- دنيا ياسر
- 14 Views
ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشرت صحيفة “شرق” الإيرانية الإصلاحية، في تقرير لها الأربعاء 4 يونيو/حزيران 2025، تحذيرات خبراء في قطاع النفط، أبرزهم مرتضى بهروزي فر وحبيب خراسانی، بشأن تصاعد هجرة المتخصصين الإيرانيين إلى دول الخليج بسبب ضعف الرواتب وسوء ظروف العمل. كما سلط الضوء على تأثير هذه الظاهرة على مستقبل صناعة النفط في إيران.
ذكرت الصحيفة أن ناقوس الخطر قد دُقّ بشأن تفريغ قطاع النفط الإيراني من الخبرات الفنية والمتخصصين، إذ أشار مرتضى بهروزيفر، خبير شؤون النفط، إلى أن المقارنة بين ظروف العمل، والخدمات الرفاهية، ومستوى الرواتب في إيران من جهة، ودول مثل قطر، والإمارات، أو السعودية من جهة أخرى، تُظهر فجوة شاسعة ومقلقة.
أهمية الخبرات البشرية في صناعة النفط
أردفت الصحيفة أن قطاع النفط في إيران لا يعتمد فقط على رؤوس الأموال، بل يعتمد اعتمادا كبيرا على الكوادر الفنية المتخصصة، حيث إن غياب هذه الكوادر سيُعطّل استخدام البُنى التحتية ورؤوس الأموال المتاحة لتطوير هذه الصناعة.
وأضاف حبيب خراسانی، مستشار المدير التنفيذي لمجموعة أهداف الاستثمارية، في حديثه مع وكالة “إيلنا”، أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا في هجرة المتخصصين في مجالي النفط والطاقة، مشيرا إلى أن استمرار هذا الوضع يُدخل البلاد في أزمة خطيرة تتعلق بالاحتفاظ بالكفاءات الفنية المحلية.

غياب العدالة في نظام الأجور والتعويضات
أردف خراساني أن أحد أبرز أسباب هذه الهجرة يتمثل في انعدام التناسب بين نظام التعويضات والأجور من جهة، وبين طبيعة العمل، صعوبته، وتخصص العاملين من جهة أخرى. كما أكد أن الأجور في إيران لا تقارن مع ما يتقاضاه العاملون في الدول المجاورة، وحتى أحيانا مع بعض الشركات المنافسة داخل البلاد.
الفجوة الكبيرة في الرواتب على جانبي الخليج
أشار بهروزيفر، في حديثه لموقع “تجارة نيوز”، إلى أن ظاهرة هجرة الكفاءات النفطية ليست جديدة، بل تمتد إلى سنوات مضت، موضحا أن الفوارق في الرواتب بين شمال الخليج (حيث تقع إيران) وجنوبه (حيث تقع دول الخليج العربي) لا يمكن تجاهلها.
وأضاف أن الاحتفاظ بالكفاءات في المناطق الجنوبية من إيران، حيث توجد مواقع العمل النفطية، بات تحديا هيكليا خطيرا، موضحا أن ظروف العمل والخدمات الرفاهية ومستويات الدخل في دول الجوار تجعل الاستمرار في العمل داخل إيران خيارا غير مغر للكفاءات.
الهروب نحو العمل في الخارج والاستراحة داخل إيران
أوضحت الصحيفة أن أحد أنظمة العمل المتبعة في إيران، وهو نظام “العمل القمري” (أسبوعا عمل يتبعهما أسبوعان راحة)، لا يُطبق بمستوى الرواتب والمزايا المعمول بها دوليا، ما يجعل كثيرا من المتخصصين يفضلون العمل في قطر والعودة إلى إيران فقط خلال فترات الراحة، وهي ظاهرة متفشية منذ سنوات وبدأت تتسع أكثر فأكثر.
تدهور آليات الترقية والاعتراف بالكفاءات
ذكر بهروزيفر حديثه منتقدا طريقة التعامل مع المتخصصين في إيران، خاصة في القطاع الحكومي، موضحا أن السياسات المتبعة لا تولي اهتماما حقيقيا بالكفاءات، بل إن فرص الترقية لا تُمنح بناءً على المهارة أو الاجتهاد، وإنما عبر “الوساطات” و”العلاقات”.
وأردف أن المسارات المهنية وفرص الترقية والخدمات في إيران لا تُقارَن بما توفره شركات كبرى مثل “أرامكو” السعودية، ما يُشعر الكفاءات المحلية بالتهميش والإحباط، ويدفعهم إلى المغادرة.

الخطر الأكبر بعد رفع العقوبات: نقص الكوادر
أكد بهروزيفر أن مشكلة هروب المتخصصين لا تقتصر على قطاع النفط، بل تشمل جميع القطاعات. وأوضح أن تدريب وإعداد كفاءة واحدة في قطاع النفط قد يستغرقان من 30 إلى 35 عاما، وخسارة هذه الكفاءات تعني ضياع استثمارات ضخمة في التعليم والخبرة لا يمكن تعويضها بالمال.
وأضاف أن هؤلاء الأشخاص لا يمكن استبدالهم بسهولة، إذ يتطلب إدماج أي فرد جديد في منظومة العمل سنوات طويلة من التدريب. واستطرد قائلا إن الدولة تُفرط بسهولة في كوادر قضت أعمارها في خدمة القطاع، ثم تُبعدهم وتعتبرهم غير ضروريين، ليُعاد توظيفهم في دول أخرى تستفيد من خبراتهم.
اختتم خبير النفط تصريحه بتأكيد أن رأس المال البشري هو العنصر الأهم في أي قطاع، فإذا ما توافرت البُنى التحتية دون وجود كفاءات تديرها، فإن الفائدة من هذه الاستثمارات تنعدم. وقال إن إيران لا تملك أصلا أفضل الإمكانات، لكن حتى لو رُفعت العقوبات وضُخت استثمارات جديدة، فإن غياب الكوادر البشرية المتخصصة سيُحبط أي جهود للاستفادة منها.