- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 46 Views
كتبت- هدير محمود
تسلم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان رسالة من الملك السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أكد فيها رغبة بلاده في تطوير العلاقات الثنائية مع إيران، وذلك على هامش تهنئة الملك للرئيس الإيراني بالفوز في الانتخابات الرئاسية.
إذ أفاد الموقع الرسمي للحكومة الإيرانية إيسنا ، يوم الخميس 1 أغسطس/ آب 2024، نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية (SPA) أن الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بعث برسالة لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية مسعود بزشكيان تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين.
وأشارت الوكالة السعودية إلى تسليم الرسالة من قبل الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء ومستشار الملك. وذكرت أن ذلك جاء خلال استقبال الرئيس الإيراني للوزير السعودي في طهران، حيث رحب الرئيس بزشكيان بالأمير منصور بن متعب والوفد المرافق له.
ويجب القول إن هذه التهنئة تأتي في سياق الإجراءات التي يقوم بها البلدان من أجل تطبيع العلاقات بالكامل مع إيران.
في هذا التقرير نرصد أهم المحطات في تاريخ العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران:
الثورة الإيرانية والعلاقات مع السعودية
كانت البداية منذ اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979م وسقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي وأصبحت إيران جمهورية إسلامية مما جعل حكام المملكة العربية السعودية في قلق شديد من تصدير الثورة الإسلامية للخارج.
ثم بعد ذلك جاء توتر العلاقات بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية ما بين أعوام 1980-1988م مما أغضب إيران في ذلك الوقت من الدعم السعودي إلى العراق التي استخدمت فيها بغداد أسلحة كيميائية.
بعد ذلك تصاعد توتر العلاقات عقب وقوع أحداث مكة عام 1987م إذ قام مجموعة من الشيعة بالاحتجاج في المدينة المقدسة رافعين شعارات الثورة الإسلامية، و قام حُجاج إيرانيون بمظاهرات مما دفع الشرطة السعودية لمقاومتها مما تسبب في مقتل 420 حاج نصفهم من الإيرانيين مما تسببت هذه الأحداث في قطع الرياض علاقتها الدبلوماسية مع طهران وقطعت طهران الحج ثلاث سنوات متتالية وبعد عام واحد قطع الملك فهد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين واستمرت القطيعة حتى عام 1991م
ومع وصول الرئيسين الإصلاحيين محمد خاتمي و هاشمي رفسنجاني إلى الحكم بدأت اللقاءات بين مسؤولي البلدين بما فيها زيارة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز إلى إيران لحضور مؤتمر القمة الإسلامية ليصبح أكبر مسؤول سعودي يزور إيران منذ الثورة الإسلامية، ولم تكن زيارة خاتمي التاريخية إلى الرياض في مارس 1999 سوى جرعة جديدة لتعزيز العلاقات بين البلدين.
فترة حكم محمود أحمدي نجاد
إلا أن الأمور لم تسر على نفس النهج، فتصاعدت التوترات مرة أخرى بين البلدين منذ عام 2003 حتى عام 2006 م، عقب فوز الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية وسعيه إلى تعزيز التعاون مع الأحزاب الشيعية في العراق، وعمله على زيادة النفوذ الإيراني في بغداد بعد الغزو الأمريكي عام 2003م والذي ساعد السياسيين الشيعة على وصولهم إلى حكم العراق.
كما زادت حرب 2006م بين إسرائيل وحزب الله من شكوك السعودية بأن طهران تقيم تحالفات جديدة في المنطقة تهدد مصالح الرياض. وأيضًا عمَّق برنامج الطاقة النووية الإيراني المثير للجدل مخاوف السعودية من أن طهران تحت قيادة أحمدي نجاد عازمة على الهيمنة على منطقة الخليج.
تلّى ذلك حدوث ما عرف بـ” ثورات الربيع العربي“، عام 2011م التي كانت تعرف باسم الربيع العربي حينذاك. التي أثرت على طبيعة العلاقات بين البلدين، حيث دعمت طهران المعارضة الشيعية، الذين قاموا بتظاهرات في البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية، الأمر الذي تصدت له المملكة السعودية ووصفته حينها بالمد الشيعي في المنطقة، وفي العام نفسه كشفت واشنطن عن إحباط مؤامرة إيرانية لتفجير سفارتي إسرائيل والسعودية واغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير آنذاك، وقد رفضت إيران هذا الاتهام ووصفته بالافتراء الذي يهدف إلى دق إسفين بين طهران والسعودية.
الحرب السورية والمحادثات النووية
بالانطلاق إلى الثورة السورية والتدخل الإيراني في سوريا ودعم طهران لنظام بشار الأسد ، قررت المملكة العربية السعودية دعم القوات المعارضة لبشار الأسد وأغلقت سفارتها في دمشق وطردت السفير السوري من أراضيها، مما أزَّم العلاقات بين الطرفين.
وتصاعدت حدة الأمور مع توصل إيران إلى اتفاق نووي مع القوى العالمية الست 5+1 في يوليو/تموز 2015م الذي يخفف من العقوبات المفروضة عليها ويسمح لها بتطوير قدراتها النووية. وبحسب وثائق كشفها موقع ويكيليكس، فإن بعض القادة السعوديين من بينهم الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ضغطوا على واشنطن لاتخاذ موقف أكثر تشددًا من إيران فيما يخص برنامجها النووي.
وفيما يلي عرض لتطورات الأحداث بين البلدين منذ عام 2016
ـ يناير/كانون الثاني 2016 أعدمت السعودية قرابة 50 شخصًا بينهم رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر. وعقب اقتحام محتجين في طهران السفارة السعودية، قطعت السعودية علاقاتها مع إيران في 3 يناير/ الثالث من كانون الثاني 2016م.
ـ في سبتمبر/أيلول 2016م قاطعت إيران موسم الحج بعد فشلها في الاتفاق مع السعودية حول إجراءات حماية الحجاج الإيرانيين بعد حادث منى في 2015م والذي أدى إلى وفاة ألف شخص بينهم مئات الحجاج الإيرانيين.
وفي 18 يناير/ كانون الثاني، 2017: وزير الخارجية محمد جواد ظريف يقول إن إيران والسعودية يجب أن تعملا معا للمساعدة على إنهاء الصراعات في سوريا واليمن بعد نجاحهما في التعاون بشأن لبنان.
وفي 13 يونيو/حزيران 2017: وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اتهم السعودية بدعم “المجموعات الإرهابية” التي تعمل في الحدود الشرقية في بلوشستان وأكد حينها أن طهران لديها معلومات استخباراتية تدل على أن الرياض استهدفت البرلمان الإيراني وضريح الخميني.
وفي 17 يونيو/حزيران 2017: إيران تتهم البحرية السعودية بإطلاق النار على صيادين إيرانيين في مياه الخليج.
في 14 سبتمبر/ أيلول 2019 حملت السعودية إيران المسؤولية عن هجمات استهدفت منشآتها النفطية وعطلت نصف إمدادات المملكة ونفت إيران ذلك بينما أعلنت جماعة الحوثي اليمنية مسؤوليتها عن الهجمات.
وفي 9 إبريل/ نيسان 2021 عقدت إيران والسعودية أول محادثات مباشرة بينهما منذ قطع العلاقات واستضافتها بغداد بحضور رئيس المخابرات السعودي خالد حميدان ونائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني.
ثم عقدت في عام 2022 أربع جولات من المحادثات استجابة لجهود الوساطة منها العراق وسلطنة عُمان.
وفي 13 مارس/آذار 2022 انسحبت إيران من المحادثات قبل جولة خمس مقررة بعد يوم من تنفيذ إعدامات جماعية في السعودية شملت 41 شيعياً.
وفي 21 أبريل/نيسان 2022 عقدت إيران والسعودية جولة خامسة من المحادثات.
وفي 9 ديسمبر/كانون الأول 2022 زار الرئيس الصيني شي جين بينغ السعودية وعقد محادثات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وفي 10 مارس/آذار 2023 اتفق البلدان بوساطة صينية على استئناف العلاقات الثنائية بين طهران والسعودية وإعادة فتح سفارتهما بعد صراع دام سنوات حيث كان المرشد علي خامنئي هو من أعطى الضوء الأخضر لحكومة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي بتوقيع اتفاقية بكين، والسعي إلى بناء علاقات متوازنة مع دول الخليج العربي.
جاء هذا الاتفاق بعد مباحثات جرت بين وفدي السعودية وإيران في بكين خلال الفترة من 6 إلى 10 مارس/آذار 2023، ليُمثل تحولًا جديداً في المنطقة.
وحينها كان هناك ردود فعل عالمية لاستئناف العلاقات الثنائية حيث رحبت وزارة الخارجية التركية بالاتفاق بين إيران والسعودية على استئناف العلاقات الدبلوماسية وأعلنت أن هذا الإجراء سيسهم بشكل كبير في أمن، واستقرار، وازدهار الاقتصاد المنطقة.
من جهة أخرى وصف الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله استئناف العلاقات بين طهران والرياض بأنها تخلق آفاقا جديدة في المنطقة ولبنان.
جدير بالذكر أنه على الرغم من التوتر والصراع الذي دام سنوات بين الطرفين إلا أنه كانت هناك محاولات لاستئناف العلاقات وترميم ما شابها من عقبات وحل المشاكل التي كانت عالقة بين الطرفين، ولعل في رسالة الملك سلمان بن عبدالعزيز فرصة لكي تفتح الباب أمام زيارة الرئيس الإيراني إلى الرياض قريباً.