- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 51 Views
كتبت هدير محمود
تواجه إيران تحديات كبيرة في تطوير قطاع الغاز واستغلاله بكفاءة بسبب العقوبات الدولية التي فرضت عليها. وفي هذا السياق، سعت إيران إلى تعزيز شراكتها مع روسيا، أحد أبرز منتجي الغاز الطبيعي. تأتي هذه الشراكة في إطار معاهدة بين شركة النفط الإيرانية وشركة “غازبروم” الروسية في يوليو/تموز 2022.
محاور التعاون بين إيران وروسيا في مجال الطاقة:
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمته أمام الاجتماع العام للمنتدى الاقتصادي الشرقي يوم الخميس 5 سبتمبر/أيلول، أن إيران تطالب بمزيد من إمدادات الغاز من روسيا منذ فترة طويلة.
وأشار في تصريحاته، إلى طلب إيران بخصوص تأمين مزيد من الغاز، قائلاً: نظراً إلى قرب حقل الغاز الروسي من إيران، فإن هذا المشروع قابل للتنفيذ. إضافة إلى ذلك، فإن سوق استهلاك الغاز في المنطقة واحتياج الدول المجاورة لإيران إلى الغاز يوفران فائدة كبيرة.
حيث تعود نقطة انطلاق التعاون الثنائي بين إيران وروسيا في مجال الطاقة إلى يوليو/تموز 2022، عززت روسيا التعاون الغازي مع إيران من خلال مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار بين شركة “غازبروم” الروسية و”الشركة الوطنية الإيرانية للنفط” (NIOC) .
وفي هذا الصدد أشار وزير النفط جواد أوجي، إلى فوائد الاتفاقية الغازية مع روسيا قائلاً: “الاتفاق الاستراتيجي لنقل الغاز الروسي إلى إيران حدث غير مسبوق في تعزيز حصة إيران من تجارة الغاز العالمية، ويعد آخر إرث من الدبلوماسية النشطة للطاقة التي قام بها الشهيد رئيسي. إضافة إلى تأمين مصالح البلدين، يُعتبر هذا الحدث خطوة كبيرة نحو تحويل إيران إلى مركز رئيسي للغاز في المنطقة”. وأضاف أن استخدام الغاز الفائض من روسيا والتعاون بين البلدين بناءً على تقسيم الأسواق يمكن أن يخلقا صفقة رابحة للطرفين في مواجهة العقوبات الغربية.
ووفقًا لصحيفة “آرمان ملي”، يوم 8 سبتمبر/أيلول 2024 يعتقد بعض الخبراء أن الاتفاقيات المبرمة مع روسيا في السنوات الأخيرة لم تحقق مكاسب كبيرة لإيران، وأن استيراد الغاز من روسيا سيؤدي إلى تعطيل تركيز إيران على استخراج الغاز واستثماره داخلياً. بينما يرى مجموعة من الخبراء أن استيراد الغاز من روسيا يمكن أن يكون فرصة لتعويض النقص في توفير الغاز خلال فصل الشتاء، ومن جهة أخرى قد يحوّل إيران إلى مركز للتبادلات الغازية في المنطقة. ولكن مما يتفق عليه الجميع هو أنه في أي اتفاقيات مستقبلية مع روسيا، يجب التركيز بشكل جاد على المصالح الوطنية دون الاعتماد على الوعود، وموازنة العلاقات مع الدول الغربية والشرقية.
سد الفجوة في نقص الغاز خلال فصل الشتاء
قال الخبير في مجال الطاقة بهمن خداكرمي، في تصريح له: إن استيراد الغاز من روسيا إلى إيران موضوع استحوذ على اهتمام كبير في السنوات الأخيرة، هذا على الرغم من أن إيران تعتبر من أكبر حاملي احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، إلا أن استيراد الغاز من روسيا يبدو متناقضاً، ولكن هناك أسباب اقتصادية وسياسية وراء هذه الاستراتيجية التي تتطلب مزيداً من الدراسة. وأشار هذا الخبير إلى أن إيران تمتلك حقولاً ضخمة للغاز مثل حقل بارس الجنوبي، مضيفاً: على الرغم من أن إيران معروفة بأنها ثاني أكبر دولة في العالم من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي، فإن قدرتها على إنتاج وتوزيع الغاز لا تتناسب مع إمكانياتها الحقيقية، وذلك بسبب مشاكل البنية التحتية، والعقوبات الدولية، وانخفاض الاستثمار في قطاع الطاقة. في بعض فصول السنة، خاصة في الشتاء، تواجه إيران نقصاً في الغاز للاستهلاك المحلي. هذا النقص ناتج عن الاستهلاك المحلي المرتفع، وتقادم شبكة توزيع الغاز، وانخفاض كفاءة الإنتاج.
فيما يتعلق بمصالح روسيا من تصدير الغاز إلى إيران
أوضح خبير الطاقة خداكرمي: بالنسبة لروسيا، لا تعتبر إيران مجرد مستهلك للغاز، بل أيضاً مساراً محتملاً لتصدير الغاز إلى دول أخرى في المنطقة والعالم. تواجه روسيا قيوداً في تصدير الغاز إلى أوروبا بسبب الحرب مع أوكرانيا والعقوبات الغربية. وإيران، باعتبارها دولة ذات موقع جغرافي استراتيجي، يمكن أن تعمل كقناة لنقل الغاز الروسي إلى دول آسيا الوسطى، باكستان، وحتى الهند. كما أن إيران تمتلك بنية تحتية واسعة لشبكات تصدير الغاز، وهو ما يمكن أن تستفيد منه روسيا للوصول إلى أسواق جديدة. هذا التعاون يمكن أن يكون جزءاً من استراتيجية روسيا طويلة الأمد لتعزيز حضورها في أسواق الغاز الآسيوية، وسيكون بالتأكيد مكسباً كبيراً لروسيا في ظل أزمة الحرب مع أوكرانيا.
أما عن فوائد استيراد الغاز الروسي لإيران، فقال الخبير: باستيراد الغاز من روسيا، يمكن لإيران أن تلبي احتياجاتها الداخلية خلال الفصول التي يزداد فيها الاستهلاك، مثل الشتاء، وتجنب انقطاعات محتملة في الغاز. وبذلك ستتمكن إيران من تصدير جزء من مواردها الغازية المحلية بدلاً من استهلاكها داخلياً. هذا الأمر يمكن أن يدر عائدات مالية على إيران، إضافة إلى تعزيز دورها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة الإقليمية والعالمية.
منافع إيران من أن تصبح مركزاً لتبادل الغاز في المنطقة
أضاف خداكرمي: تحول إيران إلى مركز للغاز في المنطقة يمنحها فرصة لتعزيز موقعها الاستراتيجي وقوّتها التفاوضية من خلال نقل الغاز الروسي إلى الدول المجاورة. ومع ذلك، فإن التعاون بين إيران وروسيا في مجال الغاز يواجه تحديات أيضاً. فكلا البلدين يخضع لعقوبات غربية مشددة قد تؤثر على تنفيذ العقود وتطوير البنية التحتية. إضافة إلى ذلك، تعتبر إيران وروسيا من كبار مصدري الغاز، وهما منافسان مباشران في بعض الأسواق. التعاون وسط المنافسة قد يكون معقداً ويحتاج إلى إدارة دقيقة لضمان تحقيق مصالح الطرفين.