- شروق حسن
- 14 Views
ترجمة: شروق حسن
بينما تتأهب العاصمة الإيطالية روما لاستضافة جولة رابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، يشهد المشهد الدبلوماسي الإقليمي والدولي تحولات عميقة في الأدوار والأولويات.
وفقاً لتقرير نشرته الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي” يوم الخميس 1 مايو/أيار 2025، فإنه بينما تستعدّ العاصمة الإيطالية لاستضافة الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، تشهد الدبلوماسية الإقليمية والدولية إعادةَ تعريفٍ للأدوار والأولويات. من العرض الإيراني غير المسبوق لجذب استثمارات أمريكية، إلى جهود الأوروبيين للحفاظ على موقعهم في معادلةٍ مدارها واشنطن.

وأضافت أنه في 3 مايو/أيار 2025، تستضيف روما جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذه المحادثات تُصنّف كملف “نووي”، فإن مؤشرات عديدة توحي بأن طهران وواشنطن بصدد اختبار شكلٍ جديد من المقايضات الدبلوماسية.
وذكرت أن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أكّد أن طهران ستُجري أيضاً محادثات مع “الثلاثي الأوروبي” (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، إلا أن “المفاوض الأساسي” يبقى مع الولايات المتحدة.
وأوضح عراقجي أن “اللقاء مع الدول الأوروبية سيعقد يوم الجمعة 2 مايو/أيار في روما، لكن الطرف الرئيسي في هذه المفاوضات هو الأمريكي، والمباحثات مع أوروبا تكملةٌ لها لا بديلا عنها”.
رسالة جديدة إلى واشنطن
وتابعت الصحيفة أنه في أحد أهم التطورات الأخيرة، أفادت وكالة «بلومبرغ» بأن إيران عرضت على الولايات المتحدة فرصة استثمارية بقيمة تريليون دولار. ويُعد هذا العرض، الذي لا نظير له، سبيلاً لتخفيف العقوبات وجذب صناعات أمريكية إلى قطاعي الطاقة والنووي في إيران.
ونقلت عن «بلومبرغ» أن طهران عرضت اقتصادها علناً على البيت الأبيض للمرة الأولى منذ عقود، إشارةً إلى الجدية والنهج الجديد.
ويعكس هذا التحرك ليس رسالة اقتصادية فحسب، بل محاولة لتأسيس أرضية لاتفاق أكثر استدامة مقارنةً بتجربة «البرجام» السابقة، وفي نظر كثير من المراقبين، مسعى لتقليل تأثير لوبيات المعادين للاتفاق داخل إسرائيل.
فرنسا في خط المواجهة
وأضافت أنه في المقابل، اتخذت فرنسا موقفاً حادّاً مجددا، بزعم قرب إيران من عتبة إنتاج السلاح النووي، وردّ ممثل إيران لدى الأمم المتحدة على هذه الادعاءات بأنها «لا أساس لها وتنطوي على دوافع سياسية»، مشيراً إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تراقب البرنامج النووي الإيراني بانتظام ولم ترصد أي انحراف.
كما شدّد على أن «تهديد فرنسا بإعادة العقوبات ينسف مبادئ ميثاق الأمم المتحدة». ويبدو أن باريس، لغياب دور فعّال لها في المفاوضات الرئيسية، تحاول عبر رصد إعلامي مكثف استعادة مكانتها الضائعة.
وأردفت أنه في هذه الجولة من المفاوضات، كان اسم «ويتكاف» الأكثر تداولا؛ الممثل الخاص للولايات المتحدة لشؤون غرب آسيا، والذي بات دوره يتجاوز حدود الدبلوماسي الرسمي.
وقد صرّح ويتكوف، في حوار مع إذاعة WABC الأمريكية، قائلا: «لقائي مع عراقجي، وزير خارجية إيران، كان مهماً وكبيراً بالنسبة لي، شعرت بأنني أؤدي مهمةً تفوق ذاتي».
كما أضاف قائلاً إن «الاتفاق النووي (برجام) كان لصالح إيران ويجب إصلاحه». هذا الموقف يمثل اختلافاً واضحاً عن النهج السابق، الذي كان غالباً ما يصنّف “برجام” كاتفاق فاشل.
وعلقت الصحيفة بالقول إن تصريحات ويتكوف تُعد بمثابة إعادة صياغة لتصريحات دونالد ترامب حينما انسحب من الاتفاق النووي، إذ كان ترامب يرى حينها أن الولايات المتحدة دفعت تكلفة الاتفاق، بينما استفادت منه الشركات الأوروبية.
وأضافت أن ويتكوف يحاول من خلال هذه التصريحات التشديد على ضرورة أن تحظى الولايات المتحدة بحصة اقتصادية واضحة في أي اتفاق محتمل.
وفي تعليق على الدور المتزايد لويتكوف، قال آرون ديفيد ميلر، كبير المفاوضين السابق في حكومات ديمقراطية وجمهورية أمريكية: «لا يمكن التفاوض مع إيران وروسيا وملف غزة على منديل ورقي، لا بد من وجود فريق ورئيس جمهورية يمتلكان استراتيجية واضحة».
أوروبا على الهامش
وتابعت الصحيفة أنه رغم تأكيد عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أن إيران لا تنوي تقليص دور الأوروبيين، فإن معطيات الواقع تشير إلى أن هذه الدول باتت متأخرة عن مسار التطورات.
وتابعت أن هذا الأمر يتوافق مع رغبة إدارة ترامب السابقة كذلك، فقد أسهمت المواقف الأوروبية الأخيرة- من التهديدات غير البنّاءة إلى اللامبالاة تجاه أولويات طهران- في تهميش دور القارة في هذه المرحلة.
وأضافت أنه قد ورد في البيان الأخير لوزير الخارجية الإيراني: «الدول الأوروبية، بسبب سياساتها الخاطئة، بصدد تلاشي دورها تدريجيا». كما شدد البيان على أن الأموال الإيرانية المجمدة جزء من عقوبات غير قانونية يجب رفعها.
إعادةُ تعريف الدبلوماسية
يُظهر مجمل التطورات الراهنة أن إيران والولايات المتحدة تختبران أرضية جديدة للتوصل إلى اتفاق قد يحمل اسم «برجام»، لكن مضمونه وأساليبه سيكونان مختلفين بوضوح، فإيران تسعى من خلال طرحها الاقتصادي- بدلاً من الاقتصار على المساومة النووية- إلى فتح فضاءات أوسع للتعاون.
واختتمت صحيفة “آرمان ملي” بالقول إنه في المقابل، بدا الأمريكيون عبر ممثلهم ويتكوف منفتحين تكتيكيا، رغم أن ظروف واشنطن الداخلية لا تزال بعيدة عن احتضان اتفاق جاد، أما أوروبا فبدت في هذا السياق عاجزة عن استيعاب المعطيات الجديدة، فتراجعت مكانتها.
وربما تكون روما-ـ على الرغم من استضافتها جولةً جديدة من المفاوضات- نقطةَ انطلاقٍ لعصر دبلوماسيٍّ جديد بين إيران والغرب، يقوم على الاقتصاد والأمن والواقعية.