلى أنه لا يمكن تجاهل الدور التخريبي الذي تلعبه إسرائيل في عرقلة مسار خفض التوتر بين إيران والغرب، إذ إن أي اتفاق محتمل ستكون له آثار مباشرة على المعادلات الأمنية في المنطقة.
وقد أعلنت إسرائيل مرارًا أنها لن تسمح لإيران أبدًا بالوصول إلى قدرات نووية متقدمة، وفي مثل هذا السياق، لا تُعدّ المفاوضات النووية مجرد تفاعل دبلوماسي بين إيران وأوروبا، بل هي عامل مؤثر في إعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمي.
تحديات وعقبات
أضاف الموقع الإيراني “خبر أونلاين”، أن آفاق المفاوضات ما تزال تواجه عقبات عديدة في طريق التوصّل إلى تفاهم بين إيران والدول الغربية، في وقت تتطلب فيه أهمية هذا الاتفاق للاستقرار الإقليمي ومنع انتشار الأسلحة النووية، جهداً جاداً من قبل الأطراف الدولية الفاعلة.
وتابع أن نجاح هذه المفاوضات مرهون بمدى التزام الطرفين بالدبلوماسية، وبمرونتهما في مسار الحوار، وكذلك بقدرتهما على السعي نحو التوصّل إلى اتفاق عملي قابل للتنفيذ.
وأضاف أن مفاوضات إسطنبول لا تعكس فقط تعقيدات الدبلوماسية النووية، بل تُظهر أيضًا الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في المعادلات الإقليمية وفي رسم ملامح مستقبل هذه المباحثات.
وختم الموقع بالإشارة إلى أنه إذا تمكنت الأطراف من تعزيز النقاط المشتركة فيما بينها، فقد تمثل هذه المفاوضات نقطة تحول على طريق الوصول إلى تفاهم شامل.