بتكلفة قياسية.. الحكومة تسابق الخطى لمواجهة الجفاف المرتقب

كتبت: إسراء محمد علي

يتسابق المسؤولون الإيرانيون لايجاد حلول سريعة لمواجهة أزمة الجفاف التي تضرب البلاد بسبب ندرة الأمطار هذا العام، ومن أبرز هذه الحلول نقل المياه من الجنوب إلى المحافظات المتضررة، خاصةً العاصمة طهران التي وصلت المياه في سدودها لمستويات دنيا قصوى، وتشير البيانات الرسمية إلى أن 85% من حجم سدود المحافظة فارغ، مما يجعل توفير مياه الشرب والزراعة تحديا كبيرا.

وفقا لتقرير منظمة مياه طهران الإقليمية، بلغ إجمالي حجم خزانات سدود المحافظة الخمسة (لتيان، وماملو، ولار، وطالقان، وأمير كبير) نحو 15% من سعتها الاسمية. على سبيل المثال، لا يحتوي سد لار، وهو أحد المصادر الرئيسية لمياه الشرب في شرق طهران، إلا على 7% من مياهه، بينما يوشك سد ماملو، الذي يغذي جزءا من مياه جنوب طهران، على النضوب التام، حيث لا يحتوي إلا على 14% من حجم تخزينه. هذا في حين تحتاج محافظة طهران إلى 1.4 مليار متر مكعب من المياه سنويا، إلا أن موارد المياه المتاحة لا تلبي هذا الطلب. 

تحركات للتغلب على أزمة المياه

قال مهدي قميشي أستاذ المياه في جامعة الأهواز، عن الحل للتغلب على أزمة المياه في سدود طهران: “بشكل عام، تشهد إيران سنة جافة، خاصة في غرب وشرق وجنوب البلاد، الوضع جاف للغاية، وفي ظل هذا الوضع، نواجه قيودا في كافة قطاعات الاستهلاك”.

وفي ما يتعلق بخطة نقل المياه من الجنوب، أوضح أن “مناطق مثل خوزستان تشهارمحال وبختياري، التي تقع في اتجاه مجرى النهر، سوف تتضرر من خطة نقل المياه، سيتم الحد من المياه في حوض الكارون في هذه المشاريع، ولم يتم حتى الآن تشغيل مشروع نقل المياه من بحر عمان، حيث يقومون بتحويل مياه البحر المالحة إلى مياه عذبة وينقلونها إلى سيستان وبلوشستان وكرمان ويزد وأصفهان، من الصواب أن يتم اختيار بحر عمان للنقل المائي”. 

واستطرد: “إذا أردنا تعويض إمدادات المياه من البحر، فإن أفضل مكان هو بحر عمان، على الرغم من أنني، بشكل عام، لا أعتقد أن البلاد بحاجة إلى هذه الخطة؛ إذا تمكنا من إدارة موارد المياه بشكل صحيح، فلن تحتاج بلادنا إلى مياه محطات التحلية في الوقت الحالي. ويمكن اعتباره دفاعا سلبيا”.

تحدي نقل المياه من بحر عمان إلى طهران

وصرح محافظ طهران، بتاريخ 29 يناير/كانون الثاني 2025: “إنَّ نقل المياه من بحر عمان إلى محافظة طهران قيد التنفيذ… ونظرا إلى الأعباء السكانية التي حدثت في محافظة طهران ومدنها، فقد أدى ذلك إلى زيادة استهلاك مياه الشرب الصحية”.

وأضاف: “بدأت الدراسات الخاصة بمشروع نقل المياه من بحر عمان إلى المحافظات التي تعاني من ندرة المياه ومحافظة طهران، وتم تنفيذ هذا العمل بدخول القطاع الخاص ودعم الحكومة”.

صرح مسؤولو محافظة طهران بأنَّ نقل المياه من البحر هو أحد خططهم لحل هذه المشكلة. في الأول من فبراير/شباط 2025، وخلال اجتماع مع منظمات ونخب وأحزاب ومسؤولين موثوق بهم من رباط كريم، قال محافظ طهران، في إشارة إلى مشكلة نقص المياه في المحافظة: “يُعد نقص المياه أحد أهم التحديات التي تواجه محافظة طهران، والمحافظات الأخرى ليست استثناء، لقد دفعنا تغير المناخ في العالم، وبالتالي في بلدنا، إلى مواجهة تحدي نقص المياه”.

أوضح محمد صادق معتمديان أن الزيادة السكانية في محافظة طهران ومدنها أدت إلى زيادة استهلاك مياه الشرب الصحية. ومن أهم القضايا المدرجة على جدول أعمال الحكومة الرابعة عشرة توفير الموارد المائية على ثلاث مراحل قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل. 

فعلى المدى القصير، يُعد نقل المياه من سد لار وتنفيذ الخط الثاني من سد طالقان واستكمال حلقة قمر بني هاشم من بين القضايا المدرجة على جدول الأعمال، والتي تلعب دورا عمليا في تحقيق التوازن في توزيع المياه بمحافظة طهران ومدنها. وعلى المدى الطويل، تم النظر في نقل المياه من بحر عمان للمحافظات التي تعاني من ندرة المياه ومحافظة طهران، حيث بدأت الدراسات الخاصة بها وسيتم تنفيذها بمشاركة القطاع الخاص ودعم حكومي

 مشروعات ليست بجديدة

وفي العقود الأخيرة، نفذت الحكومات مشاريع كبيرة لنقل المياه بهدف معالجة قضايا ندرة المياه في مختلف المحافظات، وضمن ذلك طهران، ومن بين هذه المشاريع تحلية مياه البحر من بحر عمان ونقلها إلى المحافظات الوسطى في إيران، مع التركيز على توفير مياه الشرب للمناطق التي تواجه حاليا نقصا حادا في المياه. الهدف الأساسي لهذا المشروع هو توفير المياه العذبة لعدة محافظات، وضمن ذلك طهران، باستخدام المياه المحلاة من بحر عمان.

الهدف الأساسي لهذا المشروع هو توفير المياه العذبة لعدة محافظات، وضمن ذلك طهران، باستخدام المياه المحلاة من بحر عمان. تم تصميم المشروع لنقل المياه عبر شبكة أنابيب واسعة يبلغ طولها نحو 3700 كيلومتر. وتشكل هذه المبادرة جزءا من استراتيجية أوسع نطاقا للحد من نقص المياه في المناطق القاحلة بإيران. 

تفاصيل المشروع 

تم تصميم شبكة واسعة من خطوط الأنابيب لنقل المياه من المناطق ذات الموارد الفائضة إلى المناطق التي تواجه نقصا، وتختلف كمية المياه المنقولة عبر هذه الأنابيب اعتمادا على المشاريع المحددة والاحتياجات الإقليمية.

وتشمل بعض أنظمة خطوط الأنابيب البارزة: مشروع نقل مياه نهر الكرخة، الذي يهدف إلى توفير المياه من نهر الكرخة في محافظة خوزستان إلى الهضبة الوسطى، ومشروع نقل مياه زاينده رود، الذي ينقل المياه من زاينده رود في محافظة أصفهان إلى محافظة يزد. 

ومن المتوقع أن ينقل مشروع نهر الكرخة نحو مليار متر مكعب من المياه سنويا بعد التشغيل الكامل، وتأتي هذه المشاريع مصحوبة بالتحديات، ومنها: المخاوف بشأن الاضطراب البيئي بسبب تغيير الممرات المائية الطبيعية، والتكاليف المرتفعة المرتبطة ببناء وصيانة شبكات الأنابيب الواسعة، والاستدامة طويلة الأجل لنقل كميات كبيرة من المياه لمسافات طويلة. 

ومن المتوقع أن تنتج هذه الطريقة نحو 2.5 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميا، وسيتم إنشاء منشأة استخراج المياه وتحليتها في مدينة تشابهار التي تتمتع بموقع استراتيجي على طول ساحل بحر عمان، وبعد تحلية المياه، يجب نقل المياه عبر نظام أنابيب معقد يشمل نحو 1700 كيلومتر من الأنابيب ونحو 17 محطة ضخ. 

تكلفة إنشاء خطوط أنابيب المياه 

وتشير الدراسات والتقارير الأخيرة إلى أن تكلفة إنشاء خطوط أنابيب المياه في إيران تتراوح عادة بين 100 و500 ألف دولار للكيلومتر الواحد، ويعكس هذا النطاق الواسع الاختلافات في تنفيذ المشاريع، فعلى سبيل المثال، نوع مادة خط الأنابيب والبناء؛ قد تتكبد خطوط الأنابيب الموضوعة في التضاريس الصعبة (في الجبال) تكاليف بناء أعلى بسبب التحديات الهندسية الإضافية؛ تكلف الأنابيب ذات القطر الأكبر والمصممة لمعدلات تدفق أعلى عادةً أكثر من الأنابيب الأصغر؛ وستختلف التكاليف أيضا اعتمادا على ما إذا كانت طرق الحفر التقليدية تستخدم أو تقنيات أكثر تقدما مثل الحفر بالاتجاه الأفقي.

تحديات نقل المياه 

وتأتي هذه المشاريع مصحوبة بالتحديات، ومنها: المخاوف بشأن الاضطراب البيئي بسبب تغيير الممرات المائية الطبيعية، والتكاليف المرتفعة المرتبطة ببناء وصيانة شبكات الأنابيب الواسعة، والاستدامة طويلة الأجل لنقل كميات كبيرة من المياه لمسافات طويلة. 

وسيتم إنشاء منشأة استخراج المياه وتحليتها في مدينة تشابهار التي تتمتع بموقع استراتيجي على طول ساحل بحر عمان. بعد تحلية المياه، يجب نقل المياه عبر نظام أنابيب معقد يشمل نحو 1700 كيلومتر من الأنابيب ونحو 17 محطة ضخ. 

وتعتبر هذه البنية التحتية ضرورية لضمان وصول المياه المعالجة إلى وجهتها المقصودة بكفاءة وموثوقية، وسيكون توفير الطاقة اللازمة لتحلية المياه وضخ هذا الحجم من المياه أيضا أحد التحديات الكبرى المقبل.   

انتقادات لمشاريع نقل المياه 

ورغم أن هذا المشروع الطموح يعِد بفوائد كبيرة في ما يتعلق بإمدادات المياه، فإنه يواجه أيضا انتقادات بشأن التأثيرات البيئية المحتملة، فهناك مخاوف بشأن مدى تأثير تحلية المياه ونقلها على نطاق واسع على النظم البيئية المحلية والتنوع البيولوجي، ويمكن أن تختلف التكاليف المرتبطة بنقل المياه عبر خطوط الأنابيب في إيران بشكل كبير بناءً على عوامل مختلفة، منها: نوع خط الأنابيب، والتضاريس التي يعبرها، والتكنولوجيا المستخدمة.

كلمات مفتاحية: