- زاد إيران - المحرر
- 118 Views
ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة الأنباء الإيرانية “مهر“، الأربعاء 26 مارس/آذار 2025، تقريرا تناولت فيه مشكلة زيادة أسعار السكن في إيران، وضرورة رفع قيمة القروض الخاصة بشراء المنازل، وتشجيع بناء وحدات مدعومة حكوميا، وكذلك إلزام الملاك بإدخال العقارات غير المستخدمة إلي السوق.
تحديات في سوق العقارات
ذكرت الوكالة أن سوق العقارات بإيران يواجه في السنوات الأخيرة تحديات عديدة أدت إلى ارتفاع الأسعار وعجز فئات كبيرة من المواطنين، وضمن ذلك المستأجرون، عن شراء منزل.
وأوضحت أن ارتفاع أسعار العقارات، لا سيما في المدن الكبرى، أصبح إحدى الأزمات الاقتصادية الخطيرة، حيث باتت آثاره السلبية واضحة على مختلف شرائح المجتمع.
وذكرت كذلك، أنه استنادا إلى أحدث الإحصائيات الصادرة في أغسطس/آب 2023، فإن متوسط سعر العقارات في طهران بلغ نحو 885 مليون ريال للمتر المربع أي ما يعادل 21 ألف دولار، وهي أسعار مرتفعة للغاية جعلت شراء منزل حلما بعيد المنال بالنسبة لكثير من المواطنين، خاصةً المستأجرين.
وأضافت أن التقارير الرسمية تشير إلى أن 51% من الأسر في طهران تستأجر مساكنها، مما يعني أنها لا تواجه فقط أعباء الإيجار، بل تتحمل أيضا تكاليف معيشية باهظة.
وتابعت أن القدرة الشرائية للمستأجرين في ظل التضخم المرتفع وتراجع القوة الشرائية تتراجع يوما بعد يوم.
كما أشارت إلى أن نسبة كبيرة من دخل الأسر في طهران تُنفق على تكاليف السكن، حيث تتجاوز هذه النسبة في بعض المناطق 50% من إجمالي الدخل، وهو ما يجعل دفع الإيجار تحديا كبيرا لكثيرين.
قروض الإسكان لم تفِ بالغرض
أكدت الوكالة أن القروض العقارية، التي كان يُفترض أن تكون حلا لدعم شراء المنازل، لم تتمكن عمليا من تعزيز القوة الشرائية للمستأجرين، حيث إن المشكلة الأساسية تكمن في انخفاض سقف القروض وارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى عدم كفاية القروض حتى لشراء وحدات سكنية صغيرة في العاصمة.
وأشارت إلى أن الحصول على قرض عقاري بقيمة عشرة مليارات ريال أي ما يعادل 237 ألف دولار، يتطلب تكاليف إضافية، مثل شراء سندات تسهيلات السكن، إضافة إلى رسوم المكتب العقاري، مما يزيد العبء المالي على المتقدمين للحصول على القرض.
وأضافت أن هذه الأعباء تجعل المبلغ الفعلي الذي يصل إلى المقترض، أقل من المطلوب لشراء وحدة سكنية حتى بمساحة صغيرة.
القروض السكنية تكفي فقط لشراء 9 أمتار!
في هذا السياق، قال داود بيكينژاد، النائب الأول لرئيس اتحاد المكاتب العقارية بإيران، في تصريح للوكالة، إن انخفاض القدرة الشرائية للمستأجرين دفع سوق العقارات نحو الوحدات الصغيرة.
وأضاف أنه وفقا لآليات الإقراض الحالية، يحصل الفرد العادي على قرض من بنك الإسكان بقيمة 5.6 مليار ريال أي ما يعادل 133 ألف دولار، بينما يمكن للزوجين الحصول على قرض 9.6 مليار ريال أي ما يعادل 228 ألف دولار، أما في حالة وجود طفل، فيتم إضافة 2 مليار ريال أي ما يعادل 47 ألف دولار، ليصل إجمالي القرض إلى 11.6 مليار ريال أي ما يعادل 275 ألف دولار.
وأوضح أنه للحصول على هذا القرض، يتعين على المقترض شراء سندات تسهيلات السكن، حيث يبلغ سعر كل سند نحو مليون و2.6 مليون ريال أي ما يعادل 299 ألف دولار، ما يعني أن المتقدم بحاجة إلى دفع 3 مليارات ريال أي ما يعادل 71 ألف دولار، لشراء هذه السندات.
كما أن هناك رسوما أخرى، مثل تكاليف المكتب العقاري التي تصل إلى 400 مليون ريال أي ما يعادل 9 آلاف دولار، ليصل إجمالي النفقات الإضافية إلي 3.4 مليار ريال أي ما يعادل 80 ألف دولار.
وأضاف بيگينژاد أن المبلغ الفعلي الذي يحصل عليه المقترض بعد استقطاع هذه النفقات يكون نحو 8 مليارات ريال أي ما يعادل 190 ألف دولار، وهو مبلغ لا يكفي سوى لشراء 9 أمتار مربعة وفقا لمتوسط أسعار العقارات في طهران.
وتابع أن المقترض الذي يحصل على قرض بقيمة 9.6 مليار ريال أي ما يعادل 228 ألف دولار، عليه دفع قسط شهري يبلغ 218 مليون ريال أي ما يعادل 5 آلاف دولار، وهو ما يشكل عبئا ماليا كبيرا على معظم الأسر.

حلول لمواجهة أزمة السكن
قالت الوكالة إن تخفيف الضغوط الاقتصادية عن المستأجرين ومساعدتهم في امتلاك المنازل يتطلبان تنفيذ إجراءات فعالة في مجال السياسات المالية وبرامج التمويل العقاري.
وأضافت أن هذه الإجراءات يمكن أن تلعب دورا حاسما في تحسين أوضاع السوق العقارية وإتاحة الفرصة لمختلف شرائح المجتمع لامتلاك مساكنهم.
وذكرت أن هناك عدة تدابير أساسية يمكن أن تسهم بشكل مباشر في تخفيف أعباء المستأجرين وتعزيز قدرتهم على شراء المنازل.
رفع سقف القروض السكنية
تابعت الوكالة أن أولى الخطوات اللازمة هي زيادة سقف القروض العقارية، حيث إن رفع قيمة التمويل العقاري وخفض أسعار الفائدة يمكن أن يجعلا تملك المنازل ممكنا، لا سيما للأسر ذات الدخل المنخفض.
أوضحت أن من بين الحلول تشجيع بناء مشاريع إسكان مدعومة حكوميا، مثل برامج الإسكان الاجتماعي، والتي من شأنها أن تزيد من معروض العقارات في السوق.
وأكدت أن زيادة الإنتاج العقاري وإطلاق مشروعات بناء جديدة في مختلف المناطق سيسهمان في خفض الضغط على السوق العقارية، مما قد يؤدي إلى استقرار الأسعار وجعل شراء المنازل في متناول مزيد من المواطنين.
تفعيل قانون الضرائب على المنازل الشاغرة
قالت الوكالة إن تطبيق ضرائب صارمة على العقارات غير المشغولة يمكن أن يسهم في إجبار المالكين على عرضها في السوق.
وتابعت أن العديد من المستثمرين يحتفظون بعقاراتهم فارغة بسبب غياب الضغط الضريبي، وهو ما يحرم السوق من وحدات سكنية كان يمكن أن تخدم الأسر الباحثة عن مساكن بأسعار مناسبة.
وأشارت إلى أن تشديد العقوبات المالية على العقارات غير المستغلة سيجبر الملاك على عرضها للإيجار أو البيع، مما يساعد في خفض الأسعار وزيادة المعروض العقاري.
كما ذكرت الوكالة أن منصور غيبي، الخبير في سوق العقارات الإيراني، أكد في تصريح خاص، أن البنوك ترفض تمويل مشاريع الإسكان بسبب معاناتها من اختلالات مالية كبيرة.
وتابع أن المؤسسات المالية تمتنع عن تقديم قروض بناء المساكن، مشيرا إلى أن الحكومة يجب أن تضخ العقارات التي تملكها المؤسسات الحكومية، لا سيما البنوك، في السوق لضبط التوازن بين العرض والطلب.
وأشار إلى أن خفض معدل الفائدة على القروض العقارية من 23% إلى 18% أدى إلى عزوف البنوك عن الاستثمار في العقارات، ما فاقم أزمة التمويل السكني.
البنوك والمضاربة في العقارات
أكد غيبي أن البنوك الإيرانية أصبحت تمارس المضاربة العقارية بدلا من دعم سوق الإسكان، موضحا أنها استثمرت ودائع العملاء في شراء مساحات واسعة من الأراضي والعقارات.
وأضاف أن هذه الممارسات أسهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعار العقارات، حيث اتجهت المصارف إلى شراء كميات هائلة من العقارات، مما أدى إلى شح المعروض السكني وارتفاع الأسعار.
وتابع أن الإحصائيات الرسمية الصادرة عن موقع “كُدال” المالي حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، كشفت أن المصارف تمتلك نحو 37 مليون متر مربع من الأراضي والعقارات السكنية داخل إيران.
وأشار إلى أنه وفقا للمادة 67 من قانون إزالة العقبات أمام تطوير النظام المالي الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2014، كان يتوجب على البنوك بيع 33% من أصولها العقارية سنويا خلال ثلاث سنوات، إلا أن ذلك لم يُنفذ.
كما أوضح أن الخلل في سوق الإسكان لا يقتصر فقط على نقص المعروض، بل يمتد إلى السياسات المصرفية الخاطئة، حيث أشار إلى أن البنك المركزي الإيراني صرح مؤخرا بأن تقديم مزيد من القروض العقارية سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.
وأردف غيبي قائلا إن غالبية المراكز التجارية الحديثة في إيران تمولها البنوك، مما أدى إلى تحول المؤسسات المصرفية إلى مضاربين كبار في السوق العقارية، وهو ما يضر بقطاع الإسكان بدلا من دعمه.
وختم حديثه بتأكيد أن التعامل الحكومي مع أزمة الإسكان لا ينبغي أن يكون مجرد شعارات، مشددا على ضرورة مواجهة الاختلالات البنيوية التي تعاني منها سوق العقارات والمصارف، حتى يعود القطاع إلى مسار الانتعاش والنمو المستدام.
الحاجة إلى حلول جذرية
قالت الوكالة في ختام تقريرها، إنه في ظل الأوضاع الحالية، يبدو أن استمرار أزمة الإسكان في إيران أمر لا مفر منه ما لم يتم تنفيذ إصلاحات شاملة في السياسات العقارية وتمويل مشاريع الإسكان.
وذكرت أن هذه الأزمة لا تؤثر فقط على المستأجرين بشكل مباشر، بل أدت أيضا إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة الأعباء المالية عليهم.
وتابعت أن الحاجة إلى حلول فعالة وعملية أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، مشيرةً إلى أن تحقيق توازن مستدام في سوق الإسكان يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة الاختلالات الحالية.