- زاد إيران - المحرر
- إيران, علي رضا زاكاني, متميز
- 76 Views
كتب: محمد بركات
وسط تصاعد الانتقادات حول أداء بلدية طهران وتنامي الشبهات حول ممارساتها الإدارية، برزت قضية منظومة شهرزاد كأحد أبرز الملفات المثيرة للجدل في الساحة الإيرانية خلال الأشهر الأخيرة.
فقد تحولت هذه المنصة إلى نقطة اشتباك سياسي وقانوني، بعد ورود تقارير تتعلق بتضارب المصالح وشبهات فساد طالت كبار المسؤولين في البلدية، وفي مقدمتهم عمدة طهران، علي رضا زاكاني، وبينما ينفي الأخير وجود أي مخالفات، تتواصل التحقيقات وسط تساؤلات متزايدة حول شفافية العقود وأداء الإدارة المحلية.
يجب أن أمنح وسام ذهبي
فخلال الجلسة 313 لمجلس مدينة طهران والتي أقيمت في 16 مارس/ آذار 2025، وفي رده على سؤال أحد الصحفيين حول قضيته وقضية صهره المتعلقة بمنظومة شهرزاد، أكد عمدة طهران، علي رضا زاكاني، أنه “لا توجد أي مشكلة” في هذا الملف، متعجبا طرح القضية.

كما أوضح زاكاني أن المنظومة تم تطويرها محليا من قبل فريق من الشباب، بعد أن تبين أن شراء برمجيات جاهزة سيكلف ما بين 600 إلى 800 مليار ريال إيراني، ما يعادل من 650 إلى 870 ألف دولار، دون منح البلدية ملكية الشيفرة المصدرية.
ووفقا له، فقد تم تطوير النظام عبر مؤسسة تبيان بكلفة 120 مليار ريال فقط، ما يعادل 130 ألف دولار، معتبرا أن هذا الإنجاز يمثل وسام شرف للإدارة التي اختارت دعم الكفاءات المحلية، مشيرا إلى إمكانية توفير المنظومة لمدن أخرى.
كما أضاف، موضحا إلى أن إثارة هذه القضايا تعكس تقصيرا وظلما واضحا “هذا البرنامج يعد فخرا لعملي، وأنا أقدّمه مجانا لباقي المدن. هناك مافيا ترغب دائما أن تكون يد البلدية غارقة تحت حجارتها، وهم من يفرضون الأسعار الخيالية”.
وفي إجابته على سؤال إذا لم تكن هناك قضية من الأساس، قال “لا، هناك متابعة جارية، وهذه المتابعة تمثل فخرا لي، لقد التزمت الصمت حتى سألتم، هذا أكبر فخر للبلدية، وإذا كان أحد يبحث عن حجج، فأنا أرد عليه بوضوح، هذا فخر على مستوى الوطن. أشكر منظمة الدعاية الإسلامية على جهودها، إن منظومة شهرزاد تقدم حاليا خدمات لـ 4.5 مليون مستخدم”.
وفي ختام كلامه، شدد عمدة طهران قائلا ” إن من يسعى وراء مثل هذه الأحاديث إما عاطل عن العمل، أو لا يعرف الفرق بين 800 و120 مليار ريال، أو لديه دوافع أخرى. لم أكن أعلم أنكم ستسألون هذا السؤال، ولم أنوِ التعليق، لكن أقول لكم بصراح أن شهرزاد من مفاخر عملي، وقد تم تنفيذ هذا المشروع بأمري، وإثارة هذا الموضوع أكثر سخافة وتفاهة من دخان الحافلات الكهربائية، وإذا كان هناك من يريد المتابعة بهذا الشكل، فليعلّق وساما ذهبيا في عنق منفذي هذا المشروع”.
قضية منظومة شهرزاد وعلاقتها بزاكاني
تواجه منظومة شهرزاد الرقمية، والتي أطلقتها بلدية طهران كمنصة موحدة لتقديم الخدمات الإلكترونية للمواطنين في العام 2024، موجة من الجدل والتحقيقات القضائية، بعدما تحوّلت من مشروع وطني طموح إلى محور اتهامات تتعلق بشبهات فساد واستغلال النفوذ، القضية التي طالت بشكل مباشر رئيس بلدية طهران، وصهره الذي تشير التقارير إلى تورطه في عقود تطوير المنظومة.
فقد بدأت القصة حينما تم الإعلان عن تصميم منظومة شهرزاد داخل إيران، بتكلفة لم تتجاوز 120 مليار ريال، وقد اعتُبر المشروع آنذاك إنجازا للبلدية وسبيلا لتقليل الاعتماد على البرمجيات الأجنبية، لكن سرعان ما بدأت الشكوك تُثار حول طريقة إسناد المشروع إلى إحدى الجهات المرتبطة بمؤسسة تبيان، والتي يعمل فيها صهر زاكاني، وسط مزاعم بعدم وجود مناقصة شفافة أو آليات رقابة مالية واضحة.

