- زاد إيران - المحرر
- 38 Views
ترجمة: دنيا ياسر نورالدين
نشر موقع “فرارو“الإخباري، يوم الجمعة 4 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع مرتضى الويري الناشط السياسي ورئيس بلدية طهران، ناقشت فيه مآلات استمرار المسار السياسي الحالي في إيران، واحتمال وصول الوضع إلى أزمة خانقة، وأهمية الإصلاحات السياسية.

في ما يلي نص الحوار:
نظرا إلى تجربتكم في السجن ما قبل الثورة وخبرتكم الإدارية بعد الثورة.. ما توصياتكم لتطوير وتقدم البلاد؟
كان الخطأ الكبير قبل الثورة هو أن الحكومة حَرمت نفسها من الاستماع إلى آراء المخططين والمختصين. في برنامج التنمية الرابع في فترة الشاه، كانت نسبة النمو الاقتصادي مزدوجة الرقم.
كان هناك أشخاص مثل “محمود عالي خاني” في منصب وزير الاقتصاد، و”علي أكبر مقدم” على رأس برنامج الميزانية في البلاد، وكان البلد يسير في مسار منطقي.
لكن الاستبداد الملكي جعل منظمة التخطيط والميزانية غير قادرة على تنفيذ برامج التنمية بشكل صحيح. لدرجة أن الشاه أصدر أمرا بطرد نائب منظمة التخطيط والميزانية من الاجتماع في مؤتمرات “غاجره” و”رامسر”.
وفي المجال السياسي، ارتكب الشاه الخطأ نفسه. في عام 1974، أعلن أن الحزب الوحيد القانوني هو حزب “رستاخيز”، وكل من يعارضه يجب عليه مغادرة البلاد. هذه السياسات الانكماشية والمواقف الضيقة النظر أدت في النهاية إلى وقوع ثورة 1979.
ومع ذلك، لو كان الشاه قد استمع إلى نصائح الخبراء، لكان بإمكان إيران أن تصبح مثل اليابان في آسيا، وأن تتحول إلى واحدة من أقوى اقتصادات المنطقة. لكن نفس الضيق والتسلط دفع البلاد في اتجاه أدى إلى الثورة، وهي ثورة كانت لها تبعات ومشاكل كثيرة.
التاريخ دائما يعيد نفسه. اليوم أيضا، يُحذر المستشارون والمختصون، لكن يبدو أن الحكومة لا تعير اهتماما كل لذلك. في مثل هذه الظروف، مصير المنتقدين واضح: إما أن يضطروا للصمت، أو مغادرة البلاد، أو مواجهة السجن والقمع.
في فترة الشاه، لو كان قد تبع طريقة “سلطان قابوس”، لكان ربما نجا من الأزمة. فعندما واجه “سلطان قابوس” معركة مع المقاتلين في ظفار، دخل في حوار وقام بإصلاحات أساسية أنقذت البلاد من الانهيار.
كما أن حكومة المغرب، في سياق الربيع العربي، اتبعت سياسات مشابهة ونجحت في منع حدوث الثورة، وكانت النتيجة هي النمو الاقتصادي وازدهار السياحة والاستثمار الأجنبي.
لكن الشاه، عند مواجهة المشاكل، اتخذ مسارا آخر. قام بقمع الحريات السياسية، وحتى الأشخاص الذين كانوا يحملون كتب الدكتور شريعتي كانوا يتعرضون للتحقيق.
إذا استمر النظام اليوم في اتباع نفس مسار الشاه، فلن يكون هناك سوى الانهيار أو حدوث أحداث غير متوقعة تنتظر البلاد، وهي أحداث مجهولة العواقب.

مؤخرا تم تداول مزاعم في وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأنكم تعاونتم مع جهاز الإستخبارات والأمن القومي الإيراني في عهد الشاه، نرجو منكم توضيحا؟
نعم، لقد رأيت هذا الكلام وكنت مترددا في البداية في الرد عليه. والآن وقد سئلت، أود أن أوضح أنني خضعت لتحقيقات دقيقة حول سجلي الشخصي بعد الثورة. كنت عضوا في البرلمان لعدة دورات، وكان أحد شروط الترشح هو عدم الانتماء للنظام السابق، وقد تمت الموافقة على أهليتي بعد تقييم شامل.
في الحالات التي رُفضت فيها أهليتي، لم يكن ذلك بسبب أنشطتي قبل الثورة، بل لأسباب أخرى، مثل دعمي حسين علي منتظري وأدائي الدبلوماسي في إسبانيا، حيث كنت أرى، وفقا لفتوى آية الله منتظري، أن المصافحة مع النساء الأجنبيات ليست محرمة، وكذلك مشاركتي في اعتصام نواب البرلمان السادس.
عندما تم تعييني رئيسا لبلدية طهران، خضعت لتدقيق شامل من قبل مجلس المدينة، حيث تم التحقق من جميع أنشطتي السابقة. أيضا، عند تعييني سفيرا، أجرت وزارة الخارجية مراجعة دقيقة شملت حتى بيانات أعضاء مجلس المدينة بخصوص أي مخالفات مزعومة.
أود أن أوضح أن وثائق جهاز السافاك ما تزال موجودة. عند تحضير الطبعة الأولى من مذكراتي في أوائل الثورة، تواصلت مع علي فلاحيان، وزير الاستخبارات آنذاك، وطلبت الإذن بالاطلاع على الوثائق المتعلقة بي، فوافق. زرت هناك واطلعت على عدة ملفات، لكن الوقت لم يسمح بمراجعتها جميعًا، فصورت بعضها فقط.
على سبيل المثال، إحدى الوثائق كانت من استخبارات الجيش إلى الشاه تشير إلى أن مرتضى الويري لديه سجل أمني وأنه خضع للمراقبة وصدرت بحقه أحكام من المحكمة، وتمت التوصية بعدم قبوله جنديا عاديا وأن يتم وضعه تحت رقابة مشددة.
لم أتعاون مع ذلك النظام إطلاقا ولم أؤد الخدمة العسكرية. تخرجت في الجامعة وذهبت مع عدد من زملائي إلى مصنع الفولاذ في أصفهان للعمل. هناك طلبوا مني أداء خدمتي العسكرية.
أرسل السافاك عملاء لمراقبة منزلي. في إحدى الوثائق، ذكر أن شخصا خرج من المنزل في الساعة الـ7:35 وتوجه إلى شارع كوروش الكبير (شريعتي حاليا) وعاد في وقت محدد. وفي وثيقة أخرى، تم التنصت على هاتفنا، حيث كنا نقول: “أحضروا كرتون التفاح”، والتي فسرها محلل السافاك على أنها تعني “منشورات”، وكان تحليله صحيحا.
في مكان آخر، أرسل السافاك رسالة إلى وحداته يطلب فيها مراقبة الأشخاص المرتبطين بي وعدم اعتقالي فورا حتى يتعرفوا على الشبكات المتصلة بي. هذه الوثائق تظهر أنني كنت تحت المراقبة الدقيقة من قبل النظام السابق.
أؤكد أنني لم أكن قط جزءا من أي نشاط سياسي لصالح الشاه، بل ربما قلت بعض العبارات لخداع السافاك، كما فعل رضا رضائي الذي تمكن من خداعهم والهروب من السجن. قول مثل هذه العبارات ليس دليلا على التعاون، بل على الذكاء. يجب أن يتم تقييم الأمور بناءً على الوثائق، وهل تظهر تلك الوثائق تعاونا حقيقيا أم محاولة لخداع النظام ومواصلة النضال؟
في السجون، كان هناك مناضلون كبار مثل المرحوم علي عسكر أولادي، أحد مؤسسي حزب “الجماعة الإسلامية” والذي لم يتراجع يوما عن مواقفه، لكن بعضهم، لأسباب تكتيكية، اتخذوا مسارات مختلفة. المهم هو ما تثبته الوثائق.
هل تعتقدون أن تشكيل مجموعات مثل فرقان كان مشروعا مدبرا من قبل جهاز الاستخبارات والأمن القومي الإيراني؟
في عام 1977، تواصلت معنا مجموعة فرقان وطلبت مساعدتنا في طباعة تفسير للقرآن. كانوا طيبين ومتواضعين، ولا علاقة لهم بأي عمل استخباراتي. لكنهم كانوا ذوي عقلية منغلقة، دفعتهم إلى مسار منحرف، وقد أدرك ذلك المرحوم مطهري. كنت أزوده بنشراتهم أسبوعيا، وكان يؤكد على انحراف بعض الجمل فيها. بعد فترة، قطعنا الاتصال بهم، وعندما سألني مطهري عن سبب ذلك، أخبرته أننا لم نجد ضرورة للاستمرار معهم بعد أن وصفهم بالمنحرفين.
لذلك، فإن الادعاء بأنهم تعاونوا مع جهاز الاستخبارات والأمن القومي الإيراني لا أساس له من الصحة. والحقيقة أن الخلافات الأيديولوجية بين المعتقلين كانت حادة لدرجة أنهم لم يحتملوا بعضهم البعض، رغم أنهم كانوا جميعاً يتعرضون للاضطهاد.
نشر مؤخرا رسالة من السيدة فائزة هاشمي من داخل سجن إيفين انتقدت فيها أوضاع السجون.. ما تقييمكم لهذه الرسالة وتأثيرها على الوضع السياسي والاجتماعي؟
الأشخاص الذين ينخرطون في النضال قد يواجهون الظلم والباطل، لكن مشاكلهم الداخلية غير المعالجة ستظهر في الأوقات الصعبة، مثل السجن. حتى قبل الثورة، كانت هناك صراعات بين الرفاق، كما هو الحال في منظمة مجاهدي خلق، حيث كان الأعضاء يقاطعون بعضهم البعض بناءً على الأوامر التنظيمية فقط، مما يجعل السجن جحيما عندما لا تجد أحدا تتحدث معه.
السيدة فائزة هاشمي شخصية مثقفة وقيمة، لكن نشر مثل هذه القضايا في رسالة لا يحلها. هذه مشاكل أخلاقية يجب معالجتها بطرق أخرى. القضية هي تزكية النفس، والتي قد لا تظهر بوضوح في الحياة اليومية، لكنها تظهر بقوة في السياسة والنضال.
الحسد، والحقد، والغرور صفات تدمر صاحبها، وقد يتحول إلى فرعون إذا وصل إلى السلطة، حتى لو كان يتحدث بخطاب جيد قبلها. لذلك، التزكية الذاتية ضرورة أساسية لمن يسير في طريق النضال السياسي.
ما رأيكم في طرح نقل العاصمة من طهران الذي تبنته حكومة بزشکیان مؤخرا؟
تعتبر طهران نموذجا للوضع العام في البلاد، ففكرة نقل العاصمة من الأساس فكرة خاطئة، لأن بناء بنية تحتية لعاصمة جديدة يتطلب موارد هائلة لا نمتلكها حاليا. وحتى ل تم نقل العاصمة، فإن عددا قليلا من السكان سينتقل، ربما فقط من 200 إلى 400 ألف من أصل 10 إلى 12 مليونا، ما يعني أن مشاكل طهران ستبقى وسنخسر في المقابل البنية التحتية الحالية.
لقد طُرحت هذه الفكرة في البرلمان الثالث، ودرسنا 74 موقعا كبديل، لكننا توصلنا إلى أنه من الأفضل حل مشاكل طهران في مكانها بدلا من الترحيل، فالبنية التحتية موجودة والاستثمار في مدينة جديدة غير مبرر، علينا التركيز على إصلاح الوضع القائم لا الهروب منه.