- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 46 Views
كتب: زينب بيه
في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة التي تشهدها إيران، تَبرز حكومة بزشكيان كأحد أبرز العناصر المؤثرة في المشهد السياسي الحالي. فمنذ توليه منصبه، واجه الرئيس بزشكيان مجموعة من الانتقادات التي تعكس التباين الكبير في وجهات النظر حول كيفية إدارة البلاد، وتناول حمید رضا بور في حديثه، الأسباب الأربعة الرئيسية التي تقف وراء الانتقادات الموجهة لحكومة بزشكيان، كما أكد أن الحكومة الحالية تتمتع بدعم القيادة الإيرانية، وتسعى لتعزيز الوفاق الوطني من خلال استراتيجيات تتماشى مع المطالب الشعبية والإصلاحية. وفي هذا الإطار، يلعب محمد خاتمي أيضاً دوراً حيوياً في دعم الحكومة الجديدة… واستراتيجية إصلاحية في مواجهة التحديات.
الأسباب الأربعة وراء الانتقادات الموجهة إلى حكومة بزشكيان:
بحسب تقرير نشرته وكالة أنباء خبر أونلاين، بتاريخ 2 سبتمبر/أيلول 2024، فقد صرح حمید رضا بور بأن “الانتقادات الموجهة إلى حكومة بزشكيان من قِبل الإصلاحيين تنبع من أربعة اسباب رئيسية. أولها يتعلق بالمشاكل الاقتصادية ونقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والبيئة، وتعتبر هذه الانتقادات بنّائه، ويجب على الحكومة أن تأخذها بعين الاعتبار، وفي رأيي الشخصي، تسير حكومة بزشكيان في هذا الاتجاه دون دعاية أو تسليط ضوء على إنجازاتها، وأنا متفائل بشأن ذلك”. ويأتي الانتقاد الثاني من القوى الساعية للإطاحة بالنظام ووسائل الإعلام التابعة لها، فهؤلاء يعتبرون أن النظام انتهى منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في عام 2018، وهم ما زالوا ينتظرون حدوث ثورات بالشراكة مع اليمين المتطرف في الغرب مثل ترامب ونتنياهو للإطاحة بالحكومة، هذا الغضب يتجلى في زيارات -رضا بهلوي- (ناشط سياسي والابن الأكبر لآخر ملك في إيران) لنتنياهو، بينما يستمر الأخير في قتل الأبرياء بغزة. وسائل الإعلام غاضبة؛ لأن الانتخابات أُجريت، وفاز بزشكيان، الذي يُعتبر عادلاً وشعبياً وليس مخادعاً للشعب، لذلك يقومون بتخريب سمعة بزشكيان، وازداد غضبهم عندما تم تشكيل الحكومة الجديدة المتخصصة والنزيهة وغير المثيرة للجدل.
وبالنسبة للانتقاد الثالث، فيأتي من جانب المتشددين المؤيدين لمبادئ جبهة الصمود، هؤلاء كانوا يودون أن يظلوا في السلطة إلى الأبد، وكانوا يظنون أنهم سيستمرون في البقاء في شارع باستور (وهو شارع مهم في طهران توجد فيه المؤسسات الحكومية الرئيسية). وفجأة، في 5 يوليو/تموز 2024، واجهوا كابوس الهزيمة في الانتخابات… وبدأوا بتدمير حكومة بزشكيان باستخدام إمكانات “الدولة العميقة” (هو مفهوم يُستخدم لوصف أجهزة حكم غير منتخبة تتحكم في مصير الدولة كالجيش، الأحزاب الحاكمة، أو المؤسسات البيروقراطية المدنية أو الأمنية). يكفي أن تلاحظوا الهجمات التي يشنها جعفر نبويان في البرلمان ضد بزشكيان. والسبب الرابع يأتي من جانب التيار التحولي، فهؤلاء يعتبرون أن الانتخابات والمشاركة فيها ليست مفيدة دون حدوث تغييرات هيكلية في النظام. ويقولون إنه حتى لو كان بزشكیان شخصاً جيداً، فلن يتمكن من تحقيق تغييرات جذرية في البلاد، فهم غير راضين عن نجاح بزشكيان ويعتبرونه تأخيراً في الإصلاحات الهيكلية، على الرغم من أن أعماله الحالية تُعتبر إصلاحات ضرورية وبأقل تكلفة. وبعد تشكيل الحكومة الجديدة، باتوا يضخمون أي عيب يظهر فيها ويوجهون انتقادات لاذعة لا بنّاءة، فهم لا يأخذون بعين الاعتبار أن حكومة بزشكيان لم يمضِ على توليها المنصب سوى أسبوعين… هذه الأسباب الأربعة تُظهر أن حكومة بزشكيان تواجه تحديات جدية، ومن الضروري أن تعزز منظومتها الإعلامية بشكل أكبر لتستجيب بسرعة للانتقادات البناءة، فإن الانتقادات في السياق الأول تُعتبر واقعية ومقبولة كجزء من الرقابة على الحكومة. أما الانتقادات الثلاثة الأخرى، فتُعتبر رغبات وأحلاماً أكثر من كونها واقعاً.
الحكومة الحالية في إيران مزيج من التوجهات والإصلاحات:
ويكمل بور حديثه قائلاً: “في رأيي، حكومة بزشكيان حكومة تنموية، محورية، إصلاحية، ولا تستغل الشعب، وتتشكل حكومة بزشكيان من مديرين من مختلف التوجهات، فهي حكومة تركيبية، ورغم أنها ليست ممثلة لجميع الفئات، فإنها ليست احتكارية، وتسعى لتعزيز الوفاق والتضامن في النظام السياسي وبين الشعب، فربما تتاح لنا فرصة تاريخية لإعادة إيران إلى مسار التنمية”.
وأضافَ أن النظام السياسي كان مغلقاً منذ انتخابات عام 2019. وبعد انتخابات عام 2021، انقسم الإصلاحيون تقريباً إلى تيارين، الأول والذي كان جزءاً من جبهة الإصلاح، استمر في تأكيد المشاركة في الانتخابات كوسيلة لتغيير الوضع، وقد دافعوا عن عبد الناصر همتي في انتخابات عام 2021، رغم أنهم خسروا. وفي انتخابات عام 2023، شاركوا ونجحوا في تشكيل (من 80 إلى 100 عضو) في البرلمان الأخير. أما التيار الثاني من الإصلاحيين فقد اعتبروا أنه بسبب الاستياء والرقابة الصارمة، لم تكن المشاركة في انتخابات عام 2021 و2023 مُجدية، ولم يكونوا نشطين في الانتخابات مثل التيار الأول. ولكن شارك محمد خاتمي، الرئيس الإيراني الأسبق (1997-2005) في هذه الانتخابات، فهو يحظى بقبول جميع الإصلاحيين ودعم بزشكيان. فمن الواضح أن التيار الأول أكثر نشاطاً وحرارة في الانتخابات، بينما التيار الثاني هو الأقل نشاطاً ولم يحقق نتائج كبيرة، كما حدث مع جواد ظريف.
دور خاتمي في دعم الحكومة الحالية واستراتيجية الإصلاح التفاعلية:

وأفصحَ بور أن خاتمي هو الشخصية السياسية الأكثر شعبية وتأثيراً بين جبهة الإصلاحيين والمعتدلين في البلاد. إنه رصيد مهم للمجتمع المدني الإيراني، ولحسن الحظ، فإن العلاقة بين خاتمي وحكومة بزشكيان علاقة وثيقة، وسنرى آفاقاً إيجابية في انتخابات مجالس 2025. وأما الأشخاص الذين فقدوا الأمل في الانتخابات، فمن المرجح أن ينضموا إلى التيار التحولي. والجدير بالذكر أن التيار الإصلاحي لا يتطلب إعادة النظر في استراتيجياته ونهجه.
كان النموذج السياسي للإصلاح في عام 2024، نموذجاً “تفاعلياً” وليس “تصادمياً”، حيث إنه نظراً إلى الظروف المتقلبة عالمياً وإقليمياً، ومع المشاكل المعيشية ونقص الخدمات الأساسية والبيئية، فإن طريق إنقاذ البلاد يكمُن في الاستفادة من أهم الأصول المتاحة، وهذا الأصل هو الحكومة الإيرانية نفسها، فيمكنها التعاون مع المجتمع المدني والشعب، وربما تُخرج المجتمع الإيراني من مشاكله الحالية. أما مشروع الإطاحة بالنظام، فهو كفتح أبواب الجحيم على الشعب الإيراني لإرضاء نتنياهو.
تفاؤل بأداء حكومة بزشكيان ودعمها من قِبل القيادة:
الإقدامات التي يتبعها الرئيس، مثل رفع الإقامة الجبرية، والتعامل مع النساء بشأن مسألة الحجاب، ورفع الحظر الإلكتروني عن بعض البرامج، هي مطالب تتماشى مع توجهات الرأي العام القريب من التيار الإصلاحي. ويقول بور: “أنا متفائل بأداء حكومة بزشكيان الحالية والمستقبلية، وتفاؤلي يعتمد على عدة أسباب، لأن المرشد والحرس الثوري لا يعتزمون مواجهة حكومة بزشكيان، والقيادة تدعم نجاحها، وأن بزشكيان اختار مديرين أكفاء وذوي خبرة في الرئاسة وفي مجلس الوزراء، وإضافة إلى أنه شخصية شعبية يشعر بآلام الناس، ويسعي لمعالجة قضايا مهمة في المجتمع مثل النساء والحجاب. وأعتقد أنه إذا انهزم ترامب في الانتخابات الأمريكية القادمة، فستُعزز نجاحات حكومة بزشكيان”.