أبعاد زيارة وزير خارجية الأردن إلى إيران.. هل حمل الصفدي رسالة “تهديد” لطهران؟ ولماذا خالف بزشكيان البروتوكول؟

كتبت- إيمان مجدي

أثارت زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى إيران ولقاءه الرئيس مسعود بزشكيان والقائم بأعمال وزير الخارجية الإيرانية، علي باقري ، يوم الأحد 4 أغسطس/آب 2024، الكثير من التساؤلات خاصة وأنها جاءت في الوقت الذي تستعد فيه إيران للرد على إسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، إسماعيل هنية، في طهران.

نشر موقع الرئاسة الإيرانية صور اللقاء الأحد 4 أغسطس/آب 2024 ، وأفاد موقع فرارو الإيراني الإثنين 5 أغسطس/آب 2024 أن بزشكيان لم يحافظ على البروتوكول في لقائه بأيمن الصفدي ، وذكر أنه لم يتم الالتزام بوضع الكراسي لكل من بزشكيان والصفدي بشكل دبلوماسي ، لكن، وُضعت الكراسي بالقرب من بعضها البعض، ويظهر من صور الكراسي أن الرئيس الإيراني بدا أنه يريد أن يظهر الود في التعامل مع الصفدي.

تصريحات بزشكيان والصفدي وباقري على هامش الزيارة 

جاءت تصريحات بزشكيان للتأكيد على حق إيران في الرد على ما حدث من اغتيال لإسماعيل هنية ، حيث أكد أن عملية اغتيال هنية كانت خطأً كبيرًا لإسرائيل وأن إيران تتوقع من جميع الدول الإسلامية وأحرار العالم أن يستنكروا هكذا جرائم بشدة، مشددًا على أن هذه “الوقاحة من الصهاينة لن تمر دون رد”.

وقال بزشكيان إن البعض يحاولون اليوم تبديل مكان الحق والباطل، مضيفا: “إن أكبر أعداء الحرية ومنتهكي الديمقراطية وحقوق الإنسان، في الوقت الذي يستخدمون كل قدراتهم وإمكاناتهم العلمية والميدانية للإرهاب ويرتكبون جرائم فظيعة، فإنهم يتشدقون بالدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويصفون كل من لا يتبعهم بعدو لهذه المبادئ والقيم”.

استئناف العلاقات بين إيران والأردن 

في جانب آخر من حديثه، أعرب الرئيس الإيراني عن أمله بأن تصل مفاوضات الوفود الدبلوماسية حول استئناف العلاقات بين إيران والأردن إلى النتيجة المنشودة بأسرع ما يمكن، لتستفيد شعوب المنطقة فضلا عن البلدين الإسلاميين من هذه الصداقة والتعاون البناء أكثر مما مضى.

تصريحات الصفدي 

من جانبه، نقل وزير الخارجية الأردني خلال اللقاء التحيات الحارة والتهنئة والتمنيات بالنجاح من قبل العاهل الأردني لرئيس الجمهورية الإيرانية، وبيّن أن الأردن بصدد استئناف العلاقات مع الجمهورية الإسلامية وبذل الجهود المشتركة لإرساء الاستقرار والأمن والمزيد من الهدوء في المنطقة، وقال: إن الأردن أدان بشدة الاعتداء الصهيوني الوحشي على غزة منذ البداية.

وأشار الصفدي إلى إدانة اغتيال هنية من قبل بلاده، واعتبر هذا العمل بأنه يأتي ضمن محاولات نتنياهو لتوسيع دائرة الصراع في المنطقة.

كما أشار وزير الخارجية الأردني إلى رغبة بلاده في تطوير العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأعلن عن بحث سبل تطوير العلاقات بين البلدين خلال هذه الزيارة.

كما قال وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي”، إنه أبلغ القائم بأعمال الخارجية الإيرانية “علي باقري كني”، إنه لا يحمل إلى طهران رسالة من “إسرائيل” أو إليها.

وأكد الوزير الأردني، خلال اللقاء مع باقري كني بطهران أن زيارته إلى إيران تهدف إلى تجاوز الخلافات بين البلدين بصراحة وشفافية وبما يخدم مصالحهما الثنائية، وشدد على أن الخطوة الأولى لمنع التصعيد في المنطقة هي وقف العدوان الإسرائيلي على غزة؛ وفقا لما أفادت به قناة الجزيرة الإخبارية.

ووصل الصفدي، اليوم الأحد، إلى طهران، حيث التقى وزير الخارجية الإيراني بالوكالة؛ وبحث الجانبان آخر التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين.

تصريحات باقري

في حين انتقد وزير الخارجية الإيراني بالوكالة بشدة النهج الذي تتبعه الدول الغربية وعلى رأسها أميركا وبعض الحكومات الأوروبية في دعم جرائم “الكيان الصهيوني” ومنع صدور ولو بيان واحد في مجلس الأمن الدولي يدين الجريمة الإرهابية الأخيرة لهذا الكيان.

وشدد باقري على النهج المبدئي الذي تتبعه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تطوير العلاقات مع الدول المجاورة والإسلامية، وتأكيد قائد الثورة بشكل صريح على استمرار هذا النهج في مجال السياسة الخارجية الإيرانية، ضد جهود أعداء العالم الإسلامي الرامية لتحويل الاختلافات إلى خلافات وتحويل الخلافات إلى نزاعات وصراع في المنطقة، ومساعي إيران لمواجهة ذلك من خلال انتهاج سياسة الجوار بشكل جدي.

وأوضح: إن اغتيال إسماعيل هنية باعتباره مفكراً دينياً وحافظاً للقرآن الكريم وسياسياً بارزاً في العالم العربي وشخصية فلسطينية كبيرة ومجاهداً كبيراً في المقاومة الإسلامية، هو عمل مخالف لكل معايير القانون والأعراف الدولية، وانتهاك للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، فضلا عن انتهاك سلامة الأراضي والسيادة الوطنية للجمهورية الإسلامية، الأمر الذي يجعل الرد الحاسم على هذه الجريمة أكثر ضرورة.

وانتقد باقري بشدة النهج الذي تتبعه الدول الغربية، وخاصة أميركا وبعض الحكومات الأوروبية، في دعم جرائم الكيان الصهيوني ومنع صدور ولو بيان واحد في مجلس الأمن الدولي يدين الجريمة الإرهابية الأخيرة لهذا الكيان وأضاف: إن السبب الرئيسي لاستمرار وتكثيف عدوان العصابة الإجرامية في تل أبيب هو الدعم من أمريكا وبعض الحكومات الأوروبية لهذا الكيان الشرير في المنطقة.

وفي إشارة إلى التاريخ الطويل للكيان الصهيوني في اللجوء إلى العدوان والإرهاب ضد قادة المقاومة الفلسطينية في الدول الأخرى، قال باقري: يجب على إسرائيل أن تتلقى ردا حازما وقاسيا حتى تدرك أن الوحشية الأمنية لها تكاليف باهظة.

رسالة من إيران للأردن 

على هامش الزيارة قال الخبير في شؤون السياسة الخارجية سيد رضا صدر الحسيني في حوار مع موقع راهبرد معاصر الإيراني يوم الأحد  4 أغسطس/آب 2024،  أن وزير الخارجية الأردني ونائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي توجه إلى طهران للقاء المسؤولين في طهران بشكل غير متوقع.

وأضاف: “ادعت قناة الجزيرة نقلًا عن مصدر إيراني رسمي أن طهران أوصلت رسالتين إلى وزير خارجية الأردن؛ أولهما إلى ملك الأردن وثانيهما إلى أمريكا وكيان الاحتلال. يسعى كيان الاحتلال في الوقت الراهن إلى إجبار طهران على عدم الرد على الاعتداء الذي تم على أراضينا باغتيال القائد السياسي لمكتب حركة حماس إسماعيل هنية” .

واستكمل: قبول عدم الرد أو الرد الرمزي بالنسبة لطهران بعيد عن العقل، وأي رد سيكون حادا ومؤلما. قام كيان الاحتلال بتجاوز كل المحظورات. ويجب أن يدفع الثمن، وليس لدينا شك في أنها ستدفع ثمنًا غاليًا. انتهك كيان الاحتلال سيادتنا، والآن يرسل وسطاء من أجل كبح جماح الرد، وهذا الأمر غير وارد.

وصرح صدر الحسيني، بشأن الأبعاد المختلفة لزيارة وزير خارجية الأردن إلى طهران قائلًا: إحدى نُهج إيران التي ظهرت في عهد حكومة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان اتخاذ إستراتيجيات صحيحة ومنطقية لحل النزاعات الإقليمية وخاصةً مع الجيران والدول المسلمة. والوضع الراهن مناسب لزيارة المسؤولين من العديد من الدول المسلمة والعربية في الخليج العربي لتعزيز التعاون وعودة الهدوء في المنطقة.

وأردف: كلما ضعفت العلاقات بين الدول الإسلامية والعربية في المنطقة مع إيران، كلما سنحت فرصة مناسبة للِكْيانِ الإحتلالي للاستعراض.

كما يعتقد أنه بلا شك فإن زيارة وزير خارجية الأردن إلى طهران يمكن اعتبارها نتيجة لجهود الجهاز الدبلوماسي بإدارة المرحوم أمير عبد اللهيان، حيث سعت الحكومة الثالثة عشرة كثيرًا لتحسين علاقات إيران مع الدول الإسلامية والعربية، وللسبب نفسه نشهد تواجد المسؤولين رفيعي المستوى من مصر والأردن وسائر الدول العربية في طهران خلال أحداث وأوقات مختلفة.

وذكر صدر الحسيني أن زيارة وزير خارجية الأردن إلى طهران فرصة مناسبة للتذكير بجرائم كيان الاحتلال خلال العشرة أشهر السابقة في غزة بشكل خاص. ويجب أن تسلط إيران الضوء على ضرورة التعامل مع الجرائم ومُبالغات كيان الاحتلال خلال اللقاءات مع المسؤولين في الدول العربية والإسلامية. وأضاف: تتم اللقاءات على مستوى عالي بين المسؤولين الإيرانيين والدول المختلفة مثل وزير خارجية الأردن، ويجب ذكر ضرورة معاقبة كيان الاحتلال الإرهابي.

وأنهى الخبير تصريحاته قائلًا: يمكن أن تكون هذه اللقاءات كاشفة لماهية كيان الاحتلال وأن كيان الاحتلال لا يفعل شَيئًا سوى إحداث خلل في الأمن الإقليمي.

في حين كتب الصحفي حسن لاسجردي في وكالة أنباء خبر أونلاين مقالًا يوم الاثنين 5 أغسطس/آب 2024 تناول خلاله الثلاثة رسائل التي حملتها زيارة وزير خارجية الأردن إلى طهران.

الرسالة الأولى: تعزيز العلاقات الثنائية

يبدو أن دولتين عربيتين مهمتين تهتمان بشكل جاد بتعزيز أو تطوير العلاقات؛ مصر والأردن وذلك لأن المسؤولين من الجانبين يؤكدون من خلال تصريحاتهم على تحسين أو تعزيز العلاقات بينهما، ويعود السبب الرئيس لهذا إلى التحولات الجارية في المنطقة، كما تحاول طهران أن تجد حلفاء جديدين أو توطد علاقاتها مع الأصدقاء القدماء؛ كي تستطيع التمكن من إبعاد التهديدات.

الرسالة الثانية: خلق دور مؤثر وتقليدي في تحولات المنطقة

كانت الأردن ولا تزال ضمن الدول التي تتمتع بدور مؤثر وغير قابل للإنكار دائمًا في تحولات الشرق الأوسط وخاصةً في الأمور المتعلقة بإجراءات وسياسات كيان الاحتلال مع دول الجوار مثل لبنان وسوريا والشعب الفلسطيني، ولكن منذ فترة تغير هذا الدور المؤثر، أو تقلص بشكل آخر في خدمة مصالح الدول العربية المسلمة، ولكن حتى الآن عمان لم تفقد أهميتها ومكانتها، وحتى الآن يمكنها أن تُسرِّع بصورة جديرة بالاهتمام من مساعدة الدول العربية والإسلامية في التحولات الأمنية والسياسية في المنطقة.

الرسالة الثالثة: خلق دور جديد في التفاعل بين إيران و “إسرائيل”

بسبب تعديل بعض السياسات الأردنية في المواقف الإقليمية خلال السنوات السابقة، يبدو أن دور تلك الدولة  يصب في صالح “إسرائيل”، وخاصة أن الأردن لم تؤدِ دورها السابق المعتاد في تحولات الأزمة السورية وتصرفات أمريكا في المنطقة.

كلمات مفتاحية: