الصحف الإيرانية تتحدث عن مشاورات وزارية منتظمة بين مصر وإيران لتعزيز التعاون والدبلوماسية

نشرت صحيفة اعتماد الإصلاحية، الثلاثاء 3 يونيو/حزيران 2025، تقريرا ذكرت فيه أن تعليق أحد النشطاء الإعلاميين المصريين على لقاء وزيري خارجية إيران ومصر عبر منصة إكس والذي ذكر فيه أنه يكفي “أن تفتح عينيك لترى أن إسرائيل اليوم أصبحت أكثر عزلة في المنطقة من أي وقت مضى”.

ذكرت الصحيفة أنه في هذا اللقاء، شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على ضرورة تطوير العلاقات بين إيران ومصر، بينما أدان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، تهديدات إسرائيل ضد إيران، وأكد أن الملف النووي الإيراني يجب أن يُحل عبر الدبلوماسية وليس عبر الوسائل العسكرية. ويتزايد يوما بعد يوم تأثير إيران في ساحة الدبلوماسية، كما تتسع علاقاتها مع دول المنطقة، في حين تزداد عزلة إسرائيل.

وأفادت بأن عراقجي، خلال زيارته إلى القاهرة لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين المصريين، التقى بمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، الذي كان في القاهرة أيضا. وقد تم هذا اللقاء بناء على طلب غروسي.

وأضافت أنه خلال الاجتماع، ذكّر عراقجي الوكالةَ ومديرها بمسؤولياتهما في أداء المهام الموكلة إليهما بشكل مهني، وانتقد بشدة الادعاءات غير المستندة إلى أسس التي وردت في التقرير الأخير للوكالة حول البرنامج النووي الإيراني، مؤكدا أنه لا ينبغي للوكالة أن تسمح بتقويض مصداقيتها نتيجة الأهواء والضغوط السياسية التي تمارسها بعض الدول الأعضاء.

عراقجي: نحن لا نأمر ولا ننهى فصائل المقاومة في المنطقة
قال عراقجي، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري، إن فتوى المرشد الأعلى الإيراني التي تُحرِّم السلاح النووي هي المعيار الذي نعمل وفقه، وهي معتقد راسخ لدينا، ويجب أن يعلم الجميع أن مبادئنا الدينية تسمو على كل شيء، ونحن ملتزمون بها تماما.

وأعرب عن شكره لعبد العاطي على المباحثات الجيدة التي جرت بينهما، وقال إن عبد العاطي قدّم شرحا مفصلا حول نتائج المحادثات. كما شكر الرئيسَ المصري عبد الفتاح السيسي على اللقاء الذي جرى، وأشار إلى أن هذه هي المرة الرابعة التي يلتقي فيها السيسي خلال عام واحد.

وتحدّث عن اللقاءات بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والسيسي، مؤكدا أنه لم يُعقد مثل هذا النوع من اللقاءات في المنطقة من حيث انتظامها، مما يعكس أهمية العلاقات بين البلدين. كما أشار إلى الاجتماعات الثنائية التي جمعته بعبد العاطي، معتبرا أنها تعبّر عن إرادة قوية من الجانبين لتعزيز العلاقات، وتكثيف المشاورات والتعاون السياسي، وهذه الإرادة ثابتة ورصينة.

وقال إن التعاون السياسي والاقتصادي بين إيران ومصر يجري في جميع المجالات، نظرا إلى أن هذين البلدين الكبيرين في المنطقة يتمتعان بتاريخ وحضارة عريقة وامتداد واسع، وبالتالي فإن إيران ومصر تلعبان دورا مهما في المنطقة.

وأشار إلى أن إيران ومصر تضطلعان بدور مهم في تحقيق السلام والأمن الإقليمي، وكذلك في التنمية والتقدم بالمنطقة، مؤكدا أن لدى البلدين إرادة مشتركة في هذا الشأن. 

وأضاف: “في اللقاء الثنائي الذي عقدناه اليوم، أكدنا على إرادتنا في تطوير العلاقات بين البلدين، وتطرقنا إلى سبل إزالة التحديات التي تواجه ذلك، وأود أن أقول إنه لا يوجد أي مانع أمام تطوير العلاقات، وبعض العقبات الموجودة سيتم تجاوزها قريبا، وربما في الأسابيع القليلة المقبلة”.

