- زاد إيران - المحرر
- متميز
- 57 Views
كتب- محمد علي
وفقًا لتقرير نشرته وكالة أنباء تسنيم الإيرانية يوم الأحد 18 أغسطس/ آب 2024، فإنه وبالرغم من تصدر خبر البيان المشترك لأمريكا ومصر وقطر عناوين الأخبار في الصحف المحلية والدولية، إلا أنه كان متوقعًا أن تلك الجولة من المفاوضات لن تختلف عما سبقها، وأن هدفها الوحيد هو الوصول لحل لتسهيل عملية تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة،في محاولة لإيهام الرأي العام وفصائل المقاومة بأن المفاوضات تسير في طريق إيجابي.
ففي أوائل الأسبوع الماضي، نشرت وسائل إعلام مؤيدة للغرب أنباءً عن صدور بيان مشترك عن مصر وقطر والولايات المتحدة يدعو طرفي النزاع في غزة إلى بدء المفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ولم تكن لتمضي ساعات بعد صدور هذا البيان حتى انضمت له دول حليفة للولايات المتحدة، كــالإمارات والمغرب، معربةً عن دعمها له.
شروط الاحتلال الجديدة
عقب صدور هذا البيان، أعلن بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، شروطًا جديدة لاستئناف المفاوضات. وقد أظهر إعلان هذه الشروط مباشرةً بعد البيان تنسيقًا كاملاً بين حكومة نتانياهو وإدارة الرئيس الأمريكي بايدن.
الأمر الجدير بالذكر أنه لم يرد في هذه الشروط أي ذكر لمحور نتساريم ولا لإخلاء محور فيلادلفيا، معبر رفح، مما يشير إلى أنه هناك اتفاق مسبق بين أمريكا وإسرائيل على بقاء الأخيرة في تلك المواقع. إضافةً لذلك، فقد تم تحديد عدد الأسرى المزمع الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى.
وتلخصت جملة الشروط الجديدة للكيان المحتل في رفضه لمطالب المقاومة المتعلقة بقائمة الأسرى كما حدث في المفاوضات السابقة، وسعيه لوقف مؤقت للحرب مع الاحتفاظ بالوجود في محوري نتساريم وفيلادلفيا.
إضافة إلى ذلك، فما زال الكيان المحتل يصر على مطلبه السابق بمنع وجود قوات للمقاومة في شمال غزة، وهو أمر لم يوضح في هذه المفاوضات.
يقظة المقاومة في رفض مفاوضات الدوحة
رغم أن الإسرائيليين قد حاولوا إجبار حماس على الدخول في المفاوضات وذلك من خلال الضغط الميداني وارتكاب جرائم في غزة، كجريمة مدرسة الأونروا، من جهة، والضغط الأمريكي من خلال مصر وقطر من جهة أخرى، إلا أن حماس قد أعلنت بوضوح أن الوثيقة الوحيدة القابلة للتفاوض بالنسبة للمقاومة هي تلك التي قدمها بايدن في مايو/ أيار من هذا العام، وأنه لا يمكن العدول عنها أو التغيير فيها.
هذا الموقف الذي تمسكت به المقاومة أدى إلى انهيار الخطط الأمريكية والإسرائيلية، لكنه لم يمنعهم من الاستمرار في جهودهم الإعلامية، حيث إن هناك أهداف غير معلنة خلف هذه الجهود، أهدافًا تتجاوز مسألة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
جهود بايدن لتحقيق نجاح في السياسة الخارجية
على الرغم من أن جو بايدن، الرئيس الأمريكي، وبعد إعلانه الخروج من السباق الانتخابي، يمضي أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، إلا أن حزبه في حاجة إلى تحقيق نجاحات مختلفة تعينه على الفوز في الانتخابات المقبلة أمام منافسه دونالد ترامب. وتتمثل إحدى نقاط الضعف لإدارة بايدن في ملف السياسات الخارجية الذي أدير بشكل سلبي منذ توليه الحكم.
فمنذ بداية توليه منصبه، اتخذ “بايدن” قرارًا بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، ثم أجبره ضغط الحكومة العراقية وفصائل المقاومة على تقليل عدد القوات الأمريكية في العراق إلى الحد الأدنى. وفي سوريا، تعرضت القواعد الأمريكية لهجمات من فصائل المقاومة، كما لم يتمكن من ترجيح كفة الصراع في أوكرانيا لصالح حليفه هناك. وفي ظل هذا الوضع الخارجي المتأزم، يبدو أن إدارة بايدن الديمقراطية تسعى لتسجيل إنجاز في ملف السياسة الخارجية عبر وقف إطلاق النار في غزة، والذي يمكن أن يتحول إلى حدث هام قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
من المرجح أن زيارة “نتنياهو” الأخيرة إلى الولايات المتحدة، التي طالما عارضها بايدن، أسفرت عن اتفاق بين الطرفين لتحقيق أهدافهما عبر مفاوضات وقف إطلاق النار. فأصبح بايدن الذي طالما ضغط على نتنياهو لوقف الحرب، أكثر توافقًا معه الآن. حتى أن تصريحات بايدن تضمنت تهديداً ضمنياً لحماس وفصائل المقاومة مبررا أنه لا يجب لأحد عرقلة مسار المفاوضات. مما يعني أن بايدن وحزبه قد عقدوا صفقة شاملة مع إسرائيل لمحاولة تغطية إخفاقات السياسة الخارجية لإدارته.
الخوف من انتقام إيران ومحور المقاومة
منذ اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في يوليو/تموز الماضي بالعاصمة طهران، يعيش المجتمع الإسرائيلي في حالة رعب مستمر انتظاراً لرد المقاومة وإيران، الأمر الذي أدى إلى تدهور الحالة النفسية والعسكرية بسبب حالة التأهب الطويلة. كذلك فإن حلفاء الكيان الصهيوني يعانون من حالة إجهاد نفسي بسبب هذه الاستعدادات.
ولأجل التخفيف من هذا الضغط النفسي، لجأت الولايات المتحدة إلى إصدار بيان لدعوة الأطراف إلى المفاوضات بالتعاون مع قطر ومصر، رغم أن مسؤولين قطريين أبدوا سابقاً تحفظهم على هذه المفاوضات.
في الوقت نفسه، روجت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن قطر تسعى من خلال هذه المفاوضات إلى إقناع إيران بتأجيل ردها، حيث وصل ادعاء بعض وسائل الإعلام أن الهدف من هذه الجولة من المفاوضات هو تأجيل رد المقاومة وإيران لمدة أسبوعين على الأقل، في حين أنه وفي ظل رفض حركة حماس لمطالب نتنياهو، فإن الحالة الوحيدة التي تصف تلك المفاوضات هي (خاسرة قبل أن تبدأ)، بل إن الإعلام الإسرائيلي يدرك جيداً أن نتنياهو ليس جاداُ بشأن إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار، وإنما يستخدم المفاوضات كأداة لتحقيق مصالحه. وبهذا الشأن صرح إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أن نتنياهو يعمل على عرقلة المفاوضات عن طريق إضافة شروط جديدة لها كل يوم.
بناء على ذلك، يمكن القول إن هذه الجولة من مفاوضات الدوحة لا تحمل هدفاً نهائياً، ولم تبدأ حتى من منطلق إيجابي كمفاوضات وقف إطلاق النار السابقة، بل هي مجرد أداة لخدمة مصالح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، وأهداف نتنياهو للبقاء على رأس السلطة.