خبير في الدراسات الإسرائيلية: ترامب وضع “خطوطا حمراء” لنتنياهو في التعامل مع إيران

ترجمة: يارا حلمي

أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الأربعاء 9 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع هادي برهاني، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، ناقشت فيه زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للولايات المتحدة وكذلك مفاوضات عُمان ومعارضة إسرائيل لها.

ذكرت الوكالة أن نتنياهو أنهى زيارته الثانية للولايات المتحدة وسط ضجيج إعلامي واسع وحملة ترويجية كبيرة سبقت هذه الزيارة، حيث هددت وسائل الإعلام المتشددة في إسرائيل قبل الزيارة بأن ملف إيران سيتم إغلاقه خلال هذا اللقاء مع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، بل إن حسابات مرتبطة بـ”المتشددين” اليهود والإسرائيليين على منصة “إكس” (تويتر سابقا) نشرت رسائل استفزازية على نطاق واسع.

وتابعت أنه على أرض الواقع، لم يتحقق أي هدف من أهداف زيارة نتنياهو للبيت الأبيض، فلا تخفيض للرسوم الجمركية، ولا ضوء أخضر لشن هجوم عسكري على إيران، ولا حتى فرض قيود على تركيا، ولا سماح بتوسيع العدوان على قطاع غزة.

نص الحوار:

ردا علي زيارة نتنياهو، كتبت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه تعرض للإذلال.. ما أساس هذه التحليلات؟

لقد توجه نتنياهو إلى واشنطن في ظرف حساس، بهدف كسب دعم ترامب في هذه المرحلة الحرجة، إلا أن نتائج اللقاء جاءت عكس توقعاته، حيث وضعه ترامب، خلال تصريحاته المباشرة والآمرة نسبيا، أمام واقع يجبره على السير ضمن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، لا سيما في ملفات محددة مثل الملف الإيراني، والملف التركي، وحتى إلى حد ما ملف غزة.

وبناءً على ذلك، تبنت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تقييما سلبيا لنتائج هذه الزيارة، معتبرةً أن نتنياهو لم يتمكن فقط من جذب ترامب إلى المواقف الإسرائيلية، بل أصبح مضطرا بعد هذه التصريحات إلى التحرك ضمن الإطار الذي رسمه ترامب، ويعني ذلك أن ترامب هو الذي يحدد الآن السياسة الإقليمية لنتنياهو، وليس العكس.

بحسب ما أظهرته لغة الجسد والتصريحات المتبادلة بين الطرفين، فضلا عن إلغاء المؤتمر الصحفي المشترك بينهما، يتضح أن هناك خلافا عميقا كان قائما خلف الكواليس…

نعم، لغة الجسد وبعض الشكليات، إضافة إلى تصريحات الطرفين، تؤكد صحة هذا التقييم، حيث إن نتنياهو فوجئ خلال هذا اللقاء، وسمع من ترامب كلمات لم يكن يتوقعها على الإطلاق.

وقد شبّه العديد من المحللين طريقة تعامل ترامب مع نتنياهو خلال هذا اللقاء بما فعله مع فولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا، حيث أهان الأخير داخل البيت الأبيض، ومع ذلك، حاول نتنياهو، بالصمت والمراوغة الكلامية، إخفاء حقيقة ما جرى، متجنبا الإدلاء بأي تصريحات سلبية في حضور ترامب؛ كي لا يظهر أن الاجتماع فشل.

هل نستطيع أن نستنتج من تصريحاتكم أن نتنياهو عاد إلى إسرائيل خاسرا؟

نعم، إلا أن هذه ليست نهاية اللعبة، فاللعبة مستمرة، ونتنياهو وحكومته يتمتعان بقدرات كبيرة في إدارة الأزمات وقد يعوضان هذه الخسارة في المراحل المقبلة، ومن بين مؤشرات فشل نتنياهو أيضا عدم تمكنه من تعديل الرسوم الجمركية على السلع الإسرائيلية المصدرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بقيت عند مستوى 17%.

بعد أن تحدث ترامب عن المفاوضات مع إيران، قال نتنياهو إنه يريد اتفاقا مع إيران على غرار الاتفاق الليبي، ماذا يعني هذا الطلب؟

إن نتنياهو حاول من خلال هذا المثال إظهار مطالب ترامب السلمية أنها تتوافق في الواقع مع الأهداف الحربية والتخريبية لإسرائيل.

