- شروق حسن
- 70 Views
أقرّ مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران لائحة باليرمو لمكافحة الجريمة المنظمة، في خطوة نحو تحسين العلاقات المالية مع العالم والانضمام إلى FATF، القرار جاء بعد موافقة المرشد الأعلى بإيران على إعادة النظر في الملفين (باليرمو وCFT)، ويتَوقّع مناقشة لائحة CFT قريبا، مما قد يمهّد لخروج إيران من القائمة السوداء المالية.
وفي هذا الصدد أجرت الصحيفة الإيرانية الإصلاحية “اعتماد” يوم الخميس 15 مايو/أيار 2025، حوارا مع محمد صدر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام.
جهود الحكومة آتت أُكُلها
أوضح محمد صدر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، في تصريح لصحيفة “اعتماد”، أن مسار إقرار لائحة باليرمو في المجمع قد شارف على نهايته، مضيفا أنه لحسن الحظ، تمّت مناقشة اللائحة داخل المجمع، وقد صُوّت عليها بعد مداولات متواصلة، وأُقرت بأغلبية أصوات أعضاء المجمع.
وتابع أن اتخاذ قرار بشأن المصادقة على هذه اللائحة استلزم في البداية عقد ثلاث جلسات طويلة في اللجنة المشتركة، قبل أن يُحال الملف إلى الجلسة العامة، حيث عُقدت ثلاث جلسات تشاورية ودراسية داخل الجلسة العامة للمجمع، حتى توصل الأعضاء إلى النتيجة المرجوة في هذا الصدد.

وأشار إلى أن جميع المسؤولين والخبراء المتخصصين الذين تمسّ اللائحة نطاق عملهم، شاركوا في النقاش وقدموا مبرراتهم، في حين عرض المعارضون بدورهم وجهات نظرهم، إلا أن آراءهم لم تلقَ الاهتمام الكافي، ولم يكن لها صدى يُذكر في الجلسة العامة، وذلك بفضل حجج المؤيدين.
وذكر أن مداخلات عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية، وكلمة المهندس فرزين، محافظ البنك المركزي، كان لهما أثر بالغ وأسهمتا بشكل كبير في توجيه قرار أعضاء المجمع.
وأضاف أنه خلال اجتماع المجمع، وبحضور الأعضاء، جرى التأكيد على أن المصادقة على هذه اللائحة، في ظل الظروف الحالية، تُعد خطوة مفيدة ومناسبة لوضع إيران الجديد، ولهذا السبب حظيت اللائحة بتصويت إيجابي مناسب.
توقيت إقرار اللائحة
ذكر محمد صدر، في رده على سؤال صحيفة “اعتماد” حول سبب إقرار هذه اللائحة في هذا التوقيت بالذات رغم الاعتراضات السابقة، أن إعادة طرح اللائحة تعود إلى جهود حكومة مسعود بزشكيان، والرسالة التي بعث بها الدكتور بزشكيان إلى المرشد الأعلى.
وأشار إلى أن الرئيس الإيراني أعلن أن المشكلات التي تواجهها الحكومة في مجال العلاقات المصرفية والسياسات الخارجية كلّفت البلاد كثيرا، وهو ما استدعى ضرورة إعادة النظر في هذه اللوائح، مضيفا أن القائد أصدر أمرا بإعادة النظر فيها في شهر ديسمبر 2024، مما أدى إلى إدراج الملف على جدول أعمال المجمع.
وأوضح عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام أن عدم المصادقة على هذه اللوائح هو ما أدى إلى إدراج إيران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF)، مؤكدا أن إدراج إيران في تلك القائمة جعل العديد من الدول، بما في ذلك الدول القريبة، تتعامل بحذر في علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إيران.
وتابع أن التعامل الاقتصادي أو التجاري مع إيران كان يُفهم ضمنيّا أنه ينطوي على مخاطرة مرتفعة، موضحا أن جوهر هذه اللوائح يدور حول مكافحة التهريب الدولي، بما يشمل الاتجار بالبشر، وتهريب الأسلحة، وتهريب المخدرات، وتمويل الإرهاب، وعندما لا تُقرّ دولةٌ ما هذه اللوائح، فإنها توصل رسالة سلبية إلى المجتمع الدولي تُفهم على أنها دعم لهذه الظواهر، ما ألحق ضررا بالغا بصورة إيران دوليا.
وأكد أن المصادقة على هذه اللائحة ستُسهم، لحسن الحظ، في تعويض الأضرار التي نتجت عن التأخير السابق، مع الإشارة إلى أن إقرار هذه اللوائح لا يعني بالضرورة حل جميع المشكلات، لكنه يمثل خطوة إيجابية نحو تحسين الوضع التجاري لإيران على الساحة الدولية.
القائمة السوداء
في رده على سؤال آخر من صحيفة “اعتماد” حول ما إذا كان عباس عراقجي، وفرزين، وسائر المسؤولين الحكوميين قد حددوا موعدا لخروج إيران من قائمة FATF، أوضح صدر أن استمرار وجود إيران في القائمة السوداء مرتبط باتفاقية FATF نفسها.
وتابع محمد صدر أن المصادقة على هذه اللوائح داخل المجمع لا تتعلق حتى الآن بمجموعة FATF بشكل مباشر، موضحا أن المجمع نظر في لائحتي باليرمو وCFT، حيث تمت المصادقة على لائحة باليرمو، بينما ستُعرض لائحة CFT لاحقا للنقاش. وأشار إلى أن من الممكن أيضا أن تتاح الفرصة في المستقبل لمناقشة عضوية إيران في FATF داخل المجمع.
القائمة البيضاء
في حين أوضحت الصحيفة أن انضمام إيران إلى القائمة البيضاء لمجموعة FATF لا يزال هدفا تسعى إليه الحكومة، مشيرا إلى أن الاقتصاد الإيراني مرّ بـ16 عاما مضطربة منذ بدء خطوات الانضمام في عام 2009، تكبّدت خلالها البلاد تكاليف باهظة نتيجة استمرار وجودها في القائمة السوداء، خاصة في ظل العقوبات النفطية والمصرفية.
وأشارت صحيفة أعتماد إلى أن بعض التقارير تشير إلى أن إيران كانت تدفع ما بين 15 إلى 30 بالمئة كتكاليف إضافية على كل عملية تحويل مالي أو مصرفي، مضيفا أن البلاد اضطرت إلى بيع نفطها بأسعار مخفضة وتحمل نفقات مالية زائدة بسبب تصنيفها ضمن القائمة السوداء لمجموعة FATF.
وتابعت صحيفة “اعتماد” بالقول إن إدراج إيران ضمن القائمة السوداء بدأ فعليّا منذ عام 2007، وتم الإعلان عن هذا التصنيف رسميا منذ عام 2009، حيث صدرت بحق إيران لوائح للإجراءات المضادة، ودُعيت الدول إلى توخي الحذر في تعاملاتها المالية والمصرفية معها.
وأشارت إلى أن موضوع خروج إيران من القائمة السوداء لـFATF أصبح بندا دائما على جدول أعمال الحكومة منذ ذلك الحين، حيث طُرح في المجلس الأعلى للأمن القومي وتمت المصادقة عليه، وفي عام 2010، ومع اعتماد “خارطة طريق المجلس الأعلى لمكافحة غسيل الأموال”، أُدرجت برامج إصلاحية ضمن أولويات الحكومة.
وأضافت الصحيفة أن الحكومة، خلال فترة رئاسة حسن روحاني في عام 2015، أعلنت استعدادها للانضمام إلى FATF بقيادة وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، وقد قُدمت توصيات المجموعة كمعايير للانضمام، من بينها 9 توصيات لمكافحة تمويل الإرهاب و40 توصية لتعزيز الشفافية المالية، وتم إدراجها ضمن برنامج العمل.
وتابعت أن فريق روحاني أرسل أربع لوائح إلى البرلمان لاستكمال خطة الانضمام إلى FATF، وقد صُودق على اثنتين منها، وهما: “تعديل قانون مكافحة تمويل الإرهاب” و”تعديل قانون مكافحة غسيل الأموال”، وتم تنفيذ هذين القانونين.
أما اللائحتان المتبقيتان، وهما “انضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية (باليرمو)” و”انضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)”، فقد واجهتا معارضة من مجلس صيانة الدستور، وبسبب إصرار البرلمان، أُحيلتا إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام.
وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من عقد عدة جلسات في المجمع آنذاك بحضور مسؤولين حكوميين وخبراء معنيين لبحث هاتين اللائحتين، فإن المجمع لم يتوصل إلى قرار نهائي، وظلت اللوائح معلّقة دون حسم.
وختمت بالإشارة إلى أن الدكتور مسعود بزشكيان، الذي وعد في برنامجه الانتخابي برفع القيود عن البيئة الاقتصادية في البلاد، أعلن لاحقا حصوله على موافقة المرشد الأعلى لإعادة النظر في هذه اللوائح، وقد نُشر هذا القرار رسميا في 1 يناير/كانون الثاني 2025 عبر وزير الاقتصاد آنذاك.