منافسة كبيرة في الانتخابات الإيرانية.. وحديث عن ضرورة التوافق على مرشح واحد

محمد قاليباف- منصات التواصل

يتنافس المحافظون في السباق الرئاسي الإيراني لمواجهة المنافس الإصلاحي المفاجئ مسعود بزشكيان، حيث يواجهون ضغوطاً من داخل معسكرهم لدفع البعض إلى الانسحاب من السباق.

وقبل أسبوع من بدء التصويت، يقوم المحافظون المعتمدون من النظام بحملات شرسة، وضمن ذلك في مدينة مشهد المقدسة، معقل المحافظين ومسقط رأس اثنين من أبرز المرشحين المتشددين.

وأدى احتمال خروج الإيرانيين المؤيدين للإصلاح للإدلاء بأصواتهم إلى تفاقم الخلاف الداخلي بين المجموعة- المكونة من المحافظين الاجتماعيين المعارضين للتقارب مع الولايات المتحدة- حول كيفية تعزيز حصتهم من الأصوات قبل الجولة الأولى للانتخابات في 28 يونيو/حزيران 2024، وفقاً لما قالته “فورين بوليسي” في تقريرها يوم الجمعة 21 يونيو/حزيران 2024.

وقال محسن رضائي، الأمين “المحافظ” لمجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو هيئة صنع السياسات الحكومية، هذا الأسبوع، إنه سيتم في نهاية المطاف ترشيح مرشح توافقي لدعم “جبهة الثورة” و”احتراماً لما يفضله الجمهور”.

ويتطلب اختيار مرشح توافقي انسحاب بعض المحافظين الخمسة. وهذا من شأنه أن يعكس الحملات الرئاسية السابقة في إيران، لكن المحللين المحليين في مشهد- موطن الضريح المقدس لإمام شيعي مقدس- قالوا إنه سيكون من الصعب تحقيقه.

قال علي علوي، رئيس تحرير صحيفة خراسان، وهي صحيفة محافظة بارزة في مشهد، لصحيفة فايننشيال تايمز، إنه من غير المرجح أن يكون أي من أبرز المحافظين- محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، وسعيد جليلي، المفاوض النووي السابق- سيترك السباق لدعم الآخر.

ويأتي الصراع على السلطة في وقت حرج. وكان المحللون يعتقدون أنه من شبه المؤكد أن يشكل المحافظون الحكومة المقبلة بعد مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي، وهو محافظ في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، الشهر الماضي.

لكن الخطوة المفاجئة التي اتخذتها السلطات للموافقة على ترشح النائب الإصلاحي مسعود بزشكيان، أنعشت الآمال داخل هذا المعسكر بالعودة إلى الحياة السياسية.

وكانت نسبة المشاركة منخفضة في الانتخابات الوطنية الثلاثة الماضية، وضمن ذلك الانتخابات الرئاسية في عام 2021، مما ساعد المحافظين على الوصول للسلطة. وتميل أصوات المؤيدين الأيديولوجيين الأساسيين للنظام إلى الثبات بإيران، في حين أن ارتفاع نسبة الإقبال على الانتخابات من المرجح أن يعكس احتشاد الناخبين المؤيدين للإصلاح خلف مرشح إصلاحي.

وأظهرت بعض استطلاعات الرأي أن قاليباف هو المرشح الأوفر حظاً، في حين وضعت أخرى جليلي في المقدمة.

وقال سعيد شرباف، مدير حملة جليلي في مشهد، إن جليلي ليس لديه أي نية للانسحاب من الحملة. وأضاف شرباف لصحيفة فايننشيال تايمز: “من الخطأ افتراض أنه إذا انسحب الآخرون، فإن جميع أنصارهم سيصوتون للمرشح المتبقي”.

وقال حميد رضا تراغي، النائب السابق والسياسي المحافظ في مشهد، إنه إذا انسحب أي مرشح من السباق، “فمن المرجح أن تذهب أصواته إلى بزشكيان”، وهو عكس النتيجة التي يسعى إليها المحافظون.

بزشكيان، جراح القلب وعضو البرلمان لخمس فترات، مخلص للمبادئ الأساسية للجمهورية الإسلامية لكنه يدعو إلى بعض الإصلاحات لجعل النظام أكثر كفاءة. وقال إنه سيسعى إلى تحسين العلاقات مع الغرب وسيتخذ موقفاً أكثر ليونة بشأن مطالبة النساء بتغطية رؤوسهن.

وقال علي يوسفي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة فردوسي في مشهد، الذي يقوم بحملة لصالح بزشكيان، لصحيفة فايننشيال تايمز: “إن بزشكيان لا يسعى إلى تغييرات هيكلية، لكن انتخابه سيخلق إمكانات جديدة للإصلاح”. “هناك قدرة عالية على المناورة والمرونة السياسية داخل الهيكل الحالي”.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، اجتمع مئات من كبار أساتذة الجامعات والأكاديميين في فعالية لحملة بزشكيان في مشهد لإظهار الدعم.

وقال بهمن، وهو طالب طب، في تجمُّع انتخابي: “لم نقم بالتصويت في المرة السابقة، ولم يؤدِّ ذلك إلا إلى مزيد من الهيمنة المتشددة”. “هذه المرة، سأصوت، على أمل أن نحصل على مزيد من الحريات الاجتماعية”.

وقال جواد أريانمانيش، النائب المحافظ السابق من مشهد، لصحيفة فايننشيال تايمز، إنه “في حالة انخفاض نسبة الإقبال، سيكون لدى جليلي فرصة أكبر. ومع نسبة إقبال تتراوح بين 40 و50 في المائة، من المرجح أن يفوز قاليباف. والمشاركة بنسبة تزيد على 55 في المائة ستزيد من فرص بزشكيان.

وقال محللون وسياسيون إن التصويت سينتقل على الأرجح إلى جولة ثانية، حيث سيكون قاليباف هو المرشح الأوفر حظاً في مواجهة جليلي أو بزشكيان. ويمثل جليلي القطاعات الأكثر تشدداً في الطيف السياسي الإيراني.

وقال يوسفي، عالم الاجتماع: “إن نهجه غير الشامل في السياسة سيوسع الاستقطاب السياسي داخلياً، وسيقيد علاقات إيران مع العالم”.

لكن هذه هي الصفات ذاتها التي تروق لمؤيديه. وقالت فاطمة أحمدي، وهي طالبة تبلغ من العمر 23 عاماً ترتدي الشادور- وهو الثوب الأسود الذي يغطي الرأس حتى أخمص القدمين والذي تفضله النساء المحافظات- إنها ستصوت لصالح جليلي بسبب “نهجه الصارم والمتشدد تجاه الغرب”.

وقالت: “لقد أعاق آخرون البلاد لسنوات، وتفاوضوا على صفقة لا قيمة لها”، في إشارة إلى الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس السابق حسن روحاني عام 2015 والذي انهار بعد ثلاث سنوات.

ويعتبر قاليباف شخصية مثيرة للجدل بين المعسكر المحافظ، لأنه يميل نحو البراغماتية والتحديث، وأيضاً بسبب اتهامات بالفساد ضد رفاقه.

وإذا انسحب جليلي من السباق، فقد يخاطر الفصيل المتشدد بخسارة أصوات أنصاره الذين يفتقرون إلى الثقة بمدى ملاءمة قاليباف للرئاسة.

ومع ذلك، قال ماجد، وهو مندوب مبيعات في مشهد: “باعتباري محافظاً، سأصوت لقاليباف بسبب سجله الإداري الطويل، ولأنه أكثر اعتدالاً مقارنة بجليلي”.

ويأتي التصويت في وقت أدت فيه الضائقة الاقتصادية، إلى جانب القيود الاجتماعية والسياسية، إلى خيبة الأمل العامة.

وقال تراغي، النائب السابق، إنه “لا يزال من المبكر تحديد أي مرشح يجب أن ينسحب، إن وجد”. لكنه أضاف: “الجانب السلبي للتوافق النهائي هو أنه سيخلق استقطاباً، ويضع الإصلاحيين في مواجهة المحافظين في مجتمع منقسم”.

كلمات مفتاحية: