- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 40 Views
كتب-حسن قاسم
رغم المساعي القطرية والمصرية والأمريكية لتهدئة الوضع في الشرق الأوسط، إلا أن المسؤولين الإيرانيين لازالوا يتوعدون بالرد الرادع، على نظام الاحتلال جراء انتهاك سيادة إيران وأمنها القومي من قبل إسرائيل، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” في طهران يوم الأربعاء 31 يوليو/ تموز 2024.
نرصد في هذا التقرير مساعي وجهود الدول – وعلى رأسها قطر – من أجل وقف إطلاق النار في غزة، ثم نبرز التصريحات الأخيرة المتعلقة برد إيران المنتظر على إسرائيل، وفي النهاية نوضح أثر مفاوضات الدوحة على عملية الثأر والانتقام من قبل إيران ضد إسرائيل.
المساعي القطرية والمصرية والأمريكية لكبح جماح التوترات في المنطقة
أعلنت وزارة الخارجية القطرية أن رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ “محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني” أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الإيراني “علي باقري” الخميس 15 أغسطس/ آب 2024، لبحث مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
وبحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية القطرية، فقد تم خلال هذا الاتصال الهاتفي مناقشة “آخر التطورات” في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، فضلًا عن “التوترات الراهنة في الشرق الأوسط”.
ويشير هذا التقرير إلى أن مسؤولين قطريين وإيرانيين أكدوا على ضرورة الهدوء والحد من التوتر في هذه المنطقة.
وكتب القائم بأعمال وزير الخارجية الإيرانية “علي باقري” في حسابه على منصة “إكس:””وردًا على الاتصال الهاتفي بين رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر، جرت مناقشة وتبادل وجهات النظر بشأن آخر تطورات المفاوضات المتعلقة بوقف جرائم الاحتلال في غزة. وبالإشارة إلى اجتماع اليوم لمفاوضات وقف إطلاق النار الذي استضافته قطر، وصف محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نتائج هذه المرحلة من المفاوضات بالحساسية. وأكدتُ على ضرورة مواصلة الجهود الشاملة والإجراءات العملية، بما في ذلك الأنشطة الدبلوماسية، لوقف الإبادة الجماعية من قبل الاحتلال في غزة.”
كما انعقدت الجولة الجديدة من المفاوضات لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، الخميس 15 أغسطس/ آب 2024، في العاصمة القطرية الدوحة، وبحسب وزارة الخارجية القطرية، فإن هذه المفاوضات ستستمر الجمعة بحضور أطراف النزاع والوسطاء الدوليين.
وأكد ماجد الأنصاري المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية استمرار المفاوضات يوم الجمعة 16 أغسطس/ آب 2024 وقال: “الوسطاء أي قطر ومصر والولايات المتحدة يحاولون ضمان إطلاق سراح الرهائن وإمكانية توفير المزيد من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة من خلال التوصل بشكل نهائي إلى وقف إطلاق النار.”
ودعا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “جو بايدن” ورئيس جمهورية مصر “عبد الفتاح السيسي” وأمير قطر الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” في 8 أغسطس/ آب 2024، في بيان مشترك، إلى الاتفاق النهائي بين إسرائيل وحماس على إطلاق سراح الرهائن وتحقيق وقف لإطلاق النار في غزة، وأكدوا على ضرورة مشاركة إسرائيل وحماس في الجولة الأخيرة من المفاوضات.
الحرب بين حماس وإسرائيل ونتائجها
لقد بدأت حرب إسرائيل مع حماس منذ أن شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 هجومًا غير مسبوق في تاريخ إسرائيل، في حين ردت إسرائيل منذ ذلك الهجوم بقصف مدمر على قطاع غزة، مصحوبةً بعمليات عسكرية برية داخل القطاع. وقاتلت في غزة أكثر من 40 ألفًا شخص، وفق إحصائية وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الصادرة في الأيام الأخيرة الماضية.
التصريحات الإيرانية
صرح خطيب الجمعة في دماوند يوم الجمعة 16 أغسطس/ آب 2024 قائلًا: “إن الثأر للشهداء والانتقام من العدو له أساس ومنطق قرآني، ولن نتخلى عن هذا التفكير. بعض المحبين للغرب في إيران يقولون إن الثأر للشهداء سيكلفنا الكثير، غير مدركين أن تكلفة إذلال عدم الرد أكبر، وأن رد إيران على اغتيال هنية في طهران هو رد قاطع وشديد وشامل، بحيث سيجعل ذلك الرد يوم العدو الإسرائيلي يومًا أسود، والثأر لدماء قادة المقاومة هو ثأر منفصل عن الثأر لدماء 40 ألف شهيد في غزة، ولن يرى الإسرائيليون السلام مرة أخرى.”
وقال خطيب جمعة كنانة في إشارة إلى رد إيران على جريمة اغتيال الشهيد هنية وأعمال الكيان الشنيعة يوم الجمعة 16 أغسطس/ آب 2024: “بالتأكيد، سيكون رد إيران على جرائم نظام الاحتلال في الوقت المناسب وسيكون ردًا حاسمًا وغير متوقع ومبنيًا على العقلانية والشجاعة.”
وذكر الإمام جمعة دير خلال خطبة الجمعة 16 أغسطس/ آب 2024 أن هدف العدو من الحرب النفسية والسياسية والثقافية والاقتصادية هو تخويف إيران وإجبارها على التراجع، وقال: “إن بعض الأشخاص داخل إيران يحاولون تضخيم قوة العدو، بينما يجب علينا اليوم أن نتعرف على قدراتنا ونمتنع عن المبالغة في قوة العدو.”
وذكر خلال هذه الأيام التي تطرح فيها مسألة انتقام إيران من نظام الاحتلال، لم تنتقم إيران بعد من هذا النظام، ووصفه بأنه نظام مستأصل، وقال: “يقول البعض إنه لا ينبغي عليكم اتخاذ أي إجراء ولا تقعوا في فخ نتنياهو. إن انتقام إيران وجبهة المقاومة من هذا النظام الذي انتهك سيادتنا وأمننا القومي واغتال ضيف إيران العزيز أمر مؤكد ولا مفر منه، لكن الانتظار أسوأ من الانتقام.”
وصرح خطيب بوشهر المؤقت خلال خطبة الجمعة 16 أغسطس/ آب 2024: “اليوم، في ظل الثأر لدماء إسماعيل هنية، تحاول دول مختلفة التوسط حتى لا تتم معاقبة الدولة المعتدية، لكن على نظام الاحتلال أن يعلم أن الانتقام لاغتيال الشهيد هنية مؤكد وقاطع وحتمي.”
وقال إسماعيلي إن الشعب أكثر يقظة من أي وقت مضى وأضاف: “اليوم يحاول العدو منع دول العالم من شراء معدات عسكرية من إيران، وفي هذا الوضع ورغم سلطة إيران، فإن انسحاب إيران دون شك لن يؤدي إلا إلى الخسائر والإذلال.”
وأكد: “مثلما صمد الشهداء حتى آخر قطرة دم، كذلك نعقد عهدًا مع قائد الثورة لمواصلة طريقه الواضح.”
وقال خطيب صلاة الجمعة في بوشهر: “يعبر الناس كذلك عن دعمهم بالهتاف لبيك يا خامنئي ردًا على الثأر لدماء إسماعيل هنية.”
وأشار خطيب جمعة همدان “حبيب الله شعباني” خلال خطبة الجمعة 16 أغسطس/ آب 2024، إلى أن الانتقام من الكيان هو حق مشروع لإيران وجبهة المقاومة، وأضاف: “من يدعو إلى عدم الثأر والوساطة كلامهم مخالف للقانون.”
وأشار إلى أنه وفقًا للقانون الدولي، فمن حق إيران الوقوف ضد النظام الذي هاجم أراضيها، وقال: “إن انتقام إيران قد خلق حالة من الرعب لدى نظام الاحتلال.”