وقد كشفت تقارير إعلامية أن التحقيقات الأولية بدأت بعد تسلم السلطة القضائية شكاوى من أعضاء في مجلس مدينة طهران وشخصيات رقابية حول وجود تضارب مصالح في عملية التعاقد، واحتمال تورط أقارب زاكاني في الاستفادة المالية من المشروع عبر عقود جانبية.
كما أشارت بعض الوثائق إلى أن بعض أعمال التطوير نُفذت من قبل شركات غير مسجلة رسميا أو تفتقر للخبرة التقنية اللازمة.

ورغم أن زاكاني دافع علنا عن المشروع، واعتبره فخرا للإدارة المحلية وأن صهره لا علاقة له بالأمر، إلا أن استدعاءه من قبل النيابة العامة الاقتصادية وصهره للتحقيق أعاد تسليط الضوء على القضية.

زاكاني وتاريخ من قضايا الفساد
منذ توليه منصب رئيس بلدية طهران في عام 2021، واجه علي رضا زاكاني، أحد أبرز شخصيات التيار الأصولي في إيران، موجة متزايدة من الانتقادات والاتهامات المتعلقة بشبهات فساد إداري ومالي، ما ألقى بظلال من الشك على سياسات الشفافية التي لطالما تبنّاها في خطابه السياسي.
واحدة من أبرز القضايا المثارة ضد زاكاني تتعلق بالتعيينات المثيرة للجدل داخل الهيكل الإداري للبلدية، فقد وُجهت له اتهامات بتوظيف عدد من المقربين منه، بينهم أفراد من عائلته ومعارفه السياسيين، في مناصب رفيعة دون إجراء مسابقات أو اتباع المعايير القانونية المعتمدة. هذا الأمر أثار حفيظة عدد من أعضاء مجلس مدينة طهران، الذين اعتبروا هذه التعيينات نموذجًا صارخًا من المحسوبية وسوء استخدام السلطة.

كما واجهت ملفات التعاقدات في طهران انتقادات لاذعة، حيث أشارت تقارير رقابية إلى وجود خروقات في منح العقود الخاصة ببعض المشاريع الكبرى، خصوصًا في مجالات الإنشاءات، وتطوير البنية التحتية، والنقل العام.
وتركّزت الشبهات حول غياب الشفافية في أسلوب إرساء العقود، مع تداول معلومات عن بيع بعض أملاك البلدية أو تأجيرها بأسعار تقلّ عن قيمتها الحقيقية، ما تسبب بخسائر مالية معتبرة للموازنة العامة للعاصمة.

بالإضافة إلى ذلك، فقد انتشرت أخبار في وسائل الإعلام عن تضارب مصالح محتمل بين زاكاني وبعض الشركات المتعاملة مع بلدية طهران، لا سيما تلك التي حصلت على مشاريع دون منافسة واضحة، وهو ما فتح المجال أمام شكوك بتسهيلات متعمدة لمستفيدين بعينهم.
