وقف الرد مقابل إنهاء الحرب! أصوات “هادئة” داخل إيران تدعو لمسار آخر لمعالجة أزمة اغتيال هنية، فهل تستمع طهران؟ 

كتبت-هدير محمود

بينما تتجهز إيران للرد العسكري على إسرائيل بعد اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة المقاومة حماس، إسماعيل هنية، ظهرت أصوات من داخل إيران تطالب بضرورة التوقف عن مهاجمة إسرائيل، لكن شريطة أن تقدم إيران للمجتمع الدولي شرطًا واحدًا مقابل ذلك.

هذه النغمة الجديدة من ضرورة التوقف عن مهاجمة إسرائيل، شريطة وقف الحرب على غزة، طرحها السيد هادي برهاني الأكاديمي الإيراني في حواره مع صحيفة انتخاب الإيرانية يوم الخميس 8 أغسطس/آب 2024، حيث قال إن امتناع إيران عن الانتقام من إسرائيل مقابل وقف إطلاق النار في غزة سيزيد من هيبة إيران وشعبيتها في فلسطين وجميع الدول الإسلامية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه سيوفر الأساس لتعزيز العلاقات بين إيران والدول العربية والإسلامية وكذلك الدول الغربية.

وقف الرد مقابل وقف حرب غزة هادي برهاني قال كذلك إن هناك أخبارًا نشرت تتضمن أفكارًا طرحت من أطراف دولية بمقتضاها أن تتوقف إيران عن الرد على إسرائيل في مقابل وقف الحرب في قطاع غزة وقال إن هناك أطرافًا عربية أخرى كذلك طرحت نفس الطرح، بما في ذلك حماس نفسها، قد طلبوا من إيران الامتناع عن القيام بعملية عسكرية ضد إسرائيل انتقامًا لاغتيال إسماعيل هنية في طهران، مقابل وقف إطلاق النار في غزة. كما أن تصريحات ممثل إيران في الأمم المتحدة تؤيد هذا الأمر.

وأضاف إنه يؤيد هذه الفكرة ويقيمها بشكل إيجابي ويعتقد أنه إذا تم متابعة وتنفيذ هذه الفكرة بشكل صحيح، يمكن أن تحقق إيران نجاحًا كبيرًا من خلالها. أولاً، إذا كان هذا هو مطلب حماس والمنظمات الفلسطينية، فإن الانتباه إليه أو قبوله يعد نوعًا من الاحترام. إن وقف إطلاق النار في غزة لحركة حماس وسكان هذه المنطقة يمكن أن يكون نهاية لمعاناتهم التي لا تنتهي، ومن الناحية الإنسانية والإسلامية هو مساعدة كبيرة لشعب فلسطين.

ثانيًا، سيُسجل هذا الإنجاز باسم إيران، مما سيزيد من مكانة وشعبية إيران في فلسطين وكذلك في جميع الدول الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، سيوفر هذا الأساس لتعزيز العلاقات بين إيران والدول العربية والإسلامية وكذلك الدول الغربية.

كذلك قال هادي برهاني إن وقف الرد الإيراني مقابل وقف الحرب على غزة سوف يرسخ من قيمة حكومة بزشكيان، وقال إذا نجحت إيران في تنفيذ هذه الفكرة بشكل صحيح، يمكن أن تعزز من مكانتها كداعم للسلام والمصالحة والاعتدال على الصعيد العالمي. و يمكن أن تساهم في تحسين الصورة السلبية لإيران في الدول الغربية، وتعزز من صداقتها وتقاربها مع الدول الإقليمية والعربية، كما ستعزز من مكانتها كمدافعة عن الشعب الفلسطيني. هذا من شأنه أن يزيد من شعبية إيران في فلسطين والدول الإسلامية، ويسجل نهاية اعتداءات إسرائيل على غزة باسم إيران.

وقال إن التفاصيل وطريقة تنفيذ الفكرة مهمة جدًا. لأن إسرائيل هي لاعب معقد وماكر، وقد تحاول تحريف تفاصيل المسار لصالحها. فيجب التخطيط المناسب ويجب أن يتم التشاور مع حماس والدول العربية مهم جدًا في هذا الصدد.

ولا ينبغي إزالة الضغوط عن إسرائيل أثناء السعي وراء هذه الفكرة. والآن تتعرض إسرائيل للضغوط. وهي تنتظر الهجوم الإيراني، وهذا الضغط والتوقع يفرض كلفة باهظة على إسرائيل وينبغي متابعة هذا الضغط بطرق مختلفة بل وتكثيفه. وفيما يتعلق بتفاصيل الاتفاق، فإن رأي حماس مهم جدًا. إنهم موجودون في الميدان وعلى دراية بتفاصيل ومحاضر العمل ويمكن أن يكونوا مستشارين ومرشدين جيدين للسير في الطريق الصحيح والتخطيط لطلبات واقعية ومحسوبة.

أما بخصوص الرد الغربي، فقد قال برهاني، إن الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة، قد يدعم هذه الفكرة. يبدو أن هذه الفكرة قد تم طرحها من قِبَلهم. مصالحهم تقتضي تنفيذ هذه الفكرة. الدول الغربية حاليًا معارضة لزيادة التوتر في المنطقة واستمرار الصراع في غزة، وضغوطها على حكومة نتنياهو لم تُؤتِ ثمارها حتى الآن. هم غير راضين عن نتنياهو. هذه الفكرة توفر لهم فرصة وأداة ضغط جيدة لإجبار الحكومة الإسرائيلية على قبول وقف إطلاق النار. يمكنهم تهديد الحكومة الإسرائيلية بأنهم لن يدعموها ضد أي هجوم انتقامي من إيران إذا لم توافق على هذه الفكرة.

كما قال إن حكومة نتنياهو تحت ضغوط وتشعر بالقلق من الهجوم العسكري لإيران وفصائل المقاومة الأخرى، ومن ناحية أخرى، فهي لا تريد الاستسلام لوقف إطلاق النار. ستحاول حكومة نتنياهو التلاعب بهذه الفكرة لتخفيف الضغط العسكري الإيراني وإضعاف خطر الهجوم من إيران وحلفائها وتجنب وقف إطلاق النار خاصة بشروط حماس. ومع ذلك، يمكن لإيران أن تنظم تحالفًا مع الدول الغربية والدول العربية والمنظمات الفلسطينية حول هذه الفكرة، مما يعزل إسرائيل ويضعها تحت الضغط وأن اتباع دبلوماسية جادة ضمن هذا التحالف قد يسهم في تحقيق أهداف المقاومة ودفع إسرائيل للتراجع عن مواقفها، مما يجلب السلام والهدوء لغزة وشعبها المظلوم.

تضررت سمعة إيران برهاني لم ينس أن يشير إلى أن أمن وسمعة إيران قد تضررت نتيجة عملية اغتيال إسماعيل هنية. هذه تكلفة كبيرة يمكن تعويضها من خلال ضربة عسكرية مؤلمة وكبيرة. ولكن هذه الضربة أيضًا لها تكاليف وليست خالية من المخاطر، ولا يمكن توقع تحقيق النتائج بالكامل كما هو متوقع. للحصول على تقييم واقعي لنتائج هذه الخطوة، يجب أخذ تاريخ هذه النزاعات، وإنجازات إيران، وقدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها بعين الاعتبار.

مقابل ذلك، يمكن لإيران من خلال تنفيذ هذه الفكرة أن تحقق إنجازات كبيرة على الصعيد السياسي والدولي والشعبي، مع تحمل تكلفة أمنية محدودة. ستنظر العديد من الدول والرأي العام العالمي إلى موقف إيران بشكل إيجابي. والأهم من ذلك، سيتحقق مساعدة كبيرة للشعب الفلسطيني، حيث سيتم إنقاذهم من جحيم اعتداءات إسرائيل، وسينتهي القتل والجوع اللذان يعاني منهما هذا الشعب. فإن أحد الأهداف الرئيسية لسياسة إيران تجاه الفلسطينيين (أو الإسرائيليين) هو مساعدة ودعم الشعب الفلسطيني. وتنفيذ هذه الفكرة يمكن أن يشكل نقطة تحول في هذه المساعدة ويسجل اسم إيران كمنهية للعدوان الإسرائيلي على غزة في التاريخ.

الفكرة الخاصة بوقف الرد الإيراني مقابل وقف حرب غزة، تناولها مندوب إيران في الأمم المتحدة وفق ما ذكرته وكالة إرنا الرسمية حيث قال إن أولوية إيران هي تحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة وخروج المحتلين من هذه الأرض؛ والثانية، معاقبة المعتدي على اغتيال هنية، ومنع تكرار “الهجمات الإرهابية للنظام الصهيوني، وجعل الصهاينة يندمون على اتخاذ مثل هذا المسار.”

جدير بالذكر أن إسماعيل هنية قد تم اغتياله في فجر الأربعاء 31 يوليو/تموز 2024، بعد أن جاء إلى طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان.

كلمات مفتاحية: