- زاد إيران - المحرر
- 23 Views
كتب: ربيع السعدني
مع بدء الجولة الثانية من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران في روما، لا تزال مستويات انعدام الثقة والسخرية مرتفعة بين الجانبين، وتبدأ هذه الجولة في الوقت الذي عبّر فيه كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومفاوضه الخاص لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن توقعاتهم ومخاوفهم من هذه المحادثات خلال اليومين الماضيين.
وأظهر الرئيس ترامب أنه ليس في عجلة من أمره للتوصل إلى اتفاق، مستشهدا بمستوى تخصيب اليورانيوم لدى إيران كذريعة للتهديد، قائلا: “إنه لم يتبق كثير من الوقت”، بل وانتقد الفجوة التي استمرت أسبوعا في المفاوضات باعتبارها طويلة للغاية.
تناقضات كبير المفاوضين الأمريكيين

وفي مقابلة له مع قناة فوكس نيوز، أوضح ستيف ويتكوف، الممثل الخاص لترامب في الشرق الأوسط، مطالب أمريكا في المفاوضات المقبلة، قائلا: “الولايات المتحدة تسعى إلى الحد من تخصيب اليورانيوم في إيران، وليس وقف برنامجها النووي بشكل كامل”.
وأضاف: “لا تحتاج طهران إلى تخصيب أكثر من 3.67%، وفي بعض الحالات وصلت النسبة إلى 60، وفي حالات أخرى إلى 20%، هذا أمر غير مقبول”.
ثم كتب كبير المفاوضين الأمريكيين في منشور له عبر منصة “إكس” يوم الثلاثاء 15 أبريل/نيسان 2025، أن على إيران “وقف تخصيبها النووي والتخلص من مخزونات اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من اللازمة لصنع أسلحة للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة”، وأضاف: “يجب على أي اتفاق نهائي أن يضع إطارا للسلام والاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط، وهذا يعني أن إيران يجب أن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم وبرنامجها للأسلحة النووية وتدمره”.
وأضاف البيان: “من الضروري للعالم أن نتوصل إلى اتفاق صارم وعادل يدوم، وهذا ما طلب مني الرئيس ترامب أن أفعله”.
رسائل متناقضة

فيما أبدى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، كبير المفاوضين في الوفد الإيراني في هذه المحادثات، مخاوفه من قرارات واشنطن وذلك إثر زيارته روسيا بشأن المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة: “الحقيقة هي أننا نسمع رسائل متناقضة من الولايات المتحدة”.
ثم أوضح عراقجي أن ما يعنيه هذا الأمر وما الأهداف التي ينطوي عليها كل هذا متروك لهم، و”نحن نرى أن ما يتم التعبير عنه على طاولة المفاوضات (بشكل غير مباشر ومن خلال وسطاء) هو المعيار الحاسم”.
3 عقبات أمام نجاح مفاوضات روما
وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا”، هناك العديد من العوامل والمتغيرات في هذا الصدد، لكن الخبير في الشؤون الأمريكية محمد مهدي عباسي، يرى أن ثلاثة عوامل يمكن أن يكون لها وزن إيجابي أو سلبي من وراء عملية التفاوض الجارية في روما، وهي كالتالي:

- الأول هو المطالب الأمريكية المتناقضة، وباعتباره ممثل ترامب، كان لـ ويتكوف مواقف متناقضة في المفاوضات، أولا، أدلى بتصريحات حول التخصيب، ثم قال إن إيران يجب ألا تتجه نحو التخصيب على الإطلاق وعلى نحو مماثل، فإن الخلافات داخل حكومة ترامب قد تجعل المفاوضات صعبة.
- النقطة الأخرى تتمثل في استعجال ترامب للتوصل إلى اتفاق، مما قد يؤدي إلى فرض نص ومطالب على إيران التي لن تتاح لها في ظل هذه الظروف فرصة المراجعة الشاملة، حتى مهلة الأسبوع للجولة الثانية من المفاوضات لم تكن مُرضية لترامب، وأعلن في تصريحات أن إيران تُماطل، إضافةً إلى تجربة روسيا وأوكرانيا، اللتين فرضتا نصا على أوكرانيا، وكانت واشنطن في عجلة من أمرها لقبوله من قِبل كييف، قد يتبعان إجراءً مشابها مع طهران.
- العامل الثالث هو المفاوضون ويتكوف نفسه، الذي لديه خلفية اقتصادية، وهو بالطبع من الشخصيات المعقولة في إدارة ترامب، لكن إذا سارت المفاوضات في اتجاه مباشر، فمن المرجح أن يكون وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو حاضرا وهو ما قد يؤثر سلبا على مستقبل المفاوضات، لأنه من الشخصيات المتشددة المؤيدة للحرب في إدارة ترامب، ولا يدعم الخيار الدبلوماسي كثيرا ولن يوافق إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق شامل، وهو ما لا يصب في صالح طهران أيضا.
الاتفاقيات لا تُبنى على التهديدات

على الرغم من تصريحات روبيو عشية الجولة الثانية من المحادثات بين طهران وواشنطن بأن الولايات المتحدة تأمل أن تكون المحادثات مع إيران مثمرة وأن يتم حل القضايا المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني سلميا.
كما أن الاتفاقيات الدائمة، سواء في المعاملات التجارية أو في مجال الدبلوماسية، بحسب تقرير لموقع “فرارو“، لا تُبنى على التهديدات، بل على المصالح المشتركة والمتبادلة، ويشهد التاريخ أن الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، استخدم التجارة لجلب الصين إلى الاقتصاد العالمي؛ لا مع إنذار نهائي.
بعد الحرب العالمية الثانية، حققت أوروبا السلام الدائم من خلال التكامل الاقتصادي، لقد عملت واشنطن منذ فترة طويلة على تعزيز الأسواق كأداة لتعزيز الانفتاح والإصلاح؛ ومع ذلك، فإن إيران، مثل غيرها من الدول الخاضعة للعقوبات، تشكل استثناءً لهذه القاعدة.
بوساطة عربية

بعد نحو عشرين عاما من المفاوضات النووية، بدأت إيران والولايات المتحدة أخيرا التفاوض بشأن القضية النووية، وإن كان بشكل غير مباشر.
طوال هذه السنوات، كانت ثلاث دول أوروبية كبرى دائما الوسيط أو الوسطاء في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، في حين مارست هذه الدول نفوذها بشكل مباشر وعطلت المفاوضات في بعض الأحيان.
ويعد اختيار سلطنة عمان وسيطا وطرفا لتبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة توجها جديدا قد يوسع الآمال في توصل البلدين إلى اتفاق.
كسر جدار عدم الثقة
ورغم أن هذا القرار يعود إلى النظرة المستقلة لترامب، فإنه يصب في مصلحة إيران والآن بحسب تقرير مطول لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا” حانت الفرصة لكسر جدار عدم الثقة التاريخي بين البلدين كخطوة أولى في القضية النووية.

قوة التجارة
بعد المحادثات الأخيرة في عُمان، أصبحت إدارة ترامب الآن أمام فرصة فريدة لإعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن هذا التغيير يجب أن يكون مصحوبا بإصلاحات سياسية ودبلوماسية ملموسة.
ولكي ينجح أي اتفاق، بحسب كبير المفاوضين الإيرانيين عراقجي، يتعين على الرئيس ترامب أن يتخلى عن السياسات الفاشلة في الماضي، والتي كانت تعتمد على الإنذارات النهائية، وأن يركز بدلا من ذلك على بناء الثقة، باستخدام ما يدعي أنه يفهمه على أفضل وجه: “قوة التجارة”.

ولم يتمكن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي حاولت إدارته دون جدوى، إعادة العمل بالاتفاق المبرم عام 2015، (الذي وقعته إدارة باراك أوباما، وألغته إدارة دونالد ترامب)، من تلبية طلب طهران الحصول على ضمانات بعدم تراجع أي إدارة أمريكية مستقبلية عن الاتفاق.
ونظرا إلى هشاشة عملية التفاوض، فإن التخفيف المستهدف للعقوبات قد يشكل قوة دافعة حيوية لعملية من المرجح للغاية أن تتوقف قبل أن تتمكن من اتخاذ شكلها الحقيقي، كما أن الإعفاءات من العقوبات المستهدفة قد تؤدي إلى تغيير حسابات طهران وتخلق فرصة للدبلوماسية التجارية، ويستطيع ترامب أن يستخدم غرائزه التجارية لوضع العلاقات مع إيران على مسار جديد، لكن هذا يتطلب التخلي عن الأساليب القديمة وتبني نهج أكثر ذكاءً يتماشى أكثر مع الظروف الحالية.
على الجانب الآخر فإن السماح بعقد بعض الصفقات أو الاستثمارات ليس مجرد علامة على حسن النية، بل إنه يخلق أيضا حوافز مستدامة يمكنها أن تحول الاستراتيجيات طويلة الأجل بشكل كامل، وفقا لتقرير “فرارو”.
ومن شأن هذا الإجراء أن يشكل ضمانة استقرار في بداية المفاوضات، ويقلل من خطر انهيارها أو فشلها في وقت مبكر تحت ضغط انعدام الثقة التاريخي، وإذا تم تنفيذه بشكل صحيح، فإنه سيضع عبء تصعيد التوترات على عاتق طهران، مما سيجبر قادتها على اتخاذ خيار صعب بين الرد أو التراجع.