أبرز المحطات في رحلة حسن نصر الله من الميلاد إلى الاغتيال 

كتب: محمد بركات 

أعلن حزب الله اللبناني، رسميا، في بيان له، السبت 28 سبتمبر/أيلول 2024، عن مقتل أمينه العام حسن نصر الله، في هجوم شنه الكيان الإسرائيلي على ضاحية بيروت، الجمعة 27 سبتمبر/أيلول 2024، وذلك وفق موقع إيسنا الإخباري الإيراني.

وقد جاء في بيان الحركة: “لقد نال السيد حسن نصر الله مع رفاقه الشهداء الذين جاهدوا لأكثر من 30 عاما درجة الشهادة، وكان السيد حسن نصر الله هو الذي قاد ووجه مقاومي الحركة من نصر إلى آخر، حيث حقق انتصارات عدة كتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2000، والانتصار في حرب الـ33 يوما عام 2006، وكذلك معارك الدعم والمساندة لفلسطين وغزة”.

وأضاف البيان: “نبارك للأمة شهادة السيد حسن نصر الله، الأمين العام للحزب في سبيل القدس وفلسطين، ونيله وسام الإمام الحسين. ونعزي ونبارك أيضا بشهادة رفاقه الذين انضموا إلى موكبه الطاهر والمقدس عقب الهجوم الغادر من الصهاينة على الضاحية الجنوبية”. هذا وأكد حزب الله في بيانه، أن قيادة الحزب مستمرة في مسار التضحية والفداء، وتؤكد استمرارها في الجهاد ضد العدو، ودعم غزة وفلسطين، والدفاع عن لبنان وشعبه الصامد والشريف.

هذا ووفقا لوكالة رويترز الأمريكية، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي مساء الجمعة 27 سبتمبر/أيلول، عن مقتل حسن نصر الله خلال غارات شنها على مقر قيادة الحزب أو ما يعرف بالمربع الآمن في الضاحية الجنوبية ببيروت.

محطات في حياة حسن نصر الله:

ولد حسن عبد الكريم نصر الله، المعروف بحسن نصر الله، في 31 أغسطس/آب بالعام 1960 لعائلة شيعية في حي الكرنتينا أحد الأحياء الفقيرة شرق العاصمة بيروت، وترتيبه التاسع من بين عشرة أطفال، وقد كان والده عبد الكريم، ووالدته مهدية صفي الدين من سكان قرية البازورية التابعة لمدينة صور جنوب لبنان، وقد هاجر الأب إلى بيروت باحثا عن فرصة عمل، وهناك ألتحق نصر الله بمدرسة النجاح الابتدائية ، وبعدها بمدرسة سن الفيل العامة.

في العام 1975 وبعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية اضطرت عائلة نصر الله، الذي كان في الـ15 حينها، إلى ترك بيروت والعودة إلى البازورية، وهناك أكمل تعليمه الثانوي بمدرسة حكومية بمدينة صور، وكذلك هناك انضم نصر الله إلى حركة أمل، حركة شيعية في لبنان تأسست في العام 1974 على يد موسى الصدر، وتلقت دعما من الحرس الثوري الإيراني، ومع مرور الوقت عُيّن مندوبا للحركة في المدينة.

في العام 1976، وعندما كان عمره ستة عشر عاما، هاجر نصر الله إلى النجف لدراسة العلوم الدينية، بتشجيع من محمد غروي، إمام جمعة مدينة صور، حيث أكمل دروسه التمهيدية في الحوزة العلمية هناك، الحوزة هي مكان لتدريس العلوم الدينية على المذهب الشيعي وتعتبر حوزة النجف من أقوى الحوزات التعليمة. وفي العام 1978، أي بعد سنتين من الإقامة في النجف، عاد نصر الله إلى لبنان بسبب ضغوط نظام البعث العراقي، وحين عاد درس في الحوزة العلمية في مدينة بعلبك، وأصبح في ما بعد عضوا بالمكتب السياسي لحركة أمل وممثلا لها في مدينة البقاع.

تأسيس حزب الله:

بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان الذي وقع في العام 1982، حدث انقسام بين أعضاء حركة أمل نتج عنه انشقاق عدد كبير من أعضاء الحركة بقيادة عباس الموسوي، الأمين العام الثاني لحزب الله، وتأسيس جماعة جديدة اسمها حزب الله، وقد شارك نصر الله في تأسيس الحزب وانضم إليه في العام 1982، ومنذ ذلك العام وحتى 1989، ركّز نصر الله نشاطاته في حزب الله، فإضافة إلى مشاركته في المجلس المركزي للحركة، كان مسؤولا عن إعداد قوات المقاومة وتأسيس النوى العسكرية للحزب، وفي العام 1989 سافر نصر الله إلى إيران مرة أخرى، وبالتحديد إلى مدينة قم، ليتابع دراساته الدينية.

وفي العام 1991 عاد نصر الله إلى لبنان بعد النزاعات المسلحة التي قامت بين حزب الله وحركة أمل، حينها انتخب عباس الموسوي أمينا عاما للحزب، وذلك بعد عزل صبحي الطفيلي من الأمانة العامة بسبب خلافات تتعلق بارتباط إيران بالحزب، وعاد نصر الله إلى مسؤولياته السابقة.

الأمانة العامة لحزب الله:

بعد اغتيال إسرائيل للأمين العام للحزب وذلك خلال غارة جوية، تم انتخاب حسن نصر الله بالإجماع أمينا عاما ثالثا للحزب وهو في سن 32 عاما، وذلك في 16 فبراير/شباط للعام 1992.

الانتخابات البرلمانية الأولى بعد نهاية الحرب الأهلية:

خاض حزب الله تحت قيادة أمينه العام غمار الحياة السياسية الداخلية في لبنان بشكل واسع، وشارك في الانتخابات النيابية عام 1992، وهي أول انتخابات نيابية تجري بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، فحقّق فوزا مهما تمثل بفوز 12 نائبا من أعضائه لمقاعد داخل البرلمان اللبناني وتشكيل لجنة الوفاء للمقاومة.

تحرير الجنوب اللبناني:

تحت رئاسة نصر الله، تمكنت الحركة من الحصول على صواريخ ذات مدى طويل، ما ساعدها على ضرب شمال إسرائيل رغم احتلال الأخيرة لجنوب لبنان عام 1993، وفي يوليو/تموز من العام نفسه قامت إسرائيل بشن هجوم شامل اسمته عملية تصفية الحساب ما تسبب بتدمير معظم البنى التحتية اللبنانية، وفيما اعتبرت إسرائيل العملية ناجحة، إلا أنها فشلت بتحقيق أهدافها المتمثلة بتدمير حزب الله وترسانة صواريخه. وانتهى القتال بين الطرفين بعقد اتفاق تتوقف بموجبه إسرائيل عن شن هجماتها على لبنان مقابل أن يتوقف حزب الله عن قصف شمال إسرائيل، إلا أن الحرب لم تقف عند هذا الحد واستمر الطرفان في تنفيذ العمليات العسكرية، حتى عام 2000، عندما قرر إيهود باراك، رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها، سحب جميع القوات الإسرائيلية نهائيا من لبنان، وبعد النجاح الذي حققه في حربه مع إسرائيل، زادت شعبية الحزب وأمينه العام في الداخل اللبناني والعالم العربي كله.

وفي 2004، لعب نصر الله دورا أساسيا في عمليات تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، ما أدى للإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين، إضافة إلى إعادة كثير من الجثث وضمنها جثة ابنه هادي نصر الله الذي فقده عام 1997. 

اغتيال رفيق الحريري:

في 14 فبراير/شباط للعام 2005 اغتيل رئيس الحكومة اللبناني حينها رفيق الحريري وذلك إثر انفجار 1000 كيلوغرام من مادة “تي إن تي” في أثناء مرور موكبه في بيروت، حينها وجَّه نصر الله أصابع الاتهام إلى إسرائيل، وقال في مؤتمر صحفي تبع هذه الواقعة، إنه سيقدم أدلة على ضلوع إسرائيل في اغتيال الحريري، إلا أنه بعد 15 عاما من الواقعة، وتحديدا في عام 2020، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أحكاما بحق سليم عياش وهو عنصر في حزب الله تفيد بمشاركته في اغتيال الحريري، إلا أن نصر الله قد نفى تلك الاتهامات في عدة مناسبات.

حرب يوليو/تموز:

في يوليو/تموز من العام 2006 اندلعت الحرب المعروفة بحرب تموز بين إسرائيل وحزب الله، عندما شنت إسرائيل حملة جوية مكثفة وأعقبها توغل بري للبنان. وكانت الأهداف المعلنة لإسرائيل في تلك الحرب هي سحق حزب الله عسكريا بشكل كامل، الهدف الذي فشلت في تحقيقه إسرائيل في نهاية المطاف. جدير بالذكر أن حزب الله قد اكتسب سلطة أكبر بعد النجاح في التصدي لإسرائيل في تلك الحرب.

الحرب في سوريا:

في مارس/آذار من العام 2011 اندلعت في سوريا العديد من المظاهرات المطالبة برحيل بشار الأسد، الرئيس السوري، عن السلطة، وكانت تلك التظاهرات كمثيلاتها من الاحتجاجات التي قامت في عدد من البلدان العربية والمعروفة بثورات الربيع العربي، إلا أن الوضع في سوريا تطور لقيام حرب أهلية، وفي مايو/أيار 2013، صرح نصر الله بأن الحزب سيشارك في الحرب بسوريا ضد من سماهم المتطرفين الإسلاميين، ووعد بأنه لن يسمح للمقاتلين السوريين بالسيطرة على الأراضي التي تحدّ لبنان. أكّد أيضا أن حزب الله يحارب في مدينة القصير ذات الموقع الاستراتيجي إلى جانب الجيش السوري. ويذكر أنه قال “إذا سقطت سوريا في أيدي أمريكا، إسرائيل والتكفيريين، فسيدخل سكان المنطقة في فترة مظلمة”، فكان لحزب الله دور كبير في دعم نظام بشار الأسد، الحليف لحكومة طهران.

ثورة 17 أكتوبر/تشرين الأول:

في 17 أكتوبر/تشرين الأول للعام 2019، قامت في لبنان عدة مظاهرات بسبب تردي الأحوال المعيشية، وزيادة الضرائب على المحروقات، ونسبة البطالة، وقد اتسعت دائرة هذه الاحتجاجات لتشمل قطاعات كثيرة من الشعب اللبناني، وعلى أثرها قدم سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني وقتها، استقالته لتبدأ المطالبات بحكومة من ذوي الخبرة بعيدا عن الانتماء الطائفي، وقد عارض نصر الله في البداية إسقاط الحكومة، محذرا في خطاب له، من أن الوضع اللبناني قد دخل مرحلة الاستهداف الدولي الإقليمي، وفي ديسمبر/كانون الأول من العام 2019، كلف حسان دياب بتشكيل حكومة جديدة بدعم من حزب الله. 

الحرب على غزة وتفجيرات البيجر:

منذ اليوم الأول من بدء عمليات طوفان الأقصى، والتي قامت في السابع من اكتوبر/تشرين الأول عام 2023، فقد صرح نصر الله بأن الحركة تدعم بكامل قوتها حركة حماس في وجه الكيان الإسرائيلي، وبرغم اختلاف المحللين عن مدى وجود هذا الدعم من عدمه، فقد شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية العديد من التوترات والمناوشات، وقد تعرص قادة حزب الله للعديد من عمليات الاغتيال، كان من أبرزها عملية اغتيال فؤاد شكر، القائد بحزب الله والذي اغتيل في 30 يوليو/تموز 2024.

وفي 17 أغسطس/آب استهدفت إسرائيل أجهزة اتصال لا سلكية، أجهزة البيجر، وقامت بتفجيرها عن بعد، الأمر الذي وصفه حسن نصر الله نفسه بالضربة الموجعة، وهدد بأن الحزب يحتفظ بحقه في الرد على الاعتداء الإسرائيلي، ليعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس 19أغسطس/آب، استهداف الجنوب اللبناني بهدف القضاء على ترسانة الأسلحة التابعة لحزب الله، ليقوم بتنفيذ عدد من عمليات الاغتيال لقادة الحزب والذين كان آخرهم حسن نصر الله نفسه. 

كلمات مفتاحية: