- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 54 Views
كتبت / يسرا شمندي
يقع ممر زنغزور في منطقة بين أرمينيا وناختشيفان (جمهورية ذاتية الحكم تابعة لأذربيجان)، ولا ترتبط براً بالبر الرئيسي لأذربيجان وتفصلها عنها أرمينيا، يمر الممر عبر الجزء الجنوبي من أرمينيا، مقاطعة سيونيك، ويُعتبر رفض إيران لمشروع الممر، بسبب قلقها من فقدان تأثيرها في المنطقة، بالإضافة إلى التهديد الذي قد يشكله تعزيز النفوذ التركي والأذربيجاني عليها، وتصاعدت الانتقادات الإيرانية تجاه روسيا على خلفية دعمها لأذربيجان في هذا المشروع، مما أدى إلى دعوات شعبية وسياسية في إيران لإحياء مطالبات تاريخية بإعادة أراضٍ فقدتها البلاد في الماضي.
بناء على ما جاء في موقع خبر فوري بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2024 أثار دعم روسيا لأذربيجان بشأن ممر زنغزور غضب الحكومة والشعب الإيراني، ودفعت خيانة الرئيس الروسي بوتين لإيران القادة العسكريين والسياسيين إلى الرد على الحادث، ويعد رد البرلماني السابق منصور حقيقت بور، إحدى أفضل ردود الفعل، فقد كتب على منصة إكس “في إيران، يجب أن تصبح المطالبة بعودة 17 مدينة في القوقاز حركة شعبية”.
وقد نُشرت هذه التغريدة بسبب تدخل روسيا في شؤون القوقاز، مدعية أن هذه المناطق تحت سيطرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأنها كانت ذات يوم تحت سيطرة موسكو، لكن لا ينبغي أن ننسى أن القوقاز كانت تابعة لإيران قبل أن تحتلها روسيا، وتم التنازل عنهم بموجب معاهدتي غلستان وتركمانجاي.
الحرب الإيرانية الروسية الأولى (1804 – 1813)
الجدير بالملاحظة أن الحرب الإيرانية الروسية الأولى كانت نزاعاً بين الإمبراطورية الروسية وإيران خلال قيام الدولة القاجارية في فترة حكم فتح علي شاه القاجاري (الدولة القاجارية كانت دولة إيرانية حكمتها السلالة القاجارية من عام 1789 حتى عام 1925 تأسست الدولة عندما تمكن القاجاريون من السيطرة على كامل إيران وتوحيدها)، وقد بدأت الحرب بسبب التوترات حول السيطرة على منطقة القوقاز، والتي كانت تحت النفوذ الإيراني ولكنها كانت في نفس الوقت هدفاً للتوسع الروسي، مما أدى إلى نشوب التوترات الإقليمية والسياسية بين روسيا وإيران.
وشنت روسيا عدة هجمات على إيران وخاصة مدن القوقاز، وأثارت هذه الاجتياحات قيام الحرب الإيرانية الروسية الطويلة، وبناءً على تدخل بريطانيا، التي كانت حليفة لروسيا في ذلك الوقت، وافقت إيران على التفاوض مع روسيا، لكن الروس خدعوا الإيرانيين، وكثفوا هجماتهم، وناشدت طهران السلام، وتم توقيع معاهدة غلستان التي أنهت الحرب الروسية الإيرانية الأولى بوساطة المسؤولين البريطانيين، ووفقاً للمعاهدة، وافقت إيران على مغادرة جميع المقاطعات التي احتلها الروس حتى ذلك الوقت وتنازلت عنها، بالإضافة إلى ذلك، حُرِمت إيران من حق الملاحة في بحر قزوين.
الحرب الإيرانية الروسية الثانية (1825 – 1828)
إن المسألة المهمة هنا أنه بمجرد انتهاء الحرب الأولى، بدأت الاستعدادات للحرب الثانية، وكانت المشكلة الكبرى في معاهدة غلستان أنها لم تحدد حدوداً واضحة بين القوات الإيرانية والروسية، وفي بداية الحرب العالمية الثانية، تمكنت إيران من التقدم في بعض أجزاء القوقاز، لكن الوضع تغير بعد أن كلفت موسكو الجنرال الروسي، بقيادة جبهة القوقاز، فتحولت نتيجة الحرب الإيرانية الروسية الثانية إلى كارثة، وشهدت القوات الإيرانية واحدة من أسوأ هزائمها في أقل من عامين، فطلبت إيران السلام، وتم إبرام معاهدة تركمانجاي، واحتل الروس مدنًا أخرى في القوقاز، وتخلت إيران تمامًا عن مقاطعات هذه المنطقة، وتسببت معاهدة (تركمانجاي) في فصل 3 دول أخرى عن إيران، والتي انفصلت مع 14 دولة عن إيران في معاهدة غولستان، وشكلت ما مجموعه 17 دولة، وتم فصل القوقاز بأكمله تقريبًا عن إيران، والذي يتشكل في المناطق التالية: (ناغورنو كاراباخ، ريب خزانة، قبة شيروان، بادكوبة، داغستان، دربند، النصف الشرقي من جورجيا، قشرة الرأس محل، محل أشوقباشي، محل غروزية (كورن) (الشيشان والإنغوش حاليًا)، محل مانغريل، محل أبخازي، سامغارلو، وغوريا، ناختشيفان خانات، خانات يريفان، تاليش خانات).
الموقف الإيراني ومخاوفه تجاه تحالف روسيا مع أذربيجان بشأن إنشاء الممر
وبحسب تقرير نشرته العين نيوز فارسي بتاريخ 13 سبتمبر/ أيلول 2024 أنه في أعقاب زيارة بوتين إلى باكو في 18 أغسطس 2024، التقى خلالها بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، وخلال هذه الزيارة، تم التأكيد على حق أذربيجان في الحصول على ممر بري يربطها بمنطقة ناخيتشيفان، “وأثار ذلك غضب المسؤولين في إيران، الذين ردوا على ذلك الموقف بالرفض التام “
وبناءً على تقرير نشره المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بتاريخ 8 سبتمبر/ أيلول 2024 أن المرشد الأعلى علي خامنئي أعلن “إذا كانت هناك سياسة لإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا، فإن إيران ستعارض تلك السياسة، لأن تلك الحدود كانت طريقًا للتواصل منذ آلاف السنوات”.
وقد أكد وزير الخارجية الإيراني “عباس عراقجي” عبر منصة إكس: “أن السلام والأمن والاستقرار الإقليمي ليس مجرد تفضيل، بل هو ركيزة من ركائز أمننا القومي، وأي تهديد من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب لسلامة أراضي جيراننا هو أمر غير مقبول تمامًا وخط أحمر بالنسبة لإيران”.
وخلال لقائه مع سفير روسيا لدى إيران، شدد عراقجي والمدير العام للشئون الأوراسية مجتبي دميرجي لو، على دعم طهران السلام والاستقرار الإقليميين، ومعارضتها أي تغييرات في الحدود المعترف بها دوليًا والوضع الجيوسياسي الراهن، مؤكدًا على “ضرورة الاهتمام بالمصالح والمخاوف المشروعة لجميع دول المنطقة”.

وأوضح رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان “إبراهيم عزيزي”، أن القضايا المتعلقة بالتطورات الجيوسياسية في ممر زنغزور ليست في مصلحة دول المنطقة، وإيران تعارض هذه القضية بشدة، ويبدو أن هناك مساعي لتقليص قوة إيران العسكرية والسياسية في المنطقة من خلال إنشاء هذا الممر.
ووفقًا لما جاء في تقرير نشره موقع خبر فوري بتاريخ 1 سبتمبر/ أيلول 2024 صرحت إيران مرارًا وتكرارًا بأنها ليست على استعداد لتقديم تنازلات مع دولة أخرى بشأن مصالحها الوطنية، إن قطع العلاقات بين إيران وأرمينيا وسيطرة باكو الكاملة على زنغزور سيكون له عواقب وخيمة على إيران وسيؤدي إلى زيادة القوة الاستراتيجية والاقتصادية لتركيا وأذربيجان، حتى العام الماضي، أكدت روسيا أيضًا على المساواة في قدرات دول القوقاز، ولكن مع تدهور وضع روسيا على الأرض في الحرب مع أوكرانيا، تغيرت سياسة موسكو وحاولت إنشاء طريق تجاري مباشر من أذربيجان وتركيا إلى الشرق للتحايل على العقوبات الأوروبية، وسيتحقق هذا الخط التجاري المباشر من خلال هيمنة أذربيجان على زنغزور.
في نهاية الأمر يبدو أن هناك مخاوف من عودة إيران إلى وضعها التاريخي السابق، تدخل إيران في منافسة تاريخية مع الوريث العثماني، تركيا، ووريث الاتحاد السوفيتي والقياصرة، روسيا، ويبقى أن نرى إلى أي مدى يمكن للبلاد أن تنجح في هذه المنافسة.