- زاد إيران - المحرر
- أمريكا, إيران
- 52 Views
كتب: محمد بركات
وسط تعقيد المشهد الإقليمي والدولي، تتوالى المؤشرات على دخول العلاقات بين إيران والولايات المتحدة مرحلة جديدة.
فبينما تطرح مجددا دعوات للحوار من الجانب الأمريكي، تقابلها طهران بحذر دبلوماسي.
فقد صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده الثلاثاء 25 مارس/آذار 2025. في العاصمة يريفان مع نظيره الأرميني آرارات ميرزويان، عقب اجتماعهما الثنائي، بأن طهران لم ترد بعد على رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أرسلها مطلع هذا الشهر (مارس/آذار) إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، مشيرا إلى أن الرد لا يزال قيد الإعداد وسيتم تقديمه قريبا بالطريقة والوسيلة المناسبتين.

كما أكد عراقجي أن بلاده تتعامل مع الرسالة الأمريكية بجدية ودقة، وأن الرد المرتقب سيُرسل في الوقت المناسب ضمن القنوات الدبلوماسية الملائمة.
هذا وقد جدد ترامب دعوته إيران إلى الدخول في المفاوضات، حيث قال خلال مؤتمر صحفي عقد بالبيت الأبيض الثلاثاء 25 مارس/آذار 2025: “لقد أبلغنا إيران ضرورة التفاوض معنا بأي شكل من الأشكال”.

كذلك، فقد كشف ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي إلى غرب آسيا، خلال مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، بتاريخ 22 مارس/آذار 2025، عن استعداد الإدارة الجمهورية للعودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران، شريطة عدم تجاوز الخط الأحمر المتمثل في امتلاك السلاح النووي.

وخلال المقابلة، قال ويتكوف: “إن رسالتنا إلى إيران واضحة: لنجلس معا ونر إن كان بالإمكان التوصل إلى حل مناسب عبر القنوات الدبلوماسية”. وأضاف مؤكدا: “لا يمكن لإيران امتلاك قنبلة نووية، وهذا الأمر لن يحدث”.
كما اتهم ويتكوف طهران بالسعي لتصعيد التوترات، لكنه شدد في المقابل على أن دونالد ترامب لا يريد الحرب، موضحا: “إن اللجوء إلى الحل العسكري لن يكون إلا آخر خيار لوقف الحروب، ونأمل ألا نضطر إلى استخدامه في ما يتعلق بإيران والملف النووي”.
كما أضاف أن ترامب بعث برسالة مباشرة إلى الإيرانيين، جاء فيها: “أنا رئيس السلام، ولا ينبغي أن نلجأ إلى القوة العسكرية، علينا أن نتفاوض ونصحّح المفاهيم الخاطئة، ونقيم نظام رقابة وتحقق يُطمئن الجميع بشأن مخاوف التسلح النووي”.
تأتي تلك التصريحات في الوقت الذي أصدرت فيه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) تقريرا، الثلاثاء 25 مارس/آذار 2025، تقول فيه إن إيران لا تعمل حاليا على تصنيع سلاح نووي، دون الإشارة إلى وجود مؤشرات تدل على نية طهران تغيير هذا المسار في المدى المنظور، في موقف يتمايز عن التصريحات التصعيدية المتكررة التي تطلقها بعض الدوائر السياسية في واشنطن والوكالة الدولية للطاقة الذرية التي قالت في عدة مناسبات، إن إيران تزيد بشكل كبير من معدلات تخصيب اليورانيوم.

غروسي: لا بد من تفاهم جديد مع إيران
بهذا الشأن، كشف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في مقابلة مع شبكة بلومبرغ الأمريكية، الاثنين 24 مارس/آذار 2025، عن احتمال زيارته القريبة لطهران، في ظل تعثر المحادثات الأخيرة بشأن برنامج إيران النووي وعدم إحراز تقدم في التحقيقات المستمرة منذ سنوات حول أنشطتها النووية.

وخلال اللقاء قال غروسي: “نحن في مرحلة شديدة الحساسية، ونعلم أن الرئيس الأمريكي قد وجّه رسالة إلى المرشد الإيراني، ما يدل على الحاجة إلى نوع من التفاهم”.
وقد أشار إلى أن الاتفاق النووي، المعروف بخطة العمل المشتركة الشاملة الموقعة عام 2015، لم يعد قائما، ولم يتبقَ منه سوى الاسم، مؤكدا أن هناك ضرورة لتجديد الحوار والتفاهم بين طهران والغرب.
وأوضح أن الوكالة عثرت على آثار يورانيوم في أماكن غير معلنة ولم تكن مواقع نووية، وأضاف: “طرحنا أسئلة على الإيرانيين بشأن مواد نووية ومعدات، لكن لم نتلقَ إجابات مُرضية، نحن بحاجة الآن إلى دافع يدفعنا إلى الأمام”.

كما أشار إلى أن إيران لا تمتلك حاليا سلاحا نوويا، لكنها تقوم بتخصيب اليورانيوم بدرجات قريبة من المستوى العسكري، وهو ما يثير القلق، مضيفا: “لا نبالغ في تقييمنا، لكننا في الوقت ذاته لن نستخفّ بأي تطورات، فإيران تملك برنامجا نوويا متقدما وطموحا، وهي مطالبة بتقديم إجابات واضحة”.
وخلال زيارته الأخيرة للهند ولقائه كبار المسؤولين هناك، شدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، على أن تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما في الشرق الأوسط، تتطلب تعاونا دوليا لتفادي التصعيد، مؤكدا ترحيبه بأي تحركات دبلوماسية جديدة. وأشار في هذا السياق إلى اللقاء الثلاثي الأخير في بكين بين إيران وروسيا والصين، واصفا إياه بالمؤشر الإيجابي.
كما اعتبر تبادل الرسائل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقيادة الإيرانية دليلا على وجود إدراك مشترك بضرورة فتح قنوات للحوار، واختتم غروسي تصريحاته بتأكيد أن الوقت ليس مفتوحا بلا نهاية، قائلا: “نريد حلا دبلوماسيا وسلميا، لكنه يجب أن يحقق الطمأنينة للمجتمع الدولي ويخدم مصالح الجميع، وهذا ما أؤكده دائما في محادثاتي مع المسؤولين الإيرانيين”.
التوتر في مياه الخليج
رغم هذه التحركات الدبلوماسية، فيشهد الخليج العربي تصاعدا حادا في التوترات السياسية والعسكرية، في ظل تحركات متسارعة من جانب الولايات المتحدة من جهة، وردود فعل عسكرية من جانب إيران من جهة أخرى.
ففي الأيام الأخيرة، أقدمت واشنطن على تعزيز وجودها العسكري في المنطقة من خلال إرسال حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فینسون” إلى مياه الخليج، إضافة إلى نقل قاذفات استراتيجية من طراز B-52و B-2 إلى قاعدة عسكرية سرية تقع في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، على مسافة قريبة من السواحل الإيرانية واليمنية.

هذا وترافقت هذه التحركات مع نشر طائرات حربية، من بينها مقاتلات هجومية وطائرات للتزود بالوقود، فيما اعتبرته بعض المصادر تمهيدا لاحتمال القيام بعمل عسكري محدود أو تصعيد ضمن استراتيجية الضغط الأقصى.

وفيما فسّرت هذه التحركات على أنها جزء من ضغط نفسي وعسكري على طهران، جاء رد الأخيرة سريعا، إذ كشفت القوات الجو فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، الثلاثاء 25 مارس/ آذار 2025، عن واحدة من المدن الصاروخية العملاقة التابعة لها.

وقد حضر مراسم الكشف عن المنشأة كل من رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري، وقائد القوة الجو فضائية العميد أمير علي حاجي زاده، وتضم المدينة الصاروخية تحت الأرض آلاف الصواريخ الدقيقة البعيدة والمتوسطة المدى، من طرازات متطورة مثل خيبر شكن، وحاج قاسم، وسجّيل، وعماد، وقدر.

فيما أكدت طهران أن هذه المنشآت الصاروخية، التي يتجاوز عددها المئات على حد قولها، تمثل رادعا حاسما في وجه أي تهديد خارجي، فيما أرسل الحرس الثوري رسائل مباشرة إلى القوات الأمريكية عبر تصريحات قائده حسين سلامي، بأن أي حماقة سترد عليها إيران بضربات مدمرة.