لماذا فرضت الولايات المتحدة  عقوبات جديدة على إيران قبل مفاوضات مسقط؟

كتب: ربيع السعدني 

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية مجددا عقوبات على إيران، في الوقت الذي تتقدم فيه المفاوضات بين طهران وواشنطن.

وذكرت وكالة تسنيم للأنباء الدولية في بيان لها، الثلاثاء 22 أبريل/ نيسان 2025، نقلا عن وزارة الخزانة الأمريكية أنها فرضت عقوبات على إمام صلاة الجمعة سيد أسد الله إمام جمعة وشبكته، المسؤولة عن تصدير مئات الملايين من الدولارات من الغاز الطبيعي المسال الإيراني والنفط الخام إلى الأسواق الخارجية.

وأضافت الوزارة أن شبكة إمام جمعة الواسعة تشمل؛ سفينة تدعى “تينوس 1″، والتي كان من المقرر أن تقوم بتحميل البضائع قبالة سواحل هيوستن بولاية تكساس في عام 2024، لكنها فشلت في القيام بذلك، وتزعم أنه بالإضافة إلى النفط الخام الإيراني، يظل الغاز الطبيعي المسال مصدرا رئيسيا للإيرادات بالنسبة لإيران، حيث يستخدم في تمويل برنامجها النووي وأسلحتها التقليدية المتقدمة.

ومن جانبه أعلن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في بيان رسمي أن إمام صلاة الجمعة وشبكته سعوا إلى تصدير آلاف الشحنات من الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك من الولايات المتحدة، للالتفاف على العقوبات وإدخال الإيرادات لإيران، وكانت الولايات المتحدة فرضت في السابق عقوبات على طهران أثناء إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إيران.

وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، فإن إمام جمعة وابنه ميثم امتلكا وأدارا على مدى أكثر من عقد من الزمان شبكة مبيعات ونقل وتوصيل غاز البترول المسال باستخدام عدة شركات مقرها في إيران والإمارات العربية المتحدة.

ويعد إمام جمعة وشركة كاسبيان للبتروكيماويات التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها جزءاً من شبكة صدرت آلاف الشحنات من الغاز الطبيعي المسال من إيران إلى باكستان، وتم تداولها مقابل عشرات الملايين من الدولارات نيابة عن شركة الخليج الفارسي لصناعة البتروكيماويات التجارية.

تحديات وعقوبات غير قانونية

وتأتي تصريحات وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت بعد أن أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال كلمته في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: “في العقود الأخيرة، واجهت إيران تحديات مختلفة، بما في ذلك الإرهاب والعقوبات غير القانونية”  وأضاف: “إن هذه التحديات كان لها تأثير مدمر على الاقتصاد والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للإيرانيين”.

ومن خلال اتباع المبادئ الإسلامية، عراقجي تمكنت إيران من التغلب على هذه التحديات وحققت العديد من الإنجازات في مجالات حقوق المرأة والتنمية وتحسين الخدمات الصحية والتعليم والصناعات والتنمية الاقتصادية”، وأضاف: “إن أكبر عقبة أمام حقوق الإنسان في المجتمع الدولي هي سياسة فرض العقوبات الأحادية وغير القانونية وتترتب على مثل هذه الأفعال آثار مدمرة على الناس العاديين والفئات الحساسة، لقد عارضت إيران هذه الإجراءات دائمًا”.

تناقض ونهج استبدادي

فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائى، إن سياسة الولايات المتحدة فى فرض العقوبات على الشعب الإيرانى هى دليل واضح على النهج العدائى لصناع السياسة الأمريكية تجاه الشعب الإيرانى وتجاهلهم لسيادة القانون وحقوق الإنسان.

وأكد بقائي أن المفاوضات المباشرة في ظل إصرار أحد الجانبين على اتباع نهج حازم واستخدام لغة التهديد واللجوء إلى القوة ليست مفيدة بشكل عام ولا مقبولة بالنسبة لطرف مثل إيران، ولا يمكن أن تؤدي إلى نتائج”.

وردا على سؤال حول تناقض السياسة الأمريكية تجاه إيران بين السعي في طريق التفاوض النووي للوصول لاتفاق جديد واستمرار فرض العقوبات عليها، قال بقائي: “هذه مواقف متناقضة عبر عنها مسؤولون أمريكيون مختلفون، ينبغي أن يكونوا قادرين على حل هذا التناقض بأنفسهم، كما أن أحد أسباب المفاوضات غير المباشرة (مع الولايات المتحدة) هو أنك لا تستطيع أن تدعي أنك تفاوض وفي نفس الوقت تستمر في سياسة الضغط والعقوبات والتهديدات”.

ترهيب وضغط سياسي

وأدان بقائى، بشدة العقوبات الأمريكية الجديدة على الشعب الإيرانى، معتبرا أن الاعتماد الهيكلى للحكومات الأمريكية على العقوبات الاقتصادية ضد الدول النامية كأداة للترهيب والضغط السياسى ينتهك المبادئ والقواعد الأساسية لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وعلاوة على أن هذا الأمر يؤدى إلى إضعاف أسس سيادة القانون وقواعد التجارة الحرة، فإنه أيضا ينتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان الأساسية للشعوب الخاضعة للعقوبات، خاصة حق الشعوب فى التنمية، ويعد فى كثير من الحالات مثالا على جريمة ضد الإنسانية”.

ووصف بقائي استمرار فرض العقوبات على مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية فى إيران بالعمل الاستبدادي والبلطجي وغير القانونى، كما أنه يتناقض بشكل واضح مع ادعاء أمريكا بالحوار والتفاوض ويظهر افتقارها إلى حسن النية والجدية فى هذا الصدد، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.

ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن فرض عقوبات أحادية الجانب على الشعب الإيرانى يعد انتهاكا وعملا تعسفيا ويتعارض مع المبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولى، مشيرا إلى أن الحكومة الأمريكية مسؤولة دوليا فى هذا الصدد، ويجب محاسبتها على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الناجمة عن هذه الأعمال الإجرامية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعرب مرارا عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع إيران خلال ولايته الثانية، ادعى في 4 فبراير/شباط 2025، بتوقيعه مذكرة لمواصلة سياسة الضغط القصوى ضد طهران، أنه مستعد للتحدث مع الرئيس الإيراني، وأكد أنه “تردد” في التوقيع على المذكرة التنفيذية، وقال: “هذا أمر صعب للغاية بالنسبة لإيران آمل أن لا نضطر إلى استخدامه كثيرًا، علينا أن نرى ما إذا كان بوسعنا التوصل إلى اتفاق مع إيران.

إلى ذلك، أعلن بقائى أن الاجتماع الفنى بين الخبراء الإيرانيين والأمريكيين، سيعقد يوم السبت المقبل.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إنه بناء على مقترح عمان وموافقة الوفدين الإيراني والأمريكي، تم تأجيل الاجتماع التشاوري الفني بين البلدين، الذي كان من المقرر عقده في إطار المحادثات غير المباشرة بين الجانبين الأربعاء، إلى السبت المقبل (23- 26 أبريل/ نيسان 2025)، بالتزامن مع حضور رئيسي وفدي البلدين.

كلمات مفتاحية: