- زاد إيران - المحرر
- محمد إسلامي
- 45 Views
كتب: ربيع السعدني
مهندس وُلِد في أصفهان عام 1956، يواجه عواصف عاتية من العقوبات، يحمل راية الطاقة النووية الإيرانية بثبات لا يتزعزع قد بدأ مسيرته ببناء الطرق.
هذا هو المهندس محمد إسلامي، نائب الرئيس الإيراني ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الذي يتمتع بخلفيات إدارية وتنفيذية كبيرة.
تولى إسلامي في سبتمبر/أيلول 2021، رئاسة منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ليقود برنامجا نوويا أعلن في 2025 عن تحقيق الاكتفاء الذاتي، بعد أن نشأ في بيئة شكلتها الثورة.
مزيج من الخبرة
إسلامي الذي أكمل تعليمه الثانوي في الرياضيات، حصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة طهران، ثم تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، وحاز درجات علمية في الهندسة المدنية من جامعتي ديترويت في ميشيغان وتوليدو في أوهايو في عام 1981، مما منحه مزيجا فريدا من الخبرة الفنية والإدارية.

وعلى مدار مسيرته المهنية الطويلة، شارك إسلامي في مشاريع مدنية وصناعية كبرى في إيران، كما لعب دورا فعالا في تخطيط وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية في مختلف مناطق البلاد، ثم قام لاحقا بالتدريس كعضو هيئة تدريس في العديد من الجامعات في البلاد، ولعب دورا في تعليم وتدريب جيل جديد من المهندسين والمديرين.
عقوبات في سن مبكرة
بدأ مسيرته المهنية في حقبة الثمانينيات، حيث عمل في مشاريع بنية تحتية كبرى، حتى ترقى في المناصب القيادية بطهران، وفرضت الأمم المتحدة عقوبات على إسلامي في عام 2008، بحسب وكالة أسوشيتيد برس.
يأتي ذلك بسبب “انخراطه بشكل مباشر في تقديم المساعدة أو الدعم لنشر أنشطة نووية حساسة في إيران، أو بسبب تطوير أنظمة تسليم الأسلحة النووية”، عندما كان رئيسا لمعهد التدريب والبحوث للصناعات الدفاعية في البلاد.

وكان نشطا في التطوير والبحوث في المجالات المتعلقة بالصناعات الدفاعية، وتولى إسلامي منصب المدير التنفيذي لشركة صناعات الطائرات الإيرانية (HESA). شغل أيضا منصب المدير التنفيذي لشركة HESA، وهي واحدة من أهم شركات تصنيع الطائرات والمعدات الفضائية في إيران.
يتمتع محمد إسلامي بخبرة واسعة في مجالات الإدارة والهندسة والسياسة في إيران، وتولى منصب محافظ مازندران بين عامي 2017 و2018، ثم شغل منصب وزير الطرق والتنمية الحضرية في حكومة حسن روحاني.
وذلك بعد استقالة عباس آخوندي في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وفي أغسطس/آب 2021، عيّنه الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي رئيسا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية ونائبا له، وأُعيد تعيينه في 2024 تحت رئاسة مسعود بزشكيان، وفي هذا المنصب، يتولى مسؤولية الإشراف على البرامج النووية الإيرانية وإدارة المرافق والمشاريع ذات الصلة، مما يعكس ثقة النظام في قدراته.
وقال عن إسلامي، الرئيس مسعود بزشكيان في إعلان تعيينه الذي نقلته وسائل إعلام رسمية: “نظرا خبراتك الإدارية القيّمة، أعينك نائبا للرئيس ورئيسا لمنظمة الطاقة الذرية”.
تعزيز “نووي إيران”

يُحسب لإسلامي دوره في تعزيز البرنامج النووي الإيراني تحت العقوبات، حيث أشرف على زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات متقدمة، وأكد قدرة إيران على الاكتفاء الذاتي في تكنولوجيا الوقود النووي.
كما قاد مفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محافظا على موقف حازم ضد الضغوط الغربية، وأعلن في 2025 عن تجاوز إيران مرحلة الأبحاث إلى القدرة النووية المستدامة.
ووجهت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا اتهامات إلى إيران بتكثيف أنشطتها النووية إلى ما هو أبعد بكثير من القيود التي وافقت عليها في اتفاق عام 2015، وبالفشل في التعاون مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
في المقابل، اتهمت إيران الولايات المتحدة وحلفاءها بمواصلة تطبيق العقوبات الاقتصادية، التي كان من المفترض أن ترفع بموجب الاتفاق، مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي ويهدف لتوليد الكهرباء وإنتاج النظائر المشعة لعلاج مرضى السرطان، وأنه ما زال يخضع للمراقبة الدائمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

على الجانب الآخر يواجه إسلامي انتقادات لخلفيته غير النووية، حيث يرى البعض أن تعيينه كان سياسيا أكثر منه تقنيا، مقارنة بأسلافه مثل علي أكبر صالحي، كما أدرجته الأمم المتحدة في قائمة العقوبات عام 2008 لدوره المزعوم في تطوير أنظمة أسلحة نووية خلال عمله مع الحرس الثوري في الثمانينات.
حل مشكلة مرضى السكري
إن إحدى المشاكل الشائعة لدى كثير من العائلات هي مرضى السكري، وفقا لرئيس منظمة الطاقة الذرية الذي أكد علاج هذا الأمر: “لحسن الحظ، ومع استخدام تقنية البلازما المتقدمة، تم حل هذه المشكلة إلى حد كبير”.
تمكن إسلامي عبر منظمة الطاقة الذرية من المساعدة في حل مشكلة مرضى السكري وعلاج الجروح الخبيثة بتقنية البلازما وإطلاق عيادات الجروح، وكانت تقنية البلازما فعالة أيضا في علاج السرطان وتمكنت من المساعدة في إبطاء سرعته وتطوره.

كما أثبتت تقنية العلاج بالبلازما فعالية ملحوظة في علاج بعض أنواع السرطان، وتمكنت من إنقاذ حياة المرضى في مراحل متقدمة من المرض.
رمز التحدي
اليوم يقف محمد إسلامي، كشخصية محورية في مسيرة إيران النووية، حيث جمع بين الصلابة السياسية والطموح التكنولوجي ليرسم صورة قوة ذاتية وسط عالم مضطرب يكيل الاتهامات لإيران.
بين إنجازاته في تعزيز القدرة النووية لإيران، وانتقادات خصومه له، يبقى محمد إسلامي رمزا لتحدي العقوبات وتجسيدا لاستراتيجية إيران في مواجهة ضغوط الغرب، سواء أُحب أو أُثير حوله الجدل، فإن إرثه سيظل محفورا في تاريخ البرنامج النووي.
كمهندس لم يخشَ العواصف بل واجهها بعزيمة حديدية، متحديا العالم بعقل استراتيجي وإرادة قوية من بناء الطرق إلى قيادة أحد أكثر الملفات حساسية في العالم، مجسدا طموح إيران النووي.