- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 54 Views
قالت وكالة “يورونيوز”، في تقرير لها يوم الأربعاء 3 يوليو/تموز 2024، إن مسعود بيزشكيان، المرشح الإصلاحي الذي تقدم في الانتخابات الإيرانية، كان قد أعلن أن مرشد البلاد علي خامنئي، هو الذي يحدد السياسات العامة، وضمن ذلك السياسة الخارجية، وأنه في حالة فوزه في الانتخابات، فإنه سيتصرف وفقاً لذلك ويلتزم بقرارات المرشد.
رغم أن هناك جدلاً مستمراً حول ما إذا كانت وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حادثاً أم نتيجة مؤامرة مدبرة مسبقاً، وبغض النظر عن سبب وفاته فإن هناك شيئاً واحداً مؤكداً: وهو أن المشاكل الاقتصادية التي لا نهاية لها التي تواجهها الحكومة الإيرانية، والجمود في التعامل مع القضية النووية مع الغرب، خاصة مع تزايد احتمال عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، جعلت المرشد الإيراني، علي خامنئي، في حاجة إلى حكومة جديدة وجندي مختلف.
ونظراً إلى الوضع الحالي في الرأي الدولي، فمن غير الواضح ما إذا كانت إيران لديها القدرة على إدارة مثل هذا الوضع مرة أخرى.
فمن ناحية، تدخل إيران في صراع عسكري مباشر مع إسرائيل للمرة الأولى منذ فترة طويلة، ومن ناحية أخرى، تمارس الدول الغربية مزيداً من الضغوط على طهران للكشف عن آثار اليورانيوم غير المعلن عنه والتعاون بشكل أكبر مع وكالة الطاقة الذرية.
ومن غير المرجح أن تظل إدارة بايدن الأكثر اعتدالاً في السلطة لفترة طويلة. وقد تضطر روسيا فلاديمير بوتين إلى الخضوع للسلام مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقد يشير هذا إلى نهاية الدعم الروسي الواضح لإيران.
في حين أن رئاسة المحافظ سعيد جليلي قد تروق للروس وتُبقي طهران بعيدة عن الغرب. لكن الحقيقة هي أن شخصية مثل مسعود بزشكيان، بسبب خلافاته الجوهرية مع منافسه في الجولة الثانية، يمكن أن تكون بمثابة «صمام أمان» للنظام في أوقات الخطر.
ويستطيع بزشكيان، الذي كثيراً ما يوصف بأنه إصلاحي، أن يمنع الغضب من التحول إلى كراهية من خلال ضمان بعض الحريات الاجتماعية للشباب، مثل تخفيف الحجاب الإجباري وتقديم بعض الحريات النسبية في المجتمع.
ورغم الدعوات، لم يذهب 37 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع.
ويعتقد بعض المعارضين أنه ليس من قبيل الصدفة أن يحظى ترشيح بزشكيان بموافقة مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة قوية لصنع القرار تتألف من 12 عضواً، وأن انتخابه للرئاسة قد يكون محاولة لمنع الانهيار الجذري للنظام. ولهذا السبب، فإن أولئك الذين يدعون إلى “تغيير النظام” يرون في بزشكيان مخرجاً للنظام ويدعون إلى مقاطعة شاملة.
وتمكن بزشكيان، الذي شغل منصب وزير في حكومة محمد خاتمي الإصلاحية، من تجاوز جليلي والتقدم إلى الجولة الثانية بحصوله على ما يقرب من 10.5 مليون صوت في الجولة الأولى من الانتخابات، حيث كانت نسبة المشاركة أقل من 40 بالمئة.
ويحاول الإصلاحيون والسياسيون المعتدلون في حكومة حسن روحاني إقناع 60% من الأشخاص الذين قاطعوا الانتخابات بالسماح لبزشكيان بتولي الرئاسة.
إن حقيقة أن ما يقرب من 37 مليون ناخب لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات التي وصفها الزعيم الإيراني خامنئي، بأن “كل صوت هو صوت للجمهورية الإسلامية”، كانت رسالة واضحة للغاية.
وأغلب الذين لم يشاركوا في الانتخابات والذين قاطعوها لا يعتقدون أن مطالبهم المشروعة ستتحقق في ظل النظام الحالي. وهم يدركون أن الرئيس يفتقر إلى السلطة القانونية والقدرة على تنفيذ المبادئ الأساسية الواردة في الدستور.
وإذا رأى خامنئي أن الحكومة قد تعهد إلى بزشكيان بمواصلة حياته السياسية وحياته العائلية، فعليه هذه المرة، وعكس الفترات السابقة، أن يمنحه ليس القفل فحسب، بل المفتاح أيضاً.
ويجب أن يكون بزشكيان حراً في الوفاء بوعوده، خاصة من دون تدخل من الحرس الثوري وغيره من المحافظين داخل البرلمان وخارجه.
وعلى وجه الخصوص، فإن الحد من التوترات مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، وتجنب الاعتماد المفرط على روسيا والصين، وتقديم صورة أكثر اعتدالاً عن إيران، وتسهيل الاستثمارات الأجنبية، يمكن أن يوفر فوائد اقتصادية للشعب الإيراني ويضمن استمرارية النظام.
إن إسناد الحكومة إلى جليلي لن يلبي هذه الحاجة؛ نظراً إلى السمة الرئيسية لجليلي المتمثلة في “العداء للغرب” ومعارضته الصريحة للانضمام إلى الاتفاقيات الدولية مثل مجموعة العمل المالي التي تهدف إلى مكافحة غسل الأموال والإرهاب وتمويله.
خلال الحملة الانتخابية، صرح بزشكيان بأن خامنئي هو الذي يحدد السياسات العامة، وضمن ذلك السياسة الخارجية، وأنه إذا فاز في الانتخابات، فإنه سيتصرف وفقاً لذلك ويمتثل لقرارات المرشد.
لكن هناك خلافات كبيرة بين المرشحَين على صعيد تنفيذ أوامر المرشد الإيراني. أولاً، إن “تطبيع وإزالة العقوبات” و”تحييد العقوبات” لن يؤدي إلى النتائج نفسها.
ليس من الواضح بعد ما الذي سيحدث لمهندسي العقوبات المحليين والدوليين وأولئك الذين يستفيدون من الفساد، وما إذا كان بزشكيان سيسمح بمثل هذا التغيير في الممارسة.
ودعا الزعيم الإيراني خامنئي في خطاباته إلى عدم ضم الأشخاص “المعتمدين على الولايات المتحدة” إلى الحكومة التي سيتم تشكيلها. وهذا الوضع قد يجعل التصويت على الثقة لحكومة بزشكيان مثيراً للجدل إلى حد كبير، مع احتمال مشاركة أسماء مثل وزير الخارجية السابق جواد ظريف.
في حين حقق النائب الإيراني المخضرم ووزير الصحة السابق مسعود بزشكيان فوزاً مذهلاً على منافسيه في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جرت يوم الجمعة، حيث حصل على أكبر عدد من الأصوات.
وبحسب النتائج النهائية التي أعلنتها وزارة الداخلية الإيرانية صباح السبت، بعد أقل من 12 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع، حصل المرشح الإصلاحي على 10.4 مليون صوت من إجمالي 24.5 مليون صوت تم فرزها.
وجاء سعيد جليلي، كبير المفاوضين النوويين السابق، في المركز الثاني بحصوله على 9.4 مليون صوت، وسيواجه بيزئكيان في جولة الإعادة في الخامس من يوليو/تموز.
ويعتبر بزشكيان شخصية سياسية منخفضة المستوى نسبياً، حيث شغل منصب وزير الصحة في حكومة محمد خاتمي (2001-2005)، ويمثل مدينة تبريز شمال غربي البلاد في البرلمان الإيراني منذ عام 2008.
حصل الدكتور بزشكيان على تدريب في مجال أمراض القلب، وكان يرأس في السابق جامعة تبريز للعلوم الطبية، إحدى المؤسسات الطبية الرائدة في شمال إيران. وكانت محاولتاه السابقتان للترشح للرئاسة قد باءتا بالفشل في عامي 2013 و2021 على التوالي.
وفي عام 2013، انسحب من السباق في المراحل اللاحقة لصالح الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. وفي عام 2021، رفض مجلس صيانة الدستور، وهو أعلى هيئة تدقيق في البلاد، ترشيحه.
وباعتباره المرشحَ الإصلاحي الوحيد في السباق هذه المرة، بدعم من الائتلاف الإصلاحي الرائد في البلاد، انخرط بزشكيان في حملة انتخابية محمومة في الأسابيع القليلة الماضية.
وتعززت حملته الانتخابية بحضور العديد من السياسيين والوزراء الإصلاحيين السابقين، وضمن ذلك جواد ظريف، الذي شغل منصب وزير خارجية إيران لفترتين في عهد الرئيس السابق حسن روحاني.
وأظهرت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات دعماً كبيراً لبزشكيان، خاصة بعد المناظرات الرئاسية الخمس المتلفزة التي كان صريحاً فيها بشأن قضايا السياسة الداخلية والخارجية.
وأبدى بزشكيان مؤشرات على أنه أكثر انفتاحاً على التعامل الدبلوماسي مع العالم، وضمن ذلك الغرب، وينوي الشروع في إصلاحات بالمجالين الاقتصادي والثقافي.
وفي المناظرات الرئاسية، أكد أن العقوبات تعمل كعائق في جذب شركاء تجاريين، وأن تحقيق معدل نمو بنسبة 8% أمر مستحيل دون فتح الحدود.
كما دافع بقوة عن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015، بين إيران والقوى العالمية خلال إدارة زميله الإصلاحي روحاني.
وكان بزيشكيان صريحاً أيضاً بشأن القضايا التي تركز على المرأة، وضمن ذلك الحجاب الإلزامي، معرباً عن معارضته لمشروع القانون البرلماني بشأن تنفيذ مشروع قانون قواعد اللباس الإسلامي الذي تم تقديمه بعد وفاة مهسا أميني في أواخر عام 2022.