المتشددون في مواجهة بزشكيان: محاولة لإفشال الحكومة عبر الاستهداف والتصعيد

كشفت صحيفة آرمان ملي الإيرانية، في تقرير لها يوم الأربعاء 11 يونيو/حزيران 2025، عن تصاعد الحملة التي يقودها التيار المتشدد داخل البرلمان الإيراني ضد حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، مشيرة إلى أن المتشددين لم يتقبلوا بعدُ هزيمتهم في الانتخابات الأخيرة، ويعملون منذ تشكيل الحكومة على تقويض أدائها وإضعاف رموزها المؤثرة. 

كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي”، أن المتشددين لم يقبلوا بعدُ بهزيمة الانتخابات ولم يستوعبوها، وخلال الأشهر التسعة الماضية التي تولّت فيها حكومة بزشكيان السلطة، قاموا بكل ما بوسعهم لإظهار الحكومة بمظهر العاجز، وإثارة استياء المجتمع من أدائها.

وتابعت أن الحديث يدور حول المتشددين الذين، منذ اليوم الأول لتشكيل حكومة بزشكيان حتى الآن، لم يسمحوا لرئيس الجمهورية والمسؤولين الحكوميين بأن يهنؤوا بلحظة راحة، بل ضيّقوا الخناق عليهم من خلال تحركات متقطعة، مما جعل الظروف أكثر صعوبة وتقييدا بالنسبة للحكومة.

وأضافت أن هؤلاء المتشددين اتخذوا مواقف متصلّبة ومنغلقة تجاه سياسات الحكومة في مختلف المجالات، بل قاموا ببعض التحركات التي كانت تهدف بوضوح إلى تأخير عمل الحكومة وتعطيله.

وذكرت الصحيفة أن بداية هذه التحركات تعود إلى اللحظة التي رشّح فيها رئيس الجمهورية وفريقه المعني باختيار الوزراء أسماء محددة لتولي الحقائب الوزارية، ثم تم تعيين نواب رئيس الجمهورية، وهي تعيينات لم تكن بأي شكل من الأشكال مرضية للمتشددين.

وتابعت “آرمان ملي” أن ذلك كان إيذانا ببدء المواجهة، والإهانات، وحملات التشويه ضد الرئيس والمسؤولين الحكوميين.

 ولهذا، بدأوا بشكل متكرر باستهداف أحد المسؤولين، من نواب الرئيس إلى الوزراء، بحملات تشويه واتهامات وافتراءات.

وتابعت الصحيفة بالقول إن هؤلاء كأنهم لا يمثّلون الشعب في دوائرهم الانتخابية، بل دخلوا قبة البرلمان فقط من أجل تحقيق أهداف خاصة.

حل المشكلات

وكتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي” أن نظرة سريعة إلى أداء الغالبية الساحقة من المتشددين خلال العامين الماضيين تُظهر إلى أي مدى لم يتخذوا خطوات حقيقية لحل مشكلات ومطالب أهالي دوائرهم الانتخابية، وسندرك أن عددا كبيرا منهم لا يحمل أدنى همّ لمشكلات دوائرهم، بل على العكس، كلّ ما يشغلهم هو معارضة الإجراءات، والمشاريع، والقرارات التي تتخذها الحكومة في مختلف المجالات.

وأضافت الصحيفة أن هذا هو السبب الذي جعل المتشددين يرفضون يد التعاون التي مدّها مسعود بزشكيان، عندما طرح شعار “الوفاق الوطني” في موقعه كرئيس للجمهورية، ودعا نوّاب البرلمان إلى التعاون، فقد أظهر المتشددون بوضوح نهجهم التصادمي، ورفضوا هذه المبادرة.

وتابعت أن هؤلاء عمدوا إلى إطلاق مشروع يستند إلى فكرة أنه إذا لم يتمكنوا من إيصال الحكومة التي يرغبون بها إلى السلطة، فعليهم على الأقل أن يُقعدوا الحكومة الحالية ويشلّوا حركتها، وفي هذا السياق، سعوا إلى إبعاد الأشخاص الأكفاء والمؤثرين عن دائرة الرئيس.

وذكرت “آرمان ملي” أن هذا المسار بدأ باستجواب عبدالناصر همتي، وزير الاقتصاد، بعد مضي ستة أشهر فقط على توليه المنصب، وهو ما شكل انطلاقة هذا النهج التصادمي، ليتبعه بعد ذلك تصعيدٌ متواصلٌ ضد الحكومة، وضغوطٌ أجبرت محمد جواد ظريف، النائب الاستراتيجي للرئيس، على تقديم استقالته، كنوع من الانتقام السياسي من بزشكيان وحكومته.

جواد ظريف

كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي” أن الهجمات التي شنّها المتشددون ضد محمد جواد ظريف كانت منذ البداية نابعة من مشاعر الحقد والكراهية التي يحملونها تجاهه، لا بسبب تولّيه منصب نائب رئيس الجمهورية، بل بسبب شخصيته المؤثرة داخل الحكومة، وكونه من العناصر النشطة والرائدة في حكومة بزشكيان، كما أنه كان اليد اليمنى للرئيس عند تشكيل الحكومة.

وتابعت الصحيفة أن المتشددين بذلوا كل جهدهم لإقصائه من الحكومة، مستخدمين في ذلك قانون “الوظائف الحساسة” المثير للجدل، وبالاستناد إلى ادّعاء أن أبناء ظريف يحملون جنسية مزدوجة، في محاولة لإبعاده عن العمل الحكومي.

