- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 57 Views
كتبت: سارة محمد علي
” لهجات غزة ” كتابٌ صدر في إيران وبدأ بيعه للجمهور خلال معرض طهران الدولي للكتاب، مطلع مايو / آيار الماضي، يضم كتاباتٍ للشاعرين الفلسطينيين يوسف القدرة وفاتنة الغرة، يوثِّقان خلالها مشاهدَ من يوميات الحرب على قطاع غزة.
صدر الكتاب عن دارِ نشرِ سورةِ مهر الإيرانية، وحمل غلافه اسمي الشاعرَين الفلسطينيَّين إضافةً لاسمِ محمد رضا أبو الحسني بصفته مترجمَ النصوص من اللغة العربية إلى الفارسية.
وبعد أربعِة أشهرٍ من صدور الكتاب مع مطلع سبتمبر / أيلول الجاري، أعلن صاحبَا النصوصِ الأصلية عن مفاجأتِهم بوجودِ عملٍ منشورٍ باللغة الفارسية يحملُ اسميهما.
مما يطرحُ سؤال: كيف تم نشرُ الكتاب وعرضُه للبيع في إيران فضلاً عن مشاركتِه في معرض الكتاب بطهران، دون علم كُتَّاب النصوص الأصليين؟
رغم ما تفرضه قوانين النشر الإيرانية من وجوب أخذ موافقة كتابية من صاحب أي نص قبل تقديمه في كتاب، ويشمل ذلك النصوص المترجمة من لغة أخرى إلى الفارسية، فلا يجوز وفق لوائح وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية، نشر العمل دون إذن مكتوب من كاتبه الأصلي ومترجمه، ودون ذلك لا يحصل الكتاب على تصريح بالنشر والتداول، فكيف تم تجاوز ذلك في ” لهجات غزة “؟.


” لهجات غزة ” من ميلادِ الفِكرة إلى النشر
في البداية يجب توضيح أننا حاولنا على مدار أسبوعين، البحث عن إجابة للسؤال من خلال دار نشر سورة مهر ووزارة الثقافة والإرشاد في إيران، وقمنا بالتواصل معهم من خارج إيران، وكذلك حاول مراسلنا في طهران أخذ إفادات منهم، لكن لم نتلقَّ أي ردود على أسئلتنا حتى ساعة نشر هذا التقرير، ونؤكد أن حق الرد مكفول لهم، ونلتزم في زاد إيران بنشره إذا وصلنا بأي وقت لاحق.
لكن بعضَ ملامحِ قصةِ صدورِ الكتاب يمكن الوقوف عليها من خلال مترجم النص محمد رضا أبو الحسني، في حوارٍ معه نشرته منصةُ كتاب نيوز الإيرانية بتاريخ 13 يوليو / تموز 2024، أوضح فيه أن فكرةَ الكتاب جاءت قبل أيامٍ قليلة من انطلاق معرض الكتاب الدولي بطهران، حيث أخبره صديقٌ يعملُ بمجال النشر أن دار نشر سورة مهر الإيرانية مهتمة بالمشاركة في المعرض بكتاب عن حرب غزة، فالتقى إدارة الدار وعرض عليها دعمَها بموضوعاتٍ من صحفٍ ومواقعٍ عربيةٍ ليتم توزيعها على عدة مترجمين لنقلها للغة الفارسية ثم جمعها في كتاب.
لكن الدارَ طلبت منه أن يقوم هو بتلك المهمة لضيق الوقت، حيث لم يكن يتبقى على معرض الكتاب سوى أسبوعٍ واحد، فوافق أبو الحسني وقرر ترجمة عدة موضوعات منشورة عبر منصة رصيف 22 تحت عنوان يوميات الحرب، واختار منها 15 نصًا للشاعر يوسف القدرة و6 نصوص للشاعرة فاتنة الغرة، ثم سلمها بعد ترجمتها لدار سورة مهر التي قامت بطباعتها ونشرها في كتابٍ يحمل غلافه أسماء القدرة والغرة وأبو الحسني، وبدأ توزيع العمل وعرضه للبيع في اليوم الأخير من معرض الكتاب الدولي بطهران.
محمد رضا أبو الحسني
لكن لم يوضِّح أبو الحسني في كتابِه، إن كان هو أو دار النشر قد حصلوا على موافقاتٍ من أصحاب النصوص الأصلية والمنصة التي نشرت نصوصَهم باللغة العربية أم لا؟ وإن كان تم حفظُ حقوقهم المادية والأدبية؟
مؤلفون لا يعلمون بمشاركتهم في تأليف كتاب
بالرجوع لأصحاب النصوص الأصلية وسؤالهم حول ذلك، قال الشاعر يوسف القدرة لزاد إيران، إنه فوجئ بوجود كتابٍ باللغة الفارسية يحمل اسمه، وعرف به عن طريق الصدفة، ولا يعلم ما هي النصوص التي تحمل اسمه في الكتاب، وأكد عدم تواصل دار النشر أو المترجِم معه، وكذلك لم تُخبِره منصة رصيف 22 بوجود اتفاق نشرٍ للنصوص بينها وبين دار نشر سورة مهر، ويظن يوسف أن المنصة لو كانت على علمٍ بالأمر لأخبرته.
الشاعر يوسف القدرة
وبسؤاله عن ما سيتخذه من إجراءات لحفظ حقوقه الأدبية والمادية التي تم انتهاكها، أجاب الشاعر يوسف القدرة من خيمته بين خيام النازحين في غزة “لا أملك طاقة لفعل أي شيء الآن .. لتنتهي الحرب أولاً ثم أبحث عما سأفعله مع هذا الكوكب”.

أما الشاعرة فاتنة الغرة، فتقول لزاد إيران، إنها لم تعلم بصدور الكتاب إلا يوم كتابتها منشورًا عنه بصفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أي يوم الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري، بعد صدور الكتاب بأربعة أشهر!.

وتؤكد فاتنة أنها لم يُستأذن منها قبل نشر الكتاب، ولا تعلم النصوص التي تم إدراجها فيه باسمها، وأعربت عن استيائها من نشر عمل لها يحمل اسمها دون إذنها، حتى لو كان كتابًا مشتركًا، لكنها قررت أن تغلب افتراض حسن النية لدى من قاموا بذلك باعتبار مقصدهم لم يكن المكسب المادي، وإنما نشر يوميات من الحرب على قطاع غزة وإيصال صوت فلسطين للعالم.

الشاعرة فاتنة الغرة
رخصة نشر دون استيفاء شروطها القانونية
حسب تصريحات يوسف القدرة وفاتنة الغرة، أنهما لم يُستأذنا قبل استخدام نصوصهما، بينما في اللائحة المنشورة عبر موقع وزارة الإرشاد الإيرانية، تنص شروط الحصول على ترخيص لنشر كتاب في إيران على وجود صور هويات مؤلفي النصوص ومترجميها، إضافة لإذن كتابي منهم باستخدام نصوصهم، وعقد موقع بينهم وبين دار النشر.
وفي الموقع الرسمي لدار سورة مهر الناشرة لكتاب “لهجات غزة”، يُذكر اسما يوسف القدرة وفاتنة الغرة بصفتهما مؤلفي الكتاب الذي يحمل غلافه اسميهما، ليطرح ذلك سؤالاً، كيف تم نشر الكتاب ونسبه إليهما باعتبارهما مؤلفيه، وكيف حصل على ترخيص نشر دون أن تقدم دار النشر لوزارة الإرشاد هويات المؤلفين وإذنًا منهم باستخدام نصوصهم، وصورًا من عقودهم مع الدار حسبما تنص لوائح الوزارة؟
ومع تأكيد من تصفهم الدار بمؤلفي الكتاب، على عدم تقديم أيٍّ منهم لتلك المستندات، يُطرح ذلك تساؤلات، هل تم تجاوز القانون هذه المرة ونشر العمل دون انتباه المعنيين في الوزارة لعدم وجود جزء رئيسي من المستندات التي تنص عليها لائحة ترخيص الكتب؟.
أم تم تزييف تلك الوثائق، ولم تنتبه وزارة الإرشاد كونها مستندات مزورة؟
وهي الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عنها إلا من خلال وزارة الإرشاد الإيرانية والقطاع المسؤول عن منح تراخيص النشر بها.