- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 42 Views
رسميًا استلم مسعود بزشكيان منصبه كرئيس جديد لإيران، -اليوم الأحد- بعد أن أعلن المرشد الأعلى لإيران تنصيب بزشكيان في مراسم أقيمت بحسينية الإمام الخميني في طهران.
وبحسب بيان مكتب المرشد الإيراني فإنّ تنصيب بزشكيان جاء “تكريسًا لإرادة الشعب العظيم وإنفاذًا لأصواتهم فإنّ (المرشد يقلد) بزشكيان منصب رئيس الجمهورية.
وكان لافتًا في بيان التنصيب الذي تلاه مدير مكتب المرشد، وصفه لبزشكيان بـ”العالم الحكيم الصادق والشعبي” في وقت يسارع فيه بزشكيان لتشكيل حكومته الجديدة وسط ضغوط من عدة دوائر على الرئيس الجديد لحسم أسماء الحكومة.
وفي كلمته تعهد بزشكيان بـ”العدالة والإنصاف وخدمة الشعب الإيراني بكل قوة، ورفع مستوى الدخل للمواطنين والاستثمار في الموارد الإنسانية” مشددًا على أهمية الالتزام بالسياسات العامة وإرشادات المرشد خامنئي.
وأمام بزشكيان تحدٍ كبير لتشكيل أول حكوماته، بالنظر إلى جملة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه إيران، وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي نتيجة إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران، والبرنامج النووي الإيراني، والفصائل المسلحة في الإقليم التي تدعمها إيران باسم “محور المقاومة” والتهدئة مع دول الخليج العربي وغيرها.
عين بزشكيان محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق رئيسًا لمجلس قيادة المرحلة الانتقالية، ليتعهد الأخير في تصريحات صحفية له بأن تكون الحكومة المقبلة حكومة وحدة، مع التأكيد على أن بزشكيان هو مرشح التيار الإصلاحي الذي قدم له الدعم في كل الانتخابات ولذلك من– المنطقي – أن يكون له حصة ممثلة في الحكومة.
وشرح ظريف في تصريحاته آلية عمل المجلس الذي شكله بزشكيان وأوكل له وضع قوائم مرشحي الوزارات المختلفة، حيث تم تشكيل 5 فرق تنقسم بين أمني وسياسي، واقتصادي، وخدمي، وتنموي، وثقافي، بعد التواصل مع أقطاب التيارات السياسية في إيران، بما في ذلك منافس الرئيس، سعيد جليلي، وأسماء أخرى بوزن رئيس البرلمان الأسبق علي أكبر نوري، ورئيسا الجمهورية السابقين محمد خاتمي، وحسن روحاني.
بحسب ظريف فإنّ مجموعات العمل ستقدم في النهاية قائمة من عدة أسماء لكل وزارة يختار من بينها الرئيس مرشحه النهائي، حيث إنّ بزشكيان هو صاحب الحق الحصري والوحيد في تسمية الوزراء، بحسب تأكيد ظريف في تصريحاته أكثر من مرة.
بحسب قراءة للصحف الإيرانية المختلفة يمكن وضع ملامح أساسية للقوائم الوزارية المرتقبة، أهمها أن يكونوا ملتزمين بأسس الثورة الإسلامية، وكذلك خطاب وتوجه الرئيس الجديد، وأن يكونوا بعيدين عن الانحيازات القومية والفئوية.
وبحسب تسريبات إعلامية فإنّ أكثر من نصف الوزراء سيتولون مهامهم لأول مرة، فيما ستكون أعمارهم أقل من 50 عامًا، من أجل ضخ دماء جديدة في النظام الإيراني، ودفع جيل جديد في مكاتب السلطة الإيرانية.
وعلى الرغم من أن الصلاحيات الأولى والأخيرة في النظام الإيراني حصرًا بيد المرشد علي خامنئي، إلا أن صلاحيات رئيس الجمهورية في إدارة دولاب العمل اليومي الحكومي، والتوقعات العالية المصاحبة لانتخاب بزشكيان تجعل من تشكيل الحكومة أمرًا ينتظره الإيرانيون والمراقبون حيث يعول المجتمع الإيراني على بزشكيان لرفع المستوى الاقتصادي وتنفيذ إصلاحات واسعة في النظام السياسي والاجتماعي الإيراني، الذي يهيمن عليه المحافظون هيمنة واسعة.
في لقطة سريعة عن ما ينتظر بزشكيان من قبل المحافظين المهيمنين على النظام ومؤسساته، لم يذكر التلفزيون الرسمي الإيراني، اسم الرئيس الأسبق محمد خاتمي، بعد أن استقبل بزشكيان في مكتبه، حيث اكتفى البيان التلفزيوني الرسمي بوصف خاتمي، برئيس الحكومة السابعة، ولم يذكر اسمه، نتيجة للحظر الإعلامي المفروض على قادة الإصلاحيين منذ 2009، إثر اعتراضهم على نتيجة فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية.
الصراع الانتخابي الحاد بين الإصلاحيين والمحافظين في الانتخابات الرئاسية التي خسرها المحافظون انتقلت حدته إلى تراشق إعلامي بين الصحف المحسوبة على كلا التيارين، للتأثير على بزشكيان في اختيار تشكيلته الحكومية الأولى.
صحيفة كيهان، الناطقة بالفارسية، والمحسوبة على مقربين من المرشد الإيراني، وصفت عمل المجلس الانتقالي الذي يرأسه ظريف بأنه “سبب حالة من الحيرة والضياع” للرئيس بزشكيان.
وتابعت الصحيفة أن الإصلاحيين يخوضون معارك ضارية للفوز بالمناصب، واصفة إياهم بالمفلسين الذين لم يجلبوا سوى المشاكل والأزمات، قبل أن ترسم الحل لبزشكيان بـ”ضرورة اعتماد تعليمات المرشد”.
فيما قالت صحيفة “جملة” إن سيطرة الأصوليين على البرلمان، سيكون أول تحدٍّ يواجهه بزشكيان في اختيار أسماء الحكومة، حيث يتوقع المراقبون خلافات كبيرة مع البرلمان حول المرشحين.
صحيفة آرمان ملي، انتقدت اتجاه بزشكيان لتشكيل حكومة وفاق وطني، خصوصًا مع وجود أسماء مثل خاتمي، وروحاني، وجواد ظريف حول بزشكيان، والمعروفين بمواقفهم الحادة والصريحة ضد المحافظين، متسائلة كيف يمكن تحقيق الوفاق الحكومي بين الإصلاحيين والمحافظين في ظل ضغوطات التيار المحافظ ضد بزشكيان المستمرة منذ إعلان فوزه في معركة حشد لها المحافظون كل طاقاتهم ومجهوداتهم.
صحيفة كيهان المقربة من المرشد اعتادت وصف الدائرة المحيطة بالرئيس بزشكيان بالـ”المجرمين” وأصحاب الهوى الغربي والجناة الأمنيين.”
فيما دعت صحيفة شرق الإصلاحية بزشكيان إلى توكيل المحافظين باختيار وزيرين في الحكومة الجديدة لتجنب الصدامات والتحديات مع البرلمان.
وفي نفس السياق دعت السلطة القضائية الإيرانية، إلى تشكيل حكومة جديدة “تتواءم مع نظام الحكم”.
وفي تصريحات لغلام حسين إجئي، رئيس السلطة القضائية الإيرانية، قال: “يجب أن نكون نشيطين وأن نساعد الرئيس المنتخب في تشكيل حكومة وفق مبادئ الجمهورية الإسلامية”.
وفاز بزشكيان بانتخابات الرئاسة الإيرانية بعد جولتين انتخابيتين، بلغ متوسط المشاركة في الجولة الأخيرة نحو 50 % في حين كانت النسبة في الجولة الأولى نحو 40 %.
وتفوق بزشكيان الذي حصل على نحو 17 مليون صوت من إجمالي 30 مليون صوت على منافسه الرجل القوي المحافظ سعيد جليلي الذي حل ثانيًا بحصوله على 13 مليون صوت، في خسارة فتحت أبواب الصراع داخل التيار المحافظ.
يفتح الصراع المبكر حول تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة، بابًا للسؤال حول قدرة بزشكيان على إدارة الضغوط المبكرة عليه من المحافظين وقدرته على تجاوزها، وكذلك قدرته على إرضاء أنصاره وتسديد فواتيره الانتخابية، خصوصًا مع النفوذ القوي الذي يتمتع به خاتمي وروحاني وظريف، أمام تجربة سياسية حديثة بلا امتدادات قوية لبزشكيان في وقت ينتظر فيه الإيرانيون تغييرات في واقعهم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، المفروض بقوة الحرس الثوري المهيمن بشكل كامل على مفاصل النظام والدولة الإيرانية.