- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 54 Views
كتب: زينب بيه
تتزايد النقاشات حول مسألة نقل العاصمة الإيرانية طهران، وهو المقترح الذي يحظى أهمية خاصة يوماً بعد يوم، في ضوء التحديات الكبيرة التي تواجهها المدينة، فمع تزايد الاختناق المروري، وارتفاع مستويات التلوث، وضغوط الكثافة السكانية المتزايدة، طرحت السلطات الإيرانية فكرة نقل العاصمة إلى مناطق أخر.
وفي هذا الصدد، يتباين الرأي بين مؤيدين يرون في النقل حلاً لمشاكل طهران العديدة، ومعارضين يعتبرون أن الحلول الجذرية تكمُن في تحسين الإدارة وتطبيق سياسات إصلاحية، هذا وقد تناولت التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني وبعض الشخصيات البارزة في الحكومة، من بينهم رئيس بلدية طهران السابق غلام حسين كرباسجي، موضوع نقل العاصمة من زوايا متعددة، مشددين على ضرورة معالجة مشكلات طهران عبر تطبيق الفيدرالية الإدارية وتوزيع الأنشطة على الأقاليم، والتركيز على الإصلاحات الإدارية الجذرية بدلاً من النقل الجغرافي للعاصمة.
نقل العاصمة: مشروع مؤجل وتحديات غير محسومة
نقلاً عن موقع الراديو الفرنسي RFI بتاريخ 7 سبتمبر/أيلول 2024، صرح الرئيس الإيراني يوم السبت 7 سبتمبر/أيلول، خلال زيارته لمقر خاتم الأنبياء للإعمار التابع للحرس الثوري، وألقى كلمته إلى جانب حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، قائلاً: “إن تطوير البلاد لا يمكن أن يتم بمتابعة الوضع الحالي، وأنه من غير الممكن الاستمرار في نقل الموارد من الجنوب إلى العاصمة ثم تحويلها إلى منتجات وإعادة إرسالها إلى الجنوب، مما يقلل من قدرتنا التنافسية، وأقترح أن يتم نقل العاصمة المركزية الاقتصادية والسياسية إلى الجنوب وقرب البحر، ولكن نقلها بهذه الطريقة حيث نجلس نحن في طهران ونقول للناس أن ينتقلوا، غير ممكن. فعلينا أن ننتقل أولاً حتى يتبعنا الناس. وسيترتب على ذلك حلول مشاكل متعددة كنقص المياه وتلوث الهواء”. وأيضاً قد أشار خلال حديثه، إلى اقتراح سابق من الحرس الثوري قبل أربع سنوات لتنفيذ نقل العاصمة بشكل مجاني، مقابل الاستفادة من المباني الحكومية المُخلاة (مثل الوزارات والدوائر الحكومية) في طهران.
طُرحت فكرة نقل العاصمة من طهران عدة مرات قبل الثورة وبعدها ولكنها لم تُنفذ بجدية، وبدأ النقاش حول هذا الموضوع منذ عام 2013، ولكن لم تُجرَ أي دراسات جادة حول المدن البديلة أو التكلفة المتوقعة، والتي قد تصل إلى 100 مليار دولار. كذلك فقد طرح موضوع نقل العاصمة مرة إلى شيراز وأخرى إلى أصفهان، وعُرضَ في عهد حكومة روحاني نقلها إلى سمنان، ولكن لم تقم أي حكومة بتقديم خطة جدية لهذا المشروع حتى الآن.
وبحسب ما ذكره موقع راديو فردا الإيراني، بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2024، فقد ادعى الرئيس بزشكيان في زيارته لمقر خاتم الأنبياء، أن منظمة الباسيج (منظمة شبه عسكرية تابعة للحرس الثوري) يمكن أن تحل مشكلة نقص المدارس في المناطق النائية خلال عام واحد، وتأتي تصريحاته في ظل عجز مالي كبير تواجهه الحكومة الإيرانية، التي لا تملك الأموال الكافية لتأمين القمح والأدوية ومرتبات المتقاعدين، وبشكل غير مباشر طالب بإلغاء دعم البنزين، وهذا مؤشر لضرورة زيادة أسعار الوقود في إيران.
تصريحات رئيس مجلس المدينة ومراجعة الحسابات
ونقلاً عن وكالة الأنباء الإيرانية مهر، بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2024، فقد أشاد مهدى جمران، رئيس مجلس مدينة طهران، بمقترح الرئيس بشأن نقل العاصمة من طهران إلى منطقة أخرى، وأوضح أن وجود موانئ فعالة في الجنوب والشمال يوفر فرصة لتنشيط الصناعة الوطنية، ويستدعي التفكير في توزيع الأنشطة الاقتصادية والإدارية على مناطق مختلفة في البلاد، حيث أكد توزيع الموارد بشكل عادل في أنحاء ايران، وأضاف أن الحكومات السابقة أجرت دراسات حول هذا الموضوع ولكنها لم تصل إلى نتائج حاسمة بعد، وناقش مشكلة نقص المياه في طهران، ومشاكل مشابهة في المدن الأخرى.
وقال جمران إن المجلس يعتزم مراجعة الحسابات المالية، وسوف يتم تقديم تقارير تدقيق مالي، وأشار إلى أن هناك بعض التعديلات والإجراءات التي ستبدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، حيث سيتم تشديد الإجراءات وتوقيف بعض العمليات العمرانية، مع استمرار الأوضاع المعتادة هذه الأيام، ولا يتوقع حدوث تغييرات كبيرة في حركة المرور.
انتقادات كرباسجي لنقل العاصمة وتأكيده أهمية اللامركزية الإدارية
ووفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية هم ميهن، بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2024، فقد انتقد غلام حسين كرباسجي، رئيس بلدية طهران السابق، اقتراحات رئيس الجمهورية بشأن نقل العاصمة، مؤكداً أن مشاكل طهران تعود إلى التعقيدات السياسية وضعف الإدارة، وأوضح أن وجود مجلس المدينة خلال الأعوام العشرين الماضية قد زاد من حدة التعقيدات بدلاً من حل المشاكل، وأشار إلى تدخلات القوى العسكرية والأمنية في عمليات البناء، موضحاً أن هذه التدخلات قد زادت من المشاكل المرورية والمشاريع التجارية داخل المدينة، كما شدد على ضرورة تطبيق الفيدرالية الإدارية ونقل الصلاحيات وبعض المنظمات والهيئات الحكومية من طهران إلى الأقاليم لتخفيف العبء عن طهران وتعزيز تنمية المناطق الأخرى.
ويشكك كرباسجى في الحاجة لوجود الثكنات العسكرية والجامعات في طهران، مشيراً إلى أن كثرة الجامعات في طهران تزيد من عدد السكان وتجذب الطلاب وعائلاتهم، وهذا يزيد من الضغط على المدينة، ويعتبر أن نقلها إلى مناطق أخرى يمكنه أن يخفف من مشاكل الازدحام والتكدس في العاصمة، ويوصي بنقل 160 منظمة حكومية إلى الأقاليم الأخرى لتعزيز فرص العمل وتنمية المناطق خارج طهران وتخفيف البطالة، ويؤكد أهمية امتلاك رئيس بلدية طهران شخصية وطنية قوية، ويعتقد أن نقل العاصمة ليس حلاً فعالاً بناءً على تجارب دول أخرى، حيث تبقى مشاكل العاصمة القديمة كما هي وتظهر مشاكل أخرى في العاصمة الجديدة.