- ربيع السعدني
- متميز
- 71 Views
كتب: ربيع السعدني
في ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة، 13 يونيو 2025، هزت سلسلة غارات جوية إسرائيلية العاصمة الإيرانية طهران ومدنًا أخرى، مستهدفة مواقع نووية وعسكرية استراتيجية، وأعلنت إسرائيل أن الهجوم، الذي أطلق عليه اسم “عملية الأسد الصاعد”، جاء كضربة استباقية لتعطيل برنامج إيران النووي وقدراتها الصاروخية، هذا الهجوم، الذي أودى بحياة قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين إيرانيين، أثار مخاوف عالمية وإقليمية من تصعيد قد يشعل حربًا إقليمية شاملة.
بداية الهجوم..
ضربات جوية دقيقة تستهدف قلب إيران
في حوالي الساعة الثالثة فجرًا بتوقيت طهران، دوت انفجارات عنيفة في العاصمة الإيرانية ومدن أخرى مثل أصفهان، كرمانشاه، ولرستان، استخدم سلاح الجو الإسرائيلي عشرات الطائرات المقاتلة.
بما في ذلك طائرات إف-35، لتنفيذ ضربات دقيقة استهدفت مواقع عسكرية ونووية حساسة ووفقًا للجيش الإسرائيلي، شملت الأهداف منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، وهي العمود الفقري للبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب قواعد عسكرية مثل بارشين ومجمعات سكنية لقادة الحرس الثوري الإيراني في طهران.

شهود عيان في طهران، وفقا لتقرير صحيفة نيويورك تايمز مثل محمد جمالي، أفادوا برؤية طائرات إسرائيلية تحلق على ارتفاع منخفض، تليها انفجارات هزت أحياء مثل سعادت آباد وشهيد محلاتي، حيث يقيم كبار قادة الحرس الثوري.
كما استهدفت إسرائيل مواقع عسكرية في أذربيجان الشرقية، منها مصفاة تبريز، الدفاع الجوي قرب المطار، قاعدة شهيد فكري الجوية، قره مالك، ديزل آباد، ومقرات حرس عاشوراء وخصب، ونقطة مراقبة مراغة، وأعلن مجيد فرشي، مدير إدارة الأزمات، استشهاد شخصين وإصابة ستة آخرين في هجمات على ثكنة الشهيد كريمي، ثكنة الزهراء، ومركز رادار سردرود، وأفادت وكالة تسنيم من أن إسرائيل هاجمت أيضا قاعدة بروجرد الجوية، كما قُصفت قاعدة خرم آباد الجوية.

وأظهرت لقطات بثتها وسائل الإعلام الإيرانية ألسنة اللهب والدخان يتصاعدان من مواقع متعددة، بينما أُخلي المجال الجوي الإيراني من الرحلات المدنية، وتوقفت الحركة في مطار الإمام الخميني الدولي ومطار مهرآباد، حسبما أعلنت إدارة العلاقات العامة في مطار الخميني: “لم يحدث شيء في مطار الإمام الخميني، في الوقت الحالي، وحتى توضح لنا منظمة الطيران المدني الوضع، سنعلق الرحلات الجوية لنرى كيف سيتطور الوضع”.
عمليات سرية للموساد
بالتزامن مع الغارات الجوية، نفذ الموساد الإسرائيلي عمليات تخريب سرية داخل إيران، استهدفت أنظمة الدفاع الجوي وقدرات الصواريخ بعيدة المدى، وفقًا لمسؤول إسرائيلي تحدث إلى مراسل موقع أكسيوس، الإخباري الأمريكي باراك رافيد، شملت هذه العمليات استهداف بنية تحتية حساسة، مما سهّل اختراق الطائرات الإسرائيلية للأجواء الإيرانية، ويُعتقد أن هذه العمليات استفادت من ضعف الدفاعات الجوية الإيرانية، التي تضررت بشدة في ضربات إسرائيلية سابقة في أكتوبر/ كانون الأول 2024.
نتنياهو: “ضربنا قلب البرنامج النووي الإيراني”

في بيان مصور ألقاه فجر الجمعة، 13 يونيو/ حزيران 2025 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهجوم استهدف “قلب برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم” و”جوهر برنامج تسليحها النووي”، وأكد أن الضربات شملت منشأة نطنز النووية، مركز الصواريخ الباليستية الإيرانية، وعددًا من العلماء النوويين البارزين، ووصف نتنياهو الهجوم بأنه “استباقي” لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، مشيرًا إلى أن إيران تمتلك ما يكفي من المواد لتصنيع 15 قنبلة نووية في أيام، وفقًا لتقديرات المخابرات الإسرائيلية.
تهديدات إيران ووكلائها
استعرض نتنياهو تاريخ التوترات مع إيران، مشيرًا إلى هجماتها الصاروخية على إسرائيل في أبريل/ نيسان 2024 وأكتوبر/ كانون الأول 2024، التي شملت إطلاق حوالي 300 صاروخ باليستي، وقال إن إيران تخطط لتسليح وكلائها، مثل حزب الله وحماس، بأسلحة نووية، مما يشكل “كابوسًا نوويًا” قد يمتد إلى أوروبا وأمريكا، وأضاف: “إيران تسمي إسرائيل ‘الشيطان الصغير’ وأمريكا ‘الشيطان الأكبر’، ونحن نقول اليوم: تحيا إسرائيل، تحيا أمريكا”.
نتنياهو يشكر ترامب

كما أشاد نتنياهو خلال خطابه عقب الهجوم بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدعمه في مواجهة البرنامج النووي الإيراني، لكنه أشار إلى أن إسرائيل اضطرت للتحرك بشكل منفرد بسبب “مماطلة إيران” في المفاوضات النووية، وأكد أن الهجوم يخدم “العالم المتحضر” بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، محذرًا من أن صواريخ إيران الباليستية قد تهدد مدنًا أوروبية وأمريكية في المستقبل القريب.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا حذر فيه الإسرائيليين من رد إيران وطلب منهم عدم نشر صور ومواقع مستهدفة بهجوم إيراني محتمل على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا الصدد، أفادت مصادر عسكرية إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي استدعى آلاف الجنود الاحتياطيين من سلاح الجو والدفاع الجوي والمخابرات العسكرية والجبهة الداخلية ووضعهم في حالة تأهب قصوى.
▪︎ شاهد خطاب نتنياهو كاملا من هنا
كما أعلنت وسائل إعلام عبرية قبل ساعات، أنه تم إغلاق المجال الجوي للأراضي المحتلة، تماشياً مع تصاعد التوترات الأمنية والتطورات الأخيرة في المنطقة.
ضربة موجعة لطهران.. اغتيالات تستهدف القادة والعلماء
أكدت وسائل إعلام إيرانية رسمية مقتل شخصيات بارزة في الهجوم الإسرائيلي على العاصمة طهران، حسبما أفادت وكالة أنباء (إرنا) اليوم الجمعة 13 يونيو/ حزيران 2025، باغتيال ستة من كبار القادة العسكريين والمسؤولين والعلماء النوويين في البلاد في العملية الإرهابية التي نفذها النظام الإسرائيلي، وهم:

▪︎ اغتيال اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، الذي يُعتبر رمزًا للقوة العسكرية الإيرانية.
▪︎ اغتيال اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، وهو أحد أهم الأذرع العسكرية في إيران والرجل الثاني في الجيش الإيراني.
▪︎ اغتيال رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري في الهجوم الإسرائيلي اليوم على إيران.
▪︎ اغتيال رئيس الأمن القومي الإيراني السابق علي شمخاني، مستشار المرشد علي خامنئي في الضربات الإسرائيلية اليوم.
▪︎ اغتيال العالمان النوويان فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي، اللذان يعتبران من مهندسي البرنامج النووي الإيراني، عباسي كان رئيسًا سابقًا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بينما شغل طهرانجي منصب رئيس جامعة آزاد الإسلامية.
وأفادت وكالة تسنيم للأنباء التابعة للحرس الثوري الإيراني أن الضربات استهدفت منازل هؤلاء العلماء في عمليات اغتيال مستهدفة، إلى جانب هدم ثلاثة مبانٍ سكنية في مجمع عسكري بطهران، كما أشارت تقارير إلى مقتل ما لا يقل عن 12 مدنيًا في العاصمة وحدها، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعا في إيران.
كما دعت هيئة إدارة الأزمات المواطنين إلى الحفاظ على الهدوء، وتجنب الأفعال المتسرعة التي قد تُسبب القلق العام، والالتزام بالنظام العام، والاعتماد حصريًا على المعلومات الرسمية من وسائل الإعلام الوطنية وقنوات الاتصال الموثوقة، وحثت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على إعطاء الأولوية للأمن النفسي للمجتمع، والحد من السفر غير الضروري، والتعاون مع فرق الإغاثة عند الضرورة.
إيران تتوعد بالرد الحاسم

في أول رد فعل رسمي على الضربات الإسرائيلية أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم الجمعة 13 يونيو/ حزيران 2025، رسالة إلى الأمة استنكر فيها الجريمة التي ارتكبها النظام الإسرائيلي فجر اليوم باستهداف مراكز سكنية في إيران، وأكد أن هذا العدوان يكشف الطبيعة الشريرة للنظام، متوعدًا بعقاب شديد من القوات المسلحة الإيرانية، وأشار المرشد إلى استشهاد عدد من القادة والعلماء في الهجوم، مؤكدًا أن خلفاءهم سيتولون مهامهم فورًا، وأضاف أن النظام الإسرائيلي سيواجه مصيرًا مريرًا ومؤلمًا نتيجة هذه الجريمة.
وفي سياق متصل أعلن مصدر إيراني مطلع لوكالة أنباء “إرنا” أن طهران تعد خطة لرد “حاسم” على الهجوم الإسرائيلي، وأكد المصدر أن إيران لن تتسامح مع “العدوان الإسرائيلي”، مشيرًا إلى أن الرد سيستهدف أهدافًا إسرائيلية حساسة، بما في ذلك مواقع نووية سرية محتملة، وأضاف أن الرد سيتم تنسيقه مع حلفاء إيران في المنطقة، رغم الضعف العسكري الحالي لحزب الله وحماس بعد الضربات الإسرائيلية المتتالية.
ومن جانبه قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبو الفضل شكارجي إن القوات المسلحة جاهزة بنسبة 100% وسترد بقوة على النظام الإسرائيلي”، وأفادت وكالة مهر للأنباء أنه قال المتحدث باسم القوات المسلحة: “العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة سيدفعان ثمناً غالياً”.
وأوضح العميد شكارجي حسبما نقلت وكالة أنباء “إرنا” الرسمية: “العدوان الإسرائيلي استهدف مناطق سكنية وردنا الحتمي سيكون متناسباً”، واشار الى انه تم استهداف منازل عدد من قادة ومسؤولي القوات المسلحة الإيرانية.

وأكد أن “العدو الإسرائيلي بمساعدة الولايات المتحدة نفذ عدوانه على المناطق السكنية، ولكن لا ينبغي للناس أن يقلقوا على الإطلاق ولا ينبغي أن يكون هناك سبب للقلق في البلاد”.
وأكدت وزارة الدفاع في بيان لها: “أن النظام الإسرائيلي سيدفع ثمن هذه الجريمة بكل قوته”، وحذر وزير الدفاع الإيراني، الجنرال عزيز نصيرزاده، من أن أي تصعيد إضافي سيؤدي إلى استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة، مشيرًا إلى أن “جميع القواعد الأمريكية في متناول صواريخنا”، وأكد نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، أن إيران قد تنسحب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT) إذا استمرت الضغوط الغربية، مما يعني قطع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتخصيب سيزداد بشكل كبير.
المحلل السياسي مهدي رحمتي، حذر من أن الهجوم قد يدفع إيران إلى حرب إقليمية، مشيرًا إلى أن “الوضع الآن يحمل فرصة حقيقية لتصعيد غير مسبوق”.
رد عسكري مباشر
عقب الهجوم الإسرائيلي، تم تفعيل الدفاعات الجوية في طهران حاليا، وتُسمع أصوات إطلاق نار في العاصمة، ووفقاً لوكالة “إرنا” الإيرانية، يأتي هذا النشاط الدفاعي لمواجهة أي هجمات جوية محتملة، كما أصدرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة بياناً أدانت فيه الهجوم الذي شنه الكيان الإسرائيلي على طهران صباح الجمعة 13 يونيو/ حزيران 2025، مستهدفاً مناطق مدنية وعسكرية.
وأكد البيان، نقلاً عن وكالة إرنا، أن هذا العدوان ينتهك المعايير الدولية، وأن القوات المسلحة الإيرانية، بأمر من القائد الأعلى، سترد رداً قوياً ومدمراً على القادة والمنفذين والداعمين لهذا الهجوم.
وتتوقع محللة الأمن في شبكة CNN، بيث سانر، أن يكون الرد الإيراني “هائلًا”، خاصة بعد استهداف قادة بارزين مثل حسين سلامي، الذي تقارن دوره برئيس هيئة الأركان المشتركة في الولايات المتحدة.

هل نحن على أعتاب حرب إقليمية؟
أثار الهجوم مخاوف دولية من تصعيد قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة، الولايات المتحدة، التي أكدت عدم مشاركتها في الهجوم، سارعت إلى سحب دبلوماسييها من العراق وتقليص وجود عائلات عسكرييها في المنطقة، تحسبًا لرد إيراني محتمل.
جاء الهجوم قبل أيام من جولة جديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران في عمان، مما يهدد بانهيار الجهود الدبلوماسية التي قادها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، في الوقت ذاته أعرب عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي، مثل السيناتور جون فيترمان وتوم كوتون، عن دعمهم “المطلق” لإسرائيل، لكن آخرين، مثل السيناتور كريس ميرفي، انتقدوا الهجوم معتبرين أنه محاولة لتعطيل المفاوضات.