- زاد إيران - المحرر
- 10 Views
نشرت وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، يوم الأحد 22 يونيو/حزيران 2025، حوارا مع غلام حسين كرباسجي، الأمين العام السابق لحزب كارجزاران والناشط السياسي الإصلاحي، حول تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل، ومواقف النخب السياسية في الداخل والخارج تجاه التصعيد العسكري الأخير.
وفي ما يلي نص الحوار:
هل تعتقد أن الشعب الإيراني، كما هو معتاد في أوقات الحرب، قد وضع خلافاته جانبا واصطفّ خلف السلطة، بحيث تشكّل نوع من التماسك الوطني خلال الأيام الماضية؟
لقد أدّى الشعب دوره ووفى بواجبه، غير أن المسؤولين أيضا مدعوون إلى تحمل مسؤولياتهم كما ينبغي. فعلى الرغم من تعدد الآراء ووجود الانتقادات، وقف المواطنون بوضوح إلى جانب وطنهم في هذه المرحلة الحرجة، وقبلوا بالواقع الراهن وأدانوا العدوان. بل وحتى المعارضين والمقيمين في الخارج لم يخلُ موقفهم من إدانة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل.
إن بعض الموقعين على بيان الـ500، يقيمون خارج إيران، وقد يعرّضهم هذا الموقف لمتاعب، ورغم ذلك عبّروا بوضوح عن دعمهم للوطن.
وفي الداخل أيضا، برزت مواقف داعمة من شخصيات مثل مصطفى تاج زاده، رغم أنه لا يزال في السجن، وزهرا رهنورد، التي تخضع للإقامة الجبرية، حيث عبّرا عن تضامنهما مع الوطن في مواجهة العدوان. ففي المحصلة، ورغم الخلافات الداخلية والمحن، وقف الشعب الإيراني بثبات إلى جانب وطنه واستقلاله.
لكن على المسؤولين أيضا أن يُظهروا هذا التماسك، لا فقط بالكلام والشعارات المكررة والمملة، بل من خلال الأفعال. فإذا كان المطلوب من الناس أن يتجاوزوا عن الخلافات في سبيل تعزيز الوحدة، فعلى المسؤولين أن يبادروا كذلك بخطوات مماثلة. كأن يتم، مثلا، رفع الإقامة الجبرية، أو الإفراج عن بعض السجناء الذين لم يُسجنوا إلا بسبب مقابلة صحفية أو تعبير عن رأي— حتى وإن لم نتفق مع أسلوبهم أو توجههم السياسي.
في النهاية، الشعب قد قام بدوره، وعبّر عن تضامنه في المظاهرات والتصريحات، لأن استقلال الوطن والعدوان عليه ليست أمورا تقبل التهاون. ومع كل المعاناة الاقتصادية، والثقافية، والسياسية، فإن الناس وقفوا مع بلدهم. والآن على المسؤولين أن يُعزّزوا هذه الوحدة من خلال الأداء والعمل.
كيف تنظرون إلى الطرح القائل بأن الحرب الحالية ليست بين إسرائيل وإيران، بل بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية، أي إن هناك تمييزا بين الوطن والنظام السياسي؟
هذه مجرد شعارات سياسية. فلقد أُطلق أكثر من ألف صاروخ، وأدى—بحسب الإحصاءات—إلى استشهاد ما بين 400 إلى 500 شخص، وجرح آلاف آخرين.
وهؤلاء الشهداء والجرحى ليسوا الجمهورية الإسلامية بل هم من أبناء الشعب الإيراني حتى وإن كان بعضهم من المسؤولين، فهم من أبناء هذا الشعب، وغالبية الضحايا هم من المدنيين. ومنهم امرأة تحتضن طفلها لتخرجه من المنزل… هؤلاء هم الناس العاديون. على الأقل، من يتحلى بالصدق يجب أن يُدين هذا الحجم من الضحايا والخسائر.
وهذه الأقوال ليست سوى ذريعة سياسية لأنفسهم فقط، وتمثل قمة الانحطاط والوضاعة أن يظنّ أحدهم، بسبب اختلاف الآراء والأذواق أو حتى تعرّضه للظلم، أن من حقّ المعتدي أن يأتي ليقتل الناس ويدمّر البلاد، فقط من أجل نيل منصب وسلطة.
فحينما غزا جنكيز خان إيران، لم يتمكن بداية من احتلال بخارى. وبعض السكان قاوموا، لكن آخرين قالوا لا طاقة لنا بالمقاومة، فتحالفوا مع جنكيز وحاربوا المقاومين وسلّموا المدينة. ولكن جنكيز، بعد أن انتصر، قتل أولئك الذين تعاونوا معه تماما كما قتل من قاومه. وعندما سُئل لماذا تقتل من ساعدوك؟ أجاب لو كانوا ذوي قيمة، لما خانوا إخوتهم.
إن الذين يُطلقون اليوم مثل هذه التبريرات، عليهم أن يعلموا أن المعتدي، حين يرى أنك تخلّيت عن تاريخك، وثقافتك، وشعبك، لن يثق بك. كما أن وضع إيران بعد الغزو والدمار لا يُجدي نفعا لأيّ كان، فالأرض المحروقة لا تصلح لبناء مستقبل. بل يجب التصدّي للعدوان، وإذا كان لدى أحد شكوى من المسؤولين، فليُعبّر عنها في موضعها الصحيح. وعلى المسؤولين أن يرحّبوا بدعم الشعب، وأن يُحسنوا استثماره، ويجعلوا سلوكهم باعثا على رضا الناس.
إن دعم الشعب للحكومة هو أقوى من أي سلاح. وقد نفتقر إلى بعض الإمكانات، لكن إذا كنا نحظى بسند شعبي، فنحن أقوياء. وما شجّع إسرائيل اليوم هو هذا الشرخ الذي تتخيّله قائما بين الشعب والنظام، وهي تبني حساباتها على هذا الأساس.
لذلك، على الجميع—وخاصة المسؤولين—رأب هذا الصدع. وإذا وُجد، فليُقلَّص إلى أدنى حد، لأن العدو يستغلّ مثل هذه الأوضاع ليشنّ عدوانه. ولو تيقّن العدو من وحدة الشعب، لما تجرأ على القصف، ولن يتمكن من إسقاط إيران.
برأيكم، هل تمكّن هذا الشرخ من الالتئام حتى الآن؟ أم أنه من الممكن أن يلتئم في المستقبل نتيجة لهذه الحرب؟
هذا الأمر يعتمد على المسؤولين، فعليهم أن يبذلوا الجهد لإزالة هذا الشرخ، ويجب عليهم تلبية مطالب الشعب قدر الإمكان، وإن تعذّر ذلك، فلابدّ من توضيح الأمور بصدق وشفافية. فهناك الكثير من القضايا التي لم تُحل بعد، والعديد من المطالب التي قد لا تكون قابلة للتحقيق، لكن من الضروري أن يُوضَّح هذا للناس بصراحة ووضوح. فكثير من الأسئلة والملفات الغامضة التي تشغل أذهان الناس، إذا تم التعامل معها بشفافية، فسيقتنع الناس.
فالشعب ليس عدائيا تجاه بلده ووطنه، بل العكس. وهذه مسؤولية تقع على عاتق المسؤولين بأن ينتبهوا في هذه المرحلة ويعملوا على تقليص هذا الشرخ إلى الحد الأدنى.