هل سيتم الانتهاء من الاتفاق النووي مع إيران قبل زيارة ترامب للسعودية؟

كتب: ربيع السعدني 

مع اقتراب الموعد النهائي الذي أعلنه ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، تستمر المفاوضات في ظل ظروف معقدة وغامضة من الخلافات حول استنساخ النموذج الليبي في طهران إلى الدور المفاجئ للمملكة العربية السعودية في دعم الدبلوماسية، وأعلن مسؤول ايراني مطلع لموقع “نور نيوز” أنه من المقرر عقد الجولة الرابعة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية بين يومي السبت والأحد (10 و11 مايو/ أيار 2025).

ورغم التقدم التقني، لا تزال هناك عقد سياسية قائمة، وفي غياب الخبرة الكافية لدى الفريق الأمريكي، أصبحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية محوراً لبناء الثقة وفي وقت سابق أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين، 5 مايو/ أيار 2025 أنه سيزور السعودية والإمارات وقطر الأسبوع المقبل، بحسب “رويترز”.

وذكر موقع “فرارو” نقلا عن صحيفة “هآرتس” العبرية أن الوقت ينفد لتوقيع اتفاق نووي جديد مع إيران، وفقا للجدول الزمني الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. 

وفي السابع من مارس/آذار 2025، أعلن ترامب أنه أرسل رسالة إلى إيران، ولكن، نظراً لأن هذه الرسالة وصلت إلى طهران بحلول 12 مارس/آذار 2025، فقد تعززت الشكوك في أن الموعد النهائي الرسمي للتوصل إلى اتفاق كان محدداً في 12 مايو/أيار 2025 أي بعد شهرين بالضبط من تلقي الرسالة وقبل أيام قليلة من زيارة دونالد ترامب المخطط لها إلى المملكة العربية السعودية.

خلف الكواليس 

وبطبيعة الحال، في عالم الدبلوماسية، نادراً ما تكون المواعيد النهائية ثابتة وغير قابلة للتغيير مع تقدم المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة بوتيرة سريعة وإبلاغ الجانبين عن “تقدم كبير”، فإن فكرة تمديد الموعد النهائي أو خلق “فترة تنفس” لإتمام الاتفاق ليست بعيدة المنال. 

وفي هذا الصدد، فإن بيان وزارة الخارجية العمانية، الخميس الماضي (1 مايو/ أيار 2025)، بتأجيل اجتماع روما المقرر، يظهر أن الجدول الزمني المعلن أكثر مرونة مما يظن البعض.

ورغم إعلان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن استعداده لتسريع عملية الاجتماعات، فإنه لا يزال من غير الواضح لماذا تم تأجيل المحادثات، التي وصفت حتى الآن بأنها “بناءة” وحتى “جيدة للغاية”. 

ويبدو أن ما يسمى بـ”الأسباب اللوجستية” ما هي إلا غطاء دبلوماسي لتحديات حقيقية خلف الكواليس، إن ما هو مدرج الآن على جدول الأعمال هو الجزء الأكثر تعقيدا وتقنية من المفاوضات: مرحلة حاسمة يجب أن تتوصل فيها الأطراف إلى اتفاق نهائي بشأن قضايا مثل سقف تخصيب اليورانيوم المسموح به، والطريقة التي سيتم بها نقل المواد المخصبة الزائدة إلى بلد ثالث، وعدد أجهزة الطرد المركزي المسموح بها، وتعطيل المعدات المضافة منذ عام 2019.

وتتركز هذه المفاوضات التي انطلقت بعد ثلاث جولات من المشاورات المكثفة في الأشهر الأخيرة، بشكل مباشر على القضايا الإنسانية وبعض المخاوف الأمنية لدى الجانبين. 

وبالإضافة إلى القضايا الفنية، تشمل المجالات الرئيسية الأخرى المدرجة على جدول أعمال المفاوضات آليات مراقبة تنفيذ الاتفاق، والجدول الزمني والترتيبات اللازمة لتخفيف العقوبات، والأهم من ذلك، الضمانات التي تطالب بها إيران لضمان التزام الولايات المتحدة في المستقبل بالتزاماتها، لكن العقدة الرئيسية في المفاوضات لا تزال غير محلولة، ولا توجد حتى الآن أي مؤشرات على التوصل إلى اتفاق نهائي. 

إسرائيل تريد النموذج الليبي وترامب يتردد!

وحظي طلب إسرائيل بدعم شخصيات مثل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ومايك والتز مستشار الأمن القومي السابق الذي يشغل الآن منصب الممثل الأمريكي لدى الأمم المتحدة، لكن ترامب، الذي أكد فقط على منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، لم يوضح موقفه النهائي. 

من جهة أخرى، وافقت إيران، في إطار تفاهم أولي مع واشنطن، على استئناف المفاوضات؛ بافتراض أنها حتى لو قبلت القيود على تخصيب اليورانيوم، فإنها ستظل قادرة على مواصلة برنامجها النووي “لأغراض سلمية”.

ويستند هذا التقييم إلى تصريحات منسوبة إلى ستيف ويتكوف الممثل الخاص لترامب في الشرق الأوسط وقال الشخص الذي قيل إن الهدف الرئيسي للرئيس الأمريكي من الاتفاق هو إنشاء نظام مراقبة فعال لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية.

ورغم أن ويتكوف حاول لاحقا تعديل موقفه بتصريحات أكثر حذرا، فإن استمرار حضور إيران في المفاوضات قد يكون إشارة إلى أن ما سمعه ممثل ترامب خلف الأبواب المغلقة هو أن المطلب الرئيسي لإيران بالحفاظ على إمكانية استمرار برنامجها النووي السلمي يظل مقبولا لدى واشنطن.

ووصف علي رضا عنايتي، السفير الإيراني لدى الرياض، الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمير خالد بن سلمان إلى طهران الشهر الماضي، بأنها إشارة إلى بداية “عصر جديد في العلاقات بين البلدين”. 

ويأتي هذا اللقاء بعد عامين من استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، ولعل ما يبرز أكثر في هذا الاتجاه هو الرسالة السياسية الواضحة: إن المملكة العربية السعودية لا تسعى إلى الدخول في حرب إقليمية جديدة ضد إيران تتركز حول الولايات المتحدة وإسرائيل.

من أجل الاتفاق النووي مع إيران!

وبحسب تقرير “فرارو“، فإن الأمير خالد بن سلمان لم يقترح خلال مشاوراته الأخيرة الوساطة بين طهران وواشنطن فحسب، بل تحدث أيضاً عن إمكانية توجيه دعوة رسمية لمسؤولين إيرانيين كبار لزيارة السعودية خلال زيارة دونالد ترامب المقبلة إلى البلاد، في الوقت نفسه، طلبت الإمارات التي تعمل تقليديا بالتنسيق مع الرياض في السياسة الإقليمية، استضافة المحادثات، ولكن بسبب علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل، رفضت طهران هذا العرض.

وتأتي هذه الرحلة غير المسبوقة عشية بدء المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة، وينظر إليها على نطاق واسع على أنها جهد لتعزيز المشاركة الدبلوماسية وطمأنة إيران بشأن مواقف المملكة العربية السعودية بشأن قضايا الأمن الإقليمي، بما في ذلك الحرب في اليمن.

وبحسب موقع “إيكو إيران“، فإن وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان هو أعلى مسؤول سعودي يزور إيران منذ استئناف العلاقات بين الرياض وطهران في عام 2023. 

كما أنه أول مسؤول سعودي كبير يلتقي بالرئيس الإيراني منذ ما يقرب من 19 عامًا.

وفي بيئة تتوقع فيها إدارة ترامب أن تنفق السعودية أكثر من تريليون دولار وأن تنفق الإمارات مبالغ مماثلة في السوق الأمريكية، يبدو أن قرار الحرب أو السلام مع إيران ليس خاضعاً لإرادة إسرائيل فحسب، بل إنها لا تتمتع حتى بدور مراقب في هذه العملية، والآن بدأت المعادلة الإقليمية تتشكل في ظل المصالح الاقتصادية والتقييم النهائي للمستثمرين.

جروسي يحذر

ويرأس الوفد الأمريكي الحاضر في المشاورات خلف الكواليس مع إيران مايكل أنطون، مدير مكتب تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية وكاتب الخطابات السابق لـ رودي جولياني وكونداليزا رايس، لكن النقطة الأساسية هي أن أنطون لا يملك خبرة في المجال النووي، ومن جهة أخرى دخلت طهران إلى الساحة ممثلة بـ مجيد تخت روانجي؛ دبلوماسي مخضرم وشخصية محورية في مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، وقد لعب سابقًا دورًا رئيسيًا في صياغة الاتفاق الأولي. 

إن هذا التفاوت الواضح في الخبرة يفرض على الولايات المتحدة الاعتماد بشكل متزايد على التعاون الفني والتنظيمي للوكالة الدولية للطاقة الذرية للحفاظ على مصداقية المحادثات. 

وأشار رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى هذه القضية، وحذر: “بدون وجودنا فإن أسس هذا الاتفاق ستكون مهتزة”، وأشار أيضا إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي الهيئة الدولية الوحيدة المختصة بمراقبة تنفيذ إيران لالتزاماتها.

المسودة النهائية 

واصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مواقفه الأخيرة قائلاً إن الاتفاق الجديد بين إيران والولايات المتحدة سيكون “على الأرجح أبسط من حيث التعقيد، من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، لكنه وصف ملامحه بأنها “جريئة وواضحة ومباشرة”. 

وقال إن الاتفاق من المفترض أن يضمن لجميع الأطراف عدم وجود أي طريق آخر أمام بناء القنبلة النووية. لكن السؤال الرئيسي الذي يبقى بلا إجابة: هل ستكون المسودة النهائية لهذا الاتفاق جاهزة قبل أن لقاء ترامب، مع الأمير محمد بن سلمان في الرياض، ويبدأ فصلا جديدا في سياسته في الشرق الأوسط؟

كلمات مفتاحية: