- زاد إيران - المحرر
- إيران, الولايات المتحدة الأمريكية, امريكا, ترامب, مميز
- 93 Views
ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “هم ميهن“، الاثنين 7 أبريل/نيسان 2025، افتتاحيتها تحت عنوان “أين أنتم بالضبط؟”، طارحةً هذا السؤال على كل الأجهزة الأمنية والقضائية والتنفيذية في إيران، بعد ردود الفعل التي أعقبت نشر مقال بصحيفة كيهان هاجمت فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
استهلت “هم ميهن” الافتتاحية بالإشارة إلى أنه لا مفر من الإقرار بحقيقة، مفادها أن الاعتراض على السياسات والممارسات المناهضة للمصالح الوطنية، التي ينتهجها المتشددون ودعاة الحرب في الداخل، لا طائل منه؛ إذ إن هؤلاء قد حسموا أمرهم، وبقاؤهم السياسي ومصالحهم يقتضيان السير في هذا النهج، فلا يُنتظر منهم غير هذا السلوك.
وذكرت أن صحيفة “كيهان” وفي عددها الأخير، نشرت مقالا هاجمت فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وجاء فيه: “لقد تمادى كثيرا! وما هي إلا أيام حتى تُطلق رصاصات على رأسه الفارغ انتقاما لدم قاسم سليماني، ويبتلع “ريق اللعنة”.

وأضافت أن هذا المقال أثار ردود فعل في وسائل الإعلام الأمريكية، حيث خصصت شبكة “فوكس نيوز” تقريرا موسعا تناولت فيه ما ورد في “كيهان”، وعنونته بالقول: “إطلاق النار على «الرأس الفارغ» لترامب”، مشيرة إلى أن استخدام عبارتي “إطلاق النار” و”الرأس الفارغ” يبدو وكأنه تم عمدا أو باقتراح من شخص ملمّ بالثقافة الأمريكية، الأمر الذي يستبعد أن يكون مصادفة، ويكشف عن نية استفزاز ترامب، خاصة في ظل محاولات سابقة لاتهام إيران بالتخطيط لاغتياله.
وتابعت موضحة: دعونا نفترض أن صحيفة مستقلة نشرت مقالا يُشكّل مادة دسمة لأكثر وسائل الإعلام الأمريكية يمينية، أي “فوكس نيوز”، مما يدفعها لاستخدامه كعنوان رئيسي؛ كيف سيكون ردّ فعل الجهات المسؤولة على هذه الصحيفة؟ هل ستكتفي الهيئة المشرفة على الصحافة بتوجيه ملاحظة هادئة، كما فعلت مع صحيفة لم تذكر حتى اسمها في بيانها؟ بالتأكيد، هذا الرد لا يرقى إلى مستوى الفعل المرتكب.
وأشارت إلى أنه بالطبع، لو كانت جميع وسائل الإعلام في إيران مستقلة وتتمتع بحرية التعبير نفسها التي تحظى بها صحيفة “كيهان”، لما كانت هناك مشكلة، ولما تجاوز وقع هذا الخبر حدود جمهور تلك الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية. ولكن عندما يُنشر مثل هذا المحتوى في صحيفة ترتبط مباشرة ببنية النظام السياسي، فإن له دلالات مختلفة تماما.
واستطردت مبينة أنه قد كان هذا التصرف على قدرٍ كبير من التناقض مع المصالح الوطنية، إلى درجة دفعت حتى بعض الشخصيات المحسوبة على التيار الأصولي إلى الردّ، وإنْ جاء نقدهم رقيقا وخجولا، وكأنّ الخشية من “كيهان” حالت دون التصريح الكامل بمواقفهم، فذهبوا إلى تبرئة الصحيفة بزعم أن ما ورد فيها كان نتيجة “سهو غير مقصود”، وكأننا نعيش في عالم يُفرّق بين “السهو المقصود” و”السهو غير المقصود”!.
وذكرت الصحيفة أن هناك أربع جهات معادية لإيران تشكل تحالفا غير معلن ضد الشعب الإيراني ووجود الدولة، يتألف من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة أمثال جون بولتون ومايك بومبيو، إلى جانب الملكيين ومجاهدي خلق، وبدعم مباشر من بنيامين نتنياهو. هذه الجهات الثلاث تُشكّل قاعدة مثلث تنتهي قمته بالتحالف الضمني مع المتشددين ودعاة الحرب في الداخل، الذين كثيرا ما يرتبطون بالاستفادة من العقوبات الاقتصادية.
وأضافت أنه لا عتب على الأطراف الثلاثة الأولى، فهم خصوم خارجيون معروفون بمواقفهم، لكن ما لا يُمكن تبريره هو الحصانة التي يتمتع بها الطرف الرابع داخل البلاد، ممن ينعمون بشتى الامتيازات، دون أن يُصابوا بأي ضرر جراء الحروب أو العقوبات. فهم لا يفقدون درهما ولا يُسفك لهم دم، لا من أنفسهم ولا من أبنائهم أو أقاربهم، بل إنهم يجنون الأرباح من وراء العقوبات وغلاء الأسعار.
وطالبت بأنه ومن هنا، ينبغي توجيه السؤال بكل وضوح وصراحة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، والسلطة القضائية، ووزارة الخارجية، وسائر المؤسسات الكبرى ذات المسؤولية القانونية والأخلاقية في حماية المصالح الوطنية:
أين أنتم مما يجري؟ وأين موقفكم من هذه الأفعال التي تمس أمن الوطن واستقرار الشعب؟

وتابعت أنه في الواقع، يمكن القول إن هذا الصمت والتمييز أشد ضررا من أفعال المتشددين أنفسهم. فهؤلاء يمارسون مهمتهم المتمثلة في تقويض مصالح الشعب وإشعال نيران الحرب، وهو أمر متوقّع منهم، لأن مصالحهم تستوجب ذلك، وحياتهم السياسية تقوم على المتاجرة بآلام الناس ودمائهم ومعاناتهم، بل وحتى حضارتهم. لكن ما لا يُفهم هو صمت المؤسسات المعنية، وامتناعها عن اتخاذ موقف حازم.
وأوضحت “هم ميهن” أن ما يحدث يُشير إلى أن هذه التحركات ليست عشوائية، بل مخطط لها مسبقا. فبمجرد أن أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة أن “المرشد الإيراني وافق، في رده على رسالة ترامب، على إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة”، تصاعدت الهجمات ضده عبر الفضاء الافتراضي ومنصات التواصل الاجتماعي التي تتناغم مع خطاب المتشددين. وفي الوقت ذاته، تُنشر مقالات مثيرة للأزمات كالمقال الذي صدر عن صحيفة “كيهان”.
واختتمت بالقول إنه في الوقت نفسه، تذكّر البعض فجأة أن الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان، كان قد حال دون تنفيذ عملية “الوعد الصادق 3″، فبدأت الهجمات تطاله، وهاجموه بدعوى أنه لم يسر في مسار التصعيد الذي يرغبون فيه. تزامن هذه الأحداث لا يمكن أن يكون صدفة؛ من الواضح أن هناك مخططا يُراد تنفيذه، وعلى الحكومة، خاصةً الرئيس بزشکیان، أن يكونوا في أقصى درجات الحيطة والحذر.