بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران.. هل ينتهي التوتر بين طهران وتل أبيب؟

ترجمة: شروق السيد

شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا جديدا في العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، حيث شنت إسرائيل هجوما جويا على إيران فجر السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، مما أثار ردود فعل واسعة حول الأبعاد السياسية والعسكرية لهذا الهجوم،  يتناول هذا التقرير الذي نشرته “شبكة شرق” تحت عنوان “هل انتهى التوتر بين طهران وتل أبيب؟”، تحليلات مجموعة من الخبراء الإيرانيين، الذين يسلطون الضوء على المخاوف من تصعيد الصراع، والاحتمالات المطروحة للرد الإيراني.

كتبت صحيفة “شبكة شرق”: في ما يتعلق بالهجوم الأخير الذي شنته إسرائيل على إيران، يبرز الآن السؤال الأساسي حول رد طهران وما إذا كنا سنشهد عملية “الوعد الصادق” الثالثة، أم أن فشل الهجوم الإسرائيلي قد يعني نهاية المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب؟

وفي هذا السياق، يرى حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني السابق، في تحليله على شبكة X، أن “العملية العسكرية الانتقامية التي نفذتها إسرائيل اليوم ضد إيران كانت محدودة، وقد أكدتُ مرارا وتكرارا في مقالات ومقابلات، سواء قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أو بعدها، ضرورة وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وبما أن الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الواسع النطاق الذي شنته إيران قبل أسابيع كان محدودا، فإنه من أجل السلام والاستقرار والأمن، من الأفضل أن:

1- يتم إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.

 2- توقف إسرائيل هجماتها العسكرية على لبنان بناءً على قرار مجلس الأمن رقم 1701. 

3- يتم وقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، واتخاذ خطوة كبيرة نحو السلام والأمن في الشرق الأوسط عبر تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن إقامة دولتين”.

 أحمد زيد آبادي: الرد الفوري يعني تصعيد الحرب 

 كما كتب أحمد زيدآبادي على قناته في تليغرام قائلا: “الرد الفوري يعني تصعيد الحرب وظهور تداعياتها السياسية والاقتصادية، خاصةً مساعدة حملة دونالد ترامب الانتخابية في أمريكا، والمماطلة في الرد أو عدم الرد فتعني زيادة الضغط من القوى المتشددة المحلية على الحكومة واتهامها بالاستسلام، مما يؤدي إلى إثارة التوترات السياسية في البلاد”.

زيبا كلام: جهود بايدن في إدارة التوتر بين طهران وتل أبيب آتت ثمارها

من زاوية أخرى، يمكن النظر إلى الهجوم الإسرائيلي فجر السبت من خلال ما قاله صادق زيباكلام، الذي نشر رأيه حول ما حدث كالتالي: ” لم يكن الهجوم الجوي الإسرائيلي فجر اليوم (السبت)  على إيران بمثابة إنجاز عسكري لتل أبيب بقدر ما كان نجاحا دبلوماسيا لواشنطن التي استطاعت إقناع نتنياهو بتقليص نطاق الهجوم؛ حتى لا تضطر إيران إلى الرد، لقد أظهر الأمريكيون مجددا أنهم لا يرغبون في الحرب مع إيران”.

وبناءً على هذا التحليل المقتضب على منصة X، يرى صادق زيباكلام، خلال حوار له مع جريدة “شرق”، أن “جهود جو بايدن لإدارة الصراع والحرب بين إيران وإسرائيل قد أثمرت إلى حد كبير”، ومع هذا الهجوم المحدود فجر السبت، يرى أن “احتمال رد إيران ضعيف للغاية”، إلا إذا كانت هناك “تيارات راديكالية داخل البلاد تسعى إلى استمرار الصراع والتوتر مع إسرائيل، وتستغل هذا الهجوم المحدود كذريعة لمواصلة المواجهة”.

وبناءً على هذا التحليل القصير على منصة X، يرى صادق زيباكلام، خلال حوار له مع جريدة “شرق”، أن “جهود جو بايدن لإدارة الصراع والحرب بين إيران وإسرائيل قد أثمرت إلى حد كبير”، ومع هذا الهجوم المحدود فجر السبت، يرى أن “احتمال رد إيران ضعيف للغاية”، إلا إذا كانت هناك “تيارات راديكالية داخل البلاد تسعى إلى استمرار الصراع والتوتر مع إسرائيل، وتستغل هذا الهجوم المحدود كذريعة لمواصلة المواجهة”.

وتابعت الصحيفة: ويقر هذا المحلل السياسي بأن “تنفيذ هذا الهجوم المحدود يظهر من جهةٍ أن الأمريكيين وجو بايدن، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، نجحوا في السيطرة على إسرائيل، ومن جهة أخرى، أن نتنياهو والإسرائيليين يقرّون بعدم رغبتهم في مواجهة شاملة مع إيران”. كما يرى زيباكلام أنه من الممكن أن “توجد قراءة مشابهة في طهران، حيث قد يسعى صناع القرار هناك إلى إنهاء الصراع عند هذه النقطة بعد هجوم فجر السبت من إسرائيل”.

وفي حديثه مع صحيفة “شرق”، يعاود صادق زيبا كلام تقييم التوتر بين إيران وإسرائيل بعد الهجوم الذي شنته إسرائيل فجر السبت، ويؤكد أن “التطورات الإقليمية، خاصةً حرب إسرائيل في لبنان وغزة، ستستمر، وأن تنفيذ خطة بايدن لإدارة التوتر بين طهران وتل أبيب يعتمد بشكل كبير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى بعد نحو 10 أيام”.

وفقا لهذا التحليل، يرى هذا الأستاذ الجامعي أنه “من غير المحتمل أن يسعى نتنياهو، رغم تعاونه الحالي مع بايدن في الهجوم المحدود على إيران، إلى إنهاء الحرب في غزة وجنوب لبنان قبل أن يتضح من سيكون الرئيس القادم للبيت الأبيض”، مشيرا إلى أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي يأمل بشكل جاد، عودة دونالد ترامب إلى السلطة”.

وفي سياق متصل، تطرق إلى وضع الاقتصاد الإيراني وتداعيات الحرب عليه، مشيرا إلى أن “ما ذكره مسعود بزشكيان حول تأثير الحرب على الاقتصاد الإيراني لا يقتصر فقط على الصراعات في الشرق الأوسط أو التوتر بين إيران وإسرائيل”، ولهذا السبب، ورغم انخفاض الأسعار في أسواق الذهب والعملات منذ صباح السبت، يرى زيباكلام أن “استمرار بعض العوامل مثل العقوبات، والبقاء في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF)، والفساد، وسيطرة الدولة على الاقتصاد، لا يزال يُبقي الاقتصاد الإيراني في وضع متأزم بل حتى قريب من حالة الحرب”.

نوبندجاني: الصراع بين إيران وإسرائيل أعمق من أن ينتهي عند هذه النقطة الحالية

وعلى النقيض لما ذكره صادق زيباكلام، قال محمد جواد جمالی‌نوبندجاني، وهو خبير سياسي وعضو سابق في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، في حديثه مع صحيفة “شرق”، أن “هجوم إسرائيل فجر السبت لا يمكن أن يكون نقطة نهاية أساسية واستراتيجية للصراع بين طهران وتل أبيب”، وحسب قول هذا العضو السابق في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، “في عملية الوعد الصادق 1، تم الاعتقاد بأن الطرفين قد توصلا إلى تفاهم لإنهاء الصراع، لكن لاحقا شهدنا سلسلة من الهجمات والاغتيالات التي قام بها نتنياهو، مما دفع إيران إلى تنفيذ عملية الوعد الصادق 2 ردا على اغتيال إسماعيل هنية ومقتل حسن نصرالله”.

وبناءً على ذلك، يرى هذا المحلل البارز في الشؤون الدولية أنه “ربما يمكن تصور خفض التوترات بين الطرفين في الوقت الراهن، لكن لا يوجد ضمان بأن إسرائيل لن تصعّد هجماتها وتجاوزاتها مرة أخرى في الأيام والأسابيع المقبلة، لدرجة أن تدفع طهران إلى تنفيذ عملية الوعد الصادق 3”.

وتماشيا مع ما ذكره زيباكلام، يعتقد نوبندجاني أيضا أن “بايدن، في الأيام التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حاول استخدام كل طاقاته السياسية والدبلوماسية لتقييد الهجوم الإسرائيلي والسيطرة على التوتر بين طهران وتل أبيب”، ومن جهة أخرى، يشير إلى أن “إيران، بوعي وحذر، عليها أن لا  تنجر إلى اللعب في ملعب نتنياهو، ومع أن الظروف مهيأة لوقف التوتر المباشر بين إيران وإسرائيل، إلا أن نوبندجاني يقر بأنه “طالما استمرت النزاعات الإسرائيلية في لبنان وفلسطين، فإن الأزمة وعدم الاستقرار والتوتر ستظل تلقي بظلالها الثقيلة على الشرق الأوسط برمته”.

النقطة الأهم التي يركز عليها هي مسألة فك ارتباط الاقتصاد الإيراني عن تأثير التحولات الإقليمية وظلال الحرب، من وجهة نظر نوبندجاني، “ليس فقط الانخفاض الكبير في الأسعار يوم السبت وارتفاع مؤشرات البورصة دليلا على أن ظلال الحرب لن تثقل كاهل الاقتصاد، بل إن مرونة الاقتصاد الإيراني وقدرته على التكيف مع التطورات الدبلوماسية بلغتا حدا بحيث إن الضغوط النفسية الناجمة عن أحداث مثل عقد اجتماع ربع سنوي لمجلس المحافظين أو إصدار بيانات معادية لإيران لم تعد تؤثر على أسعار العملات والذهب في السوق الحرة”، ومن هذا المنطلق، يعتقد أن “قدرة الاقتصاد الإيراني على التكيف ستزداد تدريجيا”.

كلمات مفتاحية: