- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 55 Views
كتبت- آلاء علي
لم تخلُ الأحاديث السياسية غير الرسمية التي تتم خارج أروقة اجتماعات النخبة السياسية من إثارة السؤال الأشهر الذي أصبح حديث الساعة، هل سترد إيران على اغتيال إسماعيل هنية؟ وهل سيكون الرد قويًا؟ ولماذا كل هذا التأخر؟
بين ترقب الرد الإيراني من جهة والتشكيك في قدرة إيران على الرد من جهة أخرى، ذكر موقع “أويل برايس” الأمريكي، أن هناك إجماعًا بين المحللين على أن المناقشات الداخلية المكثفة، وتعقيد التنسيق مع الوكلاء، وتقييم المخاطر المرتبطة بالهجوم، ساهمت جميعها في تأخر رد إيران.
ونقل الموقع عن محللين أن إيران تواجه “معضلة كبرى” بشأن تنفيذ تهديدها بالهجوم على إسرائيل، وكشفوا عن 3 أسباب تقف وراء تأخر تنفيذ هذه التهديدات حتى الآن.
إيران والعالم “على حافة الهاوية”
وقال التقرير إن إيران أبقت العالم “على حافة الهاوية” منذ أن وعدت بضرب إسرائيل قبل أكثر من أسبوعين، وهي الخطوة التي يقول الخبراء إنها قد تدفع المنطقة إلى حرب شاملة.
وأضاف أن توقع الهجوم الذي تعهدت به طهران أدى إلى “نوبات متكررة من الهستيريا” على وسائل التواصل الاجتماعي تتنبأ بهجوم من قبل إيران وحلفائها، بما في ذلك ميليشيا حزب الله.
ورأى التقرير أن التأثير السلبي لهذا الانتظار لا يقتصر على إسرائيل، بل يؤثر أيضًا على إيران ولبنان.
استعادة الردع
ونقل الموقع عن راز زيمت الباحث البارز في “معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب” قوله إن إيران “تواجه معضلة كبيرة”، لأنه بينما يريد خامنئي والحرس الثوري الإيراني استعادة الردع الإيراني تجاه إسرائيل، هناك عناصر في إيران تخشى أن يؤدي هجوم واسع النطاق إلى جر طهران إلى حرب مع إسرائيل، وربما حتى مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب التقرير، فإنه حتى إن تم اتخاذ قرار بشأن كيفية الرد على مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في قلب طهران، فإن التنسيق مع “حزب الله” وأعضاء آخرين في “محور المقاومة” والوكلاء الإقليميين لإيران هو عملية تستغرق وقتاً طويلاً.
ورُجِّحَ أن يكون هناك عامل آخر يؤثر في عملية صنع القرار في إيران، هو قيام الولايات المتحدة بتعزيز وجودها العسكري في المنطقة أكثر مما فعلت في أبريل/نيسان قبل الهجوم الإيراني غير المسبوق بالطائرات دون طيار والصواريخ ضد إسرائيل.
رد أمريكي أقوى من المتوقع
أكد التقرير أن الرسالة الأمريكية إلى طهران هي “رسالة ردع ربما تكون الرسالة الوحيدة التي لها أهمية حقيقية في هذه المرحلة”.
وقال مايكل هورويتز، رئيس قسم الاستخبارات في “شركة لو بيك للاستشارات الدولية” -التي مقرها البحرين-إن المنطقة ربما تشهد رداً أكبر من الولايات المتحدة مما حدث في أبريل/نيسان، وربما يهدف إلى أن يكون في حجم التهديد الإيراني الأكبر من هجوم أبريل/نيسان، خاصة أن أمريكا أرسلت للمنطقة أصولًا هجومية بالإضافة إلى أصولها الدفاعية، وهي رسالة للردع.
وذكر الموقع أن إيران رفضت دعوات الدول الغربية إلى ضبط النفس، وأصرت على أن لها حقاً مشروعاً في الرد على مقتل إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية.
ومع ذلك، أثارت موجة المكالمات الهاتفية التي أجريت مع الرئيس الجديد مسعود بزشكيان ووزير الخارجية بالإنابة علي باقري كني تكهنات بأن محاولات الدبلوماسية ساعدت في تأخير الهجوم ويمكن أن تمنعه.
إيران ستعمل ما في مصلحتها
لكن هورويتز شكك في ذلك، قائلاً إن الدبلوماسية وحدها ليست كافية لتغيير الحسابات الإيرانية، وإن إيران ستفعل ما تشعر أنه في مصلحتها الأفضل، بغض النظر عن الدعوات والتصريحات التي تحث على ضبط النفس.
ولفت الموقع إلى أن إيران أشارت لنوع مختلف من الدبلوماسية يمكن أن يقنعها على الأقل “بتأجيل” هجومها الموعود، وهو وقف دائم لإطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وتكهن فرزان ثابت، كبير الباحثين في “معهد جنيف للدراسات العليا”، بأن إيران “ربما تبحث عن مخرج” لتبرير رد مخفف، وأن نوعًا من وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يكون مجرد “انتصار دبلوماسي” تحتاجه للقيام بذلك.
وقال زيمِت: إن وقف إطلاق النار في غزة ربما لا يكون مهماً لإيران، لكنه يوفر لطهران “ذريعة أو تفسيرًا لإضفاء الشرعية على هذا التأخير، داخليًا وخارجيًا في الغالب”.
وقال إن وقف إطلاق النار يمكن أن يؤدي إلى قيام إيران إما بتقليص حجم هجومها أو اختيار طريقة مختلفة للرد تمامًا لا تنطوي على توجيه ضربة مباشرة إلى إسرائيل.
غموض الرد الإيراني المرتقب
استمر موقع أويل برايس يقول: إن “الغموض حول متى يتم الرد؟ وكيف سترد إيران؟ لا يزال سائداً، ولكن لا يبدو أن لدى طهران أي خيار جيد، أو متوازن”.
وقال ثابت: إن لغز إيران يكمن في توجيه ضربة انتقامية ليست ضعيفة بحيث لا يكون لها قيمة رمزية أو رادعة تذكر، ولكنها ليست قوية لدرجة تسبب دورة تصعيد غير منضبطة تؤدي إلى حرب أكبر.
وأكد أن لدى إيران إما رداً ضعيفاً أو رداً يتجاوز عتبة الحرب، وكلا الخيارين ينطوي على مخاطر.
إيران وساعة الصفر
من جانبها كتبت صحيفة نيويورك تايمز، أن إيران يمكن أن تهاجم إسرائيل بطرق عديدة ومختلفة، حيث تمتلك طهران شبكة من القوات المتحالفة، بما في ذلك حماس وحزب الله اللبناني والنجباء والكتائب العراقية إلى جانب الحوثيين في اليمن، مما يمنحها القدرة على مهاجمة أهداف من شمال إسرائيل إلى البحر الأحمر.
وقال مسؤولان إسرائيليان ومسؤول استخباراتي غربي كبير في وقت سابق، إنه بناءً على آخر المباحثات والمعلومات، من المرجح أن يقوم حزب الله بالهجوم أولاً في هجوم منفصل قبل أن تهاجم إيران إسرائيل، وهو ما كان ردًّا على هجوم إسرائيل الواضح على القنصلية الإيرانية في دمشق.
ومن بين تحليلات وسائل الإعلام الإسرائيلية، تمت مناقشة مخاوف جدية بشأن استخدام إيران لصواريخ قوية واحتمال قيام حزب الله بعمليات برية، فتتمثل النقطة المهمة في وجود خلافات جدية في قلب إسرائيل بشأن مواجهة إيران.
جهود لكبح جماح إيران
وبالتوازي مع ارتفاع مستوى التوتر في الميدان، بلغت المفاوضات الدبلوماسية أيضًا ذروتها، وتجري الآن مشاورات مكثفة بين دول المنطقة وخارجها ودبلوماسيين من الجمهورية الإيرانية من عدة دول، جاءوا وذهبوا إلى طهران، فظلت خطوط الاتصال التابعة لوزارة خارجية الجمهورية الإيرانية مشغولة باستمرار، وخلال الأسبوعين الماضيين، تم تبادل العديد من الرسائل بين الطرفين علناً وسراً.
وذكرت وكالة رويترز أن رؤساء الولايات المتحدة وأربع دول أوروبية (إنجلترا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا)، طالبوا في بيان مشترك إيران بالانسحاب من هجوم انتقامي محتمل على دولة الاحتلال، وأعلنوا أنهم يدعمون إسرائيل ضد هجوم إيران، وفصائل المقاومة في المنطقة.
وجاء في هذا البيان: “نؤيد طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني استئناف المفاوضات هذا الأسبوع، بهدف التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن وشددنا على ضرورة عدم تفويت المزيد من الفرص”.
يقين إيران بالمواجهة
أعلنت إيران أنها سترد بشكل قاطع على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، لكنها لم تحدد إطاراً زمنيًّا محدداً، وفي الوقت نفسه، قالت إيران إن الثأر لدماء هنية لا علاقة له بمفاوضات وقف إطلاق النار.
وتعتقد صحيفة نيويورك تايمز أن اغتيال هنية وما قامت به طهران حدثا في وقت حرج، وترى الصحيفة الأميركية، أن الجمهورية الإيرانية تريد صياغة رد لا يسمح بمرور عملية الاغتيال على أراضيها دون عقاب، مع تجنب حرب شاملة ضد عدو قوي. ولأنه قد حدث هذا أيضًا مع تولي الحكومة الجديدة في طهران السلطة، فإن هذا قد يؤدي إلى إبطاء عملية صنع القرار.
وكما ورد أيضاً، إن طهران أكدت للأطراف التي تواصلت معها أنها تريد فقط معاقبة إسرائيل على تجاوز الخطوط الحمراء ولا تسعى إلى الحرب، لكنها أبلغت الولايات المتحدة وأوروبا أن أي رد إسرائيلي على هذا الهجوم، سوف يأتي برد أقوى من جانب إيران.
وبحسب هذه المصادر، فإن إيران أبلغت أطرافًا أخرى أن تدخل الولايات المتحدة أو الغرب في أي هجوم يشنه النظام الصهيوني، سيؤدي إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
ويرى مراقبون أن تزايد الاتصالات الأوروبية المباشرة في الأيام الأخيرة، جاء بعد فشل الوساطة بين إيران والولايات المتحدة في إقناع طهران بعدم مهاجمة الأراضي المحتلة.