هل لا تزال هناك إمكانية لانضمام ظريف إلى الحكومة؟

ترجمة: علي زين العابدين برهام

أثيرت العديد من التكهنات حول خلفيات استقالة محمد جواد ظريف من منصبه كنائب استراتيجي للرئيس الإيراني، غير أن السؤال الأبرز المطروح هو: بأي صفة يمكن أن يعود محمد جواد ظريف لمزاولة دوره في الحكومة ومواصلة دعمه لها، دون أن يصطدم بقانون الوظائف الحساسة أو يمنح التيارات المتشددة ذريعة لاستهدافه؟

نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، تقريرا ذكرت فيه تصريحات الناشط السياسي علي باقري والدبلوماسي السابق كوروش أحمدي، حول إمكانية عودة محمد جواد ظريف، النائب الاستراتيجي السابق للرئيس الإيراني، للعمل مع الحكومة.

ظريف لا يزال قادرا على العودة إلى الحكومة

شدد الناشط السياسي علي باقري، في مستهل حديثه، على أن عودة محمد جواد ظريف للعمل ضمن هيكل الحكومة ممكنة حتى في ظل القوانين الحالية المعمول بها في إيران. 

وأوضح أن الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على الإرادة السياسية وتنسيق أكبر بين الجهات المعنية، مؤكدا أن هناك العديد من الشخصيات التي تشغل حاليا مناصب رسمية رغم أن وضعها القانوني أكثر تعقيدا من وضع ظريف.

وأشار إلى أن مكانة ظريف وتأثيره في الساحة الدولية ما زالا قائمين بقوة، وأن غيابه عن المسؤوليات الرسمية لا يقلل من قدرته على التأثير في العلاقات الدولية أو من دوره كصوت بارز لإيران على المستوى العالمي. كما أضاف أن وجوده داخل الحكومة كان سيسهم في تعزيز هذا الدور وتوظيفه بشكل أكثر فاعلية.

إيجاد منصب لظريف داخل الحكومة ليس أمرا صعبا

وأضاف باقري أن إيجاد منصب أو عنوان محدد لـ محمد جواد ظريف داخل الحكومة ليس أمرا معقدا أو مستعصيا. وأكد أنه إذا توافرت الإرادة والرغبة لإشراك ظريف، فلن يكون من الصعب إيجاد موقع مناسب له، بل يمكن حتى استحداث منصب جديد خصوصا له.

واقترح في هذا السياق تعيين ظريف مستشارا للعلاقات الخارجية، أو إنشاء منصب جديد له ضمن مؤسسة الرئاسة. كما أوضح أن النظام البيروقراطي في إيران، رغم وجود قانون الوظائف الحساسة، يتمتع بقدر كاف من المرونة لاستثمار خبرات ظريف في خدمة مصالح البلاد والشعب.

ونوّه باقري بأن إشكالية وجود ظريف لا تعود فعليا إلى قانون الوظائف الحساسة، معتبرا أن هذا القانون يُستخدم كذريعة، خاصة أن هناك شخصيات أخرى تخضع للقيود القانونية نفسها وما زالت تشغل مناصبها. وأضاف: “كان بالإمكان استمرار حضور ظريف بروح من التسامح، إلى أن تتم معالجة الإشكالات القانونية القائمة”.

المتحدث غير الرسمي للحكومة

أكد باقري أن ظريف، بالنظر إلى تأثيره الدولي الواسع، قادر على أن يؤدي دور “المتحدث غير الرسمي” باسم الحكومة الإيرانية ووزارة الخارجية، لافتا إلى أن تولّيه مثل هذا الدور بشكل رسمي كان سيُضاعف من تأثيره ودوره على الساحة الدولية.

من الصعب اعتبار ظريف ناطقا غير رسمي باسم الحكومة

أوضح الدبلوماسي السابق كوروش أحمدي، تعليقا على فكرة أن يؤدي محمد جواد ظريف دور “المتحدث غير الرسمي” باسم الحكومة، أن الأمر يتوقف على تعريف هذا المفهوم. وأضاف أنه إذا كان المقصود أن تُعتبر تصريحات ظريف أو كتاباته، رغم عدم حمله أي صفة رسمية، تعكس موقف الحكومة، فهذا أمر مستبعد جدا. 

وأشار إلى أن محمد جواد ظريف كان يدلي بتصريحات ولقاءات إعلامية حتى خلال حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، لكن لم تُعتبر آراؤه حينها موقفا رسميا.

مكانة قرارات الحكومة في العلاقات الدولية

لفت أحمدي إلى نقطة مهمة تتعلق بتقييم الأطراف الدولية لمواقف الحكومة الحالية، قائلا: “هناك انطباع سائد لدى بعض المراقبين وقطاعات من الرأي العام، مفاده أن قرارات الحكومة، وضمن ذلك شخص الرئيس مسعود بزشکیان، ليست ذات تأثير كبير أو حاسم في ملف السياسة الخارجية”. 

واستطرد قائلا: “إذا كان هذا التصور قائما تجاه الحكومة بأكملها، فكيف يمكن لآراء شخصية مثل ظريف، التي لا تحمل أي صفة رسمية، أن تُعتبر تعبيرا عن مواقف الدولة أو أن تُحدث تأثيرا ملموسا؟”.

إمكانية تعيين ظريف في منصب غير تنفيذي

رد أحمدي على سؤال حول ما إذا كان من الممكن أو من المناسب أن تُخصص الحكومة الحالية منصبا استشاريا غير تنفيذي لظريف، قائلا: “حتى لو كان المنصب استشاريا، مثل مستشار لرئيس الجمهورية، فسيبقى مشمولا بقانون الوظائف الحساسة”. 

وأوضح أن الجهات المعارضة لتولي ظريف أي منصب، كانت تسعى أصلا إلى منعه من شغل أي موقع داخل المؤسسات الحكومية بشكل مطلق.

وأشار، في ما يتعلق بمدى تمسك الرئيس بزشکیان بإشراك ظريف ضمن الحكومة، إلى ضرورة النظر في موقف الرئيس نفسه، قائلا: “لو كان لدى الرئيس بزشکیان رغبة جادة في إبقاء ظريف، لكان بإمكانه رفض استقالته التي وُصفت بأنها استقالة مفروضة أو شكلية”.

ظريف والمفاوضات المحتملة

علّق أحمدي على احتمال تولي ظريف ملف المفاوضات، إذا ما قُبلت فكرة العودة إلى طاولة الحوار، قائلا: “لا أعرف أحدا يمتلك كفاءة أعلى من ظريف لإدارة مفاوضات بهذا المستوى من الحساسية؛ لما يتمتع به من خبرة واسعة ومعرفة دقيقة بالقانون الدولي، وصياغة النصوص القانونية المعقدة، وكذلك إلمامه بالسياسة الداخلية الأمريكية والبيئة العامة للعلاقات الدولية”.

وشدد على أن مثل هذه المفاوضات تتطلب منصبا رسميا، مضيفا أنه لا يمكن لظريف، الذي شغل منصب وزير الخارجية لثماني سنوات، أن يشارك في وفد المفاوضات بصفة خبير أو عضو عادي، من دون موقع رسمي واضح.

“لا تدبير لما صنعته أيدينا”

وأضاف كوروش أحمدي أن السيناريو الوحيد الممكن، برأيه، هو أن يقبل الدكتور ظريف بدور استشاري لفريق التفاوض المحتمل، دون أن يكون له منصب رسمي أو صفة تنفيذية. لكنه يستدرك قائلا إن هذا الخيار لن يكون فعّالا بالقدر الكافي، موضحا أن الاستشارة المؤثرة تتطلب إطلاعا دقيقا على مجريات الأمور، والمواقف المعلنة وغير المعلنة للأطراف الخارجية، والمعادلات الداخلية الحقيقية، وضمن ذلك ما يدور خلف الكواليس.

واختتم حديثه بأسف قائلا: “للأسف، نحن بأنفسنا حرمنا أنفسنا من الاستفادة من طاقاتنا وقدراتنا، صنعنا هذا الوضع بأيدينا، وليس ثمة تدبير لما اقترفناه طوعا”.

كلمات مفتاحية: