- يسرا شمندي
- 8 Views
ترجمة: يسرا شمندي
نشرت وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية المحافظة المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، الأربعاء 4 يونيو/حزيران 2025، تقريرا أوضحت فيه أن علاقات رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي كانت تُعتبر خلال فترة رئاسة ترامب الأولى (2017-2021) من أقرب التحالفات السياسية في الشرق الأوسط، تواجه تحديات جديدة في فترة رئاسته الثانية
ووفقا للتقارير الإعلامية، يُعدّ موضوع إيران، وخصوصا برنامجها النووي، أحد المحاور الرئيسية للخلاف بين الطرفين. ففي حين يطالب نتنياهو باتخاذ إجراءات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، يؤكد ترامب على أهمية المفاوضات الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق جديد مع طهران.
توتر حول استراتيجية إيران
ووفقا لتقرير صحيفة تايمز أوف إسرائيل، شهدت المكالمة الهاتفية الأخيرة بين ترامب ونتنياهو خلافات حادة. وأفادت قناة 12 الإسرائيلية أن ترامب قال لنتنياهو في هذه المكالمة: أنا أبحث عن حل دبلوماسي مع إيران وأؤمن بقدرتي على التوصل إلى اتفاق جيد. وتتعارض هذه التصريحات مع الادعاءات الأولية لمكتب نتنياهو التي زعمت اتفاق الطرفين على منع إيران من الحصول على السلاح النووي.
وأكدت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم، في مقابلة مع فوكس نيوز، نيابة عن ترامب، أن على إسرائيل أن تنسق مع الرئيس وأن المفاوضات النووية مع إيران بالغة الأهمية.
وتشير تقارير “إن بي سي نيوز” (NBC News) إلى أن نتنياهو يشعر بـقلق من رغبة ترامب في التفاوض مع إيران، ويعتقد أن هذه المفاوضات تقضي على فرصة اتخاذ إجراء عسكري ضد إيران.
وأفادت وكالة خبر أونلاين بأن هذه الخلافات في المحادثات تعكس عمق التباين في نهج الطرفين، حيث يرى نتنياهو، الذي يعتبر إيران تهديدا لوجود إسرائيل، أن تأثير الحرب التي استمرت 20 شهرا في المنطقة وأضعفت إيران وحلفاءها، يوفر فرصة لاستغلال الوضع الراهن لاتخاذ إجراء عسكري.
وأضافت أنه في المقابل، ترامب الذي انسحب من الاتفاق النووي (برجام) خلال ولايته الأولى، يسعى الآن إلى اتفاق جديد مع إيران، والذي قد يشمل، بحسب مصادر مطلعة، الحفاظ على بعض منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران.
ويقول المراقبون السياسيون إن هذا النهج الدبلوماسي جاء بسبب المخاوف الجيوسياسية، بما في ذلك تجنب صراع عسكري واسع والحفاظ على دعم دول الخليج العربية. ولهذا، تشير تصريحات نويم إلى أن ترامب، من خلال إرسال ممثلين عنه إلى إسرائيل، يسعى لمنع نتنياهو من اتخاذ إجراءات أحادية الجانب وإلزامه بالتنسيق مع سياسات الولايات المتحدة.
ويرى الخبراء السياسيون أنه، في ذلك الوقت أيضا، تجنّب ترامب اتخاذ إجراءات عسكرية مباشرة ضد إيران، غير أن قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي (برجام) جاء استجابة لضغوط من نتنياهو، ما يعكس النفوذ النسبي الذي كان يتمتع به نتنياهو في تلك المرحلة.
أسباب سيطرة ترامب على تصرفات نتنياهو
ووفقا لوكالة رويترز، حذّر ترامب نتنياهو من أن إجراءات إسرائيل لا يجب أن تعرقل المفاوضات النووية مع إيران، مؤكدا نحن قريبون جدا من التوصل إلى حل وصدر هذا التحذير بعد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز زعم أن إسرائيل كانت تخطط لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية في مايو/أيار 2025، لكن ترامب أوقف هذا البرنامج.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أيضا، أن ترامب قال لنتانياهو افعل كل ما يجب فعله، لكن هذا الدعم كان مشروطا بالتنسيق مع سياسات الولايات المتحدة.
جهود ترامب للسيطرة على تصرفات نتانياهو تعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
أولا، يسعى إلى منع اندلاع صراع عسكري واسع في الشرق الأوسط يمكن أن يضر بالاقتصاد العالمي، وخاصة أسواق الطاقة. وقد طالبت دول الخليج العربي، مثل السعودية والإمارات، والولايات المتحدة صراحة بتجنب أي إجراءات عسكرية ضد إيران، لأن ذلك قد يؤدي إلى ردود انتقامية من إيران تستهدف مصالح الطاقة في هذه الدول.
ثانيا، يسعى ترامب لتحقيق إنجاز دبلوماسي ملموس مع إيران يمكن أن يُسجل كنجاح في سجله السياسي. وهذا الهدف يتماشى مع رغبته في تجنب الحروب الخارجية، التي كانت من الشعارات الرئيسية خلال فترته الرئاسية الأولى.
ثالثا، التوترات الشخصية بين ترامب ونتنياهو، خاصة بعد تهنئة نتنياهو للرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في انتخابات 2020، جعلت ترامب أقل ميلا لقبول مطالب نتنياهو.
وأشارت وكالة خبر أونلاين إلى أن هذه العوامل تُظهر أن ترامب يسعى من خلال توجيه التحذيرات وإرسال ممثلين مثل نويم إلى إبقاء نتنياهو ضمن إطار سياساته. وتُظهر المقارنة مع فترة بايدن أن الأخير حاول أيضا تقييد التحركات العسكرية الإسرائيلية، غير أن نهجه الدبلوماسي واجه ضغوطا داخلية في الكونغرس، بينما يتمتع ترامب بنفوذ أقوى داخل الحزب الجمهوري.
أدوات السيطرة على سلوك نتنياهو من قبل ترامب
أوضحت وكالة خبر أونلاين أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن ترامب استخدم عدة أدوات للسيطرة على سلوك نتنياهو.
أولا، إرسال مسؤولين رفيعي المستوى مثل كريستي نويم والمبعوث الأمريكي الخاص لترامب في الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل لنقل رسائل مباشرة. في 25 مايو/أيار 2025، وقد أكدت نويم لنتنياهو أن الفرصة قصيرة وأن عليه التنسيق مع قرارات ترامب
ثانيا، التهديد بعدم تقديم الدعم العسكري في حال قيام إسرائيل بإجراءات أحادية الجانب. حيث أوردت صحيفة نيويورك تايمز أن المسؤولين الأمريكيين حذروا إسرائيل من أنه في حال شنت هجوما على إيران بدون تنسيق، قد تقلل الولايات المتحدة من دعمها العسكري.
ثالثا، استخدام أدوات الضغط الاقتصادية مثل الرسوم الجمركية. حيث تشير التقارير الإعلامية إلى أن نتنياهو أبدى قلقه بشأن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على إسرائيل، لكنه لم يتلق ردا واضحا من ترامب.
وأفادت وكالة آنلاين أن هذه الأدوات تشير إلى النهج المتعدد الأبعاد الذي يتبعه ترامب للحد من تحركات نتنياهو. فإرسال المسؤولين رفيعي المستوى إلى إسرائيل، مثل نويم وويتكوف، يعمل كقناة مباشرة لممارسة الضغط الدبلوماسي. والتهديد بتقليص الدعم العسكري يعد أداة قوية بالنظر إلى اعتماد إسرائيل على المساعدات العسكرية الأمريكية، مثل مجموعات توجيه القنابل BLU-109 التي تم الموافقة عليها في فبراير/شباط 2025.
وأضافت أن الرسوم الجمركية تُستخدم كأداة اقتصادية للضغط على إسرائيل، خاصة مع قلق نتنياهو من تأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي.
وتابعت أن هذه الاستراتيجية تُشبه النهج التاريخي للولايات المتحدة تجاه حلفائها، مثل الضغط على إسرائيل في تسعينيات القرن العشرين لدفع عملية السلام مع الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن العلاقات الشخصية المتوترة بين ترامب ونتنياهو تعقد استخدام هذه الأدوات، إذ قد يعمد نتنياهو إلى استقطاب دعم الكونغرس أو جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة لمعارضة ترامب.
عواقب ضبط سلوك نتنياهو من قبل ترامب
أوردت وكالة خبر أونلاين أن تقرير “أتلانتيك” يُظهر أن محاولات ترامب للسيطرة على سلوك نتنياهو أدت إلى انقسامات في العلاقات بين أمريكا وإسرائيل. فقرار ترامب بالتفاوض مع إيران وعدم زيارته إسرائيل في جولته الأخيرة في الشرق الأوسط (التي شملت السعودية وقطر والإمارات) اعتُبر مؤشرا على تراجع أولوية إسرائيل في السياسة الخارجية لترامب.
وأضافت أن تقارير صحيفة الغارديان تُشير إلى أن نتنياهو لا يزال يسعى للحصول على دعم الولايات المتحدة لشنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، غير أن مقاومة ترامب حدّت من هذه المساعي.
وتابعت أنه من الناحية السياسية، قد يؤدي ضبط سلوك نتنياهو من قبل ترامب إلى تقليل نفوذ إسرائيل في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة مقارنة بالفترة الأولى لترامب التي شهدت إجراءات لصالح إسرائيل مثل نقل السفارة إلى القدس والخروج من الاتفاق النووي. ومن الناحية الجيوسياسية، يمكن لهذا التحكم أن يعزز علاقات أمريكا مع دول الخليج العربي التي تعارض الإجراءات العسكرية ضد إيران.
وذكرت أنه من الناحية الاقتصادية، قد تؤثر التعريفات الجمركية والضغوط المالية على اقتصاد إسرائيل، خصوصا إذا تراجع الدعم العسكري الأمريكي. ومع ذلك، قد يحاول نتنياهو عبر جماعات الضغط القوية في أمريكا مثل اللجنة الأميركية للشؤون العامة الإسرائيلية إيباك AIPAC أو عبر دعم الجمهوريين في الكونغرس مثل السيناتور تام كاتن وليندسي غراهام زيادة الضغوط على ترامب.
وأفادت بأن التحليلات تشير إلى أن الخلافات المتوترة بين قادة أمريكا وإسرائيل، كما حدث بين الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ونتنياهو عام 2015، غالبا ما تُحل لصالح إسرائيل، لكن النهج غير المتوقع لترامب يجعل هذا الأمر غير مؤكد.
لماذا يُعتبر الخلاف بين ترامب ونتنياهو مهما؟
ذكرت وكالة خبر أونلاين أن محاولات ترامب للسيطرة على تصرفات نتنياهو تعكس تغييرا في أولويات سياسته الخارجية مقارنة بالفترة الأولى له في الرئاسة. فهو يسعى لتجنب النزاعات العسكرية وتحقيق إنجازات دبلوماسية تعزز مكانته داخليا وخارجيا. ومن الناحية الجيوسياسية، يمكن لهذا النهج أن يقلل التوترات مع إيران ويقوي العلاقات مع الدول العربية، لكنه يحمل خطر إضعاف التحالف التقليدي بين أمريكا وإسرائيل.
وأكَّدت أنه من الناحية الاقتصادية، تُستخدم الضغوط المالية مثل الرسوم الجمركية كأدوات لتقييد تحركات إسرائيل.
وأبرزت أن المقارنة التاريخية مع علاقات أوباما ونتنياهو تظهر أن الخلافات بين قادة أمريكا وإسرائيل غالبا ما حُلت لصالح إسرائيل، لكن النهج غير المتوقع لترامب وتركيزه على الدبلوماسية قد يؤدي إلى نتائج مختلفة هذه المرة. والمستقبل يعتمد على نجاح المفاوضات النووية مع إيران وكيفية تعامل نتنياهو مع هذه الضغوط.
بيّنت أنه في التحليل النهائي، تكشف المحادثات الأخيرة بين ترامب ونتنياهو عن توتر واضح بشأن سياسة التعامل مع إيران. إذ يركّز ترامب على المسار الدبلوماسي، مستخدما أدوات مثل الضغط السياسي، والتهديد بتقليص الدعم العسكري، والضغط الاقتصادي، في محاولة للحد من المواقف المتشددة لنتنياهو.
وأضافت أن هذه الجهود تأتي في ظل القلق من تصعيد عسكري محتمل، والحاجة إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع الدول العربية، إضافة إلى السعي لتحقيق مكاسب دبلوماسية.
وتابعت أنه مع ذلك، قد يسعى نتنياهو، من خلال جماعات الضغط ودعم بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، إلى تقويض هذه الضغوط. ويبقى نجاح مساعي ترامب الدبلوماسية مع إيران رهنا بمدى تأثير هذه التحركات.
وفي الختام أكدت وكالة خبر أونلاين أنه في حال تمكن نتنياهو من تصعيد الضغط، قد تتجه الأمور نحو توتر متزايد، بينما يمكن للدبلوماسية أن تحقّق بعض النتائج إذا تمكن ترامب من الحفاظ على توازن الضغوط والعلاقات الإقليمية. وتتوقف الصورة النهائية على ما ستشهده الأشهر المقبلة من تطورات.