وأوضح أن “طريق تطوير العلاقات بين إيران ومصر مفتوح أكثر من أي وقت مضى، مضيفا اتفقنا على استمرار الحوار والتشاور السياسي المنتظم والمستمر بين البلدين. كما اتفقنا على زيادة حجم التبادل التجاري، وتعزيز التبادل السياحي بين إيران ومصر لرفع عدد السياح بين الجانبين”.

وشكر مصر وقطر على جهودهما من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وأوضح نطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وندعم أي وقف لإطلاق النار يحظى بدعم أهالي غزة.

وقال مؤكدا: “نأمل أن يتحقق وقف فوري لإطلاق النار، وأن يكون هذا الوقف دائما ومستمرا، وأن يتم تبادل الأسرى، كما يجب أن تدخل المساعدات الإنسانية إلى شعب غزة”.

وقال بخصوص المحادثات المفصلة التي أُجريت حول اليمن والبحر الأحمر مع عبد العاطي، إنه من الطبيعي أن جماعة أنصار الله في اليمن، مثل حركة حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وسائر فصائل المقاومة، هم مجموعات مستقلة تتخذ قراراتها بنفسها، ونحن ندعم جهودهم المشروعة في المنطقة، لكن هذا لا يعني أن إيران تملي عليهم ما يفعلونه. فلديهم مبادئ وأهداف يسعون إليها.

وأوضح أن مطالب الشعب اليمني تتركز على دعم الشعب الفلسطيني وأهالي غزة، وقد أعلن اليمنيون بشكل واضح أنه في حال تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإنهم سيوقفون عملياتهم في البحر الأحمر، وهذه العمليات موجهة فقط ضد السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى النظام الإسرائيلي.

وتابع مؤكدا: “نحن ندعم السلام والاستقرار في المنطقة، ونأمل أن تُحل القضايا الإقليمية والمناطقية عبر الحوار والتفاوض، ونحن على استعداد للتعاون في هذا المسار”.

وأشار إلى أن “الحديث بين إيران وأمريكا كان أحد محاور النقاش، وقال قدمت شرحا مفصلا حول المحادثات بين إيران والولايات المتحدة في ما يخص ملف الطاقة النووية للإخوة المصريين، خاصة للسيسي. إن إيران تمتلك برنامجا نوويا سلميا، ونحن واثقون تماما بسلمية هذا البرنامج ومستعدون لنقل هذا الاطمئنان والثقة لأي طرف أو جهة. وشدد على أن برنامجنا النووي لا يحتوي على أي شيء نخفيه”.

وأقرَّ بأن “برنامجنا النووي سلمي، وقضية تخصيب اليورانيوم تجري بشكل سلمي، وهذا إنجاز علمي كبير للغاية تحقق بجهود علمائنا، وقد دفع الشعب الإيراني ثمنا باهظا من أجل هذا الإنجاز، حيث أُريقت دماء علمائنا في سبيل تقدم البرنامج النووي، ولدينا شهداء نوويون في هذا المجال. وهذا يعد مصدر فخر علمي للشعب الإيراني”.

واعتبر أن “استخدام الطاقة النووية السلمية حق مشروع للشعب الإيراني، ووفقا للقواعد الدولية ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، نحن نعارض السلاح النووي ونرفضه، لكننا في الوقت نفسه لن نتخلى أبدا عن حقوقنا الطبيعية في استخدام الطاقة الذرية لأغراض سلمية. لذا، لا يمكن لأحد أن يطالب بوقف كامل لأي نشاط سلمي تقوم به إيران، ومن ضمن ذلك تخصيب اليورانيوم الذي لن نتخلى عنه”.
وصرَّح: “نحن مستعدون لاتخاذ بعض الخطوات لإثبات سلمية أنشطتنا النووية، كما فعلنا سابقا، حيث توصلنا إلى اتفاق في عام 2015، وكانت إيران ملتزمة تماما بهذا الاتفاق، لكن الآخرين هم من انسحبوا منه”.