وقال ترامب، خلال مواقفه المختلفة، إن مطلبه الوحيد من إيران هو التخلي عن البرنامج النووي العسكري، بينما تطالب إسرائيل بأكثر من ذلك بكثير، فهي تريد تفكيك البرنامج النووي الإيراني كاملا، حتى الجزء السلمي منه، وتسعى أيضا إلى تغيير النظام في إيران.

كما أن إشارة نتنياهو إلى النموذج الليبي تهدف إلى تذكير الجميع بأن التوقعات من إيران هي نفسها التي كانت من ليبيا، وأن المصير نفسه ينتظر الحكومة الإيرانية، في حال قبلت بهذا الاتفاق.

وهذا يمثل سعيا من إسرائيل لتحقيق أهدافها الحربية في إطار خطاب ترامب التفاوضي والتجاري.

وفي ما يتعلق بإيران؟ ما تقييمك لموقف إيران من تصريحات ترامب؟

 جاء تقييم الموقف الإيراني، خاصةً موقف وزارة الخارجية، تجاه تصريحات ترامب شجاعا ومسؤولا.

إذ إن هناك تيارات “متشددة “على طرفي النزاع (في إيران والولايات المتحدة) غير راضية وغاضبة من المسار الحالي للمفاوضات والاحتمالات المطروحة لحل المشاكل بين طهران وواشنطن.

 هذه الحالة تظهر بوضوح في الصحف “المتشددة” داخل إيران، وكذلك في وسائل الإعلام المتطرفة المعادية لإيران، والتي تتخذ من الخارج مقرا لها.

الطرفان “المتشددان” يعملان على عرقلة هذا المسار ومنع وصوله إلى نتائج إيجابية، غير أن العدو الأكثر شراسة لهذه المفاوضات هو الكيان الصهيوني، الذي يتمتع بذكاء استراتيجي ويستخدم كل إمكاناته لإفشال مسار المفاوضات الجارية في سلطنة عمان بين إيران والولايات المتحدة. 

ومن المؤسف أن بعض الأطراف الداخلية في إيران، رغم رفعهم شعار محاربة الاحتلال الإسرائيلي لا يدركون هذه الحقيقة الواضحة، ويساهمون عمليا بمواقفهم “المتشددة” في خدمة أهداف الكيان الإسرائيلي.

وفي ختام الحوار، وبالنظر إلى أصداء زيارة نتنياهو لواشنطن، ما تحليلك النهائي لهذه الرحلة وتصريحاته وترامب في البيت الأبيض؟

يمكن القول إن نتنياهو توجه إلى البيت الأبيض في ظل تصاعد المواجهة في قطاع غزة، وبالتزامن مع تصعيد المواجهة بين الكيان الصهيوني وكل من إيران وتركيا في المنطقة؛ أملا في الحصول على دعم أمريكي مباشر لمواقفه وسياساته.

غير أن نتائج هذه الزيارة جاءت معاكسة لتوقعاته، إذ لم يحقق نتنياهو هذا الهدف، بل كان ترامب هو الذي حدد له الخطوط الحمراء المسموح له بالحركة ضمنها في هذه الملفات.

فقد وجّه ترامب، خلال هذا اللقاء، تحذيرات لنتنياهو بعدم عرقلة النهج الحالي للولايات المتحدة تجاه إيران وتركيا.

ويبدو أن هذا الموقف يمثل نموذجا واضحا لرؤية ترامب تجاه الكيان الصهيوني، إذ يدرك ترامب جيدا أن تل أبيب كانت تستغل الولايات المتحدة في الماضي، خاصة في قضية احتلال العراق، حيث جعلت الولايات المتحدة درعا لها، وزجت بها في مستنقع مكلف وطويل الأمد لتحقيق مصالحها الخاصة.

وترامب معروف بحساسيته الشديدة تجاه استغلال الدول الأخرى لبلاده، ورفضه تحميل الولايات المتحدة تكاليف لتحقيق مصالح الآخرين، وهو ما يمثل أحد أركان مقاربته السياسية في التعامل مع الكيان الصهيوني ورئيس وزرائه المراوغ نتنياهو.