أثار فوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشيكيان في الانتخابات الرئاسية الإيرانية تكهنات بأن طهران ستتبع نهجًا جديدًا في الشؤون الخارجية وربما تخفف من التوترات مع واشنطن. لكن الكثير يعتمد على من سيختاره بزشيكيان وزيرًا للخارجية.
تُتَمَّ التعيينات وزراء الخارجية والاستخبارات والثقافة والداخلية والدفاع في إيران بموافقة مسبقة من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وتُعَدُّ وزارة الخارجية واحدة من أهم أجهزة الدولة، خاصة وأن بزشيكيان خاض حملة انتخابية تعهد فيها بمزيد من المشاركة مع العالم.
وقالت ثلاثة مصادر داخل المؤسسة الحاكمة وقريبة من الإدارة القادمة لموقع “ميدل إيست آي” يوم السبت 13 يوليو/ تموز 2024 إن هناك حاليًا أربعة مرشحين لتولي منصب وزير الخارجية.
ومن الجدير بالذكر أن محمد جواد ظريف ليس من بينهم. وكان ظريف، الذي شغل منصب وزير الخارجية في عهد الرئيس المعتدل حسن روحاني، شخصية بارزة في الحملة الانتخابية لبزشيكيان.
ولكنه لا يحظى بشعبية لدى كبار أعضاء المؤسسة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية، كما أن البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون لن يسمح بتعيينه.
ومن المتوقع أن يعلن بزشيكيان عن حكومته في نهاية الشهر الجاري. ويوضح موقع ميدل إيست آي تفاصيل عن الرجال الأربعة الذين تقول المصادر إنهم قيد النقاش لتولي منصب وزير الخارجية الإيراني الجديد:
علي أكبر صالحي
المرشح الذي لديه أكبر فرصة لقيادة الشؤون الخارجية هو علي أكبر صالحي.
وكان خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قد شغل منصب وزير الخارجية في عهد محمود أحمدي نجاد من عام 2011 إلى عام 2013.
وكان أيضًا نائبًا لرئيس منظمة التعاون الإسلامي، وكان ممثل طهران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
ويتمتع صالحي بأربع صفات مهمة: الأولى أنه يحظى بثقة جميع الفصائل السياسية والمرشد الأعلى.
ويمكن رؤية مستوى الثقة التي يوليها خامنئي والمؤسسة تجاه صالحي في الطريقة التي مُنِحَ بها الإذن بالتفاوض مع الولايات المتحدة قبل عقد من الزمان.
صالحي هو الرجل الوحيد الذي تمكن من الحصول على إذن من خامنئي لإجراء محادثات نووية سرية مباشرة مع الولايات المتحدة، مما مهد الطريق للاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
وقد نجح في تحقيق ذلك على الرغم من معارضة سعيد جليلي، المحافظ المتشدد الذي كان آنذاك أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي والذي ترشح مؤخرًا ضد بيزيشكيان في الانتخابات.
ثانيًا، قدرته المؤكدة على التوصل إلى حلول جديدة.
ولعب صالحي دورًا محوريًّا في مفاوضات الاتفاق النووي، وخاصة عندما عاد وزير الخارجية آنذاك ظريف من رحلة إلى ميونيخ في عام 2014، قائلًا إن المحادثات وصلت إلى “طريق مسدود” بشأن القضايا الفنية وأجهزة الطرد المركزي.
ثم اقترح علي لاريجاني، الذي كان رئيسًا للبرلمان آنذاك، دعوة صالحي للانضمام إلى فريق التفاوض. وكانت مبادرة صالحي ومهاراته التفاوضية سببًا في كسر الجمود، مما مهد الطريق أمام التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا.
ثالثًا، وفقًا لمصدر محافظ كبير، فإن طبيعة صالحي غير الحزبية تعني أنه يستطيع الحصول على موافقة البرلمان المحافظ.
ورابعًا، تشير خلفيته في منظمة التعاون الإسلامي وإتقانه للغة العربية إلى قدرته على تعزيز العلاقات الطيبة مع الدول العربية.
مجيد تخت روانجي
كان مجيد تخت روانجي سفير إيران لدى الأمم المتحدة وسويسرا، ومفاوضًا نوويًّا ومديرًا سياسيًا لمكتب الرئيس روحاني.
هناك ثلاثة أشياء تجعله مميزًا.
أولا، إنه شخصية متخصصة للغاية وغير بارزة. ثانيًا، كان مفاوضًا في المحادثات السرية التي جرت عام 2013 مع الولايات المتحدة، والتي شارك فيها ويليام بيرنز وجيك سوليفان، اللذان يشغلان الآن منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية ومستشار الأمن القومي على التوالي.
أما الميزة الثالثة التي يتمتع بها، وفقًا للمصدر المحافظ الكبير، فهي شخصيته وسمعته غير المثيرة للجدل مما يعني أن تخت روانجي لديه فرصة جيدة للحصول على موافقة البرلمان.
يُنظر إلى فترة تخت روانجي كسفير لدى الأمم المتحدة على أنها ناجحة، خاصة أنها جاءت خلال الفترة الصعبة من حملة “الضغوط القصوى” التي يشنها دونالد ترامب ضد إيران. كما أثارت مقارَنات إيجابية مع فترة ظريف الناجحة في المنصب.
عباس عراقجي
عمل عباس عراقجي في وزارة الخارجية كنائب للمدير السياسي ومفاوض نووي. كما عمل سفيرًا لدى اليابان ويشغل حاليًا منصب أمين المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية.
يعتبر عراقجي معروفًا جيدًا في الغرب ويُنظر إليه بشكل إيجابي.
ولكنه قد يواجه صعوبة في الحصول على تصويت الثقة من البرلمان، الذي يضم العديد من الشخصيات المناهضة للاتفاق النووي.
ويواجه عراقجي العديد من الأعداء داخل المعسكر المحافظ. فقد تعرض مرارًا وتكرارًا للهجوم من جانب المحافظين، المعروفين أيضًا باسم المتشددين، بسبب مرونته المفرطة في المحادثات مع الولايات المتحدة، بما في ذلك صحيفة كيهان المؤثرة، التي يعين المرشد الأعلى رئيس تحريرها.
وحاول عراقجي الرد على هذه الرواية، مشيرًا إلى حكاية في كتاب المفاوضة الأميركية ويندي شيرمان عن المحادثات مع إيران والتي جعلتها تبكي.
وقال للتلفزيون الرسمي: “أعطوني مثالًا على دبلوماسي أمريكي كبير ونائب وزير الخارجية يبكي أثناء المفاوضات”.
مهدي سنائي
مهدي سنائي هو أستاذ جامعي وعضو سابق في البرلمان، حيث كان عضوًا في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية.
اشتهر سنائي بفترة عمله سفيرًا لإيران في روسيا، عندما ساعد في تسهيل العديد من اتفاقيات التعاون بشأن سوريا، وحصل على نظام الدفاع الجوي الروسي إس-300، وعزز العلاقات الاقتصادية.
سنائي متخصص في شؤون روسيا والقوقاز ويجيد اللغة الروسية. كما ظهر في السباق الرئاسي لعام 2024 كمستشار للسياسة الخارجية لبيزيشكيان.
زوجة سنائي، زينب يونسي، هي ابنة علي يونسي، وزير الاستخبارات في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.