هل يلجأ سعيد جليلي لإنشاء حزب سياسي؟ مؤيدوه يطالبونه بكيان رسمي لـ” دولة الظل”، فما الذي سيفعله؟

سعيد جليلي- منصات التواصل

كتبت-هدير محمود

أثارت تصريحات المرشح الرئاسي السابق في الانتخابات الرئاسية الإيرانية سعيد جليلي يوم الأحد 4 أغسطس/ آب 2024، الجدل خاصة بعدما طرح عليه بعض الحضور سؤالًا حول مدى احتمالية قيامه بتأسيس حزب سياسي في الفترة المقبلة.

اللقاء الذي أجراه جليلي، بحسب وكالة مهر الإيرانية، كان مع أعضاء هيئة التدريس أثناء استماعه إلى بعض الأساتذة، وفي هذا اللقاء الذي عقد تحت عنوان “مشاركة الأساتذة البناءة في قفزة إيران” ناقشوا الدور الفعال للأساتذة الجامعيين بين الشعب والحكم والمعادلات الوطنية والدولية.

ومن خلال إبداء آرائهم وطرح القضايا، أشار بعض الأساتذة إلى قضية العمل تحت قيادة سعيد جليلي، وذكروا أن العديد من أساتذة الجامعات، نحو 4 آلاف شخص، مستعدون للعمل على تحقيق الخطاب السياسي النهضوي الذي طرحه سعيد جليلي.

حكومة الظل

ذكر بعض الأساتذة الحاضرين نشاطهم الميداني خلال الحملات الانتخابية، وذكروا أن الطريق الصحيح يسير في طريق مؤسسات الثورة الإسلامية وقالوا “أدركنا مدى قلة تواصل أساتذة الجامعات مع جماهير المجتمع وبالطبع المجتمع يبحث عن الأسس الاقتصادية التي يقوم عليها الخطاب الفكري للسيد جليلي”، وأضافوا :”نطالب بكتابة البرامج في مختلف المجالات وترجمتها إلى لغة بسيطة للمجتمع. وينبغي شرح هذا الخطاب للمجتمع بشكل مستمر في المساجد تحت عنوان حكومة الظل أو أي عنوان آخر”.

كان الاهتمام بوحدة الثورة أحد الموضوعات الأخرى التي تمت مناقشتها في هذا الاجتماع. ومن بين القضايا الأخرى التي تم ذكرها غياب قيادة ثقافية في نظام حكم البلاد، تشرح دور العدو في القضايا الثقافية بناء على طلب القيادة.

كما تم الاهتمام بحالة الأجور العادلة لأساتذة جامعات الدولة. الاهتمام بمثل (أفكار) الثورة الإسلامية وآراء الخبراء في مختلف المجالات، ودور السياسي كنقطة محورية تحول الأمور من الضرورية إلى المرغوبة وكان من طلبات الأساتذة الحاضرين في اللقاء أن يتمكنوا من الشرح والتقدم بشكل كتابي لما فعله قاسم سليماني في محور المقاومة في مجال السياسة والثورة الإسلامية على مستوى المجتمع.

مقترح تأسيس الحزب لسعيد جليلي

كما تضمن اللقاء، قول الحضور، إن تحقيق نهضة الدولة على نموذج التقدم والحضارة لإنقاذ الثورة يتطلب تنظيمات وأشخاص تنفيذيين، كما تمت مناقشة نقاط الضعف في التنظيمات. كذلك تم مناقشة إمكانية تشكيل حزب سياسي على يد سعيد جليلي.

جدل حول تأسيس الحزب

وبسبب النقاش الذي دار بين جليلي وبين الأكاديميين، فقد ثار جدل كبير في الشارع الإيراني وعلى منصات التواصل الاجتماعي وفي الحياة السياسية الإيرانية، حول مدى إمكانية وجاهزية سعيد جليلي، لإنشاء حزب سياسي يمارس من خلاله العمل السياسي ويجمع تحت رايته كل المؤيدين. هذا الجدل دفع جليلي للرد على ذلك.

ففي تصريح جديد له يوم الاثنين 5 أغسطس/آب 2024، قال سعيد جليلي، المرشح للانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة، في مقابلة مع وكالة مهر الإيرانية للأنباء، رداً على سؤال حول حديثه عن قفزة في إيران بمشاركة جميع أفراد المجتمع، وهل لديه خطة لتأسيس تنظيم أو حزب، قال: “لا، في النقاش الذي أطرحه، المهم هو أن تتمكن القدرات الوطنية من تعزيز التعاون فيما بينها.”

وأضاف: “هذا التعاون ليس بالضرورة مرتبطًا بتأسيس حزب أو منظمة أو ما شابه ذلك.” ويجدر بالذكر أن شعار سعيد جليلي في الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة كان بعنوان “فرصة وقفزة بوسعه إيران ولكل فرد إيراني دور حاسم”.

فمن هو إذا سعيد جليلي؟!

سعيد جليلي سياسي ودبلوماسي إيراني من مواليد مدينة مشهد شمال شرق إيران عام 1965 ويعتبر سعيد جليلي من الأشخاص الذين نشطوا كثيرا وشغلوا مناصب مختلفة ومهمة خلال سنوات نشاطه.

وهو من السياسيين ذوي النزعة الأصولية، علماً أنه في السياسة الإيرانية تطلق كلمة الأصوليين على الأشخاص الذين يدعمون المرشد الإيراني خامنئي (يعرف بولائه الشديد للمرشد) والذين يدعمون أفكار الثورة الإسلامية.

التحق سعيد جليلي بجبهات القتال عقب اندلاع الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وعمل في وحدة الرصد والتتبع في لواء “الإمام الرضا-21” التابع لمحافظة خراسان.

وخلال مشاركته في عمليات كربلاء 5 تعرض لإصابة بليغة في يناير/كانون الثاني 1987 في ساقه اليمنى، مما أدى إلى بترها في المشفى الميداني بمنطقة الشلامجة الحدودية جنوب غرب البلاد، ويعاني منها حتى لقبه أنصاره منذ ذلك الوقت بـ”الشهيد الحي”.

وبعد انتهاء الحرب التي استمرت 8 سنوات تزوج جليلي عام 1992 من الطبيبة فاطمة سجادي وأنجب منها ابنه الوحيد سجاد.

المناصب والمسؤوليات: 

التحق عام 1989 بالخارجية الإيرانية، إذ عينه الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني في الفترة ما بين 1989-1997 ملحقًا دبلوماسيًا في أمريكا الشمالية وهو في سن الـ24 من عمره، وفي حقبة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أصبح عام 1997 نائب رئيس الدائرة لأمريكا وأوروبا. وبعدها عمل في مكتب المرشد خامنئي مديرًا لدائرة التفتيش في الفترة ما بين 2001-2005. 

وأثناء حكومة أحمدي نجاد عين في سبتمبر/أيلول 2007 أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومكلفًا بالمفاوضات مع الدول الكبرى حول البرنامج النووي الإيراني.

وبعد فقدانه منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أثناء حكومة روحاني، عينه خامنئي في سبتمبر/أيلول 2013 عضوًا في مجمع تشخيص مصلحة النظام. 

وفي 16 يونيو 2014 أيضًا عُين عضوًا في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية وهو يرأس اللجنة السياسية للمجلس. 

مفاوضات الملف النووي: 

عارض جليلي بشدة الانفتاح على الغرب، خاصة فيما يتعلق بالقضية النووية، وكان كبير المفاوضين في المحادثات النووية من 2007 إلى 2013 في عهد الرئيس أحمدي نجاد آنذاك 

انتقد جليلي بشدة الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى الكبرى عام 2015، في عهد الرئيس حسن روحاني.  وقال جليلي إن الاتفاق «انتهك الخطوط الحمراء» لطهران بقبول «عمليات تفتيش غير معهودة» للمواقع النووية الإيرانية. وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018، وأعاد فرض عقوبات أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل. وشغل جليلي قبل الاتفاق النووي منصب كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين لمدة 5 سنوات اعتبارًا من 2007، وهي الفترة التي اتبعت فيها طهران نهجًا تصادميًا شديد الصرامة في المناقشات مع القوى العالمية حول برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

والجدير بالذكر أن جليلي عُرف بعدم المرونة، وأن جميع جولات التفاوض باءت بالفشل وشهدت الفترة صدور 3 قرارات أممية ضد إيران واتسمت بفرض عقوبات أمريكية وأممية وأوروبية على طهران.

الانتخابات الرئاسية: 

خاض جليلي غمار الانتخابات البرلمانية مرتين والرئاسية 3 مرات؛ فترشح في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) عن مدينة مشهد في دورته السادسة عام 2000 فخسر، ثم أعاد التقدم في الدورة التالية التي أجريت عام 2004 ولم يحالفه الحظ في الحصول على مقعد، كما ترشح للانتخابات الرئاسية لأول مرة عام 2013 وتنافس مع حسن روحاني، ومحمد باقر قاليباف، وعلي أكبر ولايتي، ومحسن رضائي، ولكن لم يحالفه الحظ مجددًا وفاز حسن روحاني. وترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية الـ13 التي أجريت عام 2021، لكنه انسحب قبل يومين من عملية الاقتراع من السباق الرئاسي لصالح زميله المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، وبعد وفاة إبراهيم رئيسي في حادث سقوط الطائرة المروحية الرئاسية في 19 مايو/أيار 2024، تم الإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة فقدم جليلي أوراق ترشحه في يونيو/حزيران وتم قبوله مع 5 مرشحين آخرين، ولكن فاز بزشكيان بالمقعد الرئاسي. 

كلمات مفتاحية: