- زاد إيران - المحرر
- إيران, بروفايل, متميز, محمدرضاعارف
- 140 Views
كتب: ربيع السعدني
محمد رضا عارف، سياسي وأكاديمي إيراني بارز، شغل منصب النائب الأول للرئيس الإيراني محمد خاتمي في فترة حساسة من تاريخ البلاد ما بين عامي (2001 حتى 2005) خلال ولايته الثانية، ثم عينه مسعود بزشكيان، في أغسطس/آب 2024، بعد تسلمه السلطة رسميا رئيسا لإيران ليكون نائبا له.
وكتب الرئيس مسعود بزشكیان في قرار تعيين عارف: “ميثاقنا المشترك هو وثيقة الرؤية والسياسات العامة والخطة السابعة التي ينبغي تنفيذها بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات، والحصول على مشاركة الجميع وتعاونهم واستخدام كافة القدرات”.
سر اختياره نائبا للرئيس

اختيار بزشكيان لعارف، يتفق بشكل كبير مع ميثاق تنفيذ السياسات العامة للنظام الإيراني وخامنئي، ويعتبر لافتا من ناحيتين؛ موقفه السياسي، وأسلوب إدارته، حيث قدم نفسه كـ”سياسي إصلاحي حكومي” خلال الفترة الرئاسية الأولى والثانية لخاتمي، حيث “يعتبر الفكر الإصلاحي من تيارات الثورة وأفكارها، وهو مخلص لكل القيم والدستور.
ويقدم هذا المهندس “الإصلاحي الحكومي” نفسه على أنه “مؤمن بالخطوط الحمراء للنظام”، ولإثبات ولائه الدائم يقول: “في بعض الأحيان، يجب على السلطة التنفيذية أن تتراجع عن مواقفها وتكون في إطار النظام”.
وُلد عارف في 19 ديسمبر/كانون الأول 1951 في مدينة يزد، وسط إيران، درس الهندسة الكهربائية في جامعة طهران ومن ثم حصل على درجة الدكتوراه في هذا المجال بجامعة ميشيغان، تولى رئاسة معهد “أميد إيرانيان” (أمل الإيرانيين) للدراسات، مما جعله واحدا من الكفاءات العلمية الإيرانية.
أكاديمي مراوغ

وبالنظر إلى شخصيته وخلفيته الأكاديمية، كان من المتوقع اتخاذه مواقف صريحة بشأن القمع في الجامعات، إلا أنه اكتفى بعبارات مراوغة حول التعامل الأمني الفج مع احتجاجات الطلاب، وقال: “يجب على مسؤولي الجامعة أن يتسامحوا مع الطلاب الغاضبين”.
إضافة إلى حاجة الطلبة، وفقا لـ عارف إلى جوٍّ وديٍّ وحميمي، ولا ينبغي تصعيد السلطات، المشاكل إلى مستوى المجتمع، وإذا كان هناك اختلاف في الرأي، فيجب حله في جوٍّ من الود، قائلا: “الطلاب النشطون عدوانيون أيضا، تماما مثل أبنائنا وبناتنا، فهل نطردهم من المنزل؟ حتى لو هرب، فسنذهب خلفه ونتوسل إليه ليعود!”.
وعلى الجانب الإداري، كانت هناك دائما انتقادات مختلفة لأسلوب إدارة عارف. مع بداية الثورة، عمل في مؤسسات حكومية مثل شركة الاتصالات ووزارة الثقافة والتعليم العالي، وشغل منصب رئيس جامعة طهران من عام 1973 إلى عام 1976. وبعد ذلك عمل في حكومة الإصلاح بين عامي 1976 و1979، وتولى رئاسة شركة الاتصالات الإيرانية عام 1983، وهو عضو كامل العضوية في الأكاديمية الإيرانية للعلوم، وعضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام.
“إصلاحي” بدرجة دبلوماسي “محافظ”

ولا تقتصر نزعة عارف المحافظة على تصريحاته حول القضايا الداخلية فحسب، بل تظهر كذلك من خلال مواقفه المعدودة في السياسة الخارجية، حيث تتميز آراؤه بالمحافظة الشديدة، وعدم تجاوز الخطوط الحمراء، وقربه من السياسات العامة للنظام وخامنئي.
يسعى عارف دائما إلى أن يمسك العصا من المنتصف، تارة يؤمن بالتفاوض مع الغرب، “إذا تركنا إسرائيل جانبا، فليس هناك ما يمنعنا من التفاوض مع أي دولة”، حيث قال عن إسرائيل إنه لا يعترف بها، وتارة أخرى يتحدث عن عدم جدوى التفاوض أو العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية: “لا أرى أن إقامة علاقة مع أمريكا ستحل الأزمات، علينا أن نحل مشكلاتنا من الداخل”.
مرشح رئاسي سابق

وفي وقت سابق، ترشح عارف للانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2013 عن التيار الإصلاحي، تحت شعار “الاقتصاد والكرامة والعقلانية”، لكنه انسحب بعد شهر من الحملات الانتخابية، قبل 4 أيام من التصويت لصالح المرشح آنذاك حسن روحاني الذي أصبح رئيسا للبلاد.
وأعلن عارف خلال المناظرة الثالثة التي أجراها مع عدد من المرشحين الرئاسيين المحتملين في 7 يونيو/حزيران 2013: “يمكننا أن نستخدم الدبلوماسية الثقافية، والدبلوماسية الرياضية، والفن، والإعلام لمساعدتنا في إيصال رسالة السلام إلى العالم عكس الغطرسة التي تريد أن تعتبرنا أمة محاربة ومتحاربة”.
آخر تصريحاته
وفي أحدث تصريح له قال عارف إنه يجب أن تصبح إيران مركزا لتبادل الطاقة في المنطقة، وهو جزء من استراتيجية الحكومة الـ14، ويرأس عارف المقر الاستراتيجي الإقليمي لتجارة الطاقة الإقليمية حال غياب رئيس الجمهورية وهدفه تحويل إيران إلى مركز تبادل الطاقة في الشرق الأوسط لتحقيق حجم تصدير وواردات الغاز بمقدار 40 مليار متر مكعب و20 مليار متر مكعب سنويا على التوالي.
خلال السنوات الأخيرة، كان عارف يتبنى مواقف تدعو إلى الحوار والانفتاح، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ورغم جهوده الإصلاحية، واجهت الحكومة العديد من الأزمات الاقتصادية، من ضمنها التضخم والبطالة، مما أدى إلى انتقادات له وللحكومة بشكل عام.
تحديات كبرى

على الرغم من تأكيده الدائم أن “العقد الرابع من الثورة هو عقد التقدم والعدالة“، فإن طهران تحت قيادته “كنائب للرئيس” واجهت تحديات متزايدة بسبب فرض العقوبات الأمريكية، بالتزامن مع تصاعد الضغوط الاقتصادية على الحكومة والأعباء الإضافية على الإيرانيين وأثر ذلك كله على خطط التنمية التي كان يسعى لتنفيذها وتبخرت في الهواء.
تزايدت وتيرة التحديات في طهران، وشهدت شعبية عارف تراجعا في بعض الفترات، حيث انزعج العديد من المواطنين من عدم تحقيق الإصلاحات الموعودة على أرض الواقع.
لكن سيظل محمد رضا عارف يجسد سياسات الأمل في الإصلاح الحكومي لأجل نهضة إيران، ولكن في الوقت ذاته، يعكس الصعوبات والتحديات التي تواجه أي محاولة للتغيير في سياق سياسي حساس يقع بين مطرقة العقوبات الخارجية وسندان التضخم والانهيار الاقتصادي.
من يتحمل فاتورة الأزمات؟

خلال حديث سابق له في المناظرة الرئاسية الثالثة عام 2023، أعلن أنه “يجب على الرئيس أن يأتي لإنقاذ البلاد من حالة الأزمة”.. والسؤال الذي سبق أن طرحه المرشح الرئاسي السابق ونائب الرئيس الإيراني الحالي “محمد رضا عارف” ويُعاد تكراره الآن: من المسؤول عن الوضع الحالي في البلاد؟