قال شعباني: “ألا يقول العدو إن الشعب مختبئ وله قبة حديدية؟ فلماذا يخافون من الموت وحياتهم معدودة؟”
وأشار إلى أن النظام الصهيوني رأى المقاومة في صمود إيران واليمن وفلسطين ولبنان ويخشى منها، وقال: “إن الأعداء قد رأوا قوة إيران في الوعد الصادق.” وأضاف شعباني: “الانتقام مؤكد، لكن إيران ستختار نوعه وأسلوبه.”
وصرح خطيب الجمعة في شيراز خلال صلاة جمعة 16 أغسطس/ آب 2024 قائلًا: “إن أمن إيران الذي تعرض لصفعة بعد اغتيال إسماعيل هنية، يجب أن يصاحبه رد حاسم وحازم”.
وتابع لطف الله دجكام: “بحسب تعاليم القرآن، يجب التحلي بالصبر أولًا ثم الوقوف والمقاومة؛ من أجل مواجهة العدو.”
كما ذكر علي باقري – خلال مراسم الاحتفال السابع والسبعين على استقلال الهند – مشيرًا إلى اغتيال إسماعيل هنية: “إن اغتيال إسماعيل هنية في طهران الذي كان ضيفًا رسميًا لإيران وكان حاضرًا في طهران من أجل المشاركة في مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الإيراني الجديد، هو بالتأكيد جريمة لا تغتفر، وانتهاك للسيادة، وانتهاك لوحدة إيران الوطنية والإقليمية، واستقرار وأمن المنطقة، وهو ما يجب على العالم أجمع أن يدينه ويتخذ إجراءات وقائية ضد الكيان.”
وأكد باقري: “أن الحق الأصيل والمشروع لإيران في اتخاذ الإجراءات المضادة محفوظ، وإيران لن تتردد في استخدام هذا الحق.”
آخر التطورات
وفي إطار استعداد إيران للرد، ودعمها لحزب الله وفصائل المقاومة، نشر الإعلام الحربي التابع لـ”حزب الله” اللبناني يوم الجمعة 16 أغسطس/ آب 2024، مقطعًا مصورًا لمنشأة عسكرية في أنفاق ضخمة قادرة على استيعاب راجمات صواريخ، وأطلق عليها اسم “عماد 4″، نسبة لأحد قيادييها الكبار عماد مغنية الذي اغتيل في سوريا عام 2008.
وعلى صعيد اسم المنشأة “عماد 4″، يوضحُ مدير مكتب الجزيرة أن هناك منشآت عسكرية أخرى لحزب الله تحت الأرض في أنفاق وقواعد معينة داخل الجبال، حيث وضعت فيها هذه الصواريخ الدقيقة، وتتيح للشاحنات التحرك فيها بسهولة.
ويأتي هذا الكشف الذي تخلله رسالة صوتية للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مقتطعة من خطاب سابق يؤكدُ فيها قدرة صواريخ الحزب على تغطية كامل الأراضي الفلسطينية “من كريات شمونة إلى إيلات”، في خضم ترقب محلي وإقليمي لرد توعد به نصر الله على اغتيال إسرائيل القيادي البارز في الحزب فؤاد شكر الشهر الماضي، في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأوضح الإعلام الحربي أن “المنشأة ليست فقط بعيدة عن القدرات الاستعلامية المعادية “الإسرائيلية”، بل توفر الحماية ضد الاستهدافات المعادية كذلك”.
وفي هذا الإطار، أكد مصدر في حزب الله أن الصواريخ الدقيقة في تسجيل – عماد 4 – تثبت جاهزية الحزب النارية لإصابة الأهداف التي يختارها.
والسؤال هنا هل ستخمد مفاوضات الدوحة نار الثأر عند الإيرانيين؟
أشار تقرير موقع “الوقت” بالفارسية بتاريخ الأربعاء 14 أغسطس/ آب 2024، إلى أنه في ظل استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة في العاصمة القطرية الدوحة اعتبارًا من الخميس 15 أغسطس/ آب 2024، إلا أن هذه المحادثات طغت عليها الآن التطورات الأمنية في المنطقة، إضافة إلى وجهات نظر حماس ونظام الاحتلال.
القضية الأهم التي شغلت أذهان الغربيين وأقلقتهم هي نوع الرد الذي ستقدمه إيران للكيان بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” في طهران، وحاولوا خلال الأسبوعين الماضيين إرسال رسائل مباشرة لمنع إيران من القيام بذلك.
وخلال هذا الوضع، حاولت الحكومة الأميركية منع توسيع نطاق الحرب من خلال التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة.
ويأمل مسؤولو البيت الأبيض أن تتوقف إيران عن مهاجمة الأراضي المحتلة مع وقف إطلاق النار في غزة. وهذا هو الادعاء الذي أطلقه الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء 13 أغسطس/ آب 2024، وقال إنه يتوقع حدوث شيء كهذا.
هذا بينما زعمت بعض المصادر الغربية، نقلًا عن مسؤولين إيرانيين، أن إيران ستتوقف عن مهاجمة الأراضي المحتلة إذا تم وقف إطلاق النار في غزة.
ويرى الكاتب المتخصص في السياسة الخارجية “ديفيد إغناتيوس” في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن “بايدن يحاول نزع فتيل القنبلة الموقوتة بين إيران وإسرائيل، كما أن الجهد المتسرع لاستئناف مفاوضات الدوحة هو أيضًا لمنع ” الهجوم الإيراني الذي سيتم تنفيذه”
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض “كارين جان بيير”: “نعتقد أن المفاوضين يجب أن يجلسوا على طاولة المفاوضات، إذ أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار هو أفضل وسيلة لتهدئة التوترات التي نشهدها”.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة “ليندا توماس غرينفيلد” يوم الثلاثاء 13 أغسطس/ آب 2024، إن الهدف العام لأمريكا في الشرق الأوسط هو خفض التوتر والردع والوقوف في وجه أي هجمات مستقبلية وتجنب الصراعات الإقليمية. ويبدأ ذلك بإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وإطلاق سراح الأسرى في غزة.
ولذلك فإن التحركات الأميركية لإنهاء الصراعات في غزة هي لإنقاذ الإسرائيليين من عقاب إيران أكثر من مساعدة أهل غزة.
ويأمل البيت الأبيض والغربيون أن تبدأ مفاوضات وقف إطلاق النار بينما لا يوجد مؤشر قوي على تأجيل العقوبة من إيران. ورغم أن إيران تريد وقف الحرب في غزة وبذلت جهودًا كثيرة في الأشهر العشرة الأخيرة لإنهاء هذه الحرب الوحشية، إلا أن المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب لا علاقة لها بالتطورات في غزة، والفئتان منفصلتان كل منهما عن الأخرى.
وأعلنت إيران عن تغيير قواعد الردع مع نظام الاحتلال، وتعتبر العقوبة جزءًا من إرساء هذه القواعد وشرحها للكيان من أجل منع النظام من تكرار الاعتداءات على مصالحها في الداخل وعلى المستوى الإقليمي.
وفي غضون ذلك، يبدو أن تأخير تنفيذ العمليات العقابية لإيران وحزب الله هو كذلك جزء من العقوبة، ومن أجل زيادة الأضرار في الأراضي المحتلة.
والحقيقة أن تأخير جبهة المقاومة الرد لمدة أسبوعين ليس لمعرفة ما ستكون عليه نتيجة مفاوضات الدوحة، بل إن استراتيجية المقاومة هذه هي خلق الخوف من الفوضى في الأراضي المحتلة قبل تنفيذ عمليات واسعة النطاق. كما تظهر التقارير الإعلامية للوضع الداخلي في الأراضي المحتلة، أن ذلك يعني اضطراب روتين الحياة الطبيعي بشكل كامل.
في المقابل، يأمل بايدن التوصل إلى وقف لإطلاق النار فيما لا تملك الحكومة الأميركية خيارات جدية للضغط على تل أبيب لوقف الحرب.
وبينما يبدو واضحًا للجميع أن استمرار الدعم السياسي والعسكري الأمريكي للنظام هو السبب الرئيسي لاستمرار نتنياهو في الحرب، وبدلًا من الضغط على تل أبيب، وافق البيت الأبيض مؤخرًا على حزمة جديدة من مساعدات الأسلحة لإسرائيل.