وأضافت أن هذه الضغوط، التي مورست من خلال إثارة الجدل والضغط على رئيسَي البرلمان والسلطة القضائية، أدّت في نهاية المطاف إلى دفع ظريف للاستقالة، ولكن ذلك لم يُحقق شيئا لمهاجميه، إذ لم يقلل من تأثيره أو شعبيته، بل إنه لا يزال أحد أبرز الشخصيات السياسية في البلاد، سواء في المجال الداخلي أو الخارجي.

وذكرت الصحيفة أن هذه لم تكن نهاية المشروع المتشدد، فخطة إفراغ الحكومة من العناصر الكفوءة لا تزال مستمرة. 

وكما أعلن المتشددون من قبل، فإنهم وبعد ظريف، توجهوا نحو محمد رضا عارف، النائب الأول لرئيس الجمهورية، ليكون الهدف التالي، بحجة أن أبناءه يحملون جنسية مزدوجة أيضا، ويسعون لتكرار سيناريو ظريف معه.

وتابعت “آرمان ملي” أن المتشددين لن يتوقفوا عند هذا الحد، بل إنهم، وفقا لتصريحاتهم، يخططون بعد عارف لاستهداف “قائم‌بناه”، النائب التنفيذي لبزشكيان، وحتى وزير الاقتصاد المقترح لن يكون بمنأى عن هجماتهم.

وتابعت الصحيفة بالقول إن الرئيس يجب أن يسعى إلى مواجهة جادة لحل هذه القضية، وأن يعمل على إنهاء هذه الآفة المتمثلة في التطرف من خلال طرح الموضوع في جلسات رؤساء السلطات أو على طاولة المسؤولين الكبار في النظام، حتى لا يستمر المتشددون في افتعال الأزمات وإلحاق مزيد من التكاليف بالحكومة.

هجوم حميد رسايي

كتبت الصحيفة الإيرانية “آرمان ملي” أن النائب المتشدد عن طهران حميد رسايي شنّ هجوما حادا على المسؤولين الحكوميين خلال جلسة علنية للبرلمان، حيث أشار إلى وضع بعض المسؤولين قائلا: السيد عارف يواجه المشكلة نفسها التي واجهها السيد ظريف، بل إن وضعه أسوأ، لأن ابنه يحمل جنسية أجنبية.

وتابعت الصحيفة أن رسائي أشار أيضا إلى قضية مدني‌زاده، وصرّح بأنه يواجه مشكلة مشابهة تتعلق بالجنسية المزدوجة.

وأضاف رسايي، مع تأكيد ضرورة الالتزام بالقانون، أن “بعضهم يقول إن الوزير مستثنى من قانون الوظائف الحساسة، في حين أن هذا غير صحيح، إذ لا يوجد مثل هذا الاستثناء في القانون، والوزير أيضا مشمول بهذا القانون”.

وأردف قائلا: “بالنسبة لي لا يهم إن كان الشخص المعني هو السيد ظريف أو السيد عارف، أو إن كان إصلاحيّا أو أصوليّا؛ القضية تتعلق بالالتزام بالقانون وبالشفافية في إدارة شؤون البلاد”.

انتقام من الحكومة

كتبت الصحيفة الإيرانية أن ناشطا سياسيا من التيار الأصولي علّق على تصرفات المتشددين ضد الحكومة، مشيرا إلى أن التيار المتشدد داخل البرلمان يواجه أزمة على مستوى المقبولية والمشروعية، وأن التيار الذي لا يمثل سوى 4% فقط من أصوات الشعب، بطبيعة الحال، يعاني من فقدان الشرعية في الرأي العام عند اتخاذ أي قرار.

وأضافت الصحيفة أن محمد مهاجري، في تصريح لـ آرمان ملي، قال: “تخيلوا أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم يريدون انتقاد الحكومة؛ من الطبيعي أن تيار المتشددين في البرلمان لديهم مشكلة مع كل شخص عقلاني داخل الحكومة، وهم يسعون لإخراج هؤلاء الأشخاص من الساحة بأي وسيلة أو تهمة ممكنة”.

وتابعت أن مهاجري أشار إلى أن الأهم من ذلك هو أن هؤلاء المتشددين خسروا الانتخابات، ومرشحهم لم ينجح، ولا يمكنهم فعل شيء حتى مرور ثلاث سنوات.

وقال مهاجري: “المتشددون في الواقع ينتقمون من الحكومة الجديدة بسبب فشل مرشحهم في الانتخابات، ومن الطبيعي أن تواجه الحكومة ردود فعل مختلفة أمام هذا النوع من الهجمات؛ فقد تتخذ موقفا دفاعيا أو تدخل في مواجهة هجومية”.

وأردف قائلا: “البرلمان أيضا ينتظر مثل هذه المواقف ليجد ذريعة لتوجيه سؤال أو القيام باستجواب، وبالتالي مضايقة الحكومة بأسلوب ما”.

وأضاف الناشط الإعلامي: “لذلك، فإن اقتراحي هو أن تلتزم الحكومة الصمت التام أمام مثل هذه الهجمات المتوقعة، وألا تدخل في اللعبة التي رسمها لها هذا التيار”.

وذكرت “آرمان ملي” أن مهاجري عبّر عن اعتقاده أن طريق إنقاذ الحكومة يكمن في التجاهل التام للبرلمان، وقال: “الدكتور بزشكيان يجب أن يحل هذه القضية في مستويات أعلى من البرلمان، مثل جلسة رؤساء السلطات أو بحضور المرشد الأعلى، كي لا يتمكّن متشددو البرلمان من وضع العراقيل أمام الحكومة يوما بعد يوم”.