- زاد إيران - المحرر
- 27 Views
ترجمة: يارا حلمي
أجرت صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية، الخميس 17 أبريل/نيسان 2025، حوارا مع غلام علي جعفر زاده، عضو البرلمان الإيراني السابق، ناقشت فيه الحملة الدعائية ضد مفاوضات إيران مع الولايات المتحدة، وضرورة توحيد الموقف الداخلي بشأنها، وأهمية تدخل الأجهزة الأمنية والرقابية لضبط التصريحات، وتفادي تعدد الأصوات التي تضر بالمصلحة الوطنية.
ذكرت الصحيفة أن إيران والولايات المتحدة يوم السبت 19 أبريل/نيسان 2025، ستبدآن الجولة الثانية من مفاوضاتهما، وذلك في ظل تباينات واضحة في التفسيرات التي أُطلقت داخل البلاد عقب الجولة الأولى من هذه المباحثات في سلطنة عمان، حيث اتسمت بعض هذه التفسيرات بالتشاؤم والمبالغة في رسم صورة قاتمة عن الواقع.
وتابعت أن هناك بعض الأشخاص الذين سعى بعضهم بعد اتفاقية (الاتفاق النووي) إلى تقديمها كنقطة ضعف للبلاد، يواصلون الآن محاولاتهم لتوجيه تفسير للمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بما يتناسب مع مصالحهم الخاصة وليس مع المصلحة الوطنية.
وأضافت أن هذا يأتي في وقت تعتبر فيه الرواية التي يتم تقديمها عن حدث هام مثل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة أمرا بالغ الأهمية في “حرب الروايات” العالمية، ولهذا السبب، فإن نوع الرواية التي يتم تقديمها عن المفاوضات داخل البلاد يمكن أن يؤثر على تقليل أو زيادة الاستثمار الاجتماعي.

نص الحوار:
لماذا تشن بعض الأطراف حملة دعائية ضد مفاوضات إيران مع الولايات المتحدة؟
الحقيقة هي أن العناصر المتخفية تنكشف يوما بعد يوم، وفي الأيام التي أعقبت تلك المفاوضات، لجأ “المتشددون” إلى أقصى درجات التصعيد، وتصرفوا كأنهم منزعجون من ردود الفعل الإيجابية وفرح الشعب.
ومن الضروري أن تلتفت التيارات السياسية إلى مسألة شديدة الأهمية، وهي تحديد المواقف التي تتقاطع مع مواقف أعداء البلاد، وفهم هذا الأمر ليس أمرا معقدا، بل يصبح مثيرا للريبة حين يتكرر.
كيف يمكن أن تتطابق تصريحات شخص أو مجموعة سياسية داخلية مع ما تبثه إذاعة معادية؟ بالإمكان رصد المواقف التي يتم الإعلان عنها، ومقارنة ما يُقال عن المفاوضات مع ما يُذاع عبر القنوات والإذاعات المعادية، إن بعض هؤلاء الأفراد لا يترددون ولا يشعرون بأي قلق عند طرحهم تفسيرات مطابقة تماما لما يرد على ألسنة أعداء إيران.
ما سبب هذا التشابه في المواقف؟ إنه من الطبيعي أن تُوجَّه ملامات إلى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المعنية، التي تتحمل مسؤوليات جسيمة في هذا المجال، بسبب تقاعسها عن متابعة بعض التصريحات والإجراءات، وتجاهلها وعدم الاكتراث بها.
هل يُعقل أن يُسمع في الداخل صدى للقرارات التي تتخذها السلطات الصهيونية؟ لا ينبغي لأي شخص أن يكرر موقف الاحتلال الصهيوني، ألحق “المتشددون” خلال ملف “الاتفاق النووي” أضرارا بالبلاد نتيجة تفسيراتهم الكاذبة وغير الواقعية.
والضرر الذي طال البلاد كان بلا شك، نتيجة تلك التفسيرات الكاذبة والمغلوطة التي رددها “المتشددون” ضد الاتفاق، إن مسألة التفاوض حين ترتبط بالأمن القومي للبلاد، لا بد أن يصدر عن الداخل صوت واحد فقط، وليس أن يدلي كل طرف بما يشاء عبر أي منبر إعلامي يتاح له.
لماذا لا يُسمع صوت واحد في البلاد بشأن المفاوضات؟ وما هي تداعيات هذا الوضع على مستقبلها؟
هذا الوضع يتطلب تدخلا مباشرا من المؤسسات الأمنية والرقابية، ومن الضروري، في ظل الظروف الراهنة، أن تبذل هذه الأجهزة أقصى درجات اليقظة والمتابعة، فبعض الأفراد تجاوزوا حدود النقد المسموح به للقيادة العليا، ويدّعون بجرأة أن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي وافق على المفاوضات نتيجة ضغوط مورست عليه.
من يصدق فعلا أن مثل هذا الأمر قد وقع؟ لا يمكن تصور أن المرشد الأعلى، صاحب القرار الأعلى في البلاد، يتخذ قرارا مصيريا كهذا تحت أي ضغط، إن هذا الادعاء عار من الصحة تماما، ويعد كذبا محضا.
ومن المثير للانتباه أن بعض من مروجي هذه الادعاءات يقدمون أنفسهم كمدافعين عن مبدأ “ولاية الفقيه” (مبدأ سياسي ديني في إيران)، في حين أن مثل هذه التصريحات تمثل تشكيكا مباشرا في هذا الأصل الدستوري، ووفقا لما ينص عليه الدستور، فإن قرار المرشد الأعلى هو الكلمة الفصل، ولا يحق لأحد التشكيك فيه.
إن المرشد الأعلى في مواقفه الأخيرة أوضح أن باب التفاوض مفتوح، لكن لا ينبغي ربط إدارة شؤون البلاد بالمفاوضات، هذه عبارة دقيقة للغاية تعبّر عن نهج مدروس، وليس من الممكن رفض فكرة التفاوض أصلا، لأن رفضها الكامل سيؤدي إلى تعبئة عالمية ضد البلاد.
ورغم هذا، تظهر تفسيرات كاذبة تُقدَّم حول المفاوضات، ويتم تمرير تقارير مغلوطة إلى الشعب، وأصحاب هذه الأصوات المرتفعة يعلنون أصواتهم لإخفاء صوت الحقيقة، إن أسلوب هؤلاء يثير الشبهات بشأن توافقهم مع أجندات الأعداء، وكأن فرح الشعب يثير امتعاضهم.
ورغم أن التعامل العقابي ليس خيارا مفضلا، فإن المسألة تمس الأمن القومي، وفي ظل هذا الوضع لا بد من التعامل مع هؤلاء الذين يعملون على زعزعة الاستقرار الوطني.
كيف كان موقف الأجهزة الرقابية والأمنية من هذا الأمر؟
الأجهزة الأمنية مطالبة بإدراك أولوية الأمن القومي والمصلحة الوطنية في الظرف الراهن، ومن هذا المنطلق، ينبغي محاسبة كل فرد أو مجموعة تسعى عمدا أو عن غير قصد إلى النيل من الأمن القومي، إن البلاد لديها مرشد، ورئيس جمهورية، ووزير للخارجية، وهؤلاء ومعهم بقية المسؤولين تقع على عاتقهم مسؤولية اتخاذ قرارات صعبة، فما الذي يتيح لأي شخص أن يتحدث نيابة عنهم؟
ولو تمعّنا في التصريحات التي سبقت الجولة الأولى من مفاوضات مسقط، لاتضح أن معظمها كان ذا طابع سلبي تجاه المفاوضات، ومن المفيد أن يتعامل علي أكبري، رئيس مجلس السياسات العامة لأئمة الجمعة، مع هذه المسألة بحساسية أكبر، وأن يبذل جهدا حقيقيا لمنع أي تجاوز خلال خطب الأسبوع المقبل.
بحيث لا يتجرأ أحد على التشكيك في قرارات النظام، أو استخدام منابر رسمية لمهاجمة قرار وطني صادر عن أعلى الجهات في البلاد، إن هذا النوع من التصريحات لا يستهدف النظام فحسب، بل يضرب في صميم إرادة الشعب.
فالمواطنون أبدوا ارتياحا حيال قرار النظام بالتفاوض، لكن هناك من يستخدم المنصات العامة لمهاجمة هذا القرار، ومن المهم الإشارة إلى أن البعض يقدّم تفسيرات متباينة لمسألة التفاوض، من منحهم هذا الحق؟ من سمح لكل من يملك منبرا أن يطلق تصريحات غير مدروسة بشأن قضايا أمن قومي على هذا القدر من الحساسية؟
تحدث الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، عن ضرورة تحقيق التوافق الوطني، ولا شك في أن اللحظة الراهنة هي اللحظة الحاسمة التي تقتضي توافقا وطنيا حقيقيا، وأن يخرج من البلاد صوت واحد فقط بشأن المفاوضات.
لماذا لا يتولى الفريق الإعلامي للحكومة إدارة الرأي العام بشأن التفسيرات المرتبطة بالمفاوضات، لتفادي تعدد الأصوات في هذا الملف؟
تعاني حكومة بزشكيان من نقص في الفريق الإعلامي المتخصص في نقل المعلومات، ويعد هذا النقص من أبرز التحديات التي تواجهها، فعلى الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققتها الحكومة في هذه الفترة الوجيزة، فإن غياب التغطية الإعلامية المناسبة أدى إلى تهميش هذه الإنجازات.
في حين تصدر المشهد أشخاص يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة، ونشروا معلومات مغلوطة أثرت سلبا على صورة الحكومة وأدائها.
هل يُعقل أن يُتّهم أحد أعضاء الفريق التفاوض النووي الإيراني بسرقة قلم حبر؟ ما الغرض من هذا الاتهام؟ ما الذي تبقى لمن يريد تشويه الثورة وزعزعة القيم الوطنية؟ ولماذا يغيب التوافق الوطني؟ ولماذا يتقاعس أولئك القادرون على دعم البلاد في هذه اللحظة الحرجة؟
إن الأداء الذي قدّمه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال مفاوضات عُمان كان أداء متميزا، ومن الأفضل أن يضع المجلس الأعلى للأمن القومي إجراءات واضحا يمنع أي شخص غير مخوّل من اتخاذ مواقف علنية مخالفة لمصالح الدولة وقراراتها خلال فترة التفاوض، وهذا ليس تعديا على حرية التعبير، بل هو تجسيد لها حين يُضبط بما يخدم المصلحة الوطنية.
والواجب الآن أن يتكاتف الجميع لدعم وزارة الخارجية في مهامها، وهناك من يدّعي زورا أن البرلمان لم يكن على علم بتفاصيل القرار المرتبط بالمفاوضات. وهل من المتوقع أن تُعرض قضية بهذا الحجم على النواب الـ290 فردا فردا؟ ما دام رئيس البرلمان وهيئة رئاسته على دراية، وهو ما حصل بالفعل، فإن ذلك كاف.
ما رأيك في تغير نهج الرئيس الأمريكي ترامب مؤخرا وتأثيره المحتمل على الجولة الثانية من المفاوضات؟
النجاح الحقيقي يكمن في تحويل كل تهديد إلى فرصة، وترامب لم يطلق تصريحا عدائيا؛ كل ما طرحه هو تساؤل مشروع: “لماذا الانتظار أسبوعا؟”، وهو سؤال منطقي، إذ من غير الواضح سبب التأجيل أسبوعا آخر لبدء جولة جديدة من المحادثات.
وعوضا عن انتقاد كلام ترامب، ينبغي طرح السؤال بوضوح: لماذا التأجيل؟ يجب استثمار الوقت المتاح للتوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة، لأن رفع العقوبات، ولو ليوم واحد، يمثل مكسبا كبيرا.
أما في ما يتعلق بملف السلاح، لا يوجد خوف أو تردد في الموقف الإيراني، الامتناع عن السعي لامتلاك سلاح نووي لا يعود لضغوط خارجية، بل إلى فتوى صادرة عن المرشد الأعلى تُحرّم هذا النوع من الأسلحة، والموقف الإيراني مبني على التزام ديني واضح، لا مجال فيه للتأويل.
أما بشأن العقوبات، فمن غير المقبول أن تتحول إلى نموذج شبيه بحالة العراق، حيث استمرت الإجراءات العقابية أكثر من 15 عاما، وينبغي التوجه نحو تسريع وتيرة رفع العقوبات، بحيث تُقلص الفترات الزمنية المتعلقة بتعليقها وإنهائها.