- زاد إيران - المحرر
- إيران, متميز
- 43 Views
كتب: ربيع السعدني
يعد مجيد تخت روانجي، الدبلوماسي الإيراني والرجل الثالث في فريق التفاوض النووي، أحد أبرز وجوه الدبلوماسية الإيرانية، وواحدا من أهم المتحدثين بصوت إيران إلى العالم.
النشأة والتعليم
وُلد مجيد تخت روانجي بطهران في 15 أكتوبر/تشرين الأول عام 1958، ونشأ في عائلة متعلمة دفعت به نحو التعليم العالي، وأكمل تعليمه في طهران حتى حصل على شهادة الثانوية العامة.

وفي منتصف سبعينيات القرن العشرين، هاجر إلى الولايات المتحدة، وفي عام 1988 حصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة كانساس، وبعد عامين حصل على الماجستير في الهندسة المدنية من جامعة كانساس، وعاد على الفور إلى إيران وبدأ مسيرته المهنية في وزارة الخارجية.
ثم حصل على ماجستير في الاقتصاد السياسي من جامعة فوردهام في عام 1992، والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برن بسويسرا عام 2000، وهو على دراية باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، مما منحه مزيجا فريدا من التفكير العلمي والأكاديمي والسياسي.
محطات على طريق الدبلوماسية

بدأ روانجي مسيرته الدبلوماسية في الثمانينيات، حيث شغل مناصب عديدة في وزارة الخارجية الإيرانية، من ضمنها نائب وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأمريكية (2013-2019). وفي 2019، عُين سفيرا دائما لإيران لدى الأمم المتحدة، وسفيرا لطهران في سويسرا وليختنشتاين، ومستشارا لوزير الخارجية الإيراني.
قاد روانجي الوفد الإيراني في مفاوضات الاتفاق النووي (JCPOA) بين عامي 2013 و2015، وعمل تحت إشراف وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، ليساهم في صياغة النصوص الفنية والسياسية للاتفاق، الذي وقّع في يوليو/تموز 2015 مع مجموعة 5+1، محققا إنجازا سمح برفع بعض العقوبات مقابل قيود على البرنامج النووي.
قائد فريق التفاوض النووي

وبحسب موقع “جماران“؛ أصدر وزير الخارجية عباس عراقجي، قرارا بتعيين روانجي مساعدا لوزير الخارجية للشؤون السياسية، وساهم في صياغة الاتفاق التاريخي قبل انسحاب الولايات المتحدة في 2018، وبعد ذلك دافع عن الاتفاق النووي في الأمم المتحدة، مؤكدا التزام إيران به طالما احترمه الآخرون.
وكان روانجي حاضرا بشكل فعال في جميع الاجتماعات خلال المفاوضات النووية ضمن فريق نجح في فك الجمود بعد عشر سنوات، على رأسهم جواد ظريف وصادق خرازي.

وفي مقابلة له مع قناة “برس تي في” نقلها موقع “إيران دبلوماسي“، ردا على السؤال التالي: ماذا كان سيحدث لو لم تتوصل إيران ومجموعة 5+1 إلى اتفاق “نووي”؟ فقال: “أولا يجب أن أقول إن طهران عضو فعال في معاهدة حظر الانتشار النووي”.
كما أن إيران وفقا لروانجي، “مهتمة باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، ونحن، مثل أي عضو آخر في معاهدة حظر الانتشار النووي، لدينا الحق في الاستفادة على أفضل وجه من هذه المعاهدة لتحقيق ما هو حقنا، وهو الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية، وهذه هي سياسة الحكومة الإيرانية”.
موقف قوي ضد العقوبات

كما دافع روانجي بقوة عن موقف إيران ضد العقوبات الأمريكية، مخاطبا مجلس الأمن مرات عديدة، كسفير لدى الأمم المتحدة، واتخذ موقفا صلبا ضد العقوبات الأمريكية الأحادية منذ قرار انسحاب واشنطن من (JCPOA) في 2018 حتى اليوم.
في خطاباته بمجلس الأمن، وصف العقوبات بـ”الإرهاب الاقتصادي“، مؤكدا أنها تستهدف الشعب الإيراني وتزيد التوترات بدلا من حل الأزمات، وقاد حملات دبلوماسية لإدانة هذه السياسة، مشددا على أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي، وحث الدول الأخرى على مقاومة الضغوط الأمريكية واتخاذ موقف مماثل في إدانة هذا النهج الأمريكي من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

وأكد روانجي أنها غير قانونية بموجب ميثاق الأمم المتحدة، ووصفها بأنها “خطيرة وتتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، الذي يحظر استخدام القوة ضد سلامة أراضي البلدان واستقلالها السياسي“، لكن خطاباته كانت مزيجا من الحجج القانونية والحماسة السياسية، مما جعله صوتا قويا لإيران في المحافل الدولية.
الرجل النووي الصامت
وأصبح مجيد تخت روانجي، الذي شغل منصب نائب وزير الخارجية خلال المفاوضات وكان عضوا بارزا في فريق التفاوض النووي، معروفا بالرجل النووي الصامت في ذلك الوقت.

وكان دائما بعيدا عن الهامش حتى ذهب إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك بصفته سفيرا، وكانت محادثاته المستمرة مع الشبكات ووسائل الإعلام الأجنبية في الولايات المتحدة لها كثير من ردود الفعل؛ من أجل تعزيز دبلوماسية إيران.
ويُعد سجله في مناقشة قرارات الأمم المتحدة مثيرا للإعجاب، وأهمها إفشال ثلاثة قرارات أمريكية ضد إيران ومنع تفعيل “آلية الزناد”. وبحسب تعبير روانجي، فإن إيران خاضت خلال الأشهر الخمسة منذ 12 يناير/كانون الثاني 2025، ثلاثة صراعات سياسية مع الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.
روانجي يحذّر ترامب!

وفي كل هذه المرات الثلاث واجهت الولايات المتحدة الهزيمة، وكانت جميع هذه الأحداث مرتبطة بالاتفاق النووي والقرار 2231، وحذر تخت روانجي، الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، من أنه إذا اتخذ نهجا صارما مرة أخرى، فإن “أقصى قدر من الضغط سيتم مواجهته بأقصى قدر من المقاومة”.
وعن تسليمه الراية إلى أمير سعيد إيرواني كممثل إيران لدى الأمم المتحدة، قال عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال حفل وداع الدبلوماسيين الإيرانيين في البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة: “ظل ثابتا على مواقفه ومبادئه، كان له تفاعل بناء مع الأمم المتحدة”.

على الجانب الآخر ينتقده البعض؛ لأسلوبه المتشدد في التفاوض، مما قد يكون أبطأ التقدم في جولات لاحقة لإحياء الاتفاق النووي، بينما يراه آخرون صوتا ضروريا للدفاع عن السيادة، كما يُتهم بأنه كان صوتا للنظام أكثر من كونه مبتكرا للحلول، مما أثار جدلا حول مرونته.
ولكن رغم ذلك يبقى مجيد تخت روانجي شخصية بارزة في الدبلوماسية الإيرانية، لقد كان دبلوماسيا منذ أن كان عمره 25 عاما، وترك بصمة كمهندس للاتفاق النووي ومُدافع عن مصالح طهران في أصعب الظروف.