من “جماران” لـ”خبر آنلاين”: ظريف الأكثر حضوراً على الساحة الإعلامية 

جواد ظريف- وسائل التواصل

كتب-محمد بركات

أثار إعلان موقع خرانلاين الإخباري الإيراني عن إجراء حوار مع محمد جواد ظريف، السياسي المخضرم ووزير الخارجية الأسبق ونائب رئيس الجمهورية للشئون الإستراتيجية، والذي جاء بتاريخ الخميس 5 سبتمبر/ أيلول 2024، حفيظة موقع جماران الإخباري الإيراني ليقوم بنشر نص الحوار الذي كان قد أجراه مع ظريف في مارس / اذار 2024 ، بمناسبة إصدار ثاني كتابه الجديد “عمق الصبر” والذي تحدث فيه عن تجربته في الأروقة الدبلوماسية ورأيه في بعض القضايا الداخلية، وليقوم الموقع بإزالة الحوار مرة أخرى.

يظهر هذا الموقف مدى الحضور السياسي والإعلامي الذي اكتسبه ظريف في الآونة الأخيرة، ومدى تهافت وسائل الإعلام لإجراء الحوارات معه، فقد احتل ظريف مساحة واسعة من اهتمام الإعلام الإيراني منذ وجوده في الحملة الانتخابية لمسعود بزشكيان، الرئيس الإيراني الحالي، وما تلى ذلك من تعيين بزشكيان له قبل اعتماد الحكومة، واستقالته المفاجئة، وعودته لأروقة الرئاسة بعد إعادة تعيين بزشكيان له مرة أخرى.

الميل نحو الغرب

في حواره الذي ينشر تباعاً على موقع خبر آنلاين أوضح ظريف خلال رده على بعض الاتهامات حول ميله نحو الغرب، وعما إذا كان هناك ما يسمى بسياسة الميل نحو الغرب في إيران، قائلاً: “قد يكون هناك أفراد يشعرون أن مشاكل إيران ستُحل عبر التواصل مع الغرب. لكنني لم أكن من مناصري هذا الفكر أبداً، لقد قلت دائماً وبوضوح إن التوجه نحو الغرب أمر في غاية السوء تماماً كما أن التحامل ومعاداته سيئ، والأمر نفسه مع الشرق. نحن بحاجة لأن نكون متمسكين بالمصالح الوطنية، وهذه المصالح الوطنية تقتضي أن نتحدث مع الجميع، ونتواصل، ونتحاور، فإذا لم نفعل ذلك، فسيتحدث الآخرون نيابةً عنا حول مصالحنا”.

أضاف: “أقول لطلاب الجامعة: عندما يتم الجلوس على طاولة المفاوضات، إما أن تكونوا خلفها أو تشاركون فيها، إما أن تتحدثوا عن مصالحكم بأنفسكم أو أن يتقاسم الآخرون مصالحكم بينهم. لا تتوقعوا أن يكون هناك صديق أو حليف على المستوى الدولي، خصوصاً في العالم الحالي – الذي أسميته العالم ما بعد القطبية – وأن يجلس الآخرون بإنصاف ويقرّروا مصالحكم ويمنحوكم جزءاً منها. إذا لم تكونوا موجودين، فلن تحصلوا على شيء من مصالحكم”.

وأكمل: “ليقولوا ما يشاءون. لقد قمت بـ28 زيارة إلى روسيا، وتعرضت للعديد من الاتهامات. أذكر أنه قيل لي في أحد المقابلات كم مرة بعت بحر قزوين للروس وكم مرة بعت فيها الخليج الفارسي للصينيين؟ لقد وُجّهت إليّ جميع أنواع التهم، ولحسن الحظ، أنا لست منزعجاً من هذا. بالطبع أنا أهتم برأي الناس، ولكن لا يمكن اتخاذ القرارات بناءً على ما يقولون”.

أضاف: “لذا، يجب أن تعتمد على ما تضعه كمعيار ومقياس لنفسك، وبالنسبة لي فعندما تضع رأسك ليلًا لتنام، وتشعر براحة الضمير، وأنك قمت بما فيه مصلحة الشعب البالغ تعداده 85 مليون نسمة، من المشردين والأطفال الذين لا يملكون الأدوات التعليمية والطعام في محافظة سيستان وبلوشستان وفي أطراف المدن، إلى ممثلي المسؤولين السياسيين في البلاد، فاعلم أنك قد قمت بالشيء الصحيح ولا تكترث لاتهامات أو لؤم أحد”.

ورد ظريف على سؤال حول سبب قبوله مخاطرة المشاركة بجانب بزشكيان في الانتخابات رغم احتمالية المشاركة المحدودة قائلاً: “أنا لست معروفًا بكوني محافظًا جدًا. ففي عام 2014، تم اختياري كأكثر رجل يأخذ المخاطر في العالم، والسبب في ذلك هو أنني دخلت في مجال كان عالي المخاطر ويحتاج إلى شجاعة في اتخاذ القرارات. عندما كنت أختار اسمًا للكتاب كان أحد الأسماء المقترحة ‘جسارة القرار’، وهو اسم أعتبره مهمًا وضرورة مهمة. لذا، فأنا لست شخصًا محافظًا جدًا، ولكن على كل حال يجب أن تكون مستعدًا للتضحية من أجل مصلحة الوطن”.أضاف: “هذه المصلحة يمكن أن تكون على الساحة الدولية، لأنني قد قلت مرارًا إن الاتفاقيات لا تصنع أبطالاً، لا في إيران ولا أي دولة أخرى، لأن الأبطال هم أولئك الذين لم يقبلوا بالاتفاقيات على الدوام، فالاتفاقية تعني تقديم شيء مقابل الحصول على شيء آخر، لذا، فإن الاتفاقية ليست مجال البطولة ويجب أن تكون مستعدًا للمخاطرة عندما تدخل في اتفاقية والانتخابات لها نفس الوضع”.

حوار ظريف مع جماران 

كان ظريف قد صرح مسبقاً في حواره مع موقع جماران الذي نشر بتاريخ 24 مارس/ آذار قائلاً: “أستبعد أن نتمكن من حل خلافاتنا مع أمريكا. يجب أن ندير هذه الخلافات ونخرجها من الحالة التي تسبب التوتر وتمنع الدول الأخرى من إقامة علاقات جيدة معنا. في رأيي، لقد تفاوضنا سابقًا مع أمريكا بشأن أفغانستان والعراق، والآن يجب أن نكون حاضرين بشكل مباشر في المفاوضات بشأن غزة لدعم شعب غزة، ولا يمكننا أن نوكل هذا الأمر إلى الآخرين، ولا يمكننا أن نُفوض تأمين المصالح الوطنية والمقاومة للخارج. يجب أن نكون حاضرين بأنفسنا”.

وعند سؤاله عما جاء في كتابه بخصوص عدم رغبة روسيا في تطبيع العلاقات بين إيران والغرب، وكذلك قوله فيما يتعلق برد الاتهامات الموجهة لإيران بشأن تقديم المساعدة لروسيا في حرب أوكرانيا، فقد صرح: “روسيا جارة مهمة جدًا بالنسبة لنا، وينبغي أن يكون لدينا تعاون واسع النطاق معها”.

أضاف: “على المستوى العالمي، نحن شركاء مع روسيا في العديد من القضايا. لكننا أسأنا فهم أوكرانيا. الآن، تصريح الرئيس بوتين في أحد مقابلاته الأخيرة يؤكد تمامًا هذا الادعاء. أوكرانيا كانت فخًا أمنيًا للولايات المتحدة ضد روسيا، ولم نرَ هذا ووقعنا في هذا الفخ. كنت أقول هذا سابقًا واعتبروني معاديًا لروسيا، والآن بوتين نفسه قال ذلك، بل وأشار إلى أننا في عام 2008 كنا مستعدين للتعاون مع الولايات المتحدة لمواجهة القدرة الصاروخية الإيرانية. وذلك لأنهم كانوا يعرفون منذ البداية أن الأمر يتعلق بالأمن. وللأسف، فقد وسعوا نطاق هذا الشرك. وهذا لا يعني عدم وجود علاقة جيدة مع روسيا، فروسيا لديها مصالح تعمل بناءً عليها”.

قال كذلك: “بعض هذه المصالح قد تتوافق مع مصالحنا، وأحيانًا لا تتوافق. أحد مصالح روسيا هو عدم تطبيع العلاقة بين إيران والغرب. وهذا منطقي، فلا يجب أن نتوقع من روسيا أن تعمل كوكيل لإيران، فقد انتهى زمن التحالفات الدائمة، ويجب علينا أن نفهم العالم الجديد الذي يتسم بالتحالفات الموضوعية المؤقتة. لذلك، من الخطأ أن نعتقد أننا نستطيع الاستثمار في روسيا، وأنها ستستثمر عسكريًا وأمنيًا لصالحنا”.

وعند سؤاله عما إذا كان يشعر أنه ضحية أم بطل في أذهان بعض الناس، قال: “بالتأكيد، لا أستحق أن أكون بطلاً. أؤمن بأن الساحة التي تُبذل فيها الجهود من أجل المصالح الوطنية هي ساحة التضحية. الناس يقدرونني، ولكن بالنسبة لي فإن التضحية تحمل قيمة أكبر”.

كلمات مفتاحية: