علي رضا أعرافي خيار آخر لخلافة خامنئي! قصة الرجل الذي يحظى بمكانة (قريبة) من المرشد الأعلى 

في إجراءات غير مسبوقة في الجمهورية الإسلامية، التقى علي رضا أعرافي – من تلاميذ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي وهو عضو مجلس صيانة الدستور، ومجلس خبراء القيادة – في روسيا ببعض قياداتها، وقال إنّ إيران ترغب في التعاون الوطيد مع روسيا.

لقد كانت لقاءات أعرافي في موسكو برفقة سفير جمهورية إيران الإسلامية في روسيا كاظم جلالي، ونوع المقابلة والاحتفالات التي تحكمها وتغطيتها الإعلامية تفوق حضور عضو مجلس صيانة الدستور، الذي يمكن اعتباره في سلسلة المناصب السياسية المشابهة كعضو معين في مجلس الشيوخ في الدول الأخرى، وذلك وفق تقرير نشره ” إيران واير” يوم الإثنين 30 يوليو/ تموز 2024.

أعرافي صاحب الخمسة وستين عامًا من بين شخصيات إيران التي يُطرح اسمها بين أركان الحكومة الإيرانية بمصباح خافت، تولى أعرافي إدارة الجلسة التي تُعقد أيام الأربعاء من كل شهر في مكتب خامنئي بحضور القائد من أجل الحديث حول القضايا الشرعية والتحديات الفقهية، وهي إشارة مهمة لاهتمام وثقة خامنئي بهذا الشيخ قليل المعرفة من قبل الرأي العام.

في الوضع الذي كان يُتخيل فيه أن مسألة خليفة “علي خامنئي” صاحب الخمسة والثمانين عامًا قد تم حلها بإسناد القيادة إلى “إبراهيم رئيسي” من ولاية ضريح إمام الشيعة الثامن وحتى رئاسة الهيئة القضائية ومن ثم رئاسة الجمهورية، أثار موته المفاجئ خلال سقوط المروحية هذا السؤال المهم مرة أخرى: من سيخلف خامنئي بعد وفاته في قيادة جمهورية إيران الإسلامية؟

قبل عدة أيام من وفاة رئيسي، قال الطبيب الخاص لخامنئي ووزير الصحة الإيراني الأسبق كذلك “علي رضا مرندي” في إجراء غير مسبوق حول المسألة السرية المتعلقة بصحة خامنئي الجسدية، ووصف حالته الصحية بأنها فوق الممتازة: “الله عز وجل لطيف جدًا بجمهورية إيران الإسلامية وبنا جميعًا من خلال حفظه لصحته.”

وقال مرندي فيما يتعلق بصحة خامنئي: “لا يلتفت لسنّه، فهو يعمل كثيرًا” وفي “شؤون البلاد من الداخل والخارج، في النهاية يجب عليه اتخاذ القرارات أو إبلاغه بها.”

خلال فترة حياة “روح الله خميني” حتى إبريل 1989 أي قبل وفاته بشهرين، كان من الواضح أن خليفة مؤسس جمهورية إيران الإسلامية هو “حسين علي منتظري”، ولكن مع عزله المفاجئ ظلت القيادة غير محددة لشهرين فقط. ثم بعد ذلك اختار مجلس خبراء القيادة خامنئي صاحب الخمسين عامًا (آنذاك) للقيادة في ظل اعتراضه من جانب ومخالفتهم للدستور وتعارض ذلك مع وصية الخميني من جانب آخر. كان دستور جمهورية إيران الإسلامية لعام 1979 يعتبر المرجعية شرط القيادة، وكان الخُميني قد ذكر كذلك في وصيته أن خامنئي كان قد قرأ أنه لا ينبغي أن ينسب إليه اقتباس باستثناء صوته وصورته (فيديو له) وخط يده الذي تم تأكيده من قبل الخبراء.

  وخلال اجتماع مجلس خبراء القيادة هذا، نسب “أكبر هاشمي رفسنجاني” اقتباسًا للخميني يفيد باختيار خامنئي خليفة له، وصوت الخبراء لقيادة خامنئي خلافًا للدستور في حين أنه فاقد لشرط المرجعية.

مرت على هذه الأيام 35 عامًا، وباتت علامات الشيخوخة واضحة على القائد صاحب الخمسة والثمانين عامًا، ولم يتم اختيار خليفة له حتى الآن، كما أن الرأي العام ليس لديه دراية بمن سيكون خليفته. وفقًا لتصريح المتحدث باسم مجلس خبراء القيادة الذي يحتوي على ثمانية وثمانين كرسيًا، فإنه تم تشكيل لجنة تتكون من ثلاثة أشخاص، وقد قدموا قائمة بالأشخاص الذين يمكنهم خلافة خامنئي، ومن المحتمل أن الأشخاص الذين لديهم دراية بهذه الأسماء لا يتخطى عددهم عدد أصابع اليدين.

ولهذا السبب فإن الإشارات حول من يرغب خامنئي في خلافته في هذا الهيكل المغلق وشديد السرية تعتبر في غاية الأهمية. وهذه الإشارات تتزايد يومًا بعد يوم حول “علي رضا أعرافي”، بغض النظر عن إذا ما كان هو الاختيار النهائي ليكون المرشد الثالث للجمهورية الإسلامية أم لا.

ويطلق على أعرافي “آية الله” من حيث سلسلة رُتب الحوزة العلمية، ذلك اللقب الذي لم يحصل عليه رئيسي من خامنئي بعد توليه رئاسة الجمهورية، واستعمله خامنئي لنفسه وسط شكوك كثيرة حول ذلك اللقب بعد اختياره للقيادة. ولم تجمع الحوزة العلمية في قم على تسميته بآية الله على الأقل في عام 1989.

إن أعرافي لديه دراسات حوزوية وجامعية، وقد درس في الحوزة العلمية في قم، وكان أحد أعضاء المجلس الأعلى للحوزات العلمية، والرئيس السابق للمركز العالمي للعلوم الإسلامية (والذي قد تغير اسمه حاليًا إلى جامعة المصطفى).

يقوم هذا المركز بنشر وترويج التعاليم والأيديولوجية الشيعية على مستوى العالم، وقد تم فرض عقوبات عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بسبب نشر أيديولوجية جمهورية إيران الإسلامية باستخدام المتدينين في تنظيم المليشيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إن وجهة نظره حول الحوزات العلمية تشبه أفكار خامنئي، حيث يقول أعرافي: “وفقًا للمكانة المهمة التي تحظى بها الحوزة، فإنها تتعرض للتهديد والترهيب دائمًا من قبل العدو، ودائمًا ما تركز الأجهزة الأمنية على الحوزة وقم.”

وفي الوقت الذي يعتقد فيه رجال الدين الشيعة المستقلون أن الحوزات العلمية في جمهورية إيران الإسلامية وخاصة في عهد خامنئي قد أصبحت تابعة ومطيعة للحكومة وقد فقدت استقلالها التاريخي كذلك، يعتقد أعرافي أن: “الحوزة الثورية تتوافق مع النظام وولاية الفقيه.”

منذ ثمان سنوات، تم تعيين أعرافي كمدير للحوزات العلمية على مستوى إيران. هذا المنصب يعد من أعلى المناصب في سلسلة الرتب الشيعية في إيران، والذي بصرف النظر عن الثروة الطائلة التي يحصل عليها بسبب الحصول على الرسوم والإيرادات المذهبية، له تأثير لا يمكن إِنكاره في الهيكل الديني للدولة.

إن المنصب الآخر الذي يمنح أعرافي تأثيرًا مزدوجًا هو إمامة الجمعة في قم، أهم مدينة دينية في إيران بعد مشهد. من يعين هذا المنصب؟ آية الله علي خامنئي بحسب مجلة ” پاسدار اسلام” يستضيف مرة كل شهر في أيام الأربعاء رجال الدين ويتناولون الحديث حول المناقشات الدينية. وقد فاز أعرافي بكل هذه المناصب في العشرة أعوام الأولى من القرن الحادي والعشرين. أربعة تعيينات مهمة من قبل خامنئي خلال ثمان سنوات.

بعد وفاة أحد الأعضاء المؤثرين في مجلس صيانة الدستور”محمد مؤمن”، أصبح أعرافي مسؤول التحري عن صلاحية المتطوعين المرشحين لانتخابات مجلس خبراء القيادة، وتصدى لهذه المهمة عقب انتخابات الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة والتي عقدت قبل وفاة رئيسي بشهرين. أعرافي الآن عضو في مجلس خبراء القيادة وأحد نواب رؤسائها. لدرجة أنه حتى لو تم تحديد المرشد من خارجه، فإن له دورًا رمزيًا في تحديد واختيار خليفة خامنئي في نظر الرأي العام.

ولأول مرة منذ تأسيس جمهورية إيران الإسلامية لا يكون أي من رؤساء الهيئات الثلاث، أي رئيس مجلس الشورى الإسلامي والهيئة القضائية، عضوًا في هذا المجلس لتحديد الرئيس المقبل. وقد قُتل رئيسي قبل تشكيل الدورة السادسة لهذا المجلس.

وفي نظر الرأي العام، يُعَدّ مجتبى الابن الثاني لخامنئي أول من يخلف والده. وهذه الخطة قد انتقدها بشدة “مير حسين موسوي” القائد المعترض على إقامته الجبرية والذي طالب بإسقاط جمهورية إيران الإسلامية وتغيير الدستور.

يستدل الداعمين لخلافة مجتبى خامنئي بأن التقاليد الشيعية تسمح بالقيادة المتوارثة في مفهوم الإمامة. بينما يُخالف خبراء الدين هذا الاعتقاد ويعتقدون بأن الأئمة يُعَيَّنون من قبل الله عز وجل، في حين أنه يتم اختيار الولي الفقيه في عصر الغيبة من قبل ممثلي الشعب، وبناءً عليه لا يمكن أن تكون القيادة إرثًا.

إن قيادته المحتملة لن تخلو من التحديات، وربما لديه معارضون جديون في الحكومة، وهم صامتون بالضرورة الآن. هؤلاء الأشخاص من الممكن أن يكونوا من بيت الخميني الذين قد حافظوا في الوقت الحالي بشكل أو بآخر على ثرواتهم ونفوذهم الكبير من خلال إدارة تنصيب مؤسس جمهورية إيران الإسلامية. وفي ذروة أزمة شرعية الحكومة، هل من المناسب إسناد القيادة لشخص لا يستطيع كسب ولاء وموافقة الأغلبية في الحكومة على الرغم من الدعم المحتمل من الحرس الثوري الإيراني؟

وعلى عكس مجتبى، نجل مرشد جمهورية إيران الإسلامية، من المحتمل لأشخاص كأعرافي الذي يشتهر يومًا بعد يوم في الوقت الحالي ضمن آلية جمهورية إيران الإسلامية أن تكون الوضعية أكثر راحة من أجل الظفر بمنصب القائد الثالث لجمهورية إيران الإسلامية.

كلمات مفتاحية: