من الاعتراف إلى الإعدام.. القصة الكاملة لخيانة جاسوس الموساد “محسن لنغرنيشين” في قلب طهران

كتب: ربيع السعدني 

حُكم على محسن لنغرنيشين، الجاسوس المحترف للموساد والذي لعب دوراً مؤثراً في اغتيال الشهيد صياد خدايي، أحد القادة العسكريين البارزين في إيران، فضلا عن الهجوم على المراكز الأمنية، بالإعدام بعد محاكمة واعتراف كامل. 

وتم تنفيذ الحكم عليه في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء 30 أبريل/نيسان 2025. قصة صادمة عن النفوذ والخيانة والعقاب في قلب العاصمة طهران، خيانة بدأت في عام 2020 وانتهت بتنفيذ حكم الإعدام.

قالت السلطة القضائية الإيرانية إن محسن لنغرنيشين صاحب الـ34 عاما، أُعدم يوم الأربعاء الماضي، بتهم “ارتكاب جرائم حرب والإفساد في الأرض” بعد محاكمته بتهمة التجسس لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”.

تحت عنوان “قصة خيانة” نشرت وكالة أنباء “تسنيم” على حسابها بمنصة إكس، مقطع فيديو لاعترافات الجاسوس الإسرائيلي محسن لنغرنيشين، وتكشف اعترافاته الصادمة عن الخيانة والجرائم التي ارتكبها بحق أبناء الشعب الإيراني.

جاسوس رفيع المستوى 

وذكرت وكالة أنباء “ميزان أونلاين” التابعة للسلطة القضائية في طهران، أن لنغرنيشين الذي وصفته بأنه “جاسوس رفيع المستوى” قدّم “دعما عملياتيا لمهمات عدة نفذها الموساد في إيران، وتورط في اغتيال مسؤول عسكري إيراني بارز”، وزعمت أنه كان “الداعم العملي والفني لاغتيال حسن صياد خدايي العقيد في الحرس الثوري، وتمت معاقبته على أفعاله بإعدامه شنقا، فجرا في سجن قزل حصار في كرج قرب طهران”.

يأتي إعدام لنغرنيشين، الجاسوس الإسرائيلي، في وقت تجري به مباحثات أمريكية إيرانية للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي، مع رفض إسرائيل والولايات المتحدة استبعاد ضربة عسكرية على إيران.

تورط في اغتيال مسؤول عسكري إيراني كبير

وذكرت وكالة “ميزان” أن لنغرنيشين متورط في اغتيال العقيد في الحرس الثوري صياد خدايي الذي قتل بخمس رصاصات غدر من قبل شخصين على دراجة نارية أثناء عودته إلى منزله بطهران في مايو/أيار 2022، وكان رمضان شريف، المتحدث باسم الحرس الثوري آنذاك، قد قال في وقت سابق، إن صياد خدايي أصبح “هدفًا لمرتزقة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية”.

وفي إعلانها اتهمت السلطة القضائية الإيرانية محسن لنغرنيشين بأنه “يعمل لدى الموساد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020 واجتمع مع كبار ضباط جهاز التجسس الموساد في مناسبتين في جورجيا ونيبال وتلقى مهامه”، وزعم القضاء الإيراني أيضا أن لنغرنيشين “قدم وسلم بطاقات SIM مجهولة المصدر وهواتف محمولة وأجهزة مودم إنترنت محمولة إلى ضباط الموساد”.

وفي جزء آخر من إعلانها، أشارت المؤسسة القضائية في طهران إلى “تصوير نقاط محددة واستهدافها”، وتقول السلطة القضائية الإيرانية إن إعدامه تم بعد استكمال الإجراءات القانونية.

انتقادات واسعة للإعدام

في حين يحاول البعض تصوير محسن لنغرنيشين على أنه ناشط سياسي، فإنه كان مسؤولا عن إجراءات أمنية مدمرة، وضمن ذلك دعم العمليات الإرهابية والوجود في مكان اغتيال الشهيد خدايي في طهران.

قبل أيام قليلة، بدأت وسائل الإعلام المناهضة لإيران ببذل جهود متضافرة لمنع تنفيذ حكم الإعدام على محسن لنغرنيشين، حاولوا نشر مواد إعلامية تقدمه باعتباره من “النخبة العلمية” وأنه “سجين سياسي”، زاعمين أن إيران أدانت سجينا سياسيا من النخبة دون أدلة أو وثائق كافية، وأعدمته.

والنقطة الأخرى هي أنه خلال جميع مراحل الاستجواب والمحاكمة وإجراءات المحكمة، اعترف صراحة بالجرائم التي ارتكبها وتفاصيل الأفعال التي قام بها، عندما واجهوه بالوثائق في القضية وبعد استيفائه للإجراءات القانونية في مراحل مختلفة من القضية، صدر حكم بإعدامه، وتم تنفيذ الحكم صباح الأربعاء (30 أبريل/نيسان 2025).

من يكون لنغرنيشين؟

تم تعيين محسن لانغرنيشين في جهاز التجسس الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وبعد خضوعه لدورات تدريبية مختلفة، تم تنفيذ مهمته الأولى لصالح الموساد في يناير/كانون الثاني 2020.

خلال العامين اللذين قضاهما جاسوسا وتعاونا عملياتيا وثيقا مع كبار ضباط النظام الإسرائيلي وعملائهم داخل البلاد، كان مسؤولا عن أعمال مهمة، من ضمنها دعم العمليات الإرهابية والتواجد في مكان اغتيال الشهيد صياد خدايي في طهران.

وتضمنت الأعمال الإجرامية التي ارتكبها لنغرنيشين تقديم الدعم اللوجستي والفني والعملياتي للهجوم على مركز صناعي تابع لوزارة الدفاع في أصفهان، وشراء أدوات ومعدات اتصال لخلق بيئة آمنة لعناصر الموساد في إيران، وشراء المركبات وتجهيزها بمعدات عملياتية، وتحويل الأموال من ضباط الموساد إلى العناصر العملياتية داخل البلاد، واستئجار منازل آمنة في عدد من محافظات البلاد.

ذروة الخيانة

لكن ذروة خيانة لنغرنيشين بحسب تقرير موقع “نور نيوز”، بلغت عندما لعب دورا فعالا في عملية اغتيال حسن صياد خدايي، أحد أفراد قوات الحرس الثوري الذي كان ناشطا في دعم المقاومة. 

وقام بتوفير دراجة نارية للتتبع والمراقبة، وعند وصوله إلى مكان الاغتيال قام بإرسال معلومات حية عن مكان الشهيد إلى القاتل، وبعد العملية غادر المكان على الفور؛ كما تم تعليمه.

وقد تم إثبات تجسس هذا الشخص لصالح الموساد ودعمه الشامل للفرق الإرهابية التابعة له وفقًا للعديد من الوثائق الاستخباراتية والتقنية، وضمن ذلك نظام الاتصالات المتطور المشفر للمتهم مع جهاز الموساد تحت اسم (النوافذ الحمراء)، نظام كان تحت إشراف استخباراتي لقوات وزارة الاستخبارات الإيرانية، وكان يسمح بتحديد اتصالاته وفك تشفيرها والتحكم فيها.

التقى الجاسوس مع كبار ضباط جهاز التجسس الموساد في مناسبتين، في جورجيا ونيبال، وتلقى المهام والتعليمات الموكلة إليه من كبار ضباط الموساد وخلال فترة عمله في جهاز المخابرات والتجسس في الموساد، كان يقوم بتوفير وتجهيز المركبات لفرق العمليات المختلفة، والتي كان يسلمها إلى جهات اتصال الموساد وفقا للتعليمات المقدمة.

في عدة عمليات، قام محسن لنغرنيشين بحسب وكالة “ميزان أونلاين”، بتزويد كبار ضباط الموساد ببطاقات SIM مجهولة المصدر وهواتف محمولة وأجهزة مودم إنترنت محمولة من أجل ربط عناصر الاستخبارات الداخلية والعناصر العملياتية.

أبرز عملياته 

وقد تلقى أيضا أموالا من عملاء الموساد في نقاط معينة في عدة مناسبات وقام بتسليمها إلى اتصالاتهم داخل البلاد، ومن أهم عمليات الدعم والتجسس التي نفذها لنغرنيشين شراء دراجة نارية بأمر من ضابط الموساد لمراقبة الشهيد صياد خدايي، وعند وصوله إلى مكان الاغتيال أبلغ المهاجم بوجود خدايي وغادر المكان فور انتهاء العملية.

وكان لنغرنيشين الذي كان يعتبر من أبرز جواسيس النظام الإسرائيلي داخل إيران، قد كلف خلال مسيرته المهنية المشينة بمهام لصالح النظام المحتل، مثل التقاط صور لأماكن محددة استهدفها كبار ضباط الخدمة وبفضل مستواه العالي من التدريب العملياتي ودورات التجسس المتنوعة.

كان لنغرنيشين محترفا تماما في تنفيذ المهام الموكلة إليه، ولكن في نهاية المطاف تم التعرف عليه من قبل استخبارات الجنود المجهولين للإمام جعفر الصادق في وزارة الاستخبارات الإيرانية، وبعد التعرف الكامل على عقبة ماسير ورفاقه تم القبض عليه.

اعترافات جاسوس

خلال عمليات الاستجواب والمحاكمة والمحاكمة، وفي مواجهة الوثائق التي لا يمكن إنكارها، لم يكن هناك خيار سوى الاعتراف، واعترف لنغرنيشين بكل تصرفاته بصراحة ووضوح، بدءا من شراء الأدوات والمعدات، وصولا إلى تحويل الأموال وتنفيذ العمليات الميدانية، وبعد أن تلقت المحكمة الإسلامية اعترافاته.

وبعد دراسة وثائق القضية المعقدة بعناية، اعترفت به كـ”مفسد في الأرض”، وحكمت عليه بالإعدام، وتم تنفيذ الحكم، وإبعاد شخص عاش في الظل وارتكب جريمة لا تغتفر ضد مواطنيه بخيانته للبلاد على حد وصف تقرير موقع “نورنيوز” والتحالف مع نظام ملطخة يداه بدماء الآلاف من الإيرانيين، من مكان الحادث بموت صامت.
وفي النهاية قدم لنغرنيشين اعترافات صريحة حول أفعاله، سواء في مراحل الادعاء أو المحكمة، عندما واجه بوثائق القضية الواسعة النطاق.