وتابع: “حاليا إذا كان الهدف من المفاوضات هو التأكد من أن إيران لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، فإنني أعتقد أننا قادرون على التوصل إلى اتفاق، أما إذا كانت الأهداف غير مقبولة وغير واقعية، وإذا كان الهدف هو حرمان إيران من أنشطتها السلمية، فلا يمكن حينها الحديث عن أي اتفاق. ونحن، من أجل إثبات حقنا وسلمية برنامجنا النووي، لن نغادر طاولة المفاوضات أبدا، ولن نفعل ذلك في المستقبل أيضا.” 

وقال: “دافعنا خلال المفاوضات عن حقوق الشعب الإيراني، وسنرفض بالتأكيد أي مطلب يتعارض مع هذه الحقوق ولن نقبله أبدا. إن فتوى المرشد الأعلى الإيراني التي تحرّم السلاح النووي هي معيار عملنا وعقيدتنا، ويجب أن يعلم الجميع أن مبادئنا الدينية أسمى من كل شيء، ونحن ملتزمون بها التزاما كاملا، وقد أثبتنا ذلك عمليا”.

وأشار عبد العاطي، إلى أن “إيران تقف إلى جانب مصر وتُعد من المبادرين إلى إقامة منطقة خالية من السلاح النووي. ولدى إيران ومصر مبادرات جيدة بشأن عالم خال من الأسلحة النووية، وموقفنا لا يزال كما هو، ونبذل جهودنا لكي تكون هذه المنطقة خالية من السلاح النووي، وإيران تسعى بجدية لتحقيق هذا الهدف”.
أما الطرف الذي يمتلك سلاحا نوويا ويُطلق التهديدات، فهو النظام الإسرائيلي. ففي حرب غزة، رأينا كيف أن مسؤولي هذا الكيان، سواء الرسميين أو غير الرسميين، أطلقوا تهديدات باستخدام السلاح النووي ضد غزة.

وأفاد عراقجي بأن الغرب قد أغمض عينيه أمام جرائم النظام الإسرائيلي، وتجاهل تهديداته، وفي المقابل يمارس الضغوط على إيران ويهددها. وهم يريدون أن تُحرم إيران وسائر دول المنطقة من أي إنجاز علمي، بينما يقدمون الدعم للنظام الإسرائيلي المتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية بأي ثمن.

وأكد عراقجي أن “إسرائيل تمتلك سلاحا نوويا، ومع ذلك فإن كثيرين لا يعتبرون هذا الأمر مهما، لكنهم في المقابل يعارضون برنامج إيران النووي السلمي. وأضاف: سنواصل مفاوضاتنا ما دمنا نستطيع من خلالها الدفاع عن حقوق شعبنا. فنحن لا نعتبر الدبلوماسية الخيار الأفضل فحسب، بل نعدها الطريق الوحيد، ولا نرى أي حل آخر”.

وتابع بأنه “يجب أن تكون المفاوضات والحوار على أساس دبلوماسية السلام من أجل السلام. لقد قدمت إيران جميع الضمانات الكافية والواضحة حول الطابع السلمي لبرنامجها النووي، ولذلك فإنها لا تقبل العقوبات المفروضة على الشعب الإيراني وتطالب برفعها فورا. كما أشكر مصر على دعمها ومساعدتها في هذا المسار، وسنواصل مفاوضاتنا مع مصر ودول المنطقة الأخرى بهذا الخصوص بشكل مستمر”.

وأعلن قائلا: “سأقوم بزيارة إلى دول المنطقة لإطلاعها على المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة. كما التقيت بغروسي، الذي كان موجودا هنا لأمر آخر، وتحدثت معه حول آخر المستجدات. ونحن نعتقد أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب أن تكون واعية إزاء الضغوط الغربية، وألا تقع تحت تأثير هذه الضغوط”. 

وشدد على “ضرورة أن تحافظ الوكالة الدولية للطاقة الذرية على طبيعتها التقنية واستقلاليتها، وأن بعض الدول تحاول استغلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية لفتح مسار التصعيد مع إيران، ونأمل ألا تقع الوكالة في هذا الفخ”.

حلّ وتسوية الملف النووي عبر الدبلوماسية

قال عبد العاطي في مؤتمر صحفي مشترك، بالإشارة إلى المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، إنه يجب حل ملف إيران من خلال الحلول السياسية وليس العسكرية.

وأشار إلى احتمال إقامة علاقات دبلوماسية بين طهران والقاهرة وكذلك القضايا الإقليمية وقال: “حدث تحول في العلاقة بين البلدين وهذا في مصلحة البلدين والمنطقة. وهدف مصر هو تقليل التوترات في المنطقة. وبالتأكيد ستستمر مشاوراتنا مع الجانب الإيراني”.

عبد العاطي: نؤكد مبدأ عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية لبعضها البعض

أشار عبد العاطي إلى تطوّر العلاقات بين القاهرة وإيران ودول الخليج، مشددا على الاتفاق على مبادئ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول، وحسن الجوار، واحترام السيادة. وأضاف: هذا هو الخط الأساسي في السياسة الخارجية لمصر، إذ لا يمكن لدولة واحدة أن تواجه المخاطر بمفردها، بل لا بد من التعاون بين الدول.

وسلّط الضوء على تهديدات النظام الإسرائيلي ضد إيران، مؤكّدا أن لدى مصر مبدأ راسخا في سياستها الخارجية يقوم على رفض استخدام التهديدات العسكرية. ولذلك، فإننا نرفض هذه التهديدات بشكل قاطع. إن جهود مصر دائما موجّهة نحو الحلول الدبلوماسية، وأي تصعيد في التوترات يشبه صبّ البنزين على النار، مما قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الأوضاع في المنطقة.

يجب تنفيذ معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية بالكامل

أكّد عبد العاطي أن مصر كانت من أوائل الدول التي دعمت مفاوضات إيران والولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه في يوم الإثنين 2 يونيو/حزيران 2025، أجرى اتصالا هاتفيا مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط في إدارة الرئيس دونالد ترامب ستيف ويتكوف، بشأن إيران. وأوضح أن هناك تفاهما مشتركا بين مصر والولايات المتحدة حول ضرورة اعتماد الحلول السياسية والسلمية.

وقال: “نحن نؤكد دائما رفضنا للمعايير المزدوجة، ولا ينبغي استثناء أي طرف من الالتزام بالقوانين الدولية. ويجب تنفيذ معاهدة منع الانتشار النووي بشكل كامل. كما أشرتُ اليوم إلى هذا الموضوع خلال محادثة مع غروسي. وسنواصل جهودنا في هذا المجال”.

وأضاف: “نحن نرغب في إتمام المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بوساطة سلطنة عمان، ولن ندخر جهدا في تقديم أي مساعدة لتحقيق ذلك. كما شددنا على ضرورة منع انتشار الأسلحة النووية وتنفيذ معاهدة منع الانتشار بالكامل”.

ستستمر المشاورات السياسية بين طهران والقاهرة على مستوى الوزراء

ركز عبد العاطي على وجود رغبة كبيرة بين إيران ومصر لإقامة علاقات، مشيرا إلى أنه في هذا الإطار تقرر أن تستمر المشاورات السياسية بين البلدين بخصوص القضايا الثنائية بشكل منتظم على المستوى الوزاري.

وتحدث عن حرب غزة والإجراءات التي اتخذتها القاهرة وقال: “خلال هذه الزيارة، أطلعْنا عراقجي على جهود ومبادرات مصر المتعلقة بإقامة وقف لإطلاق النار في غزة. وعلينا أن نسعى لمنع تصاعد التوترات في المنطقة، لأن منطقتنا تعاني حاليا من الكثير من المشاكل”.

يجب على جميع الجهات المعنية بذل الجهود لضمان أمن الملاحة البحرية في المنطقة.
وأفاد عبد العاطي، في حديثه عن محاور النقاش مع عراقجي، بقولو: “ناقشنا ملف البحر الأحمر وأمن الملاحة البحرية، وهو موضوع بالغ الأهمية للعالم بأسره. فلقد تكبدنا خسائر كبيرة نتيجة تصاعد التوترات في هذه المنطقة”. 

وفي الختام أعرب عن ترحيبه بوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة والجانب اليمني، “ونتمنى أن تستمر هذه التهدئة وأن تؤتي ثمارها في تعزيز أمن الملاحة. ونأمل أن تبذل جميع الأطراف في المنطقة جهودا جادة لضمان سلامة الملاحة البحرية”.

كلمات مفتاحية: