- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 72 Views
كتبت- آية السيد زهران
تناول سفير تركيا في إيران حجابي كرلانجيش في حواره مع وكالة “تسنيم” الإيرانية يوم الاثنين 19 أغسطس/ آب 2024، الكثير من الملفات المشتركة بين إيران وتركيا مثل العلاقات بين إيران وتركيا في الفترة الأخيرة، وتغيرات المنطقة، وكذلك اغتيال رئيس مكتب حركة حماس، إسماعيل هنية في طهران.
جدير بالذكر أن “حجابي كرلانجيش” سفير تركيا في إيران، تولى هذا المنصب منذ حوالي عام ونصف، ولقد كان لسنوات أستاذًا في جامعة أنقرة، ويقوم بتدريس اللغة والأدب الفارسي، وقد ترجم العديد من الكتب إلى التركية، بما في ذلك دواوين شعرية لمولوي وسعدي وحافظ وجامي.
فإلى نص الحوار:
تسنيم: نظرًا لوجودك في هذا المنصب منذ عام ونصف، كيف تُقيم العلاقات بين تركيا وإيران، وما هي البرامج التي وضعتها ونفذتها لزيادة هذه العلاقات؟
كرلانجيش: أولاً، أشكركم على إعداد هذا الحوار. مضى حوالي عام ونصف، أو الأصح عام وخمسة أشهر، منذ تولي منصب السفير في إيران. بالطبع، كنت على اتصال وثيق مع إيران قبل ذلك أيضًا، حيث كنت آتي إلى إيران دائمًا. كانت علاقة إيران وتركيا دائمًا ذات أهمية تاريخية. نحن بلدين مجاورين، وحتى إذا عدنا إلى فترة ما قبل الحداثة، فإن الشعبين التركي والإيراني كانت لهما دائمًا علاقات وثيقة ومترابطة.
نحن شعوب تتشابه عاداتنا وتقاليدنا في كثير من الأمور، وفي بعض الأحيان تكون متطابقة. بالطبع، قد لا يكون من الدقيق أن نطلق على أنفسنا “أمتين”، لأن لدينا تاريخًا وجذورًا مشتركة، مما يمكن أن يجعل علاقاتنا في بعض الأحيان صعبة وفي أحيان أخرى سهلة. قد تكون لدينا توقعات كبيرة من بعضنا البعض، وأحيانًا قد تظهر المنافسة التي قد تكون ثقافية أو تجارية.
كل هذه العوامل تشكل علاقات إيران وتركيا. علاقاتنا دائمًا كانت على مستوى محدد وذات مسار إيجابي. على مر الزمن، مرت بتقلبات وانحدار وانحسار خصوصًا في المجال السياسي، ولكن الروابط الثقافية بين الشعبين الإيراني والتركي عبر التاريخ جعلت الأجواء السلبية لا تمتد طويلاً.
بشكل عام، يمكننا أن نقول إن بيننا علاقات طيبة. في الفترة الأخيرة، قد يبدو من خلال حجم التجارة أن العلاقات ضعيفة أو متوقفة، ولكن هذا ليس صحيحًا. انخفاض حجم التجارة في السنوات الأخيرة لا يعني ضعف العلاقات. علاقاتنا على مستوى متقدم وعالٍ، ويقوم المواطنون الإيرانيون بالسفر إلى تركيا على فترات متقاربة.
كما أن المواطنين الأتراك متطلعون دائمًا إلى إيران. مؤخرًا، تم تنظيم العديد من الرحلات السياحية إلى إيران، وزادت الزيارات إليها بشكل ملحوظ. بالطبع، لتعزيز وتقوية العلاقات بين إيران وتركيا، يجب بذل المزيد من الجهود، ويجب أن تكون الرحلات الثقافية والتاريخية، مثل جولات الطبيعة والجولات التاريخية، في رأس البرنامج.
فيما بعد، أدت جهود إيران الإيجابية في القضية الفلسطينية إلى تحريك الأعداء. الهجوم الذي استهدف السفارة الإيرانية في سوريا كان مرفوضًا تمامًا، وتبع ذلك اغتيال إسماعيل هنية الذي جاء إلى إيران لحضور مراسم تنصيب الرئيس، وهذا يعد حدثًا خطيرًا في حد ذاته. وقد تمكنت إيران من إدارة جميع هذه الأحداث الصعبة والمريرة بنجاح وصبر. وأعتقد أنه يجب تهنئة الأصدقاء الذين يتولون إدارة وقيادة هذا البلد الكبير في إيران.
تسنيم: لقد أشرت إلى المجالات الثقافية والأدبية والسياحية. نظرًا لتخصصك في الأدب الفارسي وإيران، هل لديك برنامج تم تحقيقه في هذا المجال؟
كرلانجيش: بالطبع، هذه المسائل يتم حلها من خلال علاقات ثنائية. أثناء الرحلة التي قام بها الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، إلى أنقرة وما تبعها من اجتماعات واتفاقيات ضمت الأبعاد الثقافية أيضًا. لكن لتحقيق هذه الاتفاقيات يجب أن نبذل قصارى جهدنا ونعمل على استمرارية ذلك.
من خلال استفسارات ومتابعات مع المسؤولين الإيرانيين، وأيضًا من خلال تذكير المسؤولين الأتراك، فإن جميع هذه الجهود تهدف إلى تشكيل توافقات ثقافية واقتصادية وسياحية، وتسريع التجارة واستمرارها في بيئة صحية. نحن نمضي في علاقاتنا بشكل جيد. أجرينا لقاءات إيجابية مع المسؤولين الإيرانيين، نشكرهم على مساعدتهم في مجالات مختلفة. فيما يتعلق بالتعاون في المجالات السياحية والصناعات اليدوية، يتم تنظيم لقاءات.
نسعى لاستكشاف قدرات البلدين بدقة وخلق بيئة للاستفادة من المواطنين في كلا البلدين، ويمكنني أن أقول إننا متفائلون جدًا في هذا المجال، ويجب أن نبذل المزيد من الجهود لتحقيق نتائج أفضل.
نحن بانتظار أن تتولى الحكومة الجديدة في إيران بشكل تام، ثم سنتخذ خطوات إيجابية. خلال فترة رئيس، أجرينا اتصالات مهمة مع وزير الثقافة والإرشاد والسياحة، ونعتقد أن هذا التعاون سيستمر. نتمنى كل الخير للحكومة الجديدة في إيران.
تسنيم: يعتقد بعض الخبراء أن وجود سفيرين أكاديميين تركيين متتاليين في إيران يعني أن أنقرة لا ترغب في زيادة العلاقات وفضلت الاكتفاء بهذا القدر. وقد عُرض هذا كأسلوب سياسة لتوسيع العلاقات مع الدول العربية والغربية وإسرائيل. ما رأيك بهذا الأمر؟
كرلانجيش: لا أفكر بهذا الشكل، بل على العكس تمامًا. إرسال سفيرين أكاديميين إلى إيران في الآون الأخيرة يعكس تقدير الرئيس التركي. ما يشير إليه الرئيس هو اختيار سفير متمكن في اللغة الفارسية والثقافة الإيرانية. شخص يعرف إيران جيدًا، يمكنه التحدث ويحب إيران، وهذا سيعزز علاقاتنا.
في الواقع، اختار الرئيس هذا الأسلوب لتشكيل قاعدة ثقافية، وبالتالي قاعدة اقتصادية. اختيار سفيرين أكاديميين في فترتين متتاليتين يحمل رسالة عن الأهمية التي تعطيها تركيا لإيران. لقد كانت لدينا علاقات شخصية وثيقة مع إيران. السفير السابق شقيقي، كان لديه نفس الفكرة، وهي كذلك بالنسبة لي. لقد تم تكليفنا بهذه المهمة بوعي، وتعكس هذه المهمة نظرة إيجابية. الجميع يعلم أهمية إيران بالنسبة لوزير خارجيتنا، وأعتقد أنه لن تنشأ حالة سلبية بشأن هذا الموضوع. القدر القليل من التجارة مع إيران يعتمد على عوامل متعددة. العقوبات الأحادية الجانب تشكل جزءًا كبيرًا من هذه المشكلة، والاقتصاد المفتوح في تركيا، بمعنى عدم تدخل الدولة في القطاع الخاص، ونقص الوعي والمعرفة في هذا المجال، تسبب نوع من الحرص في التجارة مع إيران.
علينا توعية المستثمرين وتقديم المعلومات الصحيحة لهم، ونعمل في هذا المجال. في الآونة الأخيرة، عقدنا جلسات متعددة مع التجار والمستثمرين الأتراك. إيران ليست دولة خاضعة للعقوبات، خاصةً العقوبات الأحادية الجانب. نحن كحكومة لا نعترف بهذه العقوبات، لأنها ليست قرارًا صادرًا عن الأمم المتحدة. لذلك، سنبذل قصارى جهدنا؛ نشتري الغاز الطبيعي من إيران ونسعى لزيادة التجارة مع إيران، لكن الشركات الخاصة لا تدرك هذا بشكل صحيح، أو هناك حسابات أخرى، بالإضافة إلى القيود الناتجة عن العقوبات، خاصةً في الأنظمة البنكية.
هذه العوامل تسبب القلق وصعوبة العمل للأفراد. إذا اتخذت الإدارة الإيرانية تدابير أكثر سهولة، فسيكون ذلك مفيدًا. في هذا المجال، هناك حاجة للجهود، ونحن نسعى أيضًا لتشجيع مستثمرينا وتوعيتهم بأن هذا الأمر يتم من خلال سفارة دولة، وسنقوم بكل ما في وسعنا لتحقيق ذلك.
إن وجود سفيرين أكاديميين من تركيا مؤخرًا لا يعني تقليص العلاقات بين إيران وتركيا، بل نحن نسعى لتعزيز علاقاتنا التجارية مع جميع جيراننا، وخاصةً إيران بشكل أقوى. لقد حدد المسؤولون الكبار في البلدين هدفًا لحجم التجارة يبلغ 30 مليار دولار وقد تلقينا إرشادات لتحقيق ذلك. في هذا المجال، سنبذل كل ما في وسعنا.
تسنيم: بالنسبة للقضايا الإقليمية، فإن أحد أهم المواضيع بالنسبة لإيران وتركيا هو الوضع في سوريا. خلال الشهر الماضي، أعلن أردوغان عدة مرات عن رغبته في تطبيع العلاقات، ولكن سوريا أيضًا وضعت شَرطها وهو خروج القوات التركية. الجانب التركي يقول إن الجانب السوري غير قادر على حماية حدوده الشمالية. لأنَّ كلا الطرفين قد وضع شروطًا مبدئية لبدء المفاوضات، كيف ترى تطور هذه الحالة؟ هل تجد شروط دمشق منطقية؟
كرلانجيش: سوريا هي من أقرب جيراننا ومن الناحية الثقافية أيضًا من الدول القريبة لنا. في الماضي، كان لدينا مشاكل مع سوريا لأسباب مختلفة، خاصة في مجال الإرهاب، ولكن خلال الفترات الأخيرة، حدثت أمور في سوريا نعرفها جميعًا.
ربما كانت وجهات نظر إيران وتركيا مختلفة في هذا الشأن، ولكن في كل الأحوال، هناك مشكلة حقوق الإنسان في سوريا. هناك تناقض واضح بين الحكومة السورية وشعبها، ويظهر عدد المهاجرين السوريين إلى تركيا والأردن بوضوح هذه المشكلة.
في هذا المجال، قامت تركيا بما في وسعها. لقد بذلنا جهودًا للتشاور مع سوريا حتى وصول الوضع إلى ما هو الآن. ولكن هنا، تلعب قوى كبرى، وخاصةً القوى الخارجية، دورًا فعّالًا، ولتجنب ذلك، يجب على كل من تركيا وسوريا التحرك بحرص.
قد تكون هناك حكومة في سوريا غير صالحة لشعبها، ولكن يجب أن نكون واعين للقوى الأخرى وندرس الوضع بعناية. نحن نسعى لاتخاذ خطوات فعّالة، ويعبر مسؤولونا عن ذلك.
ربما ترى سوريا أن لها الحق من وجهة نظرها، ولكن بناءً على تجارب تركيا منذ فترة السيطرة الأمريكية على شمال العراق، فهي تعي جيدًا مشكلة الإرهاب وتتصرف وفقًا لذلك.
في الواقع، تركيا لا تطمح إلى أراضي دول أخرى، بل تسعى فقط لحماية نفسها واتخاذ تدابير في هذا الأمر، تركيا هي واحدة من الدول التي تعطي أكبر قدر من الاهتمام لوحدة أراضي سوريا. انهيار سوريا يعني زيادة الأزمة في المنطقة، وندعم دائمًا وحدة الأراضي السورية، وتصرفاتنا في هذا الشأن واضحة تمامًا.
بالنسبة للشروط التي وضعتها سوريا، لدينا أيضًا أجندتنا الخاصة. يجب ألا يكون هناك تهديد للإرهاب ويجب اتخاذ تدابير بهذا الخصوص، كما يجب خروج القوات الأجنبية من سوريا؛ إذا لم يكن جيشنا موجودًا هناك، فإن ذلك يعني فتح الطريق للفوضى الأمريكية. روسيا موجودة هناك، وبعض الدول الأخرى، وبعض الجماعات الإرهابية تتحول إلى تشكيلات، وأمريكا تقدم دعمًا واضحًا، ونحن على دراية بذلك. نحن واضحون في موقفنا.
نحن نريد تطبيع العلاقات مع سوريا ونعتبر دور إيران مهمًا لاستمرار اللقاءات مع سوريا. في هذا السياق، نحتاج إلى أفعال بنّاءة من إيران. في هذا المجال، لدينا جهود واتصالات مع إيران، ونحن متفائلون بأننا سنحقق خطوات إيجابية في الفترة المقبلة لأن المنطقة ليست في وضع يمكنها أن تتحمل هذه المشاكل.
حقًا يجب أن نتخذ قرارًا بأنفسنا ونحقق السلام في المنطقة ونثبته. إيران وتركيا لهما دور كبير في هذا الشأن، خاصةً أن العلاقة بين إيران وسوريا يمكن أن تشجع سوريا على السعي نحو السلام مع تركيا.
تسنيم: في الشهر الماضي، حدثت تطورات في شمال سوريا ومن المتوقع إجراء انتخابات من قبل قوات سوريا الديمقراطية. هل تتعلق رغبة تركيا في تطبيع العلاقات مع دمشق بعد عقد من الزمن بهذا الموضوع أم بالضغوط التي يفرضها اللاجئون السوريون على المجتمع التركي؟
كرلانجيش: كل من هذه العوامل تؤثر بشكلها الخاص، ولكن جميعها لا تؤدي إلى الانفصال عن شمال سوريا وإجراء الانتخابات هناك ليس في مصلحة سوريا أو تركيا.
نحن نتخذ التدابير اللازمة في هذا الشأن، والتحرك نحو هذا الاتجاه خطير وقد يعرض وحدة الأراضي السورية للخطر. ومن الواضح من يقف وراء ذلك، ونحن نعارضه. نحن في الواقع نسعى لحل المشاكل وإيجاد حل، ونمد يد الصداقة، ولكن سوريا الآن في وضع يمكنها من إدارة نفسها، لكنها ضعيفة عسكرياً وهذا الضعف يجعل الأمر صعباً، وأحد أسباب إعادة إقامة العلاقات يمكن أن يكون المساعدة في حل هذه الأزمة أيضاً.
في هذا السياق، يُتوقع من إيران أن تلعب دوراً فعالاً لأنها تمتلك القدرة، وخاصة في مواجهة خطط الإمبريالية في المنطقة. بالنسبة للاجئين، نحن دائماً نفتح أبوابنا للمسلمين. عندما احتلت أمريكا العراق، هاجر عدد كبير من الأكراد إلى تركيا، وقد رحبنا بهم. بعضهم عاد والبعض الآخر لم يعد. وإيران أيضاً مرت بتجارب مماثلة.
ليس لدينا شكاوى تجاه اللاجئين السوريين، على الرغم من أنه يجب إدارتهم، لكننا ننظر إليهم من منظور إنساني. الناس يرغبون في العودة إلى وطنهم والعيش على أرضهم، ولهذا قمنا بإعداد البنية التحتية اللازمة لتوفير ظروف آمنة لعودتهم. كل هذا سيكون له نتائج إيجابية لكل من سوريا ولنا وللمنطقة، ولتحقيق الاستقرار في المنطقة، هذا ضروري.
تسنيم: قال المسؤولون الأتراك مراراً إنهم لا يطمعون في وحدة الأراضي السورية. ولكن من جهة أخرى، خلال السنوات القليلة الماضية، قامت القوات التركية بعدد من العمليات العسكرية في شمال سوريا والعراق، بل أنشأت قواعد عسكرية دائمة ومؤقتة في تلك المناطق، وهو ما يتناقض مع تصريحات المسؤولين الأتراك. كيف تقيمون هذا الموضوع؟
كرلانجيش: لا أعلم كيف ترى هذا تناقضًا. هناك نشاط إرهابي في سوريا ولا تستطيع سوريا التصدي له، وتركيا تحاول حماية أراضيها من الإرهاب. لقد خضنا صراعات كبيرة ضد الإرهاب في الداخل، ولكن في شمال العراق وشمال سوريا، لا يزال الإرهاب مركزياً، ولمنع ذلك، يجب علينا اتخاذ هذه التدابير، ولهذا السبب استقرينا عسكرياً هناك، وقد صرحنا دائماً أنه عندما يتم إزالة هذه التهديدات لن يكون لدينا وجود عسكري هناك، وقد قلنا ذلك دائماً ونحترم وحدة الأراضي.
ولكن يجب أيضاً السؤال عن ما تسعى إليه الدول الأخرى الموجودة هناك. بالإضافة إلى ذلك، تقوم دول غير مجاورة للعراق وسوريا بإنشاء قواعد عسكرية.
يجب أن يتسألوا عن ذلك.
تسنيم: تركيا كقوة غير محتلة قد أنشأت قواعد دائمة
كرلانجيش: ما نعتبره قواعد دائمة، ستنتهي عند انتهاء التهديدات، وقد أوضح المسؤولون لدينا ذلك. جميع الدول المجاورة تدرك أننا لسنا مشكلة أو تهديداً.
تسنيم: في منطقة القوقاز، حدثت حرب في عام 2020، لكن هناك بعض القضايا العالقة بين الدول في المنطقة، بما في ذلك تطبيع العلاقات بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان وممر زنجزور. إيران أعلنت كثيرًا أنها لن تسمح بتغييرات في الحدود أو الجغرافيا السياسية في المنطقة، لكن ما تريده أذربيجان يبدو أنه سيؤدي إلى تغييرات في الحدود. تركيا أيضًا حساسة تجاه الموضوع وتتابعه بجدية. هل من الممكن أن نرى اختلافات بين تركيا وإيران حول هذا الموضوع في المستقبل؟
كرلانجيش: بالطبع، القوقاز وأذربيجان ليسا مجال تخصصي، لكن كما فهمت أن الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان يشمل ممر زنجزور أيضًا. في الاتفاق بين الطرفين هناك بند ينص على ضرورة إنشاء طريق للاتصال بين أذربيجان وناخيتشيفان، وهذا لا يعني ضمها إلى الأراضي الأذربيجانية، وطبعًا يجب تنفيذ ذلك وفقًا للاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان، ومن الواضح أن هذا سيستغرق وقتًا طويلًا.
وفقًا لما قاله رئيس جمهوريتنا، يجب أن يتم هذا الإجراء بطريقة لا تضر بمصالح الدول، وأن رضا أرمينيا وأذربيجان وإيران مهم بشأن هذا، ويجب أن نبذل الجهد لذلك. لا نعرف تفاصيل هذا الموضوع، لكن لا أعتقد أنه سيسبب خلافًا بين إيران وتركيا.
نحن نرى مصالح إيران وأذربيجان كأنها مصالحنا، ونسعى أيضًا لتطبيع العلاقات مع أرمينيا. في هذا السياق، أذربيجان تجري أيضًا اجتماعات مع أرمينيا، وإجراءها سيسمح لتركيا وأرمينيا بالوصول إلى أبعاد جديدة في العلاقات، وهذا أمر مهم لنا وللمنطقة ولأرمينيا.
أرمينيا تمر بوضع معزول ويجب إيجاد طريقة للخروج. تركيا تتبع استراتيجية إيجابية في هذا الموضوع. قد تحققت بعض التقدمات سابقًا، ولكن كما تعلم، هناك تدخلات خارجية تسببت في توقف الموضوع.
فتركيا لن تتخذ خطوة في القوقاز تضر بإيران. وتسير الأمور من خلال التعاون المثمر بين إيران وحرصها على التوصل إلى التوافق بين الدول.
في هذا السياق، تركيا لن تتخذ خطوة تتسبب في الإضرار بإيران، وأعتقد أن إيران على علم بذلك أيضًا. ومع ذلك، النتيجة التي يتم الوصول إليها من الاتفاقية هي ما يهم. فالمهم هو أن يكون هناك خط تواصل بين ناخيتشيفان وأذربيجان، ويجب أن يتحقق ذلك بموافقة أرمينيا.
لذا، من الضروري أولاً إجراء اللقاءات ومن ثم التوصل إلى نتائج، ومن جهة أخرى، هناك تقدمات إيجابية بين إيران وأذربيجان.
سفارة أذربيجان في إيران بدأت مرة أخرى عملها، وقد قمنا بزيارتها. وهذا أمر مهم جدًا. في الواقع، ربما يساعد ذلك على فتح الطريق لمشاريع جديدة ويتيح إيجاد حل مقبول بالنسبة للجميع في هذه القضية. أنا متفائل بشأن هذا. أي أن علاقاتنا مع إيران إيجابية ونحتاج إلى تطويرها، ولا نسعى إلى الفكر الذي قد يؤدي إلى تدهور العلاقات.
تسنيم: في هذا السياق، تطرح أيضًا منصة 3+3 التي اقترحها الرئيس أردوغان، والتي تم عقدها في إيران على مستوى وزراء الخارجية، ومن المقرر أن تعقد في تركيا أيضًا.
كرلانجيش: نعم، ستعقد هذه القمة إما في أنقرة أو إسطنبول. لكن بسبب الأحداث الأخيرة، تأجلت لفترة وجيزة، أي أن استشهاد المرحوم العالم وتشكيل الحكومة الجديدة قد تسببا في بعض التأخير. ومع ذلك، ستعقد في تركيا، وستكون تركيا هي المستضيفة.
اللقاءات والتجهيزات لتحديد التاريخ مستمرة، وأعتقد أن هناك تقدمًا إيجابيًا في هذا الشأن، وأمل أن تشارك جورجيا أيضًا في هذه العملية. أعتقد أن التوصل إلى حل مضمون ضمن إطار الدول الإقليمية هو أكثر قيمة من أي حل آخر.
تسنيم: موضوعنا التالي هو حرب غزة. مضى حوالي عام على هذه المأساة. وقد قامت تركيا بعدة مبادرات بما في ذلك الدور الوسيط والدول الضامنة لوقف إطلاق النار، وبعدها قطع العلاقات مع نظام الاحتلال الإسرائيلي. الآن، هناك موضوع التعاون بين الدول الإسلامية للضغط على هذا النظام وأيضًا القضية المرفوعة في محكمة العدل الدولية. هل هناك خطة للتعاون بين إيران والسعودية وتركيا للضغط على نظام الاحتلال الإسرائيلي؟
كرلنجيتش: نحن نتحدث عن وضع مؤلم للغاية. لقد مضى ما يقرب من عام، ويحدث كل يوم عمليات قتل جماعي مروعة، والمنظمات الدولية والدول فقط تراقب. الدول الإسلامية أيضًا لم تقدم نتائج جيدة في هذا الموضوع. من جانبنا، نقدر الجهود الدبلوماسية الإيرانية. بالفعل لا يمكن نسيان جهود وزير الخارجية الإيراني السابق السيد أمير عبداللهيان، وهذه أمور شهدناها. ومع ذلك، لم يتم إحراز نتيجة بعد.
الملف الذي فتحته جنوب أفريقيا في المحكمة خطوة كبيرة للغاية، ولكن كان يجب أن تسبقها الدول الإسلامية، التي حرمتنا من ذلك. لقد كان هذا من الواجب المشترك للدول الإسلامية، ولكن لم يحدث ذلك. لقد انضممنا إلى هذه القضية القانونية ونتشاور مع إيران. نحن في مشاورات دائمة مع إيران للتفكير في تدابير فعالة، ولكن للأسف لم تحقق أي نتائج حتى الآن.
الآن في غزة، لم يتبق أي منزل سليم. حتى القرى في نفس الوضع، والشهداء هم من الأطفال والنساء، دون أن يوجد هدف عسكري واضح. إيران في قضية غزة تتفوق على تركيا، يجب مقارنة عدوان إسرائيل على غزة بهجوم المغول.
هناك في غزة، الناس يقاومون إسرائيل، ويواجهون واحدًا من أكثر الأعداء قسوة وظلمًا، حيث لا يعترف بأي حدود أو قوانين، وفي الوقت ذاته يتلقى الدعم اللامحدود من الدول الغربية القوية.
نحن نحاول إيقاف ذلك، في الواقع، ما يمكن أن تفعله الدول الإقليمية لإيقاف هذا، وما هي الإمكانيات التي تمتلكها؟ نحن ندرس هذه الأمور. يمكننا الآن طرح سؤالين: إما أن الدول الإسلامية لا تتمكن من فعل شيء، أو تتمكن ولكن لا تريد ذلك؟ وهذا يظهر صدقها تجاه هذه القضية.
بسبب أسلوب الحكم في الدول الإسلامية، لا توجد قوة كافية لمواجهة إسرائيل، وهذا ليس مؤشر جيد على الإطلاق. إيران وتركيا تبذلان جهدًا كبيرًا، وعلى الرغم من أن إيران متقدمة في هذا الموضوع، فإن لديها أيضًا حدودها وقدرتها وسلامة أراضيها التي يجب أن تأخذها في اعتبارها.
لا ينبغي أن يكون الأمر على نحو تتحمل فيه إيران المسؤولية بالكامل، ويجب ألا تكون تركيا هي الوحيدة التي تتحمل الأعباء، بينما لا تتحدث بقية الدول الإسلامية. يجب علينا أن ننظر إلى هذا الحدث كما لو كان فترة غزو المغول.
في فترة غزو المغول لإيران، قال الشاعر كمال الدين الأصفهاني: “كان في السابق يُقتل شخص واحد، فيبكي عليه المئات، والآن يُقتل مئة شخص ولا يوجد من يدفنهم.”
يبدو أنه يصف غزة. الآن نحن نعيش هذا في غزة ولا يحدث أي تقدم. حتى حكم المحكمة قد يستغرق سنوات لتنفيذه ، ولكن كيف يمكن أن تكون فعّالة؟
بالطبع سيُسجل التاريخ الجرائم، ولكن كيف سيتحدثون عنا، أين وكيف سيكتبون عنا؟ هذا يحتاج لتفكير عميق، أقول هذا لأنني أعتقد أن هذا الموضوع لم يعد قابلاً للحل الدبلوماسي
لو كان الأمر بيد شعوب الدول الإسلامية، لما كانت غزة تحت هذا العدوان الآن، ولكن ما يمكن أن تفعله الحكومات هو فقط ما نراه.
تسنيم: كما قلت، الدول الإسلامية إما أنها لا تستطيع أو لا تريد القيام بشيء، ونتيجة ذلك الإبادة الجماعية الحالية وسلبية العالم الإسلامي. هل يمكننا كإيراني وتركيا أن نشهد تحالفًا واتخاذ إجراءات من الدول الإسلامية لمنع الإبادة الجماعية؟
كرلانجيش: في الأمم المتحدة و دول أخرى، تم اتخاذ العديد من القرارات. ولكن بعد تنفيذها، لا تثمر عن نتائج ولا يوجد من يتابع ذلك. على سبيل المثال، يتم اتخاذ قرار الآن، وإسرائيل لا تلتزم به. في المقابل، نحن أمام مجموعة من منظمات غير أخلاقية.
أعتقد أن هذه الأمور لا تفيد؛ هم يتخذون القرارات بأنفسهم ويقدمون المساعدات أيضًا. يقولون “أوقفوا الحرب”، لكنهم يمدونهم بالأسلحة أيضًا. في ظل هذه الظروف، لا يمكن الاستمرار، ويجب القيام بشيء ما، لكن ما يجب القيام به، لست متأكدًا منه. أن تكون إيران وتركيا فقط ليس كافيًا. لو كانت الدول الإسلامية متحدة حول هذه القضية، لما كان الوضع على ما هو عليه الآن.
مشكلتنا الكبرى هي أن هناك العديد من الدول ولكن عندما ننظر لا نجد أحدًا في الميدان.
تسنيم: جاء إسماعيل هنية إلى إيران وتعرض في طهران لهجوم إرهابي. هنية، بالإضافة إلى كونه القائد السياسي لحركة حماس، كان أيضًا قائد المفاوضات لوقف إطلاق النار مع الكيان الإسرائيلي. أعلنت إيران أنها ستنتقم من هذا الهجوم لسببين: الأول لأنه كان قائد حركة حماس، والثاني لأنه تعرض للهجوم على الأراضي الإيرانية. بعض الدول تقول لإيران ألا ترد لتجنب تصاعد التوتر. ما هو موقف تركيا من رد إيران؟ وهل تعترف أنقرة بحق إيران في الرد؟
كرلانجيش: لا أستطيع أن أقدم إجابة معينة حيال الموقف الذي ستتخذه أنقرة تجاه ذلك، ولكن إسماعيل هنية تعرض لهجوم وحشي في إيران، وذلك عندما جاء لحضور مراسم تنصيب الرئيس، وقد قُتل. وهذا حدث بالغ الخطورة، ووقوع الحادث في العاصمة الإيرانية يجعل الوضع أشد خطورة.
من وجهة نظري، رد فعل إيران في هذا الموقف منطقي. أي دولة أخرى كانت ستتصرف بنفس الطريقة، ففي بعض الحالات التي لا تستطيع فيها الدول الرد، قد لا تقوم برد فعل، ولكن إيران دولة كبيرة وقوية ولها دعم كبير.
من جهة أخرى، فإن قتل قائد سياسي، خاصة قائد كان يقود مفاوضات وقف إطلاق النار، هو حدث بالغ الخطورة. ويعتبر خرقًا واضحًا للقانون الدولي ويجب أن يظهر ردود فعل كبيرة، ولكن كما رأيتم (المنظمات والدول) يكتفون بالتعبير عن قلقهم فقط.
ما تم فقدانه هنا هو عملية وقف إطلاق النار. عندما نتحدث عن وقف إطلاق النار، فإننا نتحدث عن حالة يكون فيها طرفان كل منهما على استعداد للقتال، ولكن هنا طرف واحد قام بالهجوم، ومن الواضح تمامًا أننا نتعامل مع وضع عبثي وغير مجدٍ، ولكننا مضطرون. حيث أن إسرائيل تهاجم ثم تطلب إجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار. نحن الآن نواجه هذا الوضع.
لا يمكننا أن نقول لإيران في هذا الموقف أن تكون صبورة، أو ألا ترد برد فعل قاسٍ أو عسكري. هل يمكن للدول أن تقدم اقتراحات في هذا الموقف؟ يبدو أن إيران عازمة في هذا الشأن، لكن كيف سترد؟ هذا ما ستكشفه الأيام. قد يكون الرد شيئًا لم يتوقعوه. هل سيكون رد فعل عسكريًا بالضرورة؟ لا نعلم، لكن أكبر رد هو أن يرد بطريقة تجعل الدول المهاجمة تتراجع وتنسحب وهذا ليس فقط مسؤولية إيران، بل مسؤولية جميع دول المنطقة. انتظارنا فقط لإيران لتقوم بشيء ما ليس منطقيًا.
إسماعيل هنية لم يكن من المسؤولين الإيرانيين، بل كان مجرد ضيف، ورغم أن هذا حدث كبير، إلا أن وقوعه في العاصمة الإيرانية يزيد من حجم الكارثة. لكن ماذا يقول الآخرون عن هذا الموضوع؟ أولئك الذين استضافوا هنية وأعربوا عن دعمهم لفلسطين، هل سيأخذون على عاتقهم أي مسؤولية؟
أنا أرجو لإيران الصبر، فهي دولة تتخذ قراراتها بحكمة وصبر، وربما ستتخذ أفضل قرار، ونحن نحترم ذلك.