- زاد إيران - المحرر
- أجانب, أوليفييه غروندو, سياسة خارجية, فرنسا, متميز
- 139 Views
كتب: محمد بركات
في ظل تصاعد التوترات بين إيران والدول الأوروبية، تزداد حالات احتجاز المواطنين الأجانب داخل الأراضي الإيرانية، ما أثار قلق الحكومات الغربية، فخلال السنوات الأخيرة، شهدت إيران اعتقالات متكررة لمواطنين يحملون جنسيات أوروبية، وضمن ذلك فرنسيون، تحت ذرائع أمنية متعددة.
هذه الاعتقالات باتت تشكل عاملا رئيسيا في العلاقات الدبلوماسية المتوترة بين إيران والغرب. وبينما تؤكد طهران أن هذه الإجراءات قانونية، يرى المراقبون أنها تُستخدم كورقة ضغط سياسي في مواجهة العقوبات والمفاوضات الدولية.
فقد أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس 20 مارس/آذار 2025، في تغريدة له على حسابه بمنصة إكس، أن إيران قد أفرجت عن السجين أوليفييه غروندو، الذي كان محتجزا في إيران منذ العام 2022، حيث قال: “أوليفييه غروندو حرّ في فرنسا بين أبناء وطنه! نحن نشارك عائلته فرحتهم وراحتهم الكبيرة، أشكر جميع الدوائر الحكومية، وسفير بلادنا لدى إيران، ومركز الأزمات والدعم في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية على تحركهم الحاسم”.

كذلك، فقد عبّر جان نويل بارون، وزير الخارجية الفرنسي، عن سعادته بالإفراج عن أوليفييه غروندو، من خلال رسالة نشرها على منصة إكس، حيث كتب: “أوليفييه غروندو أُطلِق سراحه أخيرا، بعد أن كان محتجزا كرهينة في إيران لمدة 887 يوما، التقى عائلته وأحبّاءه وبلاده. إنها راحة عظيمة”.

بعدها وفي اليوم نفسه، طلبت وزارة الخارجية الفرنسية من جميع المواطنين الفرنسيين مغادرة الأراضي الإيرانية.

جدير بالذكر أن ماكرون كان قد صرح في الأول من فبراير/شباط 2025، بأن إيران تحتجز مواطنَين من بلاده منذ ألف يوم ويجب أن تفرج عنهما.

وكانت السلطات الإيرانية قد اعتقلت غروندو بمدينة شيراز في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة التآمر ضد الجمهورية الإيرانية.

من جانبها، نفت عائلته هذه الاتهامات بشدة، مشددة على أنه محبٌّ للشعر والأدب الفارسي، وقد دخل إيران بتأشيرة سياحية كجزء من جولة عالمية.
وكان غروندو قد كشف عن هويته من خلال رسالة صوتية بثتها محطة إذاعية فرنسية في 13 يناير/كانون الثاني 2025، معبرا عن إرهاقه المتزايد بسبب وضعه، وخلال الرسالة، وجّه غروندو نداء للمسؤولين الفرنسيين، مؤكدا أن قوته وقوة زميليه، سيسيل وجاك، وهما مواطنان احتجزتهما إيران أيضا، قد نفدت، مطالبا إياهم بتحمل مسؤولية ضمان بقائهما على قيد الحياة.
الاعتقالات الإيرانية.. أداة ضغط سياسي أم ملف أمني؟
شهدت العلاقات بين إيران والدول الأوروبية، لا سيما فرنسا، توترات بشكل متكرر خلال العقود الماضية، وكان أحد أبرز أسباب التوتر هو احتجاز مواطنين أوروبيين، بينهم فرنسيون، من قبل السلطات الإيرانية. في العديد من الحالات، وُجهت للمعتقلين تهمٌ تتعلق بالتجسس، والإضرار بالأمن القومي، أو المشاركة في أنشطة غير قانونية داخل البلاد، اتهامات غالبا ما رفضتها العائلات والحكومات الأوروبية.
فقد تكررت حالات احتجاز مواطنين فرنسيين في إيران خلال السنوات الماضية، وكان أبرزها سيسيل كوهلر وجاك باري، حيث اعتقل الزوجان الفرنسيان في مايو/أيار من العام 2022، ووجهت إليهما تهم بالتجسس والعمل لصالح جهات أجنبية، في حين قالت باريس إنهما كانا في زيارة سياحية، وحتى الآن، لا يزالان محتجزين في إيران، رغم المطالبات المتكررة من الحكومة الفرنسية بالإفراج عنهم.

كذلك بنجامين بريير، الذي اعتقل في مايو/أيار من العام 2020 في أثناء قيامه برحلة سياحية إلى إيران، واتُّهم بالتجسس بسبب استخدامه طائرة مسيرة لالتقاط صور في المناطق الحدودية، وقد حُكم عليه بالسجن ثماني سنوات، لكن تم الإفراج عنه في مايو/أيار 2023 بعد ثلاث سنوات من الاحتجاز.

أيضا الباحثة الفرنسية الإيرانية فریبا عادلخواه، التي اعتقلت في يونيو/حزيران 2019، ووجهت إليها تهمٌ متعلقة بالأمن القومي، فيما نفت الحكومة الفرنسية هذه الاتهامات، واعتبرتها غير مبررة، وبعد عدة محاولات دبلوماسية، أُطلق سراحها في فبراير/شباط 2023.

حالات اعتقال مواطنين أوروبيين آخرين
إلى جانب الفرنسيين، شهدت إيران اعتقالات متكررة لمواطنين من دول أوروبية أخرى، أبرزها السويدي يوهان فرودروس الذي احتُجز بطهران في أثناء زيارته في ديسمبر/كانون الأول 2022، واتُّهم بالتجسس لصالح أجهزة استخبارات أجنبية وظل محتجزا لمدة عام تقريبا قبل أن يتم الإفراج عنه في صفقة تبادل سجناء مع ستوكهولم.

وفي السياق نفسه، شهدت إيران عدة حالات احتجاز لمواطنين بريطانيين من أصول إيرانية، مثل نازنين زاغري، التي قضت ست سنوات في السجن قبل أن يتم الإفراج عنها في عام 2022، بعد مفاوضات مكثفة بين لندن وطهران.

كذلك، في ديسمبر/كانون الأول 2024، اعتُقلت الصحفية الإيطالية سيسيليا سالا بطهران في أثناء إعدادها لتقرير صحفي، بعد أن سافرت إلى إيران بتأشيرة صحفية في 13 ديسمبر/كانون الأول. بعد اعتقالها، وُضعت في الحبس الانفرادي لمدة أسبوع، حينها استدعت وزارة الخارجية الإيطالية السفير الإيراني في روما؛ للمطالبة بالإفراج الفوري عن سالا في النهاية، وبعد جهود دبلوماسية مكثفة، تم الإفراج عن سيسيليا سالا وعادت إلى إيطاليا.

ماذا تريد إيران من وراء تلك الاعتقالات؟
تشير التقارير إلى أن إيران غالبا ما تستخدم اعتقال المواطنين الأجانب كأداة ضغط سياسي لتحقيق أهداف متعددة، على رأسها الضغط من أجل الإفراج عن سجناء إيرانيين، ففي عدة مناسبات، اقترحت إيران تبادل السجناء مقابل مواطنين أوروبيين محتجزين لديها. على سبيل المثال، تم الإفراج عن الباحث السويدي يوهان فريدمان في إطار صفقة تبادل.

أيضا، ومع تصاعد العقوبات الأوروبية ضد إيران بسبب ملفها النووي وانتهاكات حقوق الإنسان، تأتي بعض الاعتقالات كرد فعل على الضغوط الغربية، ما يجعلها ورقة تفاوضية بيد طهران.
كما يرى البعض أن تلك الاعتقالات تمثل إرسال رسائل ردعية إلى المعارضين والنشطاء، حيث تستهدف بعض الاعتقالات مواطنين مزدوجي الجنسية أو باحثين أكاديميين؛ في محاولة لردع التواصل مع مؤسسات غربية أو دعم الحركات الاحتجاجية داخل